أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إدريس ولد القابلة - هل أضحى بوتين عبئًا على النخبة الروسية؟















المزيد.....

هل أضحى بوتين عبئًا على النخبة الروسية؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 7285 - 2022 / 6 / 20 - 07:34
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لا محالة أن الهشاشة المتزايدة لقيادة بوتين وتعثراتها ستجعل النخبة الروسية أكثر انقسامًا وأكثر استقلالية ربما ، ولو أن هذا لا يعني أن الانقلاب عليه وارد في جدول الأعمال.
ظهر واقع سياسي جديد في روسيا نتيجة الاضطرابات الداخلية التي سببتها الحرب ضد أوكرانيا. وهذه ليست نقطة التحول الوحيدة في نظام بوتين: فهناك أمثلة أخرى منها ضم شبه جزيرة القرم في 2014 وتسميم زعيم المعارضة "أليكسي نافالني" في 2020 (1). ويبدو أن نظام بوتين احتضن جملة من القرارات التاريخية في أحشائه سابقا وبدأ يتحرك على ضوئها بالتدريج كلما نضجت. وعلى النقيض من ذلك ، فاجأت الحرب المعلنة ضد أكرانيا النخب الروسية ، وزاد الطين بلة بعجز بوتين عن وضع نهاية سريعة ومنتصرة لها ساهم ، بشكل جذري، في تغيير طبيعة وآفاق صيرورة السياسات الروسية الداخلية.
-----------------------
(1) "أليكسي أناتولييفيتش نافالني"، محام وناشط سياسي روسي. منذ 2009، اكتسب شهرة في روسيا، كناقد للفساد، ومعارض للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهو زعيم حزب التحالف الشعبي. في 20 غشت 2020، وبينما كان يستقل طائرة من سيبيريا إلى موسكو، فقد وعيه واضطرت الطائرة للهبوط حيث نقل إلى مستشفى الطوارئ بمدينة "أومسك الروسية"، وتحدثت ناطقة باسمه عن شبهة تسمم تعرض لها. وأعلن مسؤول أميركي كبير أن "أجهزة الاستخبارات خلصت بثقة عالية إلى أن ضباطا في أجهزة الأمن الروسية استخدموا مادة سامة للأعصاب تعرف بـ "نوفيتشوك" لتسميم زعيم المعارضة الروسية.
-------------------------------

لأول مرة في عهده - الذي دام ربع قرن تقريبًا - اتخذ الرئيس قرارًا استراتيجيًا جذريًا بالكامل تقريبًا بمفرده. وبغض النظر عن مدى ولاء النخب الروسية ، وعن مدى استعدادهم لمشاركة منطق بوتين ، أو على الأقل للاستسلام له ، فإن هذا لا يغير حقيقة أن الحرب فرضت عليهم دون أي نقاش أو استعداد.
وبعد أن تلقت الصدمة، بدأت النخبة الروسية تدريجيًا في قبول الواقع الحال الجديد ، ومحاولة التكيف معه، والوعي بحتمية اليأس المطلق للوضع على صعيد الأمد الطويل. إن انتعاش دعم بوتين - الناجم جزئيًا عن الشعور بالظلم الحاد بفعل تعامل الغرب والضرر الحاصل للنظام المالي الروسي ، فسح المجال لليأس وعدم الفهم بشأن قدرة الدولة على العودة إلى المسار الصحيح. إن الطريقة التي تم بها اتخاذ القرار الجسيم حقًا - والذي استند على حسابات خاطئة وأخطاء في التقدير - لم تهز سلطة بوتين فحسب ؛ بل أثارت مخاوف عميقة ملحوظة حول كيفية تعامل الرئيس بوتين مستقبلا.
بإطلاق العنان للحرب ضد أكرانيا وعدم قدرته على الفوز بها في الأسابيع القليلة الأولى ووضع العالم أمام الأمر الواقع ، خيب بوتين آمال، سواء أولئك الذين رأوا أن هذه الحرب خطأ فادح أو أولئك الذين يعتقدون أن النظام لم يكن قاسياً أو حازماً بما فيه الكفاية. ويبدو أنه يوجد الآن إجماع غير معلن على الموقف مفاده إما كان يجب كسب الحرب على الفور باستخدام جميع الوسائل المتاحة ، أو عدم بدئها أصلا.
واليوم ، يبدو للكثيرين في دواليب السلطة أن بوتين قام بقضم ما لا يستطيع مضغه وبلعه ، ومن ثم لم يكن سديدا وحازمًا بما يكفي في رؤيته المهترئة. هكذا وجد الرئيس "بوتين" نفسه عالقا بين المطرقة والسندان من حيث لم يحتسب: إن إنهاء الحرب ليس خيارا - سيُنظر إليه على أنه هزيمة مفضوحة لروسيا- وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يحضر نفسه لإنهائها مرة واحدة وإلى الأبد.

هناك جدال حول مدى قدرة روسيا حقًا على إنهاء الحرب ، باستخدام الموارد المتاحة والقدرات العسكرية التي في حوزتها ، لكن وجب الأخذ في الحسبان الحالة النفسية والشعورية والمزاجية السائدة في صفوف النخبة ، وهذا من شأنه عدم تسهيل التضامن بين النخبة والرئيس، كما يساهم في تآكل قاعدة دعمه وهشاشتها بشكل متزايد.
علما أن احتمالات الانقلاب على "بوتين" منخفضة للغاية ولم يظهر أي مؤشر لها ، إن مشاعر عدم الجدوى واليأس تسير جنبًا إلى جنب مع حالة من الشلل السياسي في روسيا حاليا، فحتى من يفكر في نظرة بديلة للوضع (سواء لصالح السلام أو المزيد من الحرب) ، فإنهم يظلون عاجزين سياسيًا، لأن آليات اتخاذ إجراءات سياسية قد تم تدميرها في نظام "بوتين" السائد حاليا.

