أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد الوائلي - بانوراما نزيف القصب وهدير جرافات الوجع ونياح النبي الضال وسرقة عناقيد ذهب حميد الحريزي















المزيد.....

بانوراما نزيف القصب وهدير جرافات الوجع ونياح النبي الضال وسرقة عناقيد ذهب حميد الحريزي


سعيد الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 7325 - 2022 / 7 / 30 - 09:50
المحور: الادب والفن
    


في كل العصور ترتقي الامم وتنهض الشعوب بمفكريها وتكرّم شعرائها الذين انتجوا خزينا ً لا ينضب من التراث الانساني الخصب الذي يتربع على عرشه "الشعر" كطاووس ، وحين يدّعي البعض بأن "الشعر الحديث" لا يستحق إلا ان يكون نثرا ً...! رغم الصور الشعرية المتلاطمة في مقاطعه وبناءه الذي يحرر من باطنه عفريت"الشعر" بشحمه ولحمه ، ولذا فإن اللغط الذي يدور هنا وهناك ليس إلا رغوة من صابون هلامية ، ومحاولة بائسة لتمجيد الماضي فقط وإيقاف عجلة الحداثة التي تكتسح في طريقها كل شيء الى سلّة الماضي ، إلا من تمّسك بطود مملكة بناءه الشامخ وخـّلدته مآثره ، وعليه فالشعر الحديث جنس ادبي يتمتع بكافة المميزات التي يتمتع بها غيره من اجناس الشعر ، من بناء رصين وموسيقا وايقاع وصور متدفقة من بطون واثداء القصيدة وماء الشعر.
ولو استذكرنا الاب الروحي لقصيدة النثر الشاعر الخالد "بودلير" ، باني مجدها ، ومالئ بطونها ، وقدّيس شرعيتها ، وكيف استنبط قصائده التي نـُشرت بعد وفاته بسنتيين تحت عنوان "سويداء باريس" الصادرة في عام 1869 ، وكان قد نشر البعض منها في المجلات الادبية حين ذاك ، وكيف كانت الصرخة الاولى لهذا الجنس الادبي الجديد ، وكيف تطور بشكل مذهل في القرن العشرين على ايادي مجموعة من الشعراء الخالدين امثال رامبو ومالارمه وآخرين ، وكيف استمر هذا النهج الراسخ مذ ذلك الحين حتى هذه الليلة ، وكيف يلاقي رواجا ً منقطع النظير وتجديدا ًمتواترا ً وكفاحا ً وتطوير.
نعم سنقرأ كلاما ً زاخرا ً، يبثّ عشرات الصور في نفس اللحظة ، ولطالما يقودنا الى عوالم الخيال والبهاء والنقاء والسخاء والشقاء والحيرة والتساؤل والحسرة والنار والدخان والرماد والهشيم والالم والندم والوجع والنياح والنحيب والعويل .
كراتُ نارٍ في صدري
دواماتُ غضَبٍ
آهاتُ عتبٍ
واشتعالُ بلا صخَبٍ
تُحرِق / ضُلوعي
عَلَّها تُعيدُ أهواراً
غادرتْها طيورُ ((الحذافِ))
نعم سنقرأ ونرى ونسمع كل ما تقدم من خلال مرثية الشاعر حميد الحريزي " بانوراما نزيـــــــــف القصب"" وبطريقة لا يجيدها إلا الشعراء المغردون ، لقد بعثر الحروف العربية في سلة الشعر وبحلق ساعات وساعات فيها ليكتشف لنا مرثية جديدة ويعطيها حلـّة لقوامها وأنات طويلة تربط بعضها البعض من بغداد حتى مشيغان كمسبحة ، مشيغان التي فقدت نبيها الضال الشاعر الاديب بهاء الدين البطاح قبل ايام ، والقنصلية العراقية على بعد عشر دقائق فقط من موكب الجنازة وثلاثة ايام من مجلس الفاتحة لم يكلف السيد القنصل الاستاذ لؤي نوري بشار نفسه او موضفيه المرور لدقائق وقراءة سورة الفاتحة لأن الفقيد بإختصار شديد منذ هيامه على وجهه منذ ثلاثة عقود لم يكن إلا عراقيا ً اصيلا ً احب العراق بكل جوارحه ورفض الانتساب لأي حزب من احزاب السلطة ولهذا لم يكن مهما ً في نظر السيد القنصل المبجل او موضفيه من حزب الدعوة...! وهكذا سيتساقط الادباء والشعراء والفنانون تباعا ً كالزجاج المتكسر من دون ان يترك ضجة تعكـّر صفو السيد المسؤول...!؟ اما المبـّوقون للسلطة وان كانوا من احفاد الطاغية المقبور حين يتعرض احدهم الى كبوة يـُرفع على اكف الراحة من مشيغان الى بغداد ...!!!؟
يـــــــــــــــــــــــــــادجلة
انزعي خماركِ و((هلهليّ))
ليصحو الفرات من غفوتهِ
ويُجَرِد سيوف ضفافه
يُحَشِد كل زوارقهِ
يَفزَعُ لنخوتهِ كُلَ فلاح
يحمل مسحاته
كُلَ بلام
يَحمِل مِجذافه
من هتك سترك أم الخيرِ؟؟؟
وقد تحدثه احياناً وتشتكي من اوجاعها واسقامها وهذياناتها واسرارها وتنهداتها وصراخاتها لتتعرى اخيرا ً بين يديه ليتمكن من اكتشاف حنـّاء كنهتها ويزرع فصول كلماتها في بساتين اللذة المخمّرة في دنّ عذاباته.
// عظامُ الجاموسِ
وعظامُ الجُند
اختلطَتْ
في قاع النهرِ المذبوحِ
يَبكيه نخيلُ البصرةِ //
وكما نعيش اليوم في عراق الشجون والسنون العجاف ، عراق الجرح النابض في قلب مثقفينا ووجدان القصيدة الموشـّحة بنص شعري موغل في عشق بغداد بكرخها ورصافتها، من نهريها وجسر الصرافية والائمة وشهداءه الالف ، من ساحتييها الشهداء والتحرير ، من الرصافي والجواهري، من محمد القبانجي وناظم الغزالي وداخل حسن وحضيري ابو عزيز ، من فائق حسن وجواد سليم، لقد تجشمت القصيدة روح بغداد، فكانت قلادة في عقدها السرمدي ، في البصرة والناصرية في النجف والحلة في الكوت والرمادي في الموصل الحدباء والسماوة وديالى في البراري وحقول الشوك والعاكول والصحاري والاهوار الجافة وغابات نخيل البصرة المحلوقة الرؤوس ، واشجار برتقال ديالى ورمان كربلاء، فلكل منها حضور خاص يفتح الجروح على مصراعيها ويرسم عالم من الشعر المقفى بالألم.
// لا أنقبُ
عن الزئبقِ
والبترولِ
في ارضِ
القصبِ
المحروق
في ارضِ
سومرَ //
والمفروش بالسيارات المفخخة والعبوات والاحزمة النازفة والوجوه السوداء الملثمة تتطاير مع انفجاراتها الرؤوس والايدي والدماء تفرش سجادة حمراء
// ما عدتُ
اطلب
خبزَ ال((سياح))ِ
ولا السمك ((المسگوف))
لا ابحث عن ملهىً او مرقصْ
من يؤويني؟؟
من ينجيني؟؟
في الطول وفي العرض
شبحُ الموت يتربصْ //
فكيف لا تأتي القصيدة صاغرة وعلى اصابعها ترتسم الحروق وفي وجهها الجروح والقروح كعروس في يوم زفافها وقد تهشم وجهها بعد انفجار عبوة ناسفة ، تتناثر الاغصان المحروقة من حولها والاوراق اليابسة مدافة بدمها على رصيف مخسّف تحت ارجلها ،
// من يتصور
حَمّامَ القيرِ المغليّ؟؟؟
خيالُ البدوي
لا يُقْهَر
فاقَ
كل الأجناسِ
في طرق القتلِ
له طرقُ
الحرقِ
والخزقِ
والصلبِ
على جذعِ النخلِ
باسمِ الله
يقطَعُ رؤوسَ البرديّ
يجزّ
رأسَ الإنسانِ
ويقطع رأسَ العصفورِ
ورأسَ العجلِ //
هذه هي ملحمة القصب التي عبئها الشاعر حميد الحريزي في سلة الحرووف التي جاءت مثل غمامة هطلت نفطاً اسوداً ودما عبيطاً .
// ابحث عن عش بلبل
بين أغصان الصفصاف
فأسقطَ / قبة السماء
بعثرهُ صوت الرعب الطائر
تهشمتْ / فاضت دما لزجاً
// يـا ورق الحنّاءِ
مَنّْ جلبكَ لأرضِ الحزنِ؟
فحلَّ عليك الحرقُ
نأنس للونِ الأسودِ
لأنا عُجِنا من دم و رمادِ //
هكذا يجسد لنا الشاعر "ارض السواد" كائناً عارياً ليتركنا نطيل النظر في الجسد الماثل امامنا نتهجد مساحاته ليغزو مشاعرنا بحزم من الصور التي تلسعنا كسرب نحل ظال.



