أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية في الميزان















المزيد.....

الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية في الميزان


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7274 - 2022 / 6 / 9 - 14:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


بينما نجحت الحكومة الإسرائيلية بتمرير قانون حظر رفع العلم الفلسطيني بالمؤسسات الرسمية في إسرائيل، الأسبوع الماضي، فشلت، الإثنين الماضي، في تمرير تجديد قانون مؤقت يجري تمديده على مدار أكثر من 55 عاماً، "أنظمة الطوارئ: يهودا والسامرة - الحكم في الجرائم والمساعدة القضائية". ورغم أهمية هذا التشريع بالنسبة لإسرائيل، ونيله دعم الغالبية العظمى من أعضاء الكنيست، فجميع اليمينيين يدعمونه دون استثناء، ونال دعم الحكومات اليمينية واليسارية على مدار كل تلك السنوات الماضية، إلا أن المعارضة اليمينية في الكنيست تستخدمه حالياً لإحراج الحكومة الائتلافية في سبيل إسقاطها. ويعد هذا التشريع واحداً من بين التشريعات الإستراتيجية التي تعمل على تحقيق أهداف إسرائيل بإحكام تمددها وسيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية على المدى الطويل.

تأخذ المعارضة اليمينية في الكنيست على عاتقها التصدي لكل تشريع مهم تطرحه الحكومة الحالية بهدف إحراجها، وهو مشهد متكرر، وتتشابه نتائجه كذلك مع إعادة الأمور السياسية إلى نصابها بعد ذلك. وليس هناك أي خطر على مستقبل تمديد سريان هذا التشريع، حيث سيتم التصويت عليه مرة أخرى، الأحد القادم. ويذكرنا ذلك بما حدث لتمديد العمل بـ"قانون المواطنة"، في مستهل استلام الحكومة الحالية لمهامها، حيث واجهت خلالها الحكومة الحالية أولى هزائمها، بعد أن أحبطت الأحزاب اليمينية تمديد العمل به، عاد واجتاز مشروع القانون القراءة الأولى بالكنيست في شباط الماضي، بعد أن تأجل إقراره عدة أشهر، حيث تبنت الحكومة خلالها عدة إجراءات لضمان سريانه بقرارات تنفيذية. وتبحث دوائر صنع القرار اليوم في إسرائيل في مخارج تنفيذية لضمان سريان أحكام قانون "أنظمة الطوارئ" في حال تأخر إقرار تمديد العمل به، نتيجة الأزمة الحالية.

تكشف الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية الحالية عن قانون طوارئ مؤقت، جرى العمل به منذ العام 1967، يعد غاية في الأهمية لتفسير سياسة إسرائيل كدولة احتلال في تحقيق أهدافها بعيدة المدى في الأراضي الفلسطينية، كما تلقي نظرة على طبيعة الصراعات السياسية الداخلية القائمة في إسرائيل اليوم.

تعود أهمية قانون "أنظمة الطوارئ"، الذي ظهر لأول مرة بعد احتلال الأراضي الفلسطينية مباشرة، ويجري تجديده كل خمس سنوات، وينتهي العمل به نهاية الشهر الجاري، في أنه يضمن تطبيق الحكم الجنائي الإسرائيلي و17 قانوناً إضافياً، تزايدت تدريجياً عبر السنوات الماضية، على الأراضي الفلسطينية المحتلة للعام 1967، وعلى المستوطنين الذين يستوطنونها، أي أن التشريع باختصار يمنح السيادة لإسرائيل على الأراضي المحتلة وعلى المستوطنين القاطنين فيها، عبر هذا التشريع المؤقت طوال سنوات الاحتلال الماضية. وتضمن تلك القوانين الإضافية على القانون الجنائي تبعية المستوطنين السياسية والانتخابية والنقابية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وكل ما يتعلق بحياة المستوطنين للقوانين في إسرائيل. وخلق ذلك التشريع على ذات الأرض المحتلة منظومتين قانونيتين مختلفتين، تطبق إحداها على المستوطنين اليهود، بينما تطبق الثانية على الفلسطينيين، في تجسيد صارخ لأحد مظاهر سياسات الفصل العنصري، التي تنكرها إسرائيل.

