أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض طه شمسان - فبراير الحدث الذي بدأ بثورة و أنتهى بمؤامرة و نكبة لليمن : المشاكل و الخيارات المتاحة للحلول















المزيد.....


فبراير الحدث الذي بدأ بثورة و أنتهى بمؤامرة و نكبة لليمن : المشاكل و الخيارات المتاحة للحلول


رياض طه شمسان
حقوقي و أكاديمي

(Reyad Taha Shamsan)


الحوار المتمدن-العدد: 7266 - 2022 / 6 / 1 - 17:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدكتور | رياض طه شمسان
نظام الفساد و المحسوبيات و الإدارة السيئة و غلاء المعيشة و تدني متوسط دخل الفرد و البطالة و خاصة و سط الحاصلين على الشهادات الجامعية بما فيها حملة الدكتوراة و في مختلف التخصصات و توقف رواتب بعض العسكريين من جيش اليمن الديمقراطي سابقاً أدى إلى خلق حالة استياء مجتمعي واسع النطاق .
الحراك المجتمعي العفوي بدون المشاركة لأي أحزاب سياسية بدأ منذ عام 1998 و تكرر في عام 2005 م و 2007 و كان يعبر عن عدم قبول الشعب اليمني لهذا الواقع. هذا الرفض المجتمعي قبل أن يتحول إلى انتفاضة عامة بدأ على شكل احتجاجات متقطعة و عفوية كانت أحياناً تمتد لعدة أيام و في مختلف المدن اليمنية. و إن حصلت بعض التجاوبات الطفيفة في التلبية الجزئية لبعض المطالب من قبل النظام، لكن احزاب المعارضة هي كانت المستفيد ة الوحيد ة حيث كانت تستثمر نتائج تلك الأحتجاجات من خلال إيهام الحزب الحاكم حينها أنها قادرة على تحريك الشارع اليمني و بالتالي عقد صفقات سياسية دون أن تكون لها أي علاقة بتلك الاحتجاجات . و عادةً ما تقتصر تلك الصفقات على الحصول على بعض المناصب و الوظائف و الأمتيازات.
ثورة التغيير الذي اطلق عليها فيما بعد بثورة فبراير التي لم يكتب لها النجاح كان من بدأ فيها جزء من المثقفين و الخريجين من الجامعات العاطلين عن العمل الأغلبية منهم لا ينتمون لأي احزاب سياسية و من عمال الأجر اليومي و المتعاطفين معهم و غير الراضيين عن وضعهم المعيشي من مختلف الفئات العمرية و بمجهودات و موارد ذاتية و هي امتداد لتلك الاحتجاجات الشعبية التي تمت إليها الإشارة سالفاً.
هروب الرئيس التونسي زين العابدين نتيجة الحراك الشعبي السلمي العفوي المماثل في تونس الذي سبق بعدة أسابيع الحراك الشعبي العفوي لعام 2011 في اليمن أعطى دافع معنوي و ثقة للمنتظفين في إمكانية تغيير النظام و تحقيق مطالبهم المشروعة من خلال الاحتجاجات الشعبية و ساهم هذا الحدث في أتساع أعدد المشاركين في الأحتجاجات و خاصة منذ مطلع يناير 2011. و في شهر فبراير من نفس العام أعلنت احزاب اللقاء المشترك انظمامها للحراك الديمقراطي المجتمعي لأول مرة منذ حرب 1994 و التحقوا بالثورة السلمية فعلياً كما أعلنت الفرقة الثالثة مدرع تأييدها للثورة السلمية و في هذا الوقت بالذات مولت الثورة بالمال بسخاء من اطراف معروفة و غير معروفة داخلية و خارجية و جرت أكثر من محاولة في عسكرتها و تغيير طابعها السلمي و العفوي لتحقيق اجندة سياسية غير معلنة لا تخدم بكل تأكيد المشروع الوطني و تمثل هذا من خلال زج المتظاهرين في السيطرة على بعض المؤسسات الحيوية للدولة و استفزاز القوى الأمنية للنظام من أجل حصول ردود أفعال عسكرية من قبل قوات الأمن و كان احداها