أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم محسن الجاسم - الفراق والفقدان في رواية (غناء سرّي) للروائي منذر عبد الحر















المزيد.....



الفراق والفقدان في رواية (غناء سرّي) للروائي منذر عبد الحر


هيثم محسن الجاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7311 - 2022 / 7 / 16 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


دراسة ذرائعية

المقدمة:
ما يخص مدار دراستي تلك، رواية (غناء سرّي) وهي رواية نفسية رمزية تعالج حالة القرين والوهم, والصراع الخفي بين الواقع والوهم ،وتتلخص ثيمتها بافتراض شخصياتها الأساسية كرموز في الرواية(دكتور صادق) وثلاثة إناث (مها )و(سحر) و(سهاد) وطرف ذكوري آخر يسمى (عادل)وتلعب هذه الرموز الوهمية فوق مسرح عقل الكاتب ,صراع وهمي عجيب ،الأحداث الرئيسية في حبكة الرواية ومتنها السردي ويبقى الكاتب يتلاعب في تلك الرموز كقطع فوق لوحة شطرنج، توجه حسب ما يريد وما يرسم لها حتى النهاية للخلاص بأسلوب سردي رائع كما يدخل الكاتب بجانب تلك الرموز الوهمية خطاَ سرديا ميثولوجيا يتناول فيه الأساطير التي تعيش في عقول سكان القرى الجنوبية والأهوار بحكايات عن (الطنطل والسعلوة وعبد الشط وغيرها ما يتعلق بالجن), ويعطي صورة حية عن تأثيرهذه الحكايات الاسطورية عبر أجيال متعاقبة على سكان الاهوار ....
الزمكانية :
حاول المؤلف ان يسلك سلوكا زمكانيا بتقنية فرضتها ديباجة الرواية وهي العودة باتجاه الماضي والتمسك فيه وقد أختص بهذه الصفة بطل الرواية, حين فرض على الكاتب زمكانية عكسية بحذف المستقبل والانطلاق من الحاضر باتجاه الماضي , تلك تقنية موازية لتقنية الفلاش باك لكنها تقنية أخذت مجالا واسعا في توجيه الرواية نحو جنس الاسطورة (الميثولوجيا ) . أما الزمكانية العامة فهي زمكانية الشخصيات المنتشرة في الرواية وهي تقليدية تحتوي على ثلاث فئات ماضي/ حاضر/ مستقبل ,كما هو معروف .
عتبة العنوان واللوحة والإهداء والمقدمة:
غناء سري هو دلالة تشير نحو رمزية ونفسية وميثولوجية تخص الكاتب وانتماءه, كسر من أسراره لا يعرفها أحد غيره وهذا ما ظهر فعلاً حين جاءت الرواية من شخصيات وهمية ,لعبت أدوارها كثيمة للرواية وبؤرة داخلية تدور حولها جميع الاحداث .
المستوى البؤري(التبئير):
البؤرة الثابتة للنص(Static Core) ، وهي أيديولوجية الكاتب الأدبية والفكرية وهي الرسالة السائدة للمجتمع , ونظرته نحو مجتمعه، وتلك رسالة إنسانية يتميز بها الأدباء، وبالخصوص، الكبار منهم، حيث تشكل تلك النقطة مرتكزاً ثابتاً، و بؤرة لا يمكن تغيرها أو التلاعب فيها نقدياً، فهناك من يكتب للفقراء وهناك من يلاحق الظلم ،بؤرة العمل السردي هذا, نفسية رمزية....
المستوى اللساني(الجمالي والدلالي) :
و في هذا المستوى يبدأ الإشتغال التحليلي حين تشكل الذرائعية ثلاثية مع علمي النظم والإشارات للقيام بعملية التحليل الدلالي ،ما دام الأدب بناء فني وجمالي مصنوع بدقة وحنكة أدبية مثقلة بالجمال البلاغي والعمق الخيالي والرمزي ومثقل بالتعابير اللغوية ومشتقاتها، فقد خصص ذلك المدخل للدوال والمفاهيم التركيبية والاملائية، واللغوية و توابعها الاشتقاقية وحتى تحليلاتها الفونولوجية، حسب المنظور البنيوي والذرائعي...
ديباجة النص: 3 حقب بثلاث معالجات سردية
الحقبة الأولى :
الخط السردي للوهم وحركة الرموز وظهور مها X صادق:
تبدو لي هذه الرواية على ديباجة السرد صدمة نفسية للكاتب نفسه ليحيا واقعه المنسي الذي أحبه كثيرا وغاب عنه وأراد إسترجاعه ليعيشه من جديد ليبقى معلقا ما بين القرية والمدينة ,معلقا بين الواقع والوهم لكون التحضر الذي يعيشه لا يرقى أن يكون تحضرا ملموسا بمعنى الكلمة ,وصفاء سريرة المؤلف يجذبه نحو الماضي, ليعيش فيه حياة حتى ولو خيالية وصار الماضي لديه حاضراً وهمياً شبيهاً بحلم من أحلام اليقظة, وحلم اليقظة هو منحى نفسي يتخذه الشخص للهروب من الواقع في الحالات الصعبة التي يعيشها في حياته ومن تلك الحالات ، ما يمر به المقدم للإعدام ،ليعيش لحظة الانتقال من الحياة الى الموت بشكل وهمي حين يفكر بأجمل الحوادث التي مرت فيه في حياته لينسى واقعه وهو تحت ساطور الجلاد وقد خاض كاتبنا العبقري تصوير هذا الوهم بحرفنة نفسية وكأنه طبيب نفسي موجهاً رموزه الوهمية على خارطة الرواية على محورين أساسين وهما (محور التكوين(للوهم) ومحور المعارضة( للواقع ) لتكوين الأحداث على محور (التوليد) دون الأنتباه لعقدة العمل كما في الشكل التالي







وجعل المستقبل مجهولا في زمكانية نفسه وهذا رمز مغلق أختلقه الكاتب كنوع من الولاء لأهله ومهد سعادته المنسي واشتغال (صادق) مع (مها) وكأن الوهم واقعاً. وسنسلك التحليل الوضعي بدلالات مرتبة...لفحص الدلالة التالية:
• وجهك , كسر في داخلي شيئا وحفّز ذاكرة كاملة بكل تفاصيلها لتحضر أمامي بقوّة ملخّصة لي حياة ..... ص11.
