أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسل كاظم - رواية (عوالم موازية) الهجرة من الوطن أم الهجرة الى الوطن














المزيد.....

رواية (عوالم موازية) الهجرة من الوطن أم الهجرة الى الوطن


راسل كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 7249 - 2022 / 5 / 15 - 06:09
المحور: الادب والفن
    


رواية (عوالم موازية)*
الهجرة من الوطن أم الهجرة الى الوطن
تمركز الأدب في العقود الاخيرة بانواعه (الشعري والقصصي والروائي) بثيمة حاضرة بقوة وهي ثيمة هجرة الوطن للبحث عن امكنة اخرى تحقق للذات الانسانية رغباتها وطموحاتها واحلامها.
والشاعر او الروائي الذي يطرح مثل هذه المضامين في منجزه الادبي هو لايدعو لهجرة الاخرين لأوطانهم انما هي خلجات متاثرة بالظرف الذاتي والموضوعي الذي يعيشه الاديب، لكنها بطبيعة الحال تنامت على نسق مضطرد فشكلت ظاهرة وهي (الهجرة من الوطن).
وان كانت هذه الظاهرة هي شرقية بأمتياز كون المشرقيين هم من يتعرضوا للظلم و التنكيل وعدم الاستقرار, الا انها سمة عالمية متأصلة منذ القدم في اعادة رسم خارطة الامم عبر متواليات القرون.
وعند مطالعة تظهير المؤلف في غلاف الرواية نكتشف ان ثنائية الشرق والغرب هي المحور الرئيس لتاسيس فرضية من افكار المؤلف وتسطيرها على شكل نص روائي فلسفي انساني.
(عوالم موازية) رواية تتمرد على النسق التقليدي من حيث الفكرة والمضمون، فهي دعوة للمحافظة على الروح الانسانية من التشوه، فالهجرة الى الوطن وليست الهجرة من الوطن، هي اكمل وأنضج الطرق للتصالح مع الذات، فمعطيات الواقع حتى وان أختفت او توارت عن الأنظار الا انها ستطل براسها مشرئبة وسيكتشف الانسان الزيف الذي هو عليه، بداية يرفض ويناور لكنه حتما سيصل الى الصفاء الداخلي مع الروح في وطنه, وهي اسمى وارقى لدى الانسان مما تزيغ عن الابصار خارج وطنه، فالمباني العملاقة ستنصهر في نظره ويتحول الجمال الى قبح وتغدو العلاقات عارية لتكشف عورتها.
واذا كان سر الاعمال الادبية الخالدة في كونها تحمل شكلا فخما مبهرا بغض النظر عن المضامين، كون الشكل سيحضر بقوته في اي عصر، اما المضامين فهي متبدلة متغيرة وفق اشتراطات العصر، ووفق هذا المعيار نرى سر خلود نصوص شكسبير المسرحية او ديستويفسكي او توليستوي الروائية.. فهي منجزات بشرية قابلة لاعادة الرؤى والتصورات العالمية عنها عبر العصور كونها ثقيلة من ناحية الشكل, هي اشبة بالاهرامات الفرعونية التي تتبدل قراءة وجودها في كل زمان.
وعند قرائتنا لرواية (عوالم موازية) نجد شكلا فخما من حيث رصف الكلمات ورصانة الجمل وشعرية النص فضلا عن التداخل بين الروائي والفلسفي وهذه هي السمة الاصعب والاكثر مشقة على المؤلف والقارئ معا، فالنص الروائي يتطلب السلاسة وهو يخاطب الخيال في حين ان النص الفلسفي يتطلب التأمل وهو يخاطب الافكار، اما كيفية مسك النصين وصهرهما معا فكان هذا بمشرط روائي جراح متمكن من ادوات الصنعة مع موهبة استثنائية في فن الحكي او المروي للقصة والاحداث.
واذا كان االمتن الحكائي في هذه الرواية هو مجموعة الأحداث المرتبطة ببعضها والتي نتوصل إليها عبر الأثر، أو هو الحكاية التي قرأنا احداثها، فان المؤلف قد راهن على المبنى الحكائي فهو الذي يقدم الأحداث نفسها لكن بمراعاة نظام ظهورها، فلم يعتمد المؤلف الانساق التقليدية في السرد انما اوجد نسقا خاصا بهذه الرواية وهو السرد الدائري (الحلزوني).