قد حصل في ما عرف بجمعة الكرامة و راح ضحيته ما لا يقل عن 45 متظاهراً و 200 جريح . المشتبه الأول بأرتكاب هذه الجريمة قوى الأمن المركزي لكن القيادة السياسية للحزب الحاكم حينها كانت تؤكد وجود قناصين في تلك الأثناء في اسطح بعض المباني لا تتبعها و تدعي أنهم تابعين لحزب الإصلاح و في نفس الوقت تبدي أستعدادها لأجرى أي تحقيقات مستقلة و بدورهم قيادة اللقاء المشترك بما فيهم حزب الإصلاح كانوا يوجهون الاتهام إلى الأمن المركزي للنظام. و بقى المحرض و المنظم و المخطط لهذا التصرف مجهول الهوية حتى اليوم. و هذه الحادثة و الجريمة لم تكن بالطبع عفوية و أن كانت تبدو كذلك بالنسبه لكثير من مشاركيها أو اغلبيتهم و للرأي العام، و ربما يعود السبب لإغفال هذا الجانب إلى أن كل الاهتمام انصب فقط على نتائج الحادثة و المكايدات السياسية بين الفرقاء و ليس على الدوافع، أو من المحتمل ضعف المهنية لدى الأجهزة الأمنية أو الأثنين معاً. و لاحقاً تم استهداف جامع النهدين على مستوى عالي من الدقة و التخطيط و التنفيذ و الأحترافية الذي يعد في جميع الأحوال عملاً إرهابياً من وجهة نظر القانون الدولي. و على الرغم أن الشباب الخريجين و غالبيتهم من العاطلين عن العمل و العمال من ذوي الأجر اليومي و المتعاطفين معهم هم من أشعل الثورة السلمية وحرك الشارع اليمني، إلا أنهم همشوا من قبل المعارضة السياسية المنظمة. فإفتقار الحراك الديمقراطي و السلمي للتنظيم والوحدة القيادية أدى الى تهميشه ناشطيه من قبل المعارضة السياسية المنظمة. و في النتيجة بدأ هذا الحراك الثوري يفقد طابعه الثوري و يتحولو كأنه أزمة سياسية بين النظام و احزاب اللقاء المشترك و حلفائهم و هذا ما تبنته و روجت له قيادة اللقاء المشترك. و حاولت احزاب اللقاء المشترك الذي كان كل طموحها الوصل إلى السلطة و ليس التغيير الديمقراطي و خاصة حزب الإصلاح اللعب على المتناقضات مع محاولة تمديد الفترة الانتقالية لهدفين:الأول من أجل تمكنها في التغلغل في مؤسسات الدولة و الثاني الشعور بعدم الثقة في تحمل المسؤولية في إدارة شؤون الدولة و أتهام فرقائهم بعرقلة المرحلة الانتقالية.
و يكمن سبب تحول الثورة الشعبية السلمية العفوية التي اندلعت في اليمن من بداية شهر يناير 2011 و تحولها إلى نكبة بكل المعاني و المقاييس و جر اليمن على اثرها إلى حرب عبثية عديمة الأفق استمرت لثمان سنوات و ما زالت هو: أولاًعدم وجود قيادة سياسية منظمة ذاتية و موحدة للثورة وهذا الفراغ التنظيمي كان له أعظم الأثر في فشل ما عرفت فيما بعد بثورة فبراير2011. وثانياً ضعف القوى اليسارية و القومية و تحولها إلى احزاب نخب أو قيادات و عدم امتلاكها أي برامج أو مشاريع تنومية. و ثالثاً التحاق هذه الاحزاب ضمن توليفة ما يعرف باحزاب اللقاء المشترك بالثورة السلمية و ملئ الفراغ التنظيمي وهذا ما أفرغ الثورة من مضامينها السلمية و الديمقراطية العفوية و حرف مسارها من خلال رسم سياسات حزبية و شخصية لا تمت بصلة إلى إحداث تغييرات ديمقراطية تقضي على نظام الفساد و الحسوبيات و الإدارة السيئة الذي كان هو الهدف الضمني العفوي للحراك الشعبي منذ بداياته منذ عام 1998. و ثالثاً تطويل الفترة إلانتقالية المتعمد و هيكلة القوات المسلحة دون إعادة بناءها.