هذة إنعطافة أو نقلة زمكانية نحو الماضي الذي صار الأديب أسيرا فيه وهو يخاطب رمزه(مها) ,يضع هذا الإقتباس المؤلف بين القرية والمدينة والأقارب والأصدقاء وهي صفحة من ذكريات عاشها الكاتب بين تلك القوسين ، الريف والمدينة، وهي تحمل أصدقاء واحداث لا يمكن نسيانها...
رسم الحدث في ذهنه برموز مشخصة بدأها بالدكتور(صادق) وهو رمز للصد الذكوري تعقبه و(مها ) كرمز لثنائية الإنجاز السردي وطفولة بائسة حين أحبها وهو في العاشرة من العمر وتلك مغالاة ينبه بها المتلقي لوهمية الحدث, سارت الشخصيات على محور التكوين (أج) حيث يقابلها في الجهة الثانية محور المعارضة(د و) وهذا المحور خالي من الشر لكون الكاتب لم يصنع صراعاً دراميا كما في الروايات الكلاسيكية بل إشتغل رواية سلمية نفسية عصرية يحاكي فيها القرين النفسي الذي يسكن عقل الأنسان ويبعث له السعادة في أحلام اليقظة التي أشرنا اليها فهو قد سكن عقلية رمزه الدكتور(صادق) الذي التصق بـ(مها) التي أحبها وهما في الصف الأول الأبتدائي (ثنائية إنسانية) وأنطلقت الرواية تلك من المحورين من خلال( كفاح درامي) وليس (صراع درامي) وبدأت الأحداث تتساقط فوق محور التوليد الأوسط (ن ع) كتساقط الرطب البرحي البصري في حرارة آب ...ويستمر الصراع في الدلالة التالية :
• ( أنا الأستاذ الدكتور صادق محمد عوض أستاذ النحو في قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة بغداد .....)ص11.
وهنا يعلن الدكتور صادق للمتلقي القفزة الزمكانية لتوضيح دوره السردي ويتحدث عن حبه الوهمي من سن السادسة في الصف الاول الابتدائي بانتقاله من (مها )الحقيقية الى مها الشبيهة بقفزة زمكانية لربط الماضي بالحاضر والاصل بالقرين هو رمز الماضي يستأنف دخوله معترك الصراع الوهمي بالدلالة التالية:
• ( لا أعرف ما حصل لي , ولا أعرف ما أريد , كنت ُ في داخلي أخشاها فهي ابنة القصور وأهلها قساة غاضبون منا لا أدري لماذا؟ ,...ص13 )
ثم يعلن حبه وهو يكبر يكبر الحب فيها ويكبر مع عقدة التمايز الطبقي وعقدة الفقر بخلايا الوهم مع مرور الزمن المفترض وتكبر معه العقد النفسية التي تحمل الفروقات الطبقية فوق سطح الواقع بالدلالة التالية .
• (أنك حلم داهم وعيي واختفى) ...ص15
وهذه الدلالة نشهد ان حلم الماضي يستيقظ في وعي الحاضر وهذا ربط سايكولوجي بين الشاخص والقرين وهو ربط ايضا بين الواقع الغير مؤكد والماضي المستحيل وتلك جدلية نفسية لم تلملم نفسها كأنها الأشكالية الاساسية المعدة للنقاش لكونها سيل من عاطفة تسكن اللاوعي عنده فصدق هذه الحقيقة وختمها بالتصديق ثم أحالها للوعي بتذكر منقوص في هم ، لكون الجهة الانثوية لهذا الحب لا تعكسه ابدا كما في الدلالة التالية:
• (وكدت ُ في ذروة نشوتي أن أهمس باسمك , لكنني تداركت ُ الأمر وأخفيتُك في تلافيف بهجتي بك)ص36.
وصل به العيش مع الوهم أن لا يفرق بين الحقيقة والواقع حتى يوشك أحيانا على انفلات الامر من وحي الخيال واتجاهه نحو الواقع .
الحقبة الثانية:
القرية مقابل المدينة والأهل وتأثير هذا التماسك بينهما:
ظل الكاتب يتجول بعصاه في أرض نفسه التي مثلها بشخصية صادق الرمزية ليعيش حياة خيالية في روايته بحبكتين الاولى الروائي وحاضره وما بينهما من التحضر والقرية والأهل و الثانية الدكتور صادق ووجهيه الانثويين....وسنتعقب هذه الحقبة في ديباجة الرواية من خلال الدلالات:أنظر:
• (ها أنذا اعود الى ايام الورد والغناء ), (كنا نروم العودة من رحلة الاهوار ),(التهلة ) ص68
وهذه دلالة حول تعلقه بالهور وحريته الحقيقية ، التي تجعله كعاشق ولهان بين اعمامه ووالده على تلك الحالة السعيدة التي يشعر فيها في سفراته بين القصب والبردي ومعرفته بمصطلحات الاهوار مثل (التهلة ) التي يتجمع تحتها الاسماك الكبيرة وغيرها ،ونصائح والده كما في الدلالة التالية :
• (ياابني من منا لم يسمع بحكاية جابر بن فاضل الذي مات وعاد الى الحياة )ص73.

وهنا يريد الإستاذ(المؤلف) ان يضفي على قصص الاساطير نوعا من القداسة لتكسب مصداقية عن اهل الاهوار بينما عودة جابر للحياة فيها مبالغة فالفارقة تكمن في انقاذه بعد دقيقة او دقيقتين ولكن ليست بهذه الصورة التي رواها والد المؤلف او صادق.وبتلك الدلالة يظهر تأثير جده في العائلة :
• (وهكذا رسم جدي الفصل الجديد من حياتنا في القرية التي عرفناه فيها جدا صارما) ص83
و تاريخ حياة جده الصارم, فتناول دور الاقطاع الذي أنتشر في الحقبة الملكية والتباهي باسر وقتل جنود الاحتلال البريطاني واهداء جده الساعة للشيخ وهنا يريد السارد اضفاء مسحة من الاحترام لعائلته تاريخيا، وفي الدلالة التالية:
• (بسبب قانون الاصلاح الزراعي الذي جاءت به ثورة 14 تموز عام 1958 )ص83
بين المؤلف تاثيرالتغيير في حياة السكان في العراق بعد ثورة14 تموز 1958 واختفاء الممارسة الاقطاعية السلطوية عن حياة الناس بالرغم من تمسكهم بالاعراف والتقاليد العشائرية حيث تاثرت نفسية المجتمع وانفتحت على التغيرات في الحياة الجديدة وذوبان الفوارق الطبقية السائدة قبل الثورة وردم الفجوات الاقتصادية بسبب انخراط أبناء القرى بالأعمال الحضرية...
اما في الدلالة التالية:
• (وزّع جدّي مسؤوليات العمل على أبي وأعمامي , فالذي سيعمل في المخبز .....
يبرز الكاتب تاريخ عائلته مع جده وابنائه والشيخ والعمل الجديد والحالة التي جلب فيها جده المذياع:
• (جلب جدي الة مذياع كبيرة لتبث الاخبار وتطلق اغاني الريف المحببة )ص95
وهذا يعني انفتاح سكان الاهوار للتحضر والعالم ،خارج القرية من خلال التواصل الاعلامي ،و يعود (الكاتب) للتحدث حول النزوح من القرية وعالم الاهوار .واستمرار الهجرة المستمرة من المدينة للقرية وبالعكس وعمله مع عمه وتعلقه بإبنة عمه سلوى ......
• (هاجس طيف ظريف هو التعلق بسلوى , وإمكانية مشاهدتها في أي لحظة , وهي التي ستكون رفيقة حياتي الأمينة....).ص251
الحقبة الثالثة:
أ‌) الأشتغال السردي مع سحر وعادل والوجه السياسي للكاتب:
وسنتعقب هذه الحقبة من داخل النص بالدلالات المتسلسلة:
• (وأنا أراك مع زميلك الطالب الشاب الذي لا أحفظ اسمه , شعرت ُ بإحباط ٍ شديد)ص44.
وهنا برزت العقدة الاولى حين شاهد دكتور صادق طالبته (سحر) الشبيهة لـ(مها) وهي تتحدث مع زميلها وكان من المفترض أن تكون صدمه للدكتور صادق , لكن الكاتب تعامل مع تلك الدلالة بهدوء رغم أنها تشير لمدلولات إيحائية بالحب بين الشابين ,وقد تصرف الكاتب في هذا الموقف بتساؤلات فلسفية وكانت نتيجة ذلك أحباطا شديدا كما نشاهد بالدلالة التالية :
• (عدت الى وجهك في لحظة من تامل عابر للسبورة الخضراء الطويلة .. ) ص78 .
يعود المؤلف الى رمزه الدكتور صادق لينتقل به الى محور التكوين لسير حبكة الخط الثاني الذي يضم حبكة الوجهين الوهميين (مها) و(سحر)، ثم انتقل الكاتب الى محور المعارضة ليبدأ الاشتغال مع رمزه الدكتور صادق ليعطي زخما دراميا للصراع الهاديء بين المحورين بشكل سلمي, وشكل هذا الصراع برادوكس تصحيحي من قبل الكاتب على محور المعارضة وهذا التصحيح يتجه نحو محور التكوين لتصحيح مسار صادق الرمز المختلف.
أما في الدلالة التالية:
• (تعودت ان لاادخل نفسي في موضوعات تفصيلية تخص الطلبة كالحضور والغياب)ص87
يشير عبد الحر بتلك الدلالة على لسان صادق لتصرفه التربوي بعدم السؤال عن الاسماء للطلبة وعدم التدخل في شؤونهم لذلك اعطى اسم (مها) للشبيهة (سحر). واردف الأمر بالدلالة التالية:
• ( , سألتني عن مفردة , فسقطت عيناي على اسمك قبل ملاحظة أيّة مفردة " سحر عبد الحميد ناجي " , إذن أين (مها) منك , ومن لوعة اهتمامي بك ؟)ص88
ليدمج الكاتب الذكي بين مسيرة الخطين او الحبكتين او المحورين( محور التكوين ومحور المعارضة) وذلك بدمج اسم (مها) الوهمي باسم( سحر) الواقعي.وهذه الانتقاله الذكية توحد المسيرة الدرامية بين المحورين مها= سحر, مها =الوهم , سحر=وهم متلبس بوهم في عقل صادق .....