كشف هذا التشريع، الذي وضعته إسرائيل منذ عقود، عن أهدافها بعيدة المدى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي يتفق عليها اليمين واليسار في إسرائيل، وتفسر توافق سياساتها تجاهها، ويعد الاستيطان أكبر مثال على ذلك. كما يعد هذا التشريع المتفق على تمريره عبر الحكومات اليمينية واليسارية المختلفة أحد أدوات تحقيق تلك الأهداف المتفق عليها في إسرائيل. ولم يخرج مخطط الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة، الذي طرحه نتنياهو في "صفقة القرن"، التي تبناها الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" العام 2020، عن التطورات المرسومة لمثل هذه الأهداف. وافترض التشريع الذي وضعت بذرته منذ العام 1967 أن الضفة الغربية ستكون مكاناً لإقامة المستوطنين اليهود مستقبلاً، رغم عدم وجود مستوطنين أو مستوطنات يهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ذلك الوقت. وكشف هذا القانون عن إحدى أدوات الاحتلال في تجسيد السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية المحتلة، في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي الخاصة بالاحتلال، والتي تعطي الدولة المحتلة السلطة بحكم الأمر الواقع دون حصولها على السيادة، التي تتحقق بتطبيق قوانين دولة الاحتلال على تلك المناطق، بدل القواعد العسكرية للاحتلال.

تطور هذا التشريع عبر السنوات لينسجم مع التطورات التي حدثت على الأرض، فبينما استثنى المستوطنين اليهود من تطبيق الأحكام العسكرية، إسوة بالسكان الفلسطينيين الرازحين تحت سلطة الاحتلال، عاد واستثنى الأراضي المحتلة التي يقيم عليها المستوطنون نهاية السبعينيات من القرن الماضي، ليمدد تطبيقه على المجالس المحلية والإقليمية، وذلك بمنحها المزايا والميزانيات، مثلها مثل البلدات والمدن داخل إسرائيل. أي أن التشريع بات يستثني المستوطنين والمستوطنات أيضاً من قوانين الاحتلال العسكرية، ويمنح السيادة للمستوطنين في المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة. وفي تعديل آخر على التشريع، تزامن مع توقيع اتفاق أوسلو، وجاء لينسجم تطبيقه مع تقسيمات الاتفاق الإدارية، اعتبر التعديل أن أراضي الضفة الغربية مقسمة لساحتين، الأولى تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال بشكل كامل، وهي التي تشكل معظم أراضي الضفة الغربية، ويخضعها القانون لنطاقه، فتسري عليها قوانين إسرائيل وعلى سكانها من الإسرائيليين واليهود، بينما يبقي القانون السكان الفلسطينيين المقيمين في تلك الأرض خاضعين لسلطة الحكم العسكري، بينما تخضع الساحة الثانية، والتي تضم المدن والقرى الفلسطينية المكتظة بالسكان لإدارة السلطة الفلسطينية، وضمن الاعتبارات القانونية التي وضعها اتفاق أوسلو. منح هذا القانون المستوطنين اليهود التبعية القانونية للقوانين والتشريعات في إسرائيل، حيث يعاملون كمواطنين إسرائيليين، كما اعتبرت الأراضي المحتلة التي يقيم عليها المستوطنون، بأنها أراض تابعة لإسرائيل، بينما بقي السكان الفلسطينيون يرزحون تحت قواعد وقرارات الحكم العسكري والمعطيات التي رسختها اتفاقية أوسلو في الضفة الغربية المحتلة. كما منح المستوطنون وفق ذلك التشريع حرية الحركة في الضفة الغربية، ضمن اعتبارات الحماية على حياتهم، بينما حرم الفلسطينيون من حرية الحركة، والتي باتت مشروطة بالحصول على تصاريح تسمح لهم بالوصول إلى مناطق المستوطنات.