اللقاء المشترك يضم مجموعة من الأحزاب أبرزها: الحزب الأشتراكي الذي كان يعد من أكبر الأحزاب في اليمن و يمتلك تاريخ أكثر ثراءً من بين جميع الأحزاب اليمنية الأخرى ، فرغم كثير من الأخطاء إلا أن هذا الحزب تمكن من بناء تجربة فريدة من نوعها حينها في المنطقة حققت العدل و المساوة بين الجميع و إن كان على حساب الحريات الفردية و بأساليب غير ديمقراطية. لكن منذ احداث يناير 1986 اصيب بشلل شبه كلي و أنكفئت القيادة من بعد 1994 على نفسها و فقدت الصلة بقواعد الحزب على كل المستويات و هذا ابعدها عن القاعدة الشعبية على مستوى اليمن و تقوقعت في بعض المدن بسبب عدم قدرتها على مجارات المتغيرات المحلية و العالمية، حتى أن البعض بدأ يفكر فقط في كيفية تدبير المصالح الشخصية دون سواها، بإستثنا عدد ضئيل للغاية و مازالوا حتى اليوم متمسكين بمبادءهم و منهم للأسف من قد رحل و لم يغادروا الحزب و ما زالوا أوفياء لمبادئم. وترك الحزب الأشتراكي فراغاً سياسياً كبيراً شغلته بدرجة رئيسية قوى الإسلام السياسي. الحزب الناصري عدد أعضاءه لا يتجاوز عدة آلاف و من مناطق محددة و مثله حزب البعث و غيرة من الأحزاب الصغيرة حديثة المنشأ– هي احزاب قيادات و بعض منها مفرخة من قبل احزاب أخرى. و نتيجة المتغيرات العالمية و انتهاء فترة الحرب الباردة و تغير الثوابت العالمية للنظام الدولي دخلت جميع الأحزاب اليسارية و القومية في دوامة أزمة ايديلوجية و ظلوا على حالهم و لم يتحولوا إلى احزاب برامج حتى يومنا هذا. اصبحت القيادات لجميع الأحزاب المشاركة في اللقاء المشترك إلا ما ندر لا تفكر إلا بمصالحها الشخصية و وجدوا ملجئاً لتغطيت ضعفهم بحزب الإسلام السياسي - حزب التجمع اليمني للإصلاح من خلال التحالف المشترك الذي تم الأعلان عنه رسمياً عام 2003.
حزب الأصلاح على المستوى السياسي هو عبارة عن مكون سياسي غير تقليدي يظم التيار الديني و القبلي أشبه ما يكون بمؤسسة سياسية تجارية " عالية التنظيم مقارنة بالأحزاب اليمنية الأخرى يحاول دائماً أن يكون المتحكم بالدولة "يستخدم الدين و السياسة من أجل تحقيق و ضمان مصالح تجارية بحتة ، فاشل في السياسة و إدارة شؤون الدولة على الرغم من تطلعه المستمر في الوصول إلى السلطة. لكنه ناجح في التجارة و الأستثمار و التحريض بأسم الدين. أهم مصدر للتمويل و الأستثمار هو العمل الخيري الذي من خلاله أصبح يمتلك شركات تجارية مختلفة و مستشفيات و جامعات و معاهد و مدارس و قنوات فضائية و بنوك و محلات صرافة و المزيد من المساجد التي تدر ارباحاً هائلة لا تقل عن أي مؤسسة تجارية ناجحة و أستخدامه منابرها في نشاطه السياسي للحشد و التأييد و التحريض و جمع الأموال. و نشاطه يمتد إلى خارج الحدود الإقليمية لليمن أو ربما هو أمتداد لمكون خارج الإقليم. و هذا ما جعله أكثر قوة إضافة إلى عوامل أخرى من بينها الدعم الخارجي و ضعف الاحزاب اليسارية و القومية و غياب العدالة الاجتماعية و الفساد و المحسوبيات و الإدارة السيئة.