إن النخبة الروسية مشتتة، كل يخشى على مستقبله، ويعيش في خوف دائم من الإدانة والاتهام بالخيانة العظمى. وفي ظل هذا الوضع القاتم يظل " بوتين الضامن الوحيد للاستقرار" - على الرغم من اختفاء أي استقرار منذ فترة طويلة – وهذا لغياب آليات سياسية طبيعية لحل النزاعات في صفوف النخبة بروسيا.
فهناك جملة من المؤشرات تفيد أن روسيا، تحيى "وضعا ملغما كامنا"، فالأجهزة الأمنية - "سيلوفيكي" siloviki - - تخشى من انتقام الليبراليين. ويخشى "التكنوقراط الروس" موجة القمع الشرس. أما الشركات الكبرى، فتخشى إعادة "سوفييت"- the re-Sovietization- الاقتصاد. هذا في وقت، لا يزال الكثير من الروس يعتقدون أن "بوتين" وحده الآن القادر على حمايتهم من تلك المخاطر وتجنب الاضطرابات الاجتماعية أو الانقسامات الداخلية المدمرة.
لكل هذه الأسباب، يرى الكثير من المحللين، لا يمكن معالجة الشلل السياسي - الذي تعيشه اليوم روسيا – بالغضب المستطير الواسع، ولا بالعقوبات الغربية، ولا بافتعال أزمة مالية واقتصادية. ويذهب بعضهم إلى أبعد من هذا، إذ يعتقدون أن النتيجة المباشرة لهذه الإجراءات تمنع النخب ، التي تعتمد بشكل كبير على بوتين ، من الانخراط في السياسة فعليا.

إن تدهور القيادة السياسية للرئيس بوتين- أول ما تعنيه- تعني وجوب تغيير النخبة الروسية. إن سوء تقدير الرئيس للمخاطر التي تتعرض لها الصناعة والبنوك والطاقة الروسية ، وعدم الكفاءة في الشؤون المالية والاقتصادية - والتي تتكاثر بفعل انعدام الثقة في محيطه المقرب وفي الخبراء - قد يؤدي إلى قرارات متأخرة جدا وغير سليمة.
هناك أمر شبه أكيد اليوم، كاد أن يكون إجماع المحللين السياسيين والاقتصاديين عبر المعالم على القناعة القائلة بأن قيادة الدولة الروسية غير قادرة على التقييم المناسب والسديد لتداعيات الحرب وإدارة المخاطر بشكل فعال.

لقد خلق بوتين وضعاً لم يكن مستعداً له ولا يعرف اليوم كيفية التعامل معه ، في حين أن نظام القوة الروسي الذي بناه ، تم تشييده بطريقة تمنع صنع القرار أو اتخاذ قرارات فعالة بشكل جماعي ومتوازن.
في ظل كل هذه التحولات والمستجدات، يبدو أن النخب الروسية في حالة تخبط في سعيها لفهم وإدراك "طبيعة هذا الواقع الجديد". ويتطلب هذا التحول بعض الوقت، وذات الوقت إن الهشاشة المتزايدة لقيادة بوتين ستؤدي إلى زيادة الصراعات بين النخب ، مما سيساعدها لامحالة لتكون أكثر حزماً وإلحاحا في الدفاع عن مصالحها.

لكن ستظل هناك معضلة :
في هذا الوقت يتوجب على النظام الروسي القائم تعلم كيفية البقاء، بينما يتلاشى زعيمه القوي بفعل قراراته. وقد تم تطهير الساحة السياسية ، وأصبحت إمكانية البحث عن بديل "بوتين" تكاد تكون من المحرمات.
عموما يبدو أن الطريقة لمنع المجتمع الروسي من الانزلاق إلى الاضطرابات في خضم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، هو البحث عن وسائل لتقليل دور "بوتين" في صنع القرار على مستوى الدولة مع ضمان استمراره حاليا على الأقل.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الصفحة البيضاء: الإنكار الحديث للطبيعة البشرية -
- -أغرب الناس في العالم: كيف أصبح الغرب غريبًا نفسيًا ومزدهرًا ...
- الهجمات الإلكترونية الروسية
- الوضعية الاقتصادية بالمغرب لسنة 2021 حسب الجهات الرسمية
- شركة ناشئة تسعى إلى الاستيطان بأذنك لمراقبة دماغك باستمرار
- نزاع بين الدولة المغربية وشركة -بلاتينيوم باور - - Platinium ...
- هل ستهدد -Horizon Worlds- خصوصية معلوماتك وأمانك على شبكة ال ...
- ما هو -Doomscrolling - وكيف يؤثر على صحتك النفسية؟
- مستقبل القنب – الحشيش : أمريكا نموذجا
- الإسلام في إفريقيا
- عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي والخطة الجيوستراتيجية للح ...
- عوائق السياسة الخارجية الأوروبية في الركح الجيوسياسي
- عودة روسيا إلى الركح العالمي 2
- عودة روسيا إلى الركح العالمي 1
- استراتيجية روسيا لتوسيع نفوذها في إفريقيا
- إفريقيا والاعتداء الروسي على أوكرانيا :عواقب وعبر وتداعيات ا ...
- أثر وباء كوقيد 19 على الصحة العقلية الآن بعد أن انتهى
- روسيا صفعت العالم على حين غرة
- أمية رغم الشواهد وقلة الصحة العمومية
- آفاق مجهولة: الأحزاب الإسلامية في العالم العربي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إدريس ولد القابلة - هل أضحى بوتين عبئًا على النخبة الروسية؟