فالحدث لايبدأ من حيث شرع المؤلف بكتابة او احرف الرواية انما هناك تأريخ لهذا الحدث يتوضح عبر السرد وينتقل للماضي ثم للمستقبل ثم يعود بنا للحاضر, وهذا سر التشويق والدهشة التي تستفز قارئ هذه الرواية بداية الامر لكنه مع تتابع نظم رصف الكلمات وتنامي الاحداث يتبدى لنا اننا محاصرون باسئلة كبيرة وهناك شغف لاتمام ما بدأنا قرائته.
البطل الحقيقي في هذه الرواية ليست (ساره) الفتاة العراقية التي عادت لوطنها
البطل هو الموضوع، والموضوع هنا هو ذلك الصراع الطويل بين الشرق والغرب بين الحضارة والتحضر بين المدنية والتمدن، فكل مايغلف الغرب هو صدى للشرق، فالانسانية هي روح الشرق الحقيقية بلا تزيف والحضارة هي المعمار والارث الانساني الموجود في الشرق والذي استولى عليه الغرب والمدنية هي مجموعة النظم التي اسسها الشرق وحولها الغرب الى فكرة التمدن.
بداية يشرع المؤلف بتقديم الوجه القبيه من شخصية (سارة) ويحمل القاري السخط على هذه الشخصية ومع دينامية الاحداث والمونولوجات الداخلية للبطلة نكتشف اننا اسرعنا باصدار الاحكام عنها. وهذه هي تقنية مبتكرة من قبل المؤلف في ترويض ذهن المتلقي وكسر افق التوقع لديه عبر مماحكة النص والأنغماس فيه وجعله جزءا منه، ساره التي حطت في مطار بغداد قادمة من لندن بعد سنوات طويلة، هي ليست سارة الحقيقية انما ساره التي شكلها الغرب، لكن سرعان مانكتشف عن بواطن ساره الحقيقية في شوارع وازقة بغداد وفي اقبية وسراديب مدينة النجف القديمة.
احداث الرواية جولة تسبر اغوار مجاهيل العقائد الدينية الانسانية ومقدرتها على الصمود بوجه الواقع المادي عبر تداخل الفيزيقي والميتافيزيقي، فالانسان ابتدأ بالدين او بالشعور الغيبي تجاه قوى تسلب الانسان من واقعه المادي وتدفعه دون وعي منه نحو المطلق، ساره، ابيها، جدها، هم ورثة ذلك الارث الروحي الصوفي في فهم الحياة وضرورة وجود الانسان.
طالما حاول الغرب تشويه صورة (ابو جابر وحارث ورباب) ابطال الرواية ووصفهم بالارهاب والتوحش والبدائية مع اضفاء صفة الكسل والطفيلية عليهم، لكن يتوضح لدى ساره ان كل هذه الاوصاف هي لغرض الهيمنة وفرض السيادة وجعل الشعوب تشعر بالدونية تجاه الغرب .
الارهاب الحقيقي هو ارهاب القوة والتوحش هو الممارسات اللا انسانية تجاه الشعوب والبدائية هي النظرة العنصرية والمتعالية للغرب تجاه الشرق، اما الكسل فالشرق هم بناة الحضارات والتطفل هي سمة الغرب في محاولة الاستحواذ على خيرات الشعوب.
رواية (عوالم موازية) مشاكسة ادبية اسلوبية فكرية لما اعتدنا قرائته في السنوات الاخيرة وهي بشارة خير بولادة نسق روائي جديد يقدم المتعة الروائية واللذة الفكرية والتأمل الفلسفي.


* رواية (عوالم موازية) للمؤلف ماهر مجيد ابراهيم، منشورات الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، 2022 .



#راسل_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المختلف الروائي والسردي في (رواية أوبرا 40)
- مرجعيات الترميز لجسد الممثل في العرض المسرحي
- جدلية العلاقة بين النص والعرض المسرحي
- مسلسل (الحسن والحسين ومعاوية) محاولة لترقيع التاريخ باسلوب س ...
- ما بعد الحداثة وجماليات المسرح
- الممثل المبدع فنان متجدد
- المثاقفة والتراث العربي المسرحي
- الان والمرحلة السابقة
- اعادة سميأة العرض لدى المتلقي المسرحي


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسل كاظم - رواية (عوالم موازية) الهجرة من الوطن أم الهجرة الى الوطن