و يعد حزب الأصلاح من أقوى الاحزاب اليمنية و أكثر انتشاراً بسبب استغلاله للدين و الموارد الوطنية و خاصة أثناء مشاركته في إدارة الدولة لسنوات بعد حرب 1994 على جنوب اليمن و تواجده القوي حالياً في السلطة المحسوبة على الشرعية اليمنية و الدعم الخارجي . و كان من المحرضين دينياً و سياسياً على حرب 1994. رفض الوحدة و خاض الحرب ضد الأنفصال و أصبح أكثر تمسكاً بالوحدة اليمنية بعد حرب 1994. أغلبية قيادة الإصلاح هم جزء من النظام السابق انتهازيين و نفعيين يعيشون هم و أسرهم حياة العلمانيين و لكن من خلف الستار و لا يوجد من ابناءهم بالجبهات على الرغم من تحريض الآخرين على المشاركة، و ينادون بالدولة الإسلامية و يفضلون العيش في الدول الأوربية العلمانية، فلسفتهم السياسية”الغاية تبرر الوسيلة ” لذا تتغير مواقفهم و مبادئهم بكل بساطة. لا يوجد شخص من قيادة الإصلاح نموذج المسلم و الوطني إلا ما ندر و يعتبر حالة شاذة عن القاعدة العامة التي لا يدركها غالبية الشعب.
من نقاط ضعفهم أن أغلبيتهم أنصاف متعلمين لديهم ثقافة محدودة البعض منهم يحفظ القرآن و عدد من الاحاديث و إجادة التلاعب بالألفاظ و الخطابة باللغة العربية الفصحى و إن كان البعض منهم من يحمل درجة الدكتوراة لكنها من جامعات وهمية أو غير معترف بها هم من أنشأها في البداية من أجل الحصول على شهادات العلي و لكنها لاحقاً أكتسبت وظيفة ثانية - و أصبحت مصدر للربح خاصة بعد تزايد الطلب على الشهادات العلمية المزيفة. و بالمناسبة حسب التقارير و الاستطلاعات الصحفية توجد نسبة كبيرة من المسؤولين اليمنيين الذين يتبوأون مناصب عليا في الحكومة اليمنية يحملون شهادات مزيفة أو من جامعات وهمية، و لكن ليس الكل من حصل عليها من الجامعات الوهمية التابعة لحزب الإصلاح. و للعدل و الإنصاف لا يعني أن كل حملة شهادات العليا من المنتميين لحزب الإصلاح شهاداتهم مزيفة و في نفس الوقت توجد كثير من الجامعات الوهمية منها من يتبع الإسلام السياسي غير اليمني ومنها أيضاً ليس لها علاقة بالإسلام السياسي مطلقاً.
إضافة إلى ذلك غالبية قيادة حزب الإصلاح لا يوجد لديهم مبدأ الولاء للوطن و هذا ملاحظ سواءً من استثمارتهم في الخارج و ليس في اليمن أو بحثهم على الحصول على الجنسيات الأجنبية، و بشكل عام إيديوليجيتهم السياسية لا تظم مفهوم الوطنية "فكل العالم أينما توجد المصلحة هناك الوطن" تحت مبررات نشر الدعوة الإسلامية. و لكن في حقيقة الأمر مفهوم الوطن لا يوجد ضمن مفرداتهم الأدبية و مرجعياتهم الإيديولوجية. يحبون حياة الترف و المظاهر و حب العيش في الدول العلمانية و يرفعون شعار الدولة الدينية التي يسمونها الدولة المدنية إضافة إلى عدم التقيد بالثوابت و المبادئ من أجل المصالح الشخصية أو الحزبية.