في إطار الصراعات السياسية في الكنيست، يستغل نتنياهو أي ثغرة تظهر لتقويض مكانة الحكومة الحالية، وهو ما يتضح خلال هذه الفترة، حيث يستخدم تشريعاً مهماً مثل قانون "أنظمة الطوارئ" المؤقت سابق الذكر لتحقيق أهدافه. ويعاني الائتلاف الحالي من عدم تحصيله للأغلبية البرلمانية، الممثلة بـ 61 مقعداً من 120، والتي فقدها بعد انسحاب عضوة الكنيست عيديت سيلمان عن حزب يمينا من الائتلاف الحكومي منذ عدة أسابيع، تاركة الحكومة بوضع متعادل مع المعارضة، الأمر الذي يعني عدم قدرتها على تمرير أي مشروع قانون لا ترغب المعارضة بتمريره. ويعكس التصويت على هذا التشريع الحساس مدى صعوبة البقاء التي تعاني منها الحكومة الحالية، بعد أن سقط مشروع القانون الذي تدعمه بـ 58 صوتاً للمعارضة اليمينية مقابل 52 صوتاً لها. ورغم أن هذا التشريع سيمر في النهاية، كما مر سابقوه، والتي تتعلق بإستراتيجيات حساسة تتعلق بمستقبل إسرائيل، إلا أن الحكومة الحالية هي من تعاني. فقد خرجت إحدى الكتل الثماني البرلمانية المشاركة في الائتلاف كاملة خارج حسبة التصويت على تجديد العمل بتشريع الطوارئ سابق الذكر، بالإضافة إلى تصويت عضو الكنيست العربية غيداء الريناوي عن حزب ميرتس ضد تجديد العمل بالتشريع، كما لم يشارك عدد آخر من النواب في الائتلاف الحاكم بالتصويت، الأمر الذي يشير إلى فقدان الحلف الحاكم قدرته على السيطرة على أعضائه بشكل متتابع. ويبدو أن الأمور ستكون أصعب في الأيام القادمة، خصوصاً أن إقرار الميزانية السنوية يحتاج لموافقة 61 عضواً من أعضاء الكنيست، وكان إقرار الميزانية منذ العام 2018 السبب في الذهاب لأربعة انتخابات متتالية خلال الأعوام القليلة الماضية، إلى أن تم إقرارها العام الماضي، على يد الحكومة الحالية. وهناك معضلة ثالثة تطارد أيضاً هذه الحكومة وتتمثل في ارتفاع شعبية كتلة المعارضة بقيادة نتنياهو في استطلاعات الرأي الأخيرة مقارنة بشعبية التكتل الحكومي الحالي، الأمر الذي يفسر رغبة نتنياهو في الذهاب لانتخابات برلمانية جديدة، رغم أن تلك الاستطلاعات لا ترجح حصوله على 61 مقعداً اللازمة لتشكيل الحكومة.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو وحدود التفاهمات الروسية الت ...
- هل ستتغير معادلة الصراع في سوريا؟
- استشهاد شرين وتحديات الواقع
- هل ضاعت فرص التوصل لاتفاق نووي؟
- إسرائيل وحرب جديدة على غزة
- لا مكان للضعفاء في هذا العالم
- ثمن الاحتلال
- هل يأتي تطور العلاقات التركية الإسرائيلية على حساب الفلسطيني ...
- المرتزقة: وجه آخر لقيم الديمقراطية والعدالة الغربية
- فلسطين ما بين تعسف منظومة الاحتلال وتناقض سياسات الغرب
- إنه العالم المتعدد الأقطاب يا سادة
- الأزمة الروسية الأوكرانية: تركيا بين حليفين
- الأزمة الروسية الأوكرانية من منظور آخر
- عن تطورات الأزمة الروسية الأوكراني
- الفلسطينيون ومحاولات إسرائيل لاختراق الاتحاد الأفريقي
- باتجاه مزيدٍ من التحولات: تقرير «أمنستي» وخطوة جديدة
- الأزمة الروسية - الأوكرانية إلى أين؟
- اتفاق نووي يلوح في الأفق
- وثائق إسرائيلية جديدة تبلور مقاربة مختلفة حول النكبة
- أميركا والفلسطينيون وعام جديد


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية في الميزان