أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - إملاء الدستور














المزيد.....

إملاء الدستور


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7329 - 2022 / 8 / 3 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعيش العراق منذ إجراء الانتخابات في 10 أكتوبر / تشرين الأول 2021 وإلى اليوم حالة انسداد آفاق سياسية ودون حكومة كاملة الصلاحيات، وهو أمر تكرّر بعد انتخابات العام 2006 والعام 2010 والعام 2014 والعام 2018، وما بعد إطاحة حكومة عادل عبد المهدي العام 2020.
وما زاد الطين بلّة، أن كتلة السيد مقتدى الصدر (التيار)، الأكبر في البرلمان، والبالغ عددها 73 نائبًا انسحبت من البرلمان، في حين كانت المرشحة بتسمية رئيس الوزراء، وحين بادرت كتلة الإطار التنسيقي (تحالف شيعي آخر) إلى ترشيح محمد شياع السوداني احتجّ التيار وقاد تظاهرة اقتحمت المنطقة الخضراء ودخلت البرلمان وهدّدت بما هو أشدّ لاحقًا.
وهكذا ما تزال الدولة معوّمة، حيث تستمرّ حكومة تصريف الأعمال منذ عشرة أشهر، ولم تتّفق المجموعتان الكرديتان على تسمية رئيس الجمهورية الذي بدوره يسمي رئيس الوزراء بعد اتفاق الشيعية السياسية عليه.
ومثل هذا الوضع المضطرب لا يخصّ العراق وحده، فهذا لبنان يشهد الحالة ذاتها منذ آخر انتخابات له في 15 مايو / أيار 2022، وقبل ذلك كان لنحو عامين، دون رئيس ودون حكومة كاملة الصلاحيات، فضلًا عن البرلمان الذي جدّد لنفسه.
وأما في تونس فالأمر اتخذ بُعدًا آخر لتقويض صلاحيات البرلمان وإعداد دستور جديد وعرضه على الاستفتاء الشعبي في 25 يوليو / تموز المنصرم 2022، وبموجب الدستور الجديد منح الرئيس قيس سعيّد لنفسه صلاحيات واسعة بالضدّ من دستور العام 2014، وتمّ تقليص دور البرلمان بعد تجربة العشرية الأولى من التغيير التي شهدت صراعات حادة وتعطيل لدور المؤسسات، ناهيك عن استشراء الفساد المالي والإداري على خلفية الفساد السياسي.
والأمر يستمر في ليبيا على هذا المنوال، حيث الانقسام بين الكتل والجماعات والأطراف والجهويات وعدم القدرة على ضبط السلاح المنتشر وجعله بيد الدولة، ناهيك عن الصراعات داخل البرلمان وبينه وبين الحكومة، ممّا عوّم السيادة الليبية بسبب عدم قدرة أي طرف من حكم البلاد بصورة دستورية.
ربما كان أحد أسباب عدم استقرار بلدان مثل العراق ولبنان وتونس وليبيا هو الدستور الذي قام على أساس النظام البرلماني، حيث تم تفصيله على مقاسات مصنوعة في الخارج، وحتى لو كان التصميم دقيقًا، إلّا أنه لا يصلح بالضرورة لهذه البلدان التي تعاني من انقسامات دينية وطائفية وإثنية وجهويّة، ساهم الدستور المشوّه في زيادة تشويهها، وهو ما يعكسه الدستور اللبناني، الذي تكرّس في ميثاق الطائف العام 1990، والدستور العراقي الذي صاغه نوح فيلدمان الأمريكي المتعصب "لإسرائيل"، وقام بوضع العديد من الألغام فيه بيتر غالبرايت، مثلما عملت جهات أممية ومحلية وبتوجيهات أحيانًا من مراكز أبحاث ودراسات أمريكية لفرض نظام برلماني على بعض البلدان العربية التي خرجت لتوّها من جوف الديكتاتورية والاستبداد، وليس لها تجربة سابقة في النظام البرلماني، ناهيك عن أجواء الانفلات التي شهدتها وضعف الدولة وانتشار السلاح خارج القانون، فضلًا عن محاولة الاستقواء بالخارج.
إن مهندسي الأنظمة ما بعد التغيير والذين اختاروا النظام البرلماني، كانوا يدركون أن التوافق بين الكتل البرلمانية لتأمين أغلبية في غاية الصعوبة، وإن تحقّقت وتشكّلت الحكومة فسيكون برنامجها ضعيفًا وتقترب سياستها من تصريف الأعمال بسبب الصيغة التوافقية، حيث تعاني من الهشاشة وعدم التماسك، وتعيش حالة من الأزمات المستمرّة. جدير بالذكر أن النظام البرلماني يقوم على ركيزتين أساسيتين، هما رئيس فخري دون صلاحيات تذكر ، وبرلمان يختار رئيس الوزراء الذي يشكّل الحكومة بتوافق القوى، ويكون خاضعًا للاستقطابات السياسية.
إن الدول التي انتقلت إلى النظام البرلماني، وخصوصًا في العالم الثالث، عانت من الجمود السياسي، وأحيانًا عاشت لفترات غير قصيرة حالة من التعويم قبل التوصّل إلى اتفاقات هشّة. ولذلك تبرز دعوات عديدة ومن مواقع مختلفة لتغيير الدساتير الجاهزة، والتي جاء بعضها مع الاحتلال أو طبقًا لوصفات دولية لم تكن بعيدة عنها أيادي القوى المتنفّذة، والهدف هو تغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي أو مختلط يعطي لرئيس الدولة صلاحيات فعلية وهو أقرب إلى النظام الفرنسي بعد العام 1958 تجنّبًا لما يرافق النظام البرلماني من أزمات سياسية تنعكس سلبًا على إدارة الدولة بجميع مرافقها الحيوية بفعل عوامل خارجية أو داخلية.
والنظام البرلماني، وإنْ كان له امتدادٌ في بريطانيا لنحو خمسة قرون، وناجحًا حتى في ظلّ دستور غير مكتوب، لكنه لم يكتب له النجاح في العراق و ليبيا و لبنان و تونس و غيرها، فالأمر مرهون بدرجة تطوّر المجتمع وتراكم التقاليد الدستورية والثقافية والقانونية بشكل عام،

