أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سليمان - في العلم العراقي وبعض الخبرة من التجربة النازية














المزيد.....

في العلم العراقي وبعض الخبرة من التجربة النازية


خالد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 08:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما اختار النازيون عام 1935صليباً معقوفاً كعلم لألمانيا، كان قد مر على وصولهم إلى السلطة عامان. أما قبل التاريخ ذاك، وفي عام 1933 تحديداً، فكانوا قد شاطروا الملكيين في إعادة ألوان علم الألمان الإمبريالي وهي (الأسود والأبيض والأحمر) إلى علم الرايخ الثالث، وألغوا بالتالي اللون الذهبي الذي وضع في أسفل العلم عام 1848 إذ صادق عليه برلمان فرانكفورت حينها. وحذف هذا اللون في العلم ذاته أثناء حكم الإمبراطورية الألمانية (1871 ـ 1918) وأصبح الأبيض بدل الذهبي لوناً قومياً، ولا ننسى الأسود والأحمر بالطبع . لقد أعاد النازيون الألوان الإمبريالية أثناء الفترة الأولى من حكمهم في سياق تاريخ العلم والتغيرات التي طرأت عليه منذ إعتماده في تاريخ ألمانيا، أما في 15 أيلول 1935، أي الفترة الثانية من الرايخ الثالث فقد وضعوا علم الحزب المتمثل بصليب معقوف محل العلم الألماني وأغلقوا الباب أمام جميع تلك النقاشات التي كانت تتعلق بعلم البلاد.
كانت البداية النازية تلك، نهاية الحياة الدستورية والبرلمانية في ألمانيا إذ أصبحت للهتلريين فيها أدوار شمولية في جميع الميادين السياسية والإقتصادية والتشريعية والإجتماعية والثقافية. وما ان اصبحت الألوان ذاتها فضاءاً ليٌناً لـ"عقفة" الصليب والسياسة معاً، وتلويحة لمشروع التجريد من الحقوق دون أية فكرة أُخرى، اعتمدت أيادي "الشرّ المبتذل" ليس القتل المجاني فحسب، بل القتل التوظيفي "الروتيني"، وصار الإفناء مُسكّناً لأية ظاهرة إجتماعية خارج أغصان "المجتمع المُراد" نازياً. لكن مع نهاية الحرب الكونية الثانية وسقوط النازية عاد السجال حول العلم الألماني إلى المشهد السياسي، ولكن ليس إلى الأوساط الألمانية الغارقة في آثار سياسة هتلر والحرب، بل إلى أوساط التحالف الدولي أو "قوات الإحتلال" التي اخذت المسؤولية القانونية والإدارية للبلاد على عاتقها.
لم تكن أمام قوات الإحتلال خيارات كثيرة لإيجاد الحلول، بل اقتصرت الخيارات على وضع "ملوّحة" مكونة من الأزرق والأبيض والأحمر، وهي في كل الأحوال لم تكن إلاّ علامة مرور كانت ترمز إلى الحالة الإستثنائية التي مرّت فيها ألمانيا بعد النازية.
لا يحمل العلم العراقي منذ إعتماده عام 1921 هذا القدر الكبير من التحولات والسجالات حول طبيعته وألوانه وتراكيبه المغايرة والمتنوعة قليلاً . ذلك ان عَلَمَيْ العراق الأول والثاني، لم يرمزا سوى إلى معان بسيطة وواضحة في ذات الوقت . فالأول الذي أُعلن عنه عام 1921 مع تشكيل الدولة العراقية كان يتكون من ثلاثة ألوان: الاسود والاحمر والابيض مع نجمتين سباعيتين ترمزان إلى عدد المحافظات الاربع عشرة التي تكونت منها الدولة. اما العلم الثاني الذي صممه النحات العراقي البارز "جواد سليم" فأُعلن عنه بعد الإطاحة بالنظام الملكي واعلان الجمهورية العراقية في 14 تموز (يوليو) عام 1958 وكان يتألف من ثلاثة الوان هي: الابيض والاسود والاحمر تتوسطه النجمة الثمانية الاسلامية، وهناك في وسطها لون يرمز إلى الحقول الزراعية. وكان هذا العلم الثاني نتيجة توافق سياسي بين الأحزاب العراقية التي كانت تشكل جبهة الاتحاد الوطني وقتئذ وهي: الحزب الوطني الديموقراطي، وحزب الاستقلال، والحزب الشيوعي العراقي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، والحزب الديموقراطي الكردستاني.
ولكن، وبعد وصول البعثيين إلى السلطة من خلال نظريتهم الإنقلابية عام 1963، أُفقد العلم ذاته معانيه واصبح بالتالي لوحة لترميز العنف والسياسة القومية. ذلك انهم، أي البعثيين، اختاروا علماً ثالثاً يتألف من الالوان الابيض والاسود والاحمر تتوسطه ثلاث نجمات ترمز إلى دول العراق ومصر وسورية التي اعلنت الوحدة فيما بينها في 17 نيسان في ذات العام . وفي عام 1991 اضاف صدام حسين لهذا العلم عبارة (الله اكبر)، بخط يده مرة، وبخط الكوفة مرة أُخرى، ليصبح العلم الرابع للدولة العراقية الحديثة.
ما يفيد هنا هو التشابه العنفي بين النازيين والبعثيين في إحتكار جميع الآليات الدستورية والقانونية ووضع رموزهم على العلم وغيره من المعالم الوطنية دون العودة إلى الهيئات التشريعية.
لقد غدت السيادة الألمانية على علم "ملوَّح" إستخلاصاً لنهاية السجال على يد هتلر، أما السيادة العراقية على علمها المستخلص من آيديولوجيا البعث، فلم تغد بعد واضحة المعالم . والإستنتاج الأوضح في هذه الإشكالية التي هي جزء من التخبط العراقي ـ العراقي، سياسيٌ بالدرجة الأُولى وزمنيٌ بالدرجة الثانية ودوليٌ بالدرجة الثالثة والرابعة. فالهيجان الوطني على الرمز وإن كان بعثياً، والذي طالما بقي مُحرضاً للطاقة العنفية، لم يستمر في حياة العراقيين فحسب بل أصبح واجهة مُحَمَّلة بالوطنية المتضخمة وبالأصالة العرقية واللغوية والثقافية. اما البعد الزمني في الإشكالية ذاتها فيتمثل في طول الفترة التي حكم فيها البعث وإستحالة محو آثاره في فترة قياسية، أما آثار النازية المرّة، فتم تخطيها من خلال معالجات "تقنية" أحياناً، كما بدا في وضع علم "مُلَوَّح" رمزاً للبلاد بعد سقوط "الهتلرية". ويرجع السبب في الأمر ذاك، كما أرى، إلى قصر فترة حكم هتلر إذ إقتصر على عقد واحد عملياً ولم تنشأ بالتالي أجيال نازية في تلك الفترة، ولا ننسى هنا الدور الذي أداه المجتمع الدولي في إيجاد الحلول لألمانيا ما بعد النازية، حيث سارعت الدول المنتصرة في الحرب إلى إخراج ألمانيا من حُفر هتلر إقتصادياً وسياسياً. أما في العراق فنشأت أجيال بعثية وآثار وأعلام (نسبة إلى العلم العراقي الوحيد) وثقافة نحتاج دهراً لإصلاحها، وكما يقول المفكر الإيطالي الراحل غرامشي: القديم يحتضر والجديد لم يولد بعد، وبينهما إشكاليات غاية في التعقيد.



