أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعيد الوائلي - ثلاثة ايام معايشة مع البرفسور الصائغ















المزيد.....

ثلاثة ايام معايشة مع البرفسور الصائغ


سعيد الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 10:15
المحور: الصحافة والاعلام
    


حرص الانسان منذ العصور الاولى على ولوج عوالم الممنوع والغموض ، ليتحسس المجهول لأن الله عزّ وجل زرع في وجدانه الميل نحو المعرفة ، وكلما اكتشف انماط جديدة من العيش كلما اصرّ اكثر على ايجاد الوسائل للنفوذ الى ماهية الاشياء ليتفاعل مع البيئة التي تحيط به بكل عنفوانها ، تلك الماهية التي جعلته السيد الاول بلا منازع ، في عالم مجهول ، وبقدر ما كان يتحسس فطريا بالوحدة الماثلة امام ناظرييه كان هناك عدوا اكثر شراسة غير مرئيّ عليه ان يتوجس الحيطة والحذر قبل الوغول في عالمه المبهم غير الملموس وكان عليه ايضا ان يتحسس بما وهبه الله من قابلية عقلية لأضائة الجوانب الغامضة في عالمه المبهم ذاك ، ثم يتلمس الوسيلة الامثل للفهم والادراك والتحليل.
وبما ان الانسان بطبيعته ميال للتواصل فقد ادرك البرفسور الصائغ من الوهلة الاولى بعمق ما الذي يجري وما الذي عليه ان يفعل ... لان ما هو فيه يتعلق بفلسفة الموت او الحياة .

ان عالم الادب كحالة وجدانية نشأت وتطورت وتأثرت تماما بعوامل مشابهة من حيث الولادة والنشأة والسموّ. ولأنها وسيلة تفاهم تغادر ( الانا ) وتحلق الى الآخر لتحقق توازنا مطلوبا لذوات الاخرين وليكشف عالما غامضا لا نستطيع ان نعبرعنه بوسائل اخرى غير المعايشة مهما كانت المعرفة غنية ومكثفه .

ان الملاحم ليست حاجة ثمينة مخبئة يمكنك ان تظهرها متى شئت لتكشف عن جمالها او قبحها ، وانما انفعالات تتلألئ متى تعرض احد حواضنها الذي يمنحها الديمومة لكي تتوالد وتزدهر، وهكذا تجسدت هذه الرؤيا حينما تعرض البرفسور الصائغ الى انتكاسته الصحية لجملة من الاسباب والمسببات قام الوسط الادبي والثقافي على اثرها ولم يقعد ، واستنفر جميع طاقاته لكي تصل استغاثته الى الدائرة التي بيدها المفاتيح التي ستفتح الابواب على مصراعيها من اجل انقاذ حياة علم من اعلام الامة العراقية والعربية وواحدا من ابرز مثقفيها .
لقد شاءت الصدف ان اكون شاهدا على تفاعلاتها التي تأججت حتى وصلت الى قمة الهرم السياسي في بغداد لاسمع واتحسس ردوود الافعال واصدار القرار.

ثلاثة ايام كنت فيها شاهدا على روح الامة العراقية التي اريد لها ان تضرب مثلا آخرا في العنفوان والتجدد واللحمة متى تعرضت لها شخصية الى محنة اوانتكاسة ( وما اكثر المحن هذه الايام ) التي اضافت درسا بليغا الى الدروس التي لا تعدّ ، وعلى اعداء العراق ان يستشفوا العبر اذا ما ارادوا الاستمرار في الوغول بطغيانهم وقبل فوات الاوان ، لان الامة العراقية قد وضعت قدمها في المكان والزمان الصح وقد بدأت رحلة " الالف ميل " عازمة على اصلاح الفساد بكل معانيه طالما هناك من ينقد بدون وجل او خوف من السلطان ودون ان يترك ذلك النقد اثرا سلبيا على الجانب الشخصي او النفسي للآخر وطالما يصب في خانة المصلحة الوطنية وهكذا الغاية تبرر الوسيلة في الوقت الذي يتعرض فيه العراق الى هجمة شرسة ليس لها مثيل في تاريخ العراق القديم والحديث .