ب)الأشتغال الدرامي مع سهاد ووالدها والوضع السياسي:
وسنتابع هذا الإشتغال بتعقب الدلالات التالية :
• (حصلت ُ منها على درس بليغ قاس ٍ في حياتي حين دخلت ُ السجن بتهمة التفكير الحرّ المتوقد , أو بالأحرى الشك بعلاقة سياسية تربطني بزميلة لي وعائلتها....) ص47.
يتحدث الكاتب عبر رمزه صادق الذي تقمصه ليتحدث على لسانه عن الانسان العراقي المثقف الذي يدخل السجن حينما يتهم بالتفكير وهذا رمز أشار به الكاتب الى معاناة الانسان المثقف العربي المضطهد الذي فرض عليه الاستعمار، استعمار عقله واذلال العقول المستعمَرة وهي العقول الاكاديمية التي تعمل بالأفكار المستوردة في كل شيء ولا تقبل التجديد الا من قلم أجنبي حتى وأن كان هذا الاجنبي صعلوكا مأزوما, لان الانسان العربي من شدة الخنوع صار يعتقد بأنه غير قادر على التفكير والابداع اصلا وأن لا شيء فكري أو علمي أو ادبي الا يتأتى من قلم اجنبي, لكون الغرب يظنون أن العربي لا يحسن التفكير وهم من يفكرون بدلا منه .
وفي الدلالة التالية :
• (سألوني عن سهاد وعن علاقتي السياسيّة بها , وفي حينها اضطررت ُ لأن أقول لهم بأن علاقتي بها علاقة حبّ وأنا أنوي الزواج منها)ص49.
يركز الكاتب على العلاقة السياسية بينه و(سهاد) وينفي معرفتها أمام الشرطة ،وهذا النفي في محاولة منه للتملص من السجن . لذلك حاول الهروب منها .
وستوضح الدلالة التالية العلاقة بينهما:
• ( صارت سهاد صديقة حقيقية لي تعرفت ُ على أهلها على أبيها المثقف ..)ص51.
• (بقي موضوع علاقتي بسهاد شرخا اشعره في حياتي يتجسد قاسيا كلما لاحت لي ذكراها ) ص75:
وهذا سر المؤلف الدقيق الذي أراد أن يمرره خلال دكتور صادق بمقارنة وهمية غير منصفه، وهو قرار خطير سبب إنعطاف من ألم دفين رافقه حتى الساعة برفض زواجه من سهاد وتلك الحالة شيء طبيعي لاي شخص تسنح له فرصة بالعيش السعيد ويرفضها فسيظل طوال عمره نادم على ضياعها و ليس الكاتب وحده .
وستوضح الدلالة التالية:
• (لم تكمل سهاد عامها الدراسي ....سبقتها معلومة تشير الى الشروع بالقاء القبض على ابي سهاد ...لقد رحلوا في الليل الى بغداد )ص75
هنا يستذكر(الكاتب) سبب عدم زواجه منها وهو ماحل بعائلة سهاد ويستمر خط المعارضة بالعمل السلبي فوق محور التوليد ، يحاول القاص سرد اتجاهه السياسي تحت ذريعة معقولة وذلك من خلال رمزه الانساني المخلوط بين وهم وخيال ليجعل من حياته لغزا لسببين الاول ابقاء هذا السرمكتوماً، وعدم انعكاسه على شخصيته اجتماعيا لتخليص نفسه من الاشارة بالاصابع نحوه في عهد مترع بالفوضى السياسية والسبب الثاني فني فانه كروائي لايريد أن يتلبس الشخصية بشكل مرئي لكون تلك نقطة سلبية تحسب عليه.
وتنقلنا الدلالة التالية الى إهتمام وطني آخر للكاتب:
• (وعن القضية الفلسطينيّة بأسلوب قريب من أسلوب الشاعر محمود درويش)ص91
هنا انتقاله سياسية ووطنية عن الكفاح العربي بالارض السليبة وهذا هم لاينساه اي عربي .
وهذه الدلالة أيضاً:
• ( تعلمت من تجربة غاندي عظمة التواضع وقيمة السلام واللاعنف والمحبة والقيم الانسانية النبيلة )ص224
نمو وعي الكاتب أبان تخرجه من الكلية ووضوح توجهه العلماني باقباله على قراءة الكتب اليسارية وخاصة لغوركي وسارتر و صارسلوكه بالجامعة مثار شبهة له وندم لرضوخه لهواجسه بعدم اتباع طلب والد سهاد الجريء للزواج من ابنته سهاد الذي ينتمي لحزب يساري.
.وأما في هذه الدلالة:
• (انا افقد اخبار اهلي وهم يعيشون حربا طاحنة لم يسلم منها المدنيون )ص272
يسلط الكاتب الضوء على الحرب العراقية الايرانية ومالحق بالبصرة مدينته من خراب ودمار وتضحيات جسيمة بينما هو يكمل دراسته العليا في مصر وبالكاد يلتقط اخبار أهله هناك والقلق الذي ينتابه .
ج) الخلاص من الوهم ومسح الرموز الوهمية من محور التكوين عادل وسحر:
وسنتعقب ذلك في الدلالات التالية من داخل النص:
• (انا احاول كتابة الشعر ولي قطع منه تمنيت ان استمع لملاحظاتك حول محاولاتي فهل تسمح لي بجلب النماذج التي كتبتها)ص 89
في هذه الدلالة إعلان من الكاتب لدخول شخصية وهمية جديدة (عادل) وهو يقترب من الدكتورصادق عن طريق الشعر, الامر الذي جعل الدكتور صادق يحبه .
