أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسل كاظم - المختلف الروائي والسردي في (رواية أوبرا 40)















المزيد.....

المختلف الروائي والسردي في (رواية أوبرا 40)


راسل كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 7083 - 2021 / 11 / 21 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


المختلف الروائي والسردي في (رواية أوبرا 40)•


رواية تضم أربعون فصلاً مع فصل مضاف عمد الباحث على تسميته (الفصل المحذوف) وكأن المؤلف هنا يريد أن يصارح القارئ بأن هناك أحداثاً جرت وقد سقطت من السرد القصصي أو المدون لأبطال الرواية، مما حتم على المؤلف تدوينها لإضفاء سمة المصداقية على سيرة واقعية حفلت بالكثير من لحظات العشق والحب والوجد، حب يلتحم بالخيال الشرقي لكل ثنائيات العشق، حب جنسيته فسيفساء من ثقافات الشرق والغرب.
تسافر بنا الرواية إلى مرحلة تأسيس الدولة العراقية عام 1921 م، والسنوات التي سبقتها وتلتها ، يمكن تسميتها بالسيرة الروائية أو الوثيقة الروائية ، عشرات الأسماء ممن تقلدوا مناصب رفيعة في الدولة العراقية أو من الشيوخ أو وجهاء تلك الفترة.
يمكن عدها وثيقة تاريخية سياسية اجتماعية بأسلوب روائي أنيق. ترتكز على بطلي هذه الرواية وهما عبد الله بيك بن أحمد باشا العدل وزوجته الست عالية بنت عبد المحسن بيك العود , أحداث متلاحقة منذ أن كان عبد الله يزور عائلة العود وكانت عالية فتاة يافعة وسفر عالية للدراسة في بيروت عام 1927م إلى مرحلة وفاة الرئيس العود سنة 1929م إلى لقائهما الذي خلقته الصدفة في بغداد أثناء تعطل سيارة عالية في المطر 1930م . لتبدأ مرحلة جديدة من علاقة ستكون علاقة حب واحترام ووفاء ثم حزن ومأساة وقهر.
حاول الكاتب في هذه الرواية إبراز القيم المدنية والعصرية للدولة العراقية آنذاك عبر طبيعة العلاقة بين عبد الله وعالية، فضلاً عن عدم اغفاله للكثير من المفردات (الكلمات) الدارجة آنذاك سواء كانت محلية أم تركية عثمانية أم نجدية، وهو بهذا يضع القارئ أمام تحدي اتساق المعاني وانصهارها في بوتقة اللغة.
يزداد الشغف بمواصلة قراءة أحداث الرواية عند الوصول إلى الفصل السادس من الرواية وهو تعرف أحمد بن عبد الله العدل على إبراهيم بيه الفاتح، والذي من خلاله كُشِفت أسرار الماضي والتي بقيت لأكثر من نصف قرن مخفية، جُمِعت معظم هذه الأسرار في صندوق قديم يضم مجلداً للمذكرات كتبت بخط قديم للرئيس العود ثم أكملت عليه ابنته عالية بخطها، مع مجموعة ممتلكات شخصية لعالية ونجوة أختها الصغرى صاحبة الصن دوق والدة الملياردير التركي إبراهيم بيه حفيد الأمير محمد الفاتح.
لعل أهم ما يميز الرواية كجنس أدبي هو أسلوب الوصف وطريقة الاستطراد به، فالوصف هو العين التي من خلالها يتفحص القارئ الأشياء والجزئيات البسيطة التي تعلق بالذهن، لكن المؤلف في رواية أوبرا 40 أعطى أهمية عالية للسرد الحكائي في نقل الأحداث دون أن يولي أهمية متكافئة للوصف، وربما ظن المؤلف أن الخوض في تفصيلات الوصف سواء للشخصيات أو الأمكنة سيشتت القارئ عن متابعة الحدث في الرواية، وقد أوكل موضوع الوصف الأدبي إلى الوصف الفوتوغرافي المتضمن في متن الرواية.
حيث عمد المؤلف اختزال الأزمنة ومزجها لتحقيق البعد الجمالي في السرد، مع ترك مساحة للقارئ في تخيل الشخصيات ومواكبة تطور الحدث، الذي اعتمد فيه المؤلف طريقة الكولاج السردي باقتطاعه أجزاء متناثرة من التاريخ الواقعي لبيئة الأحداث ورصفها معاً في صياغة تقنية لم نألفها سابقاً في تقنيات كتابة الرواية (تستخدم أكثر في كتابة سيناريو الأفلام والمسلسلات)، من حيث توظيف الصور الفوتوغرافية المرسومة بمهارة عالية كي تدعم البنية الحكائية للرواية فهي تجعل القارئ يربط بين ما هو سردي وما هو بصري لغرض مطابقة الوