أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - الضعف الأوروبي














المزيد.....

الضعف الأوروبي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 7328 - 2022 / 8 / 2 - 19:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنقذت الولايات المتحدة الأميركية البريطانيين والفرنسيين من الهزيمة في الحرب العالمية الأولى بعد دخولها الحرب في نيسان عام1917، ولولا هذا الدخول لكانت الحرب قد حُسمت لصالح برلين، وبالذات بعد خروج روسيا البلشفية من الحرب إثر عقد معاهدة بريست ــ ليتوفسك في آذار 1918. وفي الحرب العالمية الثانية، كانت هزيمة البريطانيين مؤكدة لولا دخول موسكو وواشنطن في الحرب ضد هتلر في عام 1941. في الحرب الباردة (1947 ــ 1989) كانت أوروبا ميداناً للمجابهة بين الأميركان والسوفيات في ظل ما سمّاه وينستون تشرشل عام 1946 بـ«ستار حديدي يقسم أوروبا أقامه ستالين بين بحرَي البلطيق والأدرياتيكي». جرت محاولة أوروبية واحدة للاستقلال عن صراع واشنطن ــ موسكو حاولها الرئيس الفرنسي شارل ديغول في الستينيات وفشلت.

هنا، لم يكن الضعف الأوروبي الذي جعل واشنطن بمثابة سيارة إسعاف وإنقاذ للأوروبيين في الحروب الثلاث، العالمية الأولى والثانية والباردة، ناتجاً عن أسباب حربية أساساً، بل عن أسباب اقتصادية مع انتقال الثقل الاقتصادي العالمي من الشاطئ الأوروبي الأطلسي إلى الشاطئ الأميركي الأطلسي بالثلاثينيات، وتحوّل نيويورك إلى العاصمة الاقتصادية ــ المالية للعالم بدلاً من لندن بعد أزمة 1929 ــ 1932 الاقتصادية ــ المالية العالمية. ويمكننا هنا تلمّس كيف أن الإنقاذ الحربي الأميركي للبريطانيين والفرنسيين في الحرب العالمية الأولى لم يستطع الرئيس الأميركي وودرو ويلسون تحويله إلى زعامة سياسية أميركية للعالم الغربي الأوروبي ــ الأميركي في مؤتمر فرساي عام 1919 بفعل تمنّع رئيسَي الوزراء الفرنسي والبريطاني، كليمنصو ولويد جورج، وإصرارهما وقدرتهما على تفشيل مشاريع ويلسون ومقترحاته. وهذا كان ممكناً بفعل أن الحقائق الاقتصادية لم تكن بعد قد قالت عن حدوث واكتمال الانزياح للثقل الاقتصادي العالمي من القارة الأوروبية إلى القارة الأميركية الشمالية، فيما كان وضع الرئيس الأميركي هاري ترومان، عندما أطلق طلقة البدء بالمجابهة مع ستالين في الحرب الباردة عام 1947 عبر «مبدأ ترومان»، مختلفاً عن وضع سلفه ويلسون من حيث أنه كان فعلاً عام 1947 هو الزعيم والقائد الأميركي للأوروبيين الغربيين في المجابهة مع موسكو.


في هذا الصدد، يُلاحَظ أن الضعف الأوروبي قد ازداد في فترة ما بعد انتهاء الحرب الباردة عام 1989 بانتصار الأميركان على السوفيات وتحوّل واشنطن إلى القطب الواحد للعالم، رغم تحوّل المجموعة الأوروبية، التي كانت تسمّى بـ«السوق الأوروبية المشتركة» بفعل معاهدة روما بالخمسينيات، إلى «الاتحاد الأوروبي» بالتسعينيات بفعل معاهدة ماستريخت. والذي هو قد توسع جغرافياً، للشمال الأوروبي في المنطقة الاسكندنافية، وشرقاً نحو الشرق الأوروبي حتى وصل إلى البحر الأسود عند رومانيا وبلغاريا، وأصبح له منذ عام 1999 عملة موحدة هي اليورو بأغلب بلدانه، وأصبح له هيكل سياسي جماعي للتنسيق هو أقرب لمجلس سياسي مشترك يجتمع دورياً وله ما يشبه وزير خارجية للاتحاد الأوروبي مقرّه بروكسل. كما أن محاولات التمايز عن واشنطن، والتي انتهجتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (2005-2021) من خلال محاولات نسجها علاقات اقتصادية متينة مع موسكو، بفعل حاجة برلين للنفط والغاز الروسيين، لم تثمر كثيراً، وإن كانت ميركل قد نجحت في التمايز عن الأميركان وعدم مجاراتهم في التشدد مع موسكو عقب أزمة القرم عام 2014. ويمكن هنا مقارنة سياسة برلين تجاه موسكو في عهد ميركل وفي عهد شولتس بأزمة وحرب أوكرانيا بعام 2022 لتبيان الفرق في المسافة وكيف أن «اليساري» شولتس كان أقرب إلى واشنطن عام 2022 من اليمينية ميركل في عام 2014 وهي زعيمة حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي.