بالإضافة الطرفين الرئيسيين - الحزب الحاكم حينها و حلفاءه و اللقاء المشترك و حلفاءه. يوجد مؤشرين بارزين يشيران إلى وجود طرف ثالث ربما كان متواجداً في داخل صفوف الفريقين في آنٍ واحد و كانت مهمته ليس القضاء على نظام الفساد و المحسوبيات الإدارة السيئة و التوريث وإنما تدمير مؤسسات الدولة اليمنية و إدخال اليمن في صرعات داخلية و تحويل اليمن إلى دولة فاشلة و هذه المؤشرات تتمثل أولاً في محاولة عسكرة الثورة و الذي يبرز للبيان من خلال:
- مأساة الأحداث الدامية و العمل الإجرامي في جمعة الكرامة
-استهداف جامع النهدين بعمل أرهابي

و ثانياً العمل السياسي من خلال تأزيم الوضع السياسي و الحيلولة دون إيجاد أي توافق سياسي بين اطراف الأزمة السياسية و الوصول إلى الحرب الداخلية و التدخل الخارجي.
فالتوريث الذي كان عبارة عن حالات محصورة على بعض المناصب العلياءو في مؤسسات محدودة بعد 2011 تحول إلى ظاهرةتشمل كل مؤسسات الدولة و ثقافة عامة لجميع المشاركين في السلطة و خاصةًالمحسوبة على الشرعية اليمنية و هذه الثقافة أصبحت بديلة لقوانين التوظيف و تولي المناصب و الترقيات الوظيفية سواءً كان في المجالات المدنية و خاصة في مجال السلك الدبلوماسي أو العسكري فقد تم خصخصت كل مؤسسات الدولة و اصبحت عائلية للمتنفذين خاصة بالنخبة المحسوبة على الشرعية اليمنية. و الفساد اصبح منظومة متكاملة و أكثر اتساعاً و على كل المستويات و في مختلف المجالات و سوء الإدارة اضحت العلامة البارزة و ما يميز السلطة المعترف بها و المحسوبة على الشرعية اليمنية عن مثيلاتها من السلطات غير المعترف بها أو الحكومات لما قبل 2011.
بكل تأكيد الثورة بدأت بشكل عفوي كما قد تمت الإشارة في البداية و بدون أي تخطيط أو استراتيجية سياسية، و لكن لاحقا ظهور الطرف الثالث الذي عمل على تنفيذ اجندته من خلال استغلال بعض الاختلالات في المبادرة الخليجية و الاستفادة من ضعف و عدم استقلالية المشاركين في الحوار الوطني و وجود خبراء من الدول الصديقة خريجي الماجستير من المتدربين و قليلي الخبرة كمستشاريين للحوار الوطني طويل الأمد و تمديد فتراته، و بالتالي تمديد الفترة الانتقالية التي كانت قد حددتهاالمبادرة الخليجية بعامين فقط و في نفس الوقت تكريس الفساد و المحسوبيات و الإدارة السيئة و خصخصة مؤسسات الدولة تدريجياً و تحولها شيئاً فشيئاً إلى عائلية و الدخول في حرب عبثية و خلق فئات لها مصالح في أستمرار الحرب إلى ما لا نهاية. و هذا يظهر الآن واضحاً من خلال محاولات يائسة لعرقلة التوجه نحو العملية السياسية على الرغم من الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية و الإمارات.