لقد اجاد الصائغ لعب الادوار المختلفه في اختيار الاشخاص وادوارهم كيف لا وهو المحور، والمسئلة بالنسبة له موت او حياة ، وقد بدأت رحلة العذاب بعد ان وجد نفسه وحيدا في الوقت الذي هو بأمس الحاجة الى دكتور متخصص في جراحة الفقرات وكان لوجود الدكتورالمرموق فلاح شمسه الذي يحتل مكانة علمية مرموقة في واشنطن اثره البالغ في اختيارافضل جراح فقرات في امريكا على الاطلاق وبادر الى الحجز ودفع اجور الكشف التي تجاوزت الالف دولار مقدما وبعد ان اطمئن الجراح الى سهولة العملية وبأن الصائغ سينهظ بعد خروجه من البنج مباشرة مودعا الى البيت تفاجئ الصائغ بأن التامين الصحي الحكومي الذي لديه لا يغطي اجور العملية وانه بحاجة الى مائة الف دولار " لا غير! " منين يا حسره .. .. !.وهنا قدحت في رأس الصائغ فكرة ان يقوم بحملة على غرار الحملات الانتخابية وان يجعل الوسط الثقافي بكفائاته ومثقفيه هو من يتحمل اعباء ايصال صوته الى عاصمة القرار فأختار من بينها الدكتور احمد النعمان ابن الموصل الحدباء ناطقا رسميا بأسمه ، وشخصية اخرى مشهودا لها من بيت ( المحنّه ) يتحمل اعباء حملة تبرعات مادية لجمع المبلغ وكان الصائغ ناجحا بأختياره لشخصيتين ضرب بهما مثلا رائعا بموقفه من الطائفية التي يمقتها ، ووثق ذلك بشهادة مصدقة وسلمها الى الدكتور النعمان والمحنّه .


في اليوم التالي اتصل بي البرفسور الصائغ تلفونيا وقال سعيد اريدك ان تحضر فورا لانني في غاية التعب من الرد على الاتصالات التلفونية المتتالية على الهاتف الارضي والنقال كما وان هناك شخصية مهمة في الدولة العراقية ستتصل بي واريدك ان تكون شاهدا ( دون ان يذكر لي اسما محددا ) وعند وصولي الى شقته تأكد لي حجم المأساة التي يتعرض لها الصائغ وحيدا في شقته .... عشرات الاتصالات التلفونية من كل حدب وصوب تستفسر وتعلن تتضامن وتقترح ( وهنا لابد لي ان اعتذر بعمق للذين اتصلوا وانقطع الخط او لم تكن الاجابة شافية لهم ، او لن تسنح الفرصة لهم للتحدث مباشرة الى الدكتور الصائغ وخاصة اثناء اتصال رئيس الوزراء الدكتورابراهيم الجعفري )
كانت الالتفاتة الكريمه من قبل رئيس الوزراء الدكتور الجعفري رائعة وبمستوى الطموح بل فاقت ذلك الوصف بكثيروكانت بحق سمة من سمات البناء السياسي العراقي الجديد الذي نصبوا اليه آملين ان يتجسد يوما بعد يوم بأمثلة لا تقبل الشك نتطلع اليها جميعا نحن عراقيوا المنافي بعد ان ضحينا بالغالي والنفيس وتركنا كل شئ من اجل ان نحمل ارواحنا قبل ان تسفك على تراب الوطن .