وفي الدلالة التالية :
• ( وقررت ُ أن أشجعه وأن أوفّر الفرص الملائمة له حتى لو كان حبيبا لك ! )ص92
يحاول د. صادق إستغلال عادل لمعرفة علاقته مع سحر عبر ما يكتبه من قصائد وجدانية يعتقد ان الغزل والوصف يغذي شغفه وحبه لـ(سحر) والاطلاع على ذاتها المكنونة وتفكيرها اكثر من هيامه بوجهها الطفولي هذا يعني ان الكاتب الذي اسقط مها بشخص سحر اراد ان يشبع روحه الوله بمد خياله المتعطش لحبيبته من خلال ما يكتبه عادل من شعر فيها .ولكنه اخفق لان عادل يكتب شعرا وطنيا وانسانيا..
لنرى ما تخفي تلك الدلالة بين سطورها:
• (فنظرت اليك من خلال قصائد زميلك عادل)ص113
تأكيد لإستغلال دكتور صادق لـ(عادل) وهويخاطب سحر بشكل وهمي ويوضح لها حبه من خلال وجودها في اشعار عادل وبدا يركز على الاوصاف الطفولية التي تعرف عليها بـ(مها )عندما كانوا اطفالا ويؤكد بان شيئا من وجهها جذبه اليها ويستمر بالمقارنات بين مها وسحر .
لنتعقب تلك الدلالة:
• (لا أدري , لكنني متأكد من أنه عميق الإدراك وإنه غير سطحي ويتعامل مع أشيائه بحرص ووعي ورؤية العارفين ... )ص135
يحاول الكاتب يلغي شخصية الدكتور صادق تقريبا ويحل محلها شخصية عادل لكونها قريبة من شخصية الكاتب نفسه وهذا لو حصل سيحدث انقلابا بسير محاور الرواية الاصلية .
لنتمعن في هذا الدلالة التالية:
• (ونما في اسم ٍ جديد لوجه ٍ آخر , المرآة تحدثني , تهمس لي , أعط ِ شيئا ً من روحك لعادل ؟ من عادل هذا ؟ وهل أكون معه كأبي سهاد معي , لكنني لست ُ على سفر)ص136
في تلك الدلالة اظن ان الكاتب قد قرر نزع شخصيته تماما ,ليرتدي شخصية عادل التي تشبهه جدا سلوكا ونفسا.وباستمرار هذه الدلالة يبقى المؤلف يتحدث عن نفسه خلال رمزه الجديد الذي يكون بقية من د.صادق....
ولو تفحصنا تلك الدلالة:
• (اتكون سحر امتدادا طبيعيا وحقيقيا لك يامها ؟)ص171
تساؤل فلسفي كبير يثير دهشة د. صادق قرين الكاتب عن طبيعة العلاقة من خلال الشبه الروحي بين مها وسحر وكلاهما من البصرة ومن عوائل غنية ومهاجرة والعلامة الفارقة الوجه الطفولي وحنطية اللون قادت تلك الدلالة الكاتب الى ظن مهم في الدلالة التالية:
• (يا مها , ما تخيّلتُه , أنها حين أعرف بأنها ابنتك , سأسألها عنك)ص183
في تلك الدلالة يعتقد صادق بان سحر مادامت من اصل بصري وهاجرت الى كركوك وهي من عائلة غنية فهذا يشكل عند صادق ظنا بانها ابنة مها ويامل ان يجد مها ويسالها عن نفسه واسمه لربما تتذكره وتظهر الحقيقة لهذا السبب يعيش في حيرة قاتلة. ....تظهر في الدلالة التالية:
• (الفضول هو الاجدر والاكثر تماسا مع واقع ماالت اليه الرحلة الغريبة من الطفولة حتى الوهم وانا اكثر قلقا واسى وكنت اتمنى ان يبقى الامر عالقا بالمجهول وان لايطرا مثل هذا الاحتمال على حياتي )ص191
بهذه الدلالة يكشف الكاتب اللعبة الوهمية التي ابتدعها وعاش فيها طفولة وشباب وكهولة, العيش بين وجوه وشخصيات وهمية لاتمت للواقع بصلة ماعدا الصلة الرمزية التي اختلقها بينه وبين الشخصيات واخذ هو محور المعارض وتلك الشخصيات اخذت محور التكوين ليعيش هو نفسه اي الكاتب في الوهم الذي تلعبه شخصياته وهو يراهم كاحداث مسرحية وينتقل من محور المعارضة نحو محور التكوين متى مااراد ليصحح مايجده خطا في شخصياته الوهمية ثم يعود الى تقنية التنقل السريع طالبا الخلاص من تلك اللعبة بهدوء لذلك يتمنى اولا التملص بتصريف سحر (بان تكون مها وربما سهاد والدكتور صادق يكون عادل).ويتوضح هذا الزعم بالدلالة إدناه:
• (هذه المرة فانا ساعود ممتلئا بك حتى لوكنت وهما )ص199
في هذه الدلالة يخاطب الدكتور صادق مها وهو مقتنع تماما بانها ام لسحر وتضاف لتلك القناعة قناعته بان عادل مناسبا لها .وهذا يشير لمعادلة في الإقتباس التالي: وترزخ القناعة في تلك الدلالة:
• ( تبتسم روحي لهذا الغناء السّري)ص 200
حين توصل الكاتب لمعادلة شعورية د. صادق = عادل ومها =سحر, واعتبرها غناء روح جريحة من الفقر والحرمان ثم انشغاله الذهني بحلم شائك . يبرز في هذه الدلالة:
• (يا مها , كنت ُأشدّ انفعالي , وأخفي ارتباكي , وأنا الرجل الوقور...)ص220
يحاول الدكتور صادق اللقاء بين سحر وعادل ليكمل مافكر فيه في الدلالات السابقة وهو استخدام سحر اداة وذريعة للوصول لمها ويحتدم الصراع الداخلي بين نفسه وواقعه ان يكون عاشقا في هذا العمر الذي يكون حيز نقد للوضع الاجتماعي . ويبرز قراره في الدلالة التالية:
• (اريده ان يفكر جديا قبل فوات الاوان بالاقتران بك عفوا بسحر كي يصنع معها حياة مستقلة ....عندها سادرك نهاية مطمئنة لهاجسي معك ) ص270
هنا اشارات واضحة على ميل الكاتب للحياد لاطفاء النيران كمعادل وجداني ونفسي وانساني لهواجسه . حيث اقترب محور المعارضة الهاديء من محور التكوين ليطفيء جذوة الصراع بعد تعرش الحزن في حياة عادل وسحر وتحطم حلم الكاتب بعد ابحار طويل لخمسين عاما وقناعته بان عمره الستيني لايناسب الاستمرا ر بالوهم ووجد ان الانشغال بعمله التربوي مناسبا جدا في خضم الواقع الجديد الذي تهوي اليه البلاد . في الدلالة التالية:
• (اما عادل فهو متيم بسحر يامها لاحظت هياج حزنه وهو يترقب الايام المتسارعة التي تمضي باتجاه الفراق )ص280
ظهرت عقلانية الكاتب بتعاطف دكتور صادق قرينه مع عادل ومشاركته قلقه بكل عنفوان وكانه يفقد مها للمرة الاخيرة وسيكون ابديا وباتا يشتركان في هاجس واحد .
• (فرصتي أولا ً في استقرار عادل , وهدأة روحي وكذلك كشف الحقيقة بهاجس سرّي , من الممكن أن لا تستدلّي عليه , لاسيّما وأنت قطعت سنوات ٍ طويلة ربما أنستك كلّ شيء عن المرحلة الابتدائية , هذا إذا افترضت ُ فعلا ً إنك أمّ لسحر)ص281
يريد الكاتب بهذه الدلالة للاشارة لاستقرار عادل مع سحر ليترك سحر له ويمسحها من وهمه وبزواج سحر تزول نقطة الارتكاز الانثوية الوهمية الاولى وهي مها على خط التكوين وبعدها نقطة الارتكاز الثانية ستمسح وهي عادل من خط التكوين ايضا . وهذا سر لايعرفه احد سوى المؤلف لكونه اشتغل تلك الاشتغالات بسردية عبقرية داخلية فوق خطي الصراع الدرامي ولم يجد ذكر فيها لعقدة واحدة واشتغل العمل بعقد كثيرة لايشعر فيها المتلقي .وبذلك وظف الكاتب معادلة نفسية للخلاص من هذا الوهم وتكون المعادلة على الشكل التالي:
المؤلف = صادق = عادل .مها = سحر =سهاد . وهذه الشخصيات جميعها افتراضية والواقعي فيها المؤلف فقط. وبهذه الدلالة تبدأ مساحة الحقيقة بالإشتغال ومسح الوهم من محور التكوين والمعارضة.....
د) الإستيقاظ من الوهم والعودة للواقع وللعائلة:
وسنتعقب الدلالات من داخل النص لإستقراء الأحداث:
وفي هذه الدلالة:
• (اسمها سلوى , هي أغنيتي الجديدة , التي جعلتني أتنفّس هواء ً نقيّا ً , ورافقتني , في أيّام المحنة في القاهرة , وكانت خير رفيق ....)ص276
في هذا الدلالة يثبت الكاتب عن لسان د. صادق حقيقة زوجته في الواقع الذي يعشه فقد اعترف بانها رفيقته في سنوات العمر والتي رافقته الشباب والدراسة العاليا في الماجستير والدكتوراه خارج البلد . ويؤكد هذا الإستيقاظ من الوهم بالدلالة التالية:
• (ما اعذب ان اخرج صباحا من بيتي لاتنفس هواء الوطن بكل مااوتيت من الاشتياق )ص295
هذا انفراج في حياة الكاتب وهو يخرج من بيته ليتنفس هواء الوطن ولم يشعر بذلك منذ أن تخرج من الجامعة وتعين استاذا في الكلية ووضعت الحرب اوزارها وتبدلت سلوكيات الناس وهي تعيش السلام وانتعاش حياة اسرته وشعر براحة كبيرة وسعادة اطمئنان لتبدل احوال العباد والبلاد وهو غارقاً في الوهم، أما الآن فهو يرى الحياة بوضوح تام . ويتأكد زوال الوهم تماماً في الدلالة التالية
• (ها أنت ذي تبتعدين ثانية , يا مها , وها هو الحلم , الوهم , السراب , الخدعة القدريّة الغريبة , ثانية يبزغ في سماء حياتي , غادرت ِ.... )ص302
تحققت المعادلة التالية:
المؤلف = صادق = عادل = الوهم .
مها = سحر = سهاد = وهم .
الواقع =المؤلف = سلوى = الاولاد .... ولم يبقى سوى الزوجة والأولاد وهو واقع حتمي يفرض اختفاء الوهم والرموز معا....