لم يكن الضعف الذي جعل واشنطن بمثابة سيارة إسعاف وإنقاذ للأوروبيين في الحروب الثلاث ناتجاً عن أسباب حربية أساساً
أيضاً، كانت محاولات الرئيس الفرنسي ماكرون للتمايز عن واشنطن منذ عام 2017 فاشلة، سواء دعوته إلى «تشكيل جيش أوروبي» بفترة قال فيها عبارته عن أن «حلف الناتو في حالة موت سريري» أو سواء محاولته بعد نشوب الأزمة الأوكرانية بالشهر الأول من عام 2022 إيجاد حلّ سلمي بين موسكو وكييف والتي أفشلتها واشنطن ولندن، هذا إذا لم نتحدث عن اللطمة أو الصفعة التي وجهتها واشنطن ولندن لباريس في أيلول الماضي عند تشكيلهما لتحالف «أوكوس» الذي يجمعهما مع الأستراليين عندما دفعوا كانبيرا إلى إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية للأستراليين واستبدالها بغواصات تشتغل بالطاقة النووية تقدّمها واشنطن ولندن لهم. وقد كان «أوكوس» إعلاناً من واشنطن ولندن، والأخيرة كانت قد اختارت عبر البريكسيت فسخ الزواج مع القارة الأوروبية، عن أن «منطقة المحيطين الهادئ ــ الهندي» هي مركز الاهتمام وليس «القارة العجوز»، وذلك بحكم أن الثقل الاقتصادي العالمي قد انتقل إلى «منطقة المحيطين الهادئ ــ الهندي» في القرن الحادي والعشرين بعد أن كان في المحيط الأطلسي منذ عام 1588 مع انتصار الإنكليز على الإسبان في معركة الأرمادا، فيما كان قبل ذلك، ومنذ أيام الرومان، في البحر الأبيض المتوسط.


هذا الضعف الأوروبي قد زاد استفحالاً مع بدء الحرب في أوكرانيا منذ 24 شباط 2022، حيث بانت أوروبا هشّة للغاية عندما يمسك عصب حياتها فلاديمير بوتين في الغاز والنفط، وعندما تكون إمدادات القمح والأسمدة الزراعية والزيت النباتي تأتي بشكل رئيسي لدول الاتحاد الأوروبي الـ27 من روسيا وأوكرانيا، وعندما يشعر الأوروبيون، وهذا انوجد عند أغلب النخب السياسية والثقافية وفي المجتمع، بأن أوروبا قد عادت ساحة للصراع بين واشنطن وموسكو كما كانت في زمن الحرب الباردة.
بهذا الصدد، كان مرآة لهذا الضعف الأوروبي نزول اليورو بفعل الحرب في أوكرانيا إلى ما يعادل دولاراً واحداً في 14 تموز 2022 فيما كان 1.17 بالقياس للدولار في شهر تشرين الثاني 2021.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التونسيوّن والدكتاتور
- التدليل الدولي لإسرائيل
- الأوروبيون والنظرة التهميشية الأميركية
- عن روسيا والصين
- الفاتورة السوفياتية
- عن التحوّل الجديد نحو اليسار في تشيلي
- انتعاش قوّة الدِّين في الزمن المعاصر
- 30 عاماً على تفكّك الاتحاد السوفياتي
- الضعف والقوة في السياسة
- «إسرائيل» قوة إقليمية؟
- ... وأبحرت بريطانيا بعيداً من أوروبا
- منظر المتعاونين في مطار كابول
- ميشال كيلو... مزايا المعارضة السورية وعيوبها
- عشر سنوات على أحداث درعا... آلية تشكّل الأزمة السورية
- المتوجّسون من جو بايدن
- هل هناك أزمة سورية أم ثورة؟
- الألغام السوفياتية المنفجرة... وتلك القابلة للانفجار
- الفرنسيون والأميركيون
- هل يقترب العالم من حرب باردة بين الصين والولايات المتحدة؟
- بيروت... مرفأ ومدينة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - الضعف الأوروبي