أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - الشاعرة رند الربيعي .. وأقشر قصائدي فيك















المزيد.....

الشاعرة رند الربيعي .. وأقشر قصائدي فيك


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 7324 - 2022 / 7 / 29 - 01:36
المحور: الادب والفن
    


كان لابد للأمة البشرية أن تلدُ الشعرَ
وكان لابد لرند الربيعي أن تلدُ الشعر
فالأمة البشرية أمة كلام، والكلام هو من دفعها للتطور والتقدم سريعا، بعيدا عن ركب الكائنات الحية الأخرى، الخرساء وشبه الخرساء بإيلاد حضارت متعاقبة متجددة. فكأن لابد أن يتسق كلامها لفائدة أفضل. ولابد أن يكون الكلام الأبلغ هو مادة الفكر الأرقى، ولا مجال أن تنحرف قيادة البشرية أو تتعثر جراء كلمة أو هفوة في كلام، أو أن تسقط مركبة فضائية جراء حرف جر.
الأمة البشرية الكبرى جمع وتشابك وصياغة مثلى لأمم وجماعات متفرقة، فرقتها العوامل الجيوكيميائية والجينية لتعطي كل منها خصوصياتها في الدأب والاكتشاف والابداع، وفي الوقت نفسه شابكتها في مشتركات وتشابهات ضمنت التعاون والتعاضد من أجل الارتقاء والحفاظ على الجنس البشري وهويته.
وكذا الحال لأفراد الأمة الواحدة، فكان التخصص وكان المشترك.
كان لبعض الافراد أن يتخصصوا وأن يتميزوا في حمل هموم الأمة وفكرها وحبها للحياة وقيمها. بينما يحمل أعباء تفاصيلها الصغيرة أفراد أخرون.
اختلفت الأمم في لسانها، في لغتها ولهجاتها عن الأخريات، مثلما تشابهت مع بعض منهن في اساليب الكلام وطريقة نظمه وقواعده وبعض كلماته؛ لكن ما من أمة إلا وأدركت الأدب، باعتباره الكلام الحسن، الصياغة الأفضل، والتعبير المختصر عن تفاصيل حياة الأمة أو أفرادها، عن نضالها وإبداعها في شتى المناحي. رغم تفاوتها في المستوى تبعا لعوامل تطورية عديدة.
وما من أمة إلاّ وأدركت الشعر باعتباره عطر الأدب، بسرعة انتشاره، كونه نغمات صوتية وفكرية، تطرب أذن السامع بفحواها العميق المختزل الذي يشد ازر ويشابك معلومات دماغه المفككة ، بصورها المتلئلئة التي تعيد انتباهات عيونه، بدغدغاتها وخدشاتها قلبه، بنبضاتها التي تعيد انتظام نبضاته وسريان دمه.
أمة العرب، كانت لها الصدارة في شعرها الإنساني في خصوصية الإنسان الذي عاش الصحراء فانطلق منها. خصوصية التفرد للفرد، ليحس بنفسه وسط هدوئها وصفاء صورها ودقة أصواتها فيعي ما تمثله نفسه وسطها، ويعي ماتعكس رمالها من صور بعيدة وكأنها مرآة صافية. من هذا الأصل الشعري الصافي انطلق ليدب بهدوء وسط الأرياف ليشم خضارها وضحكاتها، ثم إلى المدن، ليقتفي أثر خطوات شوارعها وطقطقة صناعتها وتشابك أنينها.. وفي خصوصية الضاد الذي اعطى للغة مذاقا مميزا.
وللأمة العراقية أمة الحضارت وأولها ينبوعها الخاص من الشعر، فهو ينبوع الإنسانية الشعري الأول- ينبوع الشاعرة أنخيدوانا- الذي تدفق بقوة في شرايين الشعر العربي ليقويه من فيتامينات حضاراته العريقة.. من بدايات أسئلة الأنسان ومحاكاته للمعاني.
العراق هو أمازون الشعر العالمي، بطول تدفق شعرائه وعرض موجاتهم. وعلو غابات قصائدهم. مامن يوم يمر إلا وقد أنجبت بطون ادبه شاعرا أو شاعرة، بولادة يسرة، من رحم حياة عسرة.
العراق مدرسة الشعر العربي الاكفأ، والأحلى، والأكبر، مدرسة الأكابر، الجواهري شاعر العرب الأكبر ، ورائدا الشعر الحر، بدر شاكر السياب ونازك الملائكة.. كوازارات ساطعة تلتهُم أسراب من النجوم شديدة اللمعان.
أسراب لايتقطع سطوعها ولمعانها لأسماء طائرة نكاد نراها حتى في النهار في ظلامات ضجيج الحضارة.
كانت الصدفة، أن يلتقط نظري ضوء نجمة. دققت في الحروف: ر.. ن.. د... نعم عرفت الاسم رند.. رند الربيعي.
أقتربت بنظري لأستقرئ اتجاهات ونبضات ضيائها.
رند بدا لي جسد أنثى عراقية ينبض شعرا.. تتطافر الكلمات منه، قلت: أركز واسمع:-
- ذاكرة -
حين تظاهرت بنسيانك لقبلة على الشفاه
كنتُ أنا غارقة في التذكر
في مكامن البوح
ورذاذ عطر مناديل الليل
كل تلك البقع السوداء على قمصانك حرائق شوق
