أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سنية الحسيني - هل ستتغير معادلة الصراع في سوريا؟















المزيد.....

هل ستتغير معادلة الصراع في سوريا؟


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7260 - 2022 / 5 / 26 - 11:48
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


خلال الأسبوعين الماضيين شهدت الساحة السورية تطورات عسكرية ميدانية مهمة، يصعب فصلها عن تطورات المشهد السياسي العام للحرب الروسية الأوكرانية. جاءت تلك التطورات لتلحق بتطورات سبقتها بأيام تتعلق بتوتر في العلاقات الروسية الإسرائيلية في أطار الحرب الدائرة في أوكرانيا. ويبدو أنه لابد من العودة قليلاً إلى الوراء، لتفسير طبيعة هذه التطورات في الساحة السورية، في محاولة لقراءة مستقبل العلاقات الروسية الإسرائيلية فيها.

شهدت الساحة السورية تطورات عسكرية ميدانية مهمة خلال الأسبوعين الماضيين، بدأت باستهداف صاروخ من طراز "اس 300" لطائرة إسرائيلية مغيرة، أثناء عودتها من قصف أهداف إيرانية بالقرب من مدينة مصياف شمال سوريا. ورغم عدم التأكد من الجهة التي أطلقت هذا الصاروخ المتقدم، اذ اعتبرت جهات بأنه قد يكون سوري المصدر، الأمر الذي يعني بأن ذلك جاء بترتيب مع القيادة الروسية في البلاد، لتحكمها بعمل هذه المنظومة المتطورة، أو أنه قد يكون قد أطلق من قبل قوات إيرانية، خصوصاً وأن إيران تمتلك نظاماً صاروخياً هجيناً، يحمل هذا النوع من الصورايخ أيضاً، الا أن ذلك يعد تطوراً ميدانياً مهماً يصعب تجاهله. وتصدت الدفاعات الجوية السورية الأسبوع الماضي لعدد من الصورايخ التي أطلقتها إسرائيل في سماء دمشق، لاستهداف مواقع إيرانية، مسقطة عدداً غير قليل منها، في تطور دفاعي ملحوظ، خصوصاً في ظل عدد الصورايخ الإسرائيلية التي تم تحييدها. يأتي ذلك التطور على الرغم من وجود تفاهمات عسكرية ميدانية روسية إسرائيلية، بدأت منذ عام 2015، مع بداية التواجد العسكري الروسي في سوريا، ووجود خط ساخن مفتوح بين البلدين منذ نهاية ذلك العام لضبط التوترات الميدانية على الأرض. وكان لذلك التنسيق الأمني بين البلدين دور مهم في تجاوز العديد من الأزمات، في بلد تعددت فيه الجهات العسكرية الفاعلة والمتصارعة. كما جاء ذلك التطور على الرغم من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع اشتعال الشرارة الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، بنيته الحفاظ على التنسيق الأمني مع إسرائيل في سوريا، حتى وإن اختلفت توجهات البلدين في الحرب الاوكرانية، على اعتبار أن إسرائيل حليف مقرب من الولايات المتحدة والقوى الغربية.

من الصعب فصل التطورات العسكرية الميدانية السابقة في سوريا عن الاضطراب الاخيرة للعلاقات بين روسيا وإسرائيل، في إطار مشهد الحرب الروسية الأوكرانية، خصوصاً وأن ذلك يعيد إلى الذاكرة اضطرابات سابقة مشابهة بين البلدين. فقد شهدت العلاقات الروسية الأوكرانية مطلع الشهر الجاري توتراً بعد تصريحات أدلى بها سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي ضد إسرائيل، والتي جاءت بعد أن كشف اللثام عن موقف إسرائيل الحقيقي الداعم للتحالف الأميركي الغربي ضد روسيا في الحرب الروسية الأوكرانية، والذي حاول نفتالي بينت رئيس الوزراء الإسرائيلي مواراته طوال أشهر الحرب الماضية، مبيناً أن بلاده تقف على الحياد. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد اتهمت مرتزقة إسرائيليين بالقتال في كتيبة آزوف المتطرفة ضد روسيا، ووجود خبراء من الموساد يعملون إلى جانب القوات العسكرية الأوكرانية، بالإضافة إلى مشاركة إسرائيل في الاجتماع الذي دعت اليه الولايات المتحدة في قاعدة عسكرية لها في المانيا، مع عدد من حلفائها من داخل الناتو وخارجه، لتنسيق الجهود في دعم أوكرانيا عسكرياً. وعلى الرغم من محاولات بوتين امتصاص الازمة بين البلدين، باجرائه اتصالات مع رئيس الوزراء ورئيس الدولة في إسرائيل لتهنئتهما باعياد النصر على النازية، الا أن التصريحات الهجومية النارية بقيت مشتعلة بين البلدين، وهو الأمر الذي وصل إلى حد استدعاء السفراء في أكثر من مناسبة. ويبدو أن طول أمد الأزمة الروسية الأوكرانية، اضطر إسرائيل للكشف أخيراً عن مواقفها الداعمة للتوجه الغربي، والذي يبدو أنه سيعكس موقفها من الآن فصاعداً.