الواقع السردي:
• (سأخرج اليوم , أطوف بغداد , أركن سيارتي في أقرب نقطة ممكنة في ساحة الميدان , في قلب بغداد النابض محبة وغرابة وفوضى وعشقا , أرصد صور الخراب ....)ص307
• (.. أشعل شمعة جديدة من سنوات ولدي المحروس أحمد , سنجتمع أنا وهو وسلوى , حبيبتي التي ظلّت ْ تسجّل يومياتنا , بلغة ٍ بريئة ٍ , ومتعة ٍ دائمة ....)ص308
• (سأعود ُ مساء ً إلى بيتي , أشعل شمعة جديدة من سنوات ولدي المحروس أحمد , سنجتمع أنا وهو وسلوى , حبيبتي التي ظلّت ْ تسجّل يومياتنا , بلغة ٍ بريئة ٍ , ومتعة ٍ دائمة)ص308
في هذه الدلالات الثلاث يشرح المؤلف يوما واقعيا كاملا في تجواله بسيارته في بغداد بعد ان عاش 46 فصلا وهميا في داخل صندوق عقله وتطاول مستعينا بصبر ايوب والآن هو يحس بعائلته بشكل كامل. .
المستوى السلوكي:
وتتيح تلك الرؤية النقدية التحليل على مستوى السلوك النفسي للمتلقي والأديب والناقد، لكون الأدب هو سلوك إنساني وأخلاقي وثقافي, و حسب المفهوم السلوكي النفسي, وتطبيق النظرية في التحليل النقدي، بعناصرها الأساسية بالبحث عن جميع التساؤلات والإشكاليات والجدليات الاستفزازية، التي يرفعها الكاتب في عمله الأدبي
2. المدخل التقمصي (Duan & Hill, 1996):
تقوم نظرية الاستنتاج على مجال التقمص الوجداني، أي أن الإنسان يلاحظ سلوكه المادي مباشرة، ويربط سلوكه رمزيًا بحالته السيكولوجية الداخلية، أي بمشاعره وعواطفه، يصبح لسلوكه الإنساني معنى يصب بمفهوم الذات، فيتصل بالآخرين ويلاحظ سلوكهم المادي والإجراني بالمقارنة مع سلوكه فيعرف نوايا الجانب الآخر على أساس المقارنة بين السلوكين،
3. مدخل التوازي( التناص)
هذه رواية غرائبية قد تتناص مع مثيلاتها كجنس سردي وحسب النظرية الشكلانية ومصطلح النص الغائب والماثل لكن لو ماثلتها مع ساحة الروي العربي لا اجد لها تناصاً، لكونها تتحدث عن تجربة الكاتب وابداعاته الشخصية....(Alghaliby, 2021)
المستوى الديناميكي:
 الحبكة:
(مها) البطلة الوهمية التي يطالعنا وجهها بملامحه الطفولية التي سلبت قلب وعقل( صادق) الطفل البرىء ذي العشرة اعوام , الذي يعيش في فقر مدقع يتلصص ويحلم بالاقتراب من الطفلة المدللة تربية القصور العالية والمرتدية للملابس الزاهية , وفجاة يحصل الفقدان والفراق وتبقى مها تكبر وتكبر وتكبر في ذهن البطل خمسين عاما وكلما صادفه وجه يحمل نفس سمات البراءة تتحطم قيود الذاكرة لتتجه نحو طفولة احلامه ومشاعره الجياشة ليعود عاشقا حد الهوس بها بوجه شبيهتها (سحر), لذلك وجد الدكتور صادق في طالبته سحر ذات الوجه البريء والطباع الدافئة مبتغاه وراح يكابد ويعاني من جديد ويكلم نفسه بالبوح بما يمور في اعماقه كالشارد ذهنيا , من تشابه وجهها مع (مها) وهذا التشابه هيمن على (صادق) في حالة سيكولوجية حادة.

 عقدة الفوارق الاجتماعية والطبقية:
لعدم وجود عقدة فاصلة بين أحداث سلبية وإيجابية فقد أوجد الكاتب بديلا لهذه العقد بصدمة إجتماعية معروفة وهي التمايز الطبقي بين سكان المجتمع ولكون العمل هو عمل نفسي فصارت تلك العقدة صدمه لأنها تذكر الشخصية في عجزها النفسي عن تقبل الآخر اذا كان الفقر والغنى هما أعمدة الصدمة...انظر الاقتباس التالي :
• (وتعلو معه منازل الطابوق التي نراها قصورا ونرى أهلها أمراء , وفي طرفنا ينخفض الشارع , وتطفو بيوتنا أو بالأحرى أكواخنا المبنيّة من القصب والطين , ونعيش فيها نحن الفقراء المساكين الذين تجتاحهم الأحزان , وتلفّهم المآسي)ص39.
وفي كل مرة يعود المؤلف لعقدة الصدمة التي اختلقها كرمز ثابت يذكره دائما بالفوارق المادية في طبقات المجتمع وبفقره الذي منعه من مصارحة حبيبته (مها) بها .
كما في الاقتباس التالي:
 (كررت ُ زيارتي لقصركم المغلق , الذي بدا مهملا ً مهجورا ً , كنت ُ أمرّ على بابه , وأطل على المكان البائس الصغير , الذي كان بيتنا المتواضع يقع فيه , فأرى تلالا ً من حزن ٍ كأننا تركناها وراءنا بعد عودتنا الأولى للقرية)ص234
 الصدمة الدرامية و ثيمة العمل وسببيته هي الفقدان والفراق:
كما في الاقتباس التالي:
• (الذي حصل يا مها , قادني لإدراك حقيقة مهمة في حياتي هو أن الفقدان الذي بدأت ُ فيه رحلة الذات في وجدان العمر , هو العلامة الفارقة التي ميّزت حياتي ونحتت الحزن في ملامحي ...)ص304
التقنيات السردية:
لو أخذنا العمل من الجانب التقني نرى الكاتب يشتغل في العمل أشتغالات فورية وسريعة يرسمها بنقلات من حالة الى أخرى وتلك تقنيات جديدة تحسب للكاتب عبد الحر .