لمشاكسة رجل خمسيني
ينعم بعَدّ كم شعرة علقت بقميصه في آخر احتضانة
تخالفت فيها الاضلع
فلاجريمة كاملة على وجه الحب حسب نظرية اجاثا كرستي
فكل شيء رهين بما تفعله الشفاه حين تلتقي...
مازالت بقايا تلك الجريمة وشم يرصع اكتاف سمراء طازجة
حين خذلتك عقارب ساعة عاطلة
لستُ امرأة عابثة
او بائعة هوى
أنا من جذرت قمصانك
في خزائن جنتي
وزرعت رسائلك في حدائقي
علها تثمر كلمات تعالج ضغط المدن الحزينة
أو تنهي حروب عالقة
مازلتُ احتفظ بقنينة عطرك ومشط الجيب الصغير
والشظية التي اخِترقت صدرك في آخر حرب
وبقايا سجائرك الروثمن
الآن اكثر جنونا أنا
كلما شعرت بضجيج الوطن
اضع رأسي قُرب شاهدة
واستريح.
فاسترحت كي اعاود قراءة مجموعتها الشعرية الأولى (أقشر قصائدي فيك) فقرأت:
خطوة واحدة
لا افسد عليك الليلة الأولى
خطوة واحدة إلى الوراء
لااجيد رسم الحروف
المبللة بالدمع
عد لدقائق لنكمل ماتبقى
من فائض ضحكات
في جيوبنا أسفل تلك الضلوع المتكسرة....
محترقة صناديق البوح اللعين
هات يدكَ
النعش مملوء
شلال جرحي ينزل جماجم
هيا أقفز قفزة واحدة
عند منتصف الجيوب الفارغة
في قلوب مازالت احاديثها كركرات طفل وخبزة فقير ...
على قارعة وطن ضيق لايتسع
للنوم
إياد تلوح باكية ،
قلوب رماد،
الموت سلالم من نور
الملائكة طائرات مغادرة
انتَ حلاوة البساتين
ودواوين لم تكتمل
هنا اخر وجوه غادرتها
ضحكات إلى سماء
مثقوبة.
تنتج التزاوجات الجينية العشوائية لثنائيات بني البشر أفرادا بقدرات متعددة ومختلفة.. أدمغة تختلف من فرد لآخر في حجوم المناطق الدماغية، عدد خلايا النسيج العصبي وتوزيعها وطريقة تشابكها وعلاقتها بغرائز وحاجات الجسم وحواسه، فتعطي لبعض منها مهارة فائقة في وظيفتها. ومن هذه المناطق منطقة الكلام (فيرنيك)، فتتميز أكثر في قابليتها على استقبال الكلمات والجمل وتفكيكها بادراك حيثياتها وخزنها بترتيب ما، ثم إعادة صياغتها و إطلاقها حسب الحاجة بالتنسيق التشابكي مع باقي مناطق الدماغ خصوصا مناطق (الدماغ الحوفي أو العاطفي)، الذي إذا تميز هو الآخر تقدمت أكثر المواهب الكلامية منها الشعر بأنواعه المختلفة.
ثم تقدم الظروف الطبيعية المحيطة بالفرد وأهما التنشئة الأسرية والحالة الاجتماعية والموقع الجغرافي إمكانية استقبالها وتنميتها وخياراتها.
وهكذا تحددت لرند وبرزت موهبة نسج قصيدة النثر، وبوصلتها التي تأرجحت بمغناطيسية حب الوطن والرجل.
فأبدعت نثيرياتها في التوهج والإيجاز، في تعابير جميلة وذكية، في الوصف والإيحاء، في المبالغة والتشبيه، في الاختزال والاستعارة، في انتقالات الصور ومساحاتها؛ وهي تضيء كل مرّة على بقعة من الوطن أو الرجل الحبيب أو بقعة مشتركة من تداخلهما، لتنقل صورة كأنها متوهجة بالنار الملونة الجمال والمعاناة، اتقاد الحب واللوعة والاشتياق وغيرها.
أوحت لي جملة (أقشر قصائدي فيك) لتخيل صورة ثمرة فاكهة كبيرة ، هي خليط من فواكه، وكل منها لها جانب وقشرة ما، سمك ما ولون ما، ليعطي تقشير أيا منها مذاقا خاصا. وهذا المذاق هو وصف لحالة يمر بها الثنائي الوطن الرجل، أو هي حالة تقييم أو إثناء له.
ولاختصار ما تذوقت أذكر:
هات يدك
النعش مملوء
شلال جرحي ينزل جماجم
------------------------------
على قارعة وطن ضيق لايتسع للنوم
-------------------------------
انت حلاوة البساتين
ودواوين لم تكتمل
-----------------------------
ضحكات إلى سماء مثقوبة
------------------------------
هكذا من كلِّ شيء
تولد الحرب
من بين اصابعك
من بين خصلاتِ شعركَ الذي احترفَ الفجر
من تحت قميصك
من ازرارهِ السفلى
من فوضى عطركَ
من شوق يولدُ راكضاً
من حقيبتك التي أغارُ منها
من غيرتك حين ادللُ نفسي
يولد الحبُ من دخانِ سجائرك
ورماده الذي احتفظُ به دون علمكَ
يولد الحبُ من قصائدي التي تتسلقك سطراً سطراً
هكذا...
ينمو كلما ابتسمت
فألقيك في رئتي كي تخرج نوعاً آخرا من الهواء
هكذا أنتَ
نوع آخر من الهواء.
--------------------------------------