مرت العلاقات الروسية الإسرائيلية في العام 2008 بأزمة مشابه للأزمة الروسية الأوكرانية اليوم، حيث دعمت إسرائيل جورجيا عسكرياً خلال الحرب الروسية مع جورجيا، وهددت روسيا إسرائيل بالمقابل بأنها ستقوم بدعم سوريا وإيران عسكرياً. وتعتبر إسرائيل من أهم الدول المصدرة للسلاح والتكنولوجيا الأمنية لدول الاتحاد السوفيتي السابق، بما فيها جورجيا وأوكرانيا. وأدى ذلك الموقف الروسي إلى تراجع إسرائيلي عن دعم جورجيا في تلك الحرب، ووضع تفاهمات بين البلدين في إطار العلاقة بينهما، انعكست نتائجها في زيارة أيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي وشمعون بيريس رئيس الدولة في حينه إلى موسكو، وتوقيع اتفاقية لالغاء التأشيرة بين البلدين في نفس العام، وتحسن العلاقات العسكرية بينهما مطلع العام التالي، واستعادة روسيا لموقع أثري ديني في القدس عام 2010، كما جمدت روسيا صفقة أسلحة متطورة مع إيران في ذات العام. شكلت هذه التفاهمات أساساً لعلاقة البلدين بعد ذلك في إطار هذا الملف، حيث تجنبت حكومة بنيامين نتنياهو انتقاد روسيا عندما سيطرت على شبة جزيرة القرم عام 2014، في تناقض مع موقف الولايات المتحدة، حليفتها الاستراتيجية، والدول الأوروبية الصديقة، وأوقفت إسرائيل في ذلك العام تزويد أوكرانيا بالطائرات المسيرة. وكانت حكومة بنيامين نتنياهو قد اعتبرت أن الاقتراب من روسيا ضرورة أمنية في ذلك الوقت، في ظل توجهات إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط. وكانت تلك التفاهمات المفتاح الذي سير علاقة البلدين في سوريا، بعد التدخل العسكري الروسي فيها نهاية العام 2015، حيث تعاملت إسرائيل مع تحدي مزدوج تمثل في عدم الرغبة في الاحتكاك مع الروس في سوريا، وفي نفس الوقت مواجهة التمدد الإيراني فيها.

لا تعتبر العلاقات الروسية الإسرائيلية علاقات إستراتيجية أو علاقة حلفاء، الا أنها علاقات مضبوطة ومحكومة بتحقيق المصالح ومرسومة وفق تفاهمات. فعلى الرغم من توجه روسيا بالاقتراب من الغرب، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واستعادة العلاقات الروسية الإسرائيلية الرسمية السياسية والدبلوماسية في العام 1991، الا أن تلك العلاقات بقيت في إطار السياسة البراغماتية الهادفة إلى العودة إلى الشرق الأوسط ونسج علاقات مع جميع دول المنطقة، وهو الأمر الذي تبلور بوضوح مع وصول بوتين إلى سدة حكم روسيا مطلع الالفية الجديدة. ركزت روسيا في علاقاتها مع إسرائيل على نسج علاقات اقتصادية وعسكرية متبادلة، فارتفعت التجارة الثنائية بين البلدين ما بين عامي 1992 و1995 من 123 مليون دولار إلى 867 مليون دولار، بينما تجاوزت 3 مليار في العام 2016. كما وقع البلدان عشرات الاتفاقيات العسكرية والأمنية، ورصدت العديد من الزيارات المتبادلة بين البلدين. وتهتم روسيا بإسرائيل بشكل خاص، بسبب وجود حوالي مليون روسي كانوا قد هاجروا إلى إسرائيل بدءاً من تسعينيات القرن الماضي.

تاريخياً، ورغم دعم الاتحاد السوفيتي لقيادة الحركة الصهيونية، على أمل ميلها سياسياً تجاهها ضد الغرب، فدعمت قرار التقسيم، وانتقدت تحرك الدول العربية لنجدة الفلسطينيين، واعترفت بإسرائيل رسمياً في الأمم المتحدة، مالت إسرائيل بقوة تجاه الولايات المتحدة. قطع الاتحاد السوفيتي علاقته مع إسرائيل عام 1967، واعتبرها حصن الغرب في الشرق الأوسط، وبات الاتحاد السوفيتي حليفاً للعرب في مواجه الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة. في المقابل، اتخذ الاتحاد السوفيتي سوريا حليفاً مقرباً منذ سبعينيات القرن الماضي، وهي التي بقيت حائط سد أمام التمدد الغربي في الشرق الأوسط منذ ذلك الوقت حتي اليوم. ووقفت روسيا بقوة لحماية نظام بشار الأسد بعد انفجار الثورة السورية، ورسخت وجودها في سوريا من خلال قاعدتها العسكرية الوحيدة على البحر المتوسط في ميناء طرطوس. كما دعم الاتحاد السوفيتي ومن بعده روسيا إيران منذ العام 1989، وكان له دور مهم في تطور برنامجها النووي منذ تسعينيات القرن الماضي. وعارضت روسيا صدور أي قرار يدين إيران من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأجهضت العديد من مشاريع القرارات في مجلس الامن التي طالبت بفرض عقوبات على إيران، وكانت من أهم مناصري توقيع الاتفاق النووي لعام 2015. وساندت روسيا نظام صدام حسين المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة، كما تدعم الموقف التحرري الفلسطيني، وترفض تصنيف حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أو حزب الله اللبناني كجماعات "إرهابية" مثل إسرائيل والولايات المتحدة.

تبقى العلاقات الروسية الإسرائيلية الإيجابية مصلحة مهمة للبلدين، ليس فقط في إطار الملف السوري بل والأوكراني أيضاً. وتبقى إسرائيل مهمة لروسيا خصوصاً الآن في ظل تفاقم العلاقات الروسية الأميركية الغربية، وبقاء الحاجة إلى الوساطة الإسرائيلية، حتى وإن كانت وساطة شكلية. كما تبقى الحاجة ملحة لإسرائيل ببقاء التنسيق مع روسيا في إطار الملف السوري، اذ أن روسيا تستطيع أن تجعل تحرك إسرائيل في سوريا أمراً مكلفاً. فعلى الرغم من أن القوة العسكرية الروسية في سوريا قوة محدودة، مقارنة بالقوة العسكرية الإسرائيلية، وليست موجودة لخوض حرب فيها عن أي طرف، الا أنها تستطيع أن تغير شروط اللعبة في الساحة السورية، ومنح إيران وحزب الله مساحات أوسع للحركة، فالوجود الروسي جاء في سوريا في الأساس لدعم بقاء النظام السوري عسكرياً وأمنياً والتصدي لأي أخطار قد تواجهه، ولن تخاطر روسيا بخسارة حليفها التاريخي المتمثل بنظام الأسد. وكل ما تشهده الساحة السورية اليوم من تطورات عسكرية ميدانية ما هو الا انعكاس لتطور مشهد الحرب الروسية الأوكرانية، ومساعي الطرفين للحفاظ على التفاهمات الأمنية بينهما، حتى لا تدخل العلاقات في مرحلة تأزمن تشكل عواقبها خسائر للبلدين .



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استشهاد شرين وتحديات الواقع
- هل ضاعت فرص التوصل لاتفاق نووي؟
- إسرائيل وحرب جديدة على غزة
- لا مكان للضعفاء في هذا العالم
- ثمن الاحتلال
- هل يأتي تطور العلاقات التركية الإسرائيلية على حساب الفلسطيني ...
- المرتزقة: وجه آخر لقيم الديمقراطية والعدالة الغربية
- فلسطين ما بين تعسف منظومة الاحتلال وتناقض سياسات الغرب
- إنه العالم المتعدد الأقطاب يا سادة
- الأزمة الروسية الأوكرانية: تركيا بين حليفين
- الأزمة الروسية الأوكرانية من منظور آخر
- عن تطورات الأزمة الروسية الأوكراني
- الفلسطينيون ومحاولات إسرائيل لاختراق الاتحاد الأفريقي
- باتجاه مزيدٍ من التحولات: تقرير «أمنستي» وخطوة جديدة
- الأزمة الروسية - الأوكرانية إلى أين؟
- اتفاق نووي يلوح في الأفق
- وثائق إسرائيلية جديدة تبلور مقاربة مختلفة حول النكبة
- أميركا والفلسطينيون وعام جديد
- الفلسطينيون والمعركة القادمة
- الولايات المتحدة في مأزق صنعته بيدها


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سنية الحسيني - هل ستتغير معادلة الصراع في سوريا؟