#خالد_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع الأنفال...من الماسآة ألى التوتر النفسي
- عهد الضحية الدائم ...كشف الماضي يقتضي تحرير الذات من المراقب ...
- غانيات كأس العالم
- كتاب صدام حسين الأسود - بورتريه واحد للدولة والرئيس والعائلة ...
- كندا الفرنسية بين أيدي جيلها الجديد
- هارولد بنتر ...من الغضب إلى الإرتجال الكتابي
- الديجيتال كمواطن مخلّص لأمن العالم
- عن الحشرات والصمت ...وجثة مجهولة
- في وصف العنصرية على الشاشة الصغيرة
- الموت في سيارات طويلة بلا نوافذ
- عن المفكر الراحل هادي العلوي - بورتريه تختلف لرجل استعاد لذا ...
- القومية ...تقاسيم على ذاكرة مشتعلة
- ثقافتنا وجثث العراق
- تعليق كُردي على نقاش عربي - الفيدرالية توقظ العروبة من سباته ...
- لكن لماذا لا يكون - عراق جديد- في كُردستان
- الأخطاء ، عندما ترتكب باسم القومية
- صَهيَنَةُ الكُرد ...لماذا؟
- لماذا لا يصدّق المثقفون العرب ماساة الجارالكردي؟
- ليلة دفنوا الأكراد...إعترافات حفّار
- مقبرة الفوانيس لشيركو بيكه س : عندما تشترط المأساة على اللغة ...


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد سليمان - في العلم العراقي وبعض الخبرة من التجربة النازية