الشاعر يخترع حبيبة على شكل فراشة
يطير معها منتشيا حقل الأزهار
الشاعرة تخترع حبيبا على مقاس صفعتها
ليس على هيئة فاندام مثلا
اليتيم يخترع أبوّة صامتة
-----------------------------------------
أيتها الاختراعات السيئة
هل لكِ أن تصمتي قليلا
في رأس هذا العالم.
---------------------------------------------

احاول التسلق اليكَ
فانزلق الى عمق أحمر
احاول اخماد عطشي
فتنمو شجرة لهفتي اكثر
------------------------------------------
قلبك مرآة
أتراني ؟
------------------------

نعم أنتَ
من صنعت مني كوثراً
لمنابع متأهبةٍ للعطاء
صيرتني امرأة
تخيط قمصان الفصول
ربيع يبتهجُ فوق أرضكَ
------------------------
مليكة النخل والطين
ياسيدي المبجّل هل كتبت قبلي إليكَ إمرأة ٌ؟
وأخبرتك إنها الحاضرة والحضارةٌ
وإنها مسلّةٌ زقّورةٌ ،بل إنها تأريخُنا عراقةٌ ....
وشارعُ الموكبِ ومواكب العذارى
ذي حضارةٌ وفجرُها بغداد
حناؤها البصرة
إكليلُها ذي قار
ربيعها نينوى
قنديلُها شبعاد
___________________
فتمنيت للنجمة رند أن تبقى متلئلئة، تلئلئ مجموعات شعرية أخر بحروفها الضوئية.
14/7/2022



#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يحب الأطفال أفلام الكارتون
- ما الجمال ؟..الجواب الجمالي
- تحديد مفهوم الله فلسفيا
- افتراضات لحل لغز الذاكرة - مسودة أولى
- صدق
- التسلسل الافتراضي لسيطرة الوعي على الكون (المسودة الأولى)
- تفسير ظاهرة الاقتراب من الموت
- فهم الوجود من منظور فلسفة الفيزياء- افتراض جديد للأبعاد الإح ...
- فهم الوجود من منظور فلسفة الفيزياء - افتراض جديد للأبعاد الإ ...
- افتراض جديد للأبعاد الإحدى عشر لنظرية الأوتار الفائقة (مسودة ...
- افتراض جديد للأبعاد الإحدى عشر لنظرية الأوتار الفائقة ( مسود ...
- تكنو حي
- تنويم مغناطيسي
- عراق الأول والأمل
- عطر سبينوزا
- الكون المريض
- ظاهرة الباراسيكولوجي بين الوهم والحقيقة
- جمهورية المطاط
- حضارة الكلاب
- حقيقةالأحلام - محاضرة القيتها في قاعة علي الوردي - المتنبي ي ...


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - الشاعرة رند الربيعي .. وأقشر قصائدي فيك