• تقنية تعويض الترجيع الخلفي:

(تأخّرتِ لأنك كنت في تلافيف الذاكرة)ص13
دلالة وضعها الكاتب كتقنية تذكر , تساعد المتلقي على عدم الخلط بين الاحداث الواقعية والخيالية التي يعيشها بطل الرواية وهنا تلبست النشوة مع زوجته الحقيقية مع نشوة زوجته المفترضة في الخيال( مها) وقرينتها .
• تقنية الربط بين العيش في الواقع المتخيل عند التذكر:
ابتكر الكاتب عبد الحر هذه التقنية السردية لنعيش فيها احداثا متخيلة وكأنها حقيقة ...
• تقنية الإنتقال الزمني في الزمكانية:
تقنية متكررة بإجادة رائعة , اجادة تامة لتقنية الانتقال الزمكانية من الماضي القريب للماضي البعيد بأسلوب سلس وشفاف دون ان يكون ومضة خلفية, لان الومضة الخلفية لا تخضع للتلاعب بالزمكانية.
• تقنية المنولوج الداخلي وتوظيف الإساطير:
هنا شيئا تقنيا مهما علينا ان نثبت اتجاهه التقني وهو تقنية المنولوج الداخلي الذي يوظفه المؤلف بوظيفتين على طول الرواية :
1- استرجاع ذكرياته مع من يحب ومن اهله
2- حياته في القرية وقصص المثولوجيا التي يومن بها قومه وترهبه احيانا...

• تقنية الاحالة الرومانسية المختلطة بسيكولوجيا الرغبة:
انفجرت مشاعر المؤلف الداخلية كالعاشق الذي سيلتقي حبيبته في اللقاء الاول, بسحر في اليوم الاول للعام الدراسي الجديد وهو باذخ في اطلالته الرسمية كأستاذ تربوي وتذكر تعلقه الغريب بمها في سنوات طفولته الاولى . وهذا برا دوكس سيكولوجي بين حقبتين من العمر متناقضتين في بودقة الحب بضغط اجتماعي بالبكاء تأثرا من الضغط الخارجي.
• التجربة السردية للكاتب منذر عبر الحر:
يبدو من هذا العمل المعقد سرديا والمتشابك فلسفيا ونفسيا ورمزيا ،إن منذر عبد الحر قلم كبير لا يستهان به وهو كاتب يعرف استخدام أدواته السردية بحرفية وإبداع منقطع النظير.
المستوى الأخلاقي:
الأخلاق الإنسانية هي صفة تكوينية ترتبط بتربية الإنسان وبيئته الاجتماعية، كيف إاذا كان أديباً، سيكثف حتماً تلك الصفة ويؤطرها بالالتزام الأدبي، فيلتزم بالكلمة المؤدبة التي لا تحمل تتطاولاً على الآخرين، فوقع الكلمة على الناس أشد من وقع الحسام، لذلك على الأديب أن يحترم القوانين والأعراف والأجناس, ولا يدخل نفسه وقلمه في متاهات تهين الكلمة الطيبة، فإنها أعظم الصدقات، يتوجب على الأديب عدم التعرض للمعتقدات والأديان والأجناس والمذاهب, ويكون بمنأى عن خدش الحياء والابتعاد عن كل فكر يزرع العداء والفرقة بين الناس، على الناقد بالبحث والتقصي عن خلفية النص الأخلاقية التي تلتزم بالأخلاق العامة للمنظومة الأخلاقية (Doctrine of Compensation) تحت مبدأ الالتزام الأخلاقي .



#هيثم_محسن_الجاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ومشروع الدولة العميقة
- وراء الاحداث : قراءة تحليلية للواقع السياسي في العراق
- الاعلام العراقي بين الاسفاف المحلي والاعلام الداعشي الجارف
- صمت يخبئ بركان ثورة متأخرة
- لعبة الاحباط القذرة
- باح / للعراق الديمقراطي الحر الموحد
- بول بريمر وبول سليمه وبول البعير ثلاثي الديمقراطية الامريكية ...
- اتركوا الشعب يحمي نفسه !!!
- المثقف قائدا ام مطلبيا آنيا بغياب الاهداف الكبرى
- مزاجية ادارة نقابة الصحفيين بالتعامل مع الصحفيين وحقوقهم خار ...
- تحطيم جبهة المواجهة لاسرائيل سيناريو امريكي اسرائيلي خبيث
- نقابة الصحفيين العراقيين وعملية هدم وتخريب الخطاب الاعلامي ف ...
- من يريد ستانات بالعراق ليسأل أمه عن أبيه !!!!
- ابعدوا الجيش عن معركتكم البغيضة
- من يحمي الوطن ؟...اهله !!!
- متى يكون الفرد مثقفا حقيقيا ؟
- االشعب يقدم منجزاته اضاحي قربانا لابن المرجعية
- بامكانك ان تعيش مثلي في قلق وخوف ؟!!!
- نكبة العراق بسذاجة الوعي الشعبي
- تعالوا نسحب الثقة من الشعب ؟!


المزيد.....




- الفنانة يسرا: فرحانة إني عملت -شقو- ودوري مليان شر (فيديو)
- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم محسن الجاسم - الفراق والفقدان في رواية (غناء سرّي) للروائي منذر عبد الحر