بعد نهاية مكالمة رئيس الوزراء الدكتور الجعفري وما حملته من امل اعاد البسمة على شفاه الصائغ حتى ابكته من الفرح ! اتصل مدير مكتبه الدكتورسليم الحسيني مؤكدا بأن مبعوث السيد رئيس الوزراء في طريقه الى شقة الصائغ للمباشرة بتنفيذ اوامره التي قال عنها بمكالمته الكريمة بأنها ستكون فورية وعاجلة ، ثم كرر الدكتور سليم الحسيني المكالمة اكثر من ثلاث مرات مستفسرا عن وصول مبعوث الدكتور الجعفري وما هي الا دقائق حتى طرق باب الشقة واذا بالسيد افضل الشامي مقدما نفسه بأنه سيكون الوصي الامين لتنفيذ اوامرالدكتور الجعفري وقتها فقط اخذت نفسا عميقا وتأكد لي ان البرفسور الصائغ سيولد من جديد وهو يتحدث مباشرة الى من سينفذ كل ما يصبو اليه من نفقات العملية واجراءاتها والتفت الى سيل الاتصالات الهاتفية التي انهالت كالمطر من امريكا وخارجها وبعد عشرة دقائق جائنا النداء بأن الفضائية العراقية قد اعلنت من بغداد نبأ تحمل الحكومة العراقية كافة تكاليف اجراء العملية الجراحية ، تسارعت الاحداث وبدأت الشخصيات تتوالى للتعرف على ما آلت اليه الحالة الصحية للصائغ ومن ضمنها وفد من الاتحاد الديمقراطي العراقي ومجموعة من الكادر الثقافي من عراقي المهجرمن كتاب وشعراء ومثقفين .

كانت الايام الثلاثة الاخيرة هي حملة انتخابية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معن وجاءت نتائج التصويت ناجحة 100%100 ، ناجحة بكل المقاييس ابتدءا من الوسط الثقافي ومحبي البرفسور الصائغ في كل مكان فلم يبخل احدهم بأداة تعبير يستطيع من خلالها شحذ الهمم حتى ان البعض منهم استنبط طرقا جديدة في التعبيرعن بعد كان الدموع والنحيب سلطانها ، ثم انتهائا بالتجاوب الرائع الذي جسده مشكورا السيد رئيس الوزراء الدكتور الجعفري وهنا لابد لي ان انفذ رغبة البرفسور الصائغ في تقديم شكره وامتنانه وتقديره وعرفانه بالدور الرائع الذي لعبه جميع المثقفين والاعلاميين والصحفيين شخصا شخصا والمواقع المرئية والمسموعة والصحف والقناة العراقية ولكل من ساهم بأتصال تلفوني وطبعا لا ننسى هنا وعلى رئسهم الشخصية العراقية البارزة المتمثلة بالسيد رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري .

ختاما كان لابد لنا ان نختم الملحمة الصائغية بجلسة عشاء في امسية رائعة تبرع بها الشاعر اسماعيل محمد اسماعيل متفضلا وكانت سهرة حتى الثانية صباحا نتذكرفيها الاشخاص والمواقف ونهنئ بعضنا بعضا جمعت الامسية الصائغ ومحبيه عائلته المتكونه من زوجته ام نهار وابنه نهار وبنته زمان وحفيدته التي غاب اسمها عن ذاكرتي للاسف الشديد والشاعر اسماعيل محمد اسماعيل والاستاذ خيون التميمي والفنان التشكيلي الجميل محمد فرادي كما يحلو للصائغ ان يسميه وكاتب هذه السطور.

وسنوافيكم بما سيستجد لاحقا ان شاء الله .




#سعيد_الوائلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلال الشفق الناعم الطويل
- شهداء جسر الائمه
- وطــــــــن يفيــــــــق
- على جبهــــة قــــداس - الكرنتينــــــه -
- الحداثة قراءة ونهج بين الموروث والتأثير الحضاري
- الارهاب والثقافة ..... ادوات النظام المقبور وكيفية وئدها في ...
- رسالـــة مفخخـــة بــ سبعة ملايين دولار
- كســــارة الريـــــح
- صــــلاة الملائكــــه
- طبــــــول ومزاميــــر
- لقد كسبنا النصر الى الأبــد
- للحـــزن جنــــود مــن عســــــل
- اغنيات الى الوطن
- مسامير تحت الجلد
- نعش الشتاء الطويل
- لابــــد ان يذوب
- الغام وسياراب مفخخه وموت
- رماد متقشر
- في وقت متأخر من الليل
- انيــــن المنافـــي


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعيد الوائلي - ثلاثة ايام معايشة مع البرفسور الصائغ