و في هذا السياق يمكن التأكيد بأن من مصلحة الشعب اليمني و دول التحالف وقف الحرب و تحقيق السلام في اليمن و خاصة في ظل جميع المعطيات الإقليمية و الدولية و لكن ليس من مصلحة قوى الفساد بشكل عام و خاصة المحسوبين على الشرعية اليمنية لأنهم الأكثر حضاً في استمرار الحرب و الأكثر خسارةً من تو قف الحرب و الأنخراط في العملية السياسية.
صحيح أن تشكيل المجلس الرئاسي يمثل خطوة جيدة لكنه ليس حلاً أساسياً و ظيفته مؤقتة ممكن تكون التفاوض مع ممثلي حركة الحوثيين بشأن و قف الحرب نهائياً و ليس هدنة مؤقتة و الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تظم جميع الاطراف و انتقالية مؤقتة لفترة محددة سلفاً غير قابلة للتمديد لفترة لا تتجاوز 18 شهراً و توسيع المجلس الرئاسي لمشاركة الحوثيين مهمة الذي ينبغي أن تتركز على أعداد اليمن نحو الانتقال إلى مرحلة الانتخابات العامة البرلمانية و الرئاسية على أساس المشروع الوطني الديمقراطي.
و إذا كان الدول التحالف و دول الجوار و دول الاتحاد الأوروبي و المجتمع الدولي بأكمله مهتمين بالفعل بإحلال السلام الدائم و المستدام ينبغي عليهم بدرجة أساسية معالجة السبب الرئيسي لكل مشاكل اليمن و المتمثلة بدرجة رئيسية بالفساد المؤسسي.
و في ظل جميع المعطيات لا يمكن تحقيق السلام الدائم و المستدام في ليمن إلا من خلال بناء دولة حقوقية تحمي حقوق المواطن تضمن العدالة الاجتماعية و الحكم الرشيد. و هذه الدولة يستحيل بناءها بدون اتخاذ عدد من الإجراءات من بين أهمها.
اتخاذ قرار دولي ملزم من مجلس الأمن بوقف الحرب و يكون بديلاً عن القرار 2216 و يتضمن استراجية فترة ما بعد الحرب- العدالة الانتقالية.
إنشاء محكمة جنائية دولية مؤقتة خاصة باليمن بشأن النظر في ارتكاب الجرائم الدولية و غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و جرائم الفساد المؤسسي.
تشكيل حكومة و حدة و طنية تمثل كل الفرقاء بمرحلة انتقالية لا تتجاوز 18 شهراً و صياغة دستور دولة ديمقراطية أو تعديل الدستور النافذ بما يتجاوب و أسس بناء الدولة الحقوقية الديمقراطية و تخاذ عدد من القوانين التي من شأنها مكافحة الفساد و المحسوبيات و الإدارة السيئة و إجراء انتخابات عامة برلمانية و رئاسية شفافة و ديمقراطية بعد الاستفتاء على الدستور الجديد و تحت رعاية الأمم المتحدة ، و إلغاء الوضع القانوني لليمن من تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
و فيما يتعلق بالعلاقة بدول التحالف و استقرار و نمو العلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية من الضروري إعادة إعمار اليمن و تقديم التعويضات لجميع المتضررين و يمكن جدولة التعويضات لخمسين عاماً على أن تدفع شهرياً بإنتظام عبر مكاتب البريد للمتضررين بشكل غير مباشر أما المتضررين بشكل مباشر ينبغي دفع التعويضات الفورية و توقيع اتفاق تعاون مشترك و إجراء استفتاء في حالة الرغبة و الموافقة لإنظمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي.