#سعيد_الوائلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما كتبه د. عدنان الظاهر عن ديواني
- بركات الشيطان
- شياطين الغواية ومتعة ارتعاش الجسد ومخاض النبوءات
- القيثار الذهبيّ
- لقد اضعتم بالفعل فسحة تاريخية منحها اياكم الغرب على طبق من د ...
- ذكرى اسقاط طالبان والدور السعودي المشبوه في كابول
- زبد سماوي
- عطر الغائب
- ثلاثة ايام معايشة مع البرفسور الصائغ
- ظلال الشفق الناعم الطويل
- شهداء جسر الائمه
- وطــــــــن يفيــــــــق
- على جبهــــة قــــداس - الكرنتينــــــه -
- الحداثة قراءة ونهج بين الموروث والتأثير الحضاري
- الارهاب والثقافة ..... ادوات النظام المقبور وكيفية وئدها في ...
- رسالـــة مفخخـــة بــ سبعة ملايين دولار
- كســــارة الريـــــح
- صــــلاة الملائكــــه
- طبــــــول ومزاميــــر
- لقد كسبنا النصر الى الأبــد


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد الوائلي - بانوراما نزيف القصب وهدير جرافات الوجع ونياح النبي الضال وسرقة عناقيد ذهب حميد الحريزي