وهكذا بدت هذه الدساتير وكأنها تفقد قابليتها على الحياة. وأي دستور ينبغي أن ينبع من حاجات الناس الفعلية، لا أن يتم إملاؤه من الخارج، حتى وإن حيكت عباراته بنسيج جميل، لكن الفشل سيكون مصيره لا محال.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيّد بحر العلوم ومشروعه الدستوري
- -طائر العاصفة- الذي ما يزال يحلّق في سماء الشعر
- العنف في الهويّة
- ناهدة الرمّاح: الأيقونة التي أعطت للمسرح عيونها
- المتوسّط بين الوصل والفصل
- الشيخ حسين شحادة فقيه التغيير (2)
- حصّتي من أبو كاطع
- أوكرانيا واللحظة المفصلية
- قراءة في فكرة الدولة
- أوكرانيا وضباب الدبلوماسية
- عبد الحسين شعبان في ندوة حوارية في عمّان -دين العقل وفقه الو ...
- الشيخ حسين شحادة: ملتقى الأديان والثقافات
- مفهمة الدولة
- الهند والإسلاموفوبيا
- الشيخ حسين شحادة فقيه التغيير
- يافا والشعر والجواهري
- الشيخ حسين شحادة شلّالات الحنين
- الشيخ حسين شحادة نواة التنوير -معقل الأحرار-
- كلاويش والحساسية الثقافية
- قطف الثمر في التاريخ والتراث والفكر مقدمة كتاب الأستاذ الدكت ...


المزيد.....




- ساندرز لـCNN: محاسبة الحكومة الإسرائيلية على أفعالها في غزة ...
- الخطوط الجوية التركية تستأنف رحلاتها إلى أفغانستان
- استهداف 3 مواقع عسكرية ومبنى يستخدمه الجنود-.. -حزب الله- ين ...
- سموتريتش مخاطبا نتنياهو: -إلغاء العملية في رفح وقبول الصفقة ...
- تقرير: 30 جنديا إسرائيليا يرفضون الاستعداد لعملية اجتياح رفح ...
- البيت الأبيض: بايدن يجدد لنتنياهو موقفه من عملية رفح
- عيد ميلاد الأميرة رجوة الحسين يثير تفاعلا كبيرا..كيف هنأها و ...
- شولتس.. وجوب الابتعاد عن مواجهة مع روسيا
- مقترحات فرنسية لوقف التصعيد جنوب لبنان
- الأسد: تعزيز العمل العربي المشترك ضروري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - إملاء الدستور