الحديث عن اليمن الاتحادي في ظل جميع المستجدات و الواقع السياسي بكل تناقضاته سيعمل على تكريس المناطقية و القروية. و بخصوص استعادة الدولة الجنوبية هو الآخر مشروع سابق لأوانه و هذا ما أثبته فشل الانتقالي على عدم قدرته في بناء مؤسسات دولة الجنوب و إدارة المناطق التي تقع بالكامل تحت إدراته و الدعم الكبير من الإمارات العربية الشقيقة. لقد كان الشعب اليمني شماله و جنوبه يتطلع إلى بناء الدولة في جنوب اليمن بعد تشكل المجلس الانتقالي علها حسب تصوراتهم يمكن أن تخلق أن لم يكن نوع من الاستقرار على مستوى اليمن على الاقل في الشطر الجنوبي منه، لكن الانتقالي خيب الآمال و لم يفشل فقط فيما كان يروج له من أن هدفه الأساسي هو استعادة دولة الجنوب و إنما ايضاً في خلق ابسط المقومات للاستقرار على الرغم من الدعم السخي من قبل دولة الإمارات و أصبح شريكاً بالمناصفة في حكومة الفساد. و يعود أهم اسباب هذا الفشل إلى غياب مشروع الدولة الديمقراطية وعدم جاهزية الانتقالي للبناء الديمقراطي و هذا ما يفسر العودة إلى باب اليمني بمعناه المجازي.
أن الطريق الوحيد لاستقرار اليمن و بناء اليمن الاتحادي أو استعادة دولة الجنوب و اشراك جميع القوى السياسية في إدارة شؤون الدولة و تحقيق العدالة و التنمية و السلام الدائمين و المستدامين لن يأتي إلا من خلال أولاً: بناء دولة ديمقراطية و ثانياً: الشراكة مع الشعب. فبإرادة الشعب اليمني وحده من خلال الاستفتاء على مستوى الجنوب فيما يتعلق بالاستقلال عن دولة الوحدة أو البقاء فيها و الاستفتاء على مستوى اليمن فيما يتعلق ببناء اليمن الاتحادي و لكن بعد بعد بناء الدولة الديمقراطية و استقرار مؤسساتها و ليس من خلال و الشعارات و عدم المهنية و الفساد و المناطقية و الارتهان للخارج. و هذا أيضاً ما يجب أن تستوعبة حركة الحوثيين في و الحكومة الغير معترف بها دولياً.



#رياض_طه_شمسان (هاشتاغ)       Reyad_Taha_Shamsan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرؤية الواقعية لتحقيق السلام الدائم و المستدام في اليمن
- الليبرالية و الواقع العربي و إشكالية التحول الديمقراطي في ال ...
- الأهمية العالمية لمكافحة الفساد
- منظومة الحل النهائي والدائم للقضية اليمنية
- الواقع الدولي و المشهد اليمني: مقاربات سياسية و أمنية
- القضية اليمنية و مسؤولية مجلس الأمن الدولي
- شرعية ومشروعية السلطة و اشكاليتها القانونية و السياسية في ال ...
- محاور التسوية البناءة للأزمة اليمنية
- التدخل الإنساني في اليمن ضرورة أخلاقية و مسؤولية قانونية
- التحولات العالمية و الواقع اليمني
- التشكيلة السياسية للمشهد اليمني و آفاق المستقبل
- تفاصيل الأزمة اليمنية و مساراتها
- اليمن وقضية بناء الدولة و مسألة الانضمام لمجلس التعاون
- اخطاء المرحلة الأنتقالية في اليمن و آفاق الحل السياسي
- الدوافع الرئيسية لعاصفة الحزم و الصفة القانونية
- دستور الدولة المدنية الحقوقية و كيفية الوصول إلى حل الأزمة ا ...
- الأسباب الحقيقية لأجتياح صنعاء و المخارج العملية لمنع الأنهي ...
- التبعات القانونية و السياسية لعدم انتهاء مؤتمر حواراليمن الو ...
- مفهوم شكل البناء الأداري لأقليم الدولة والأشكالية في بناء ال ...
- نهاية الشرعية الوطنية والصلاحيات الدولية للسلطة السياسية في ...


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض طه شمسان - فبراير الحدث الذي بدأ بثورة و أنتهى بمؤامرة و نكبة لليمن : المشاكل و الخيارات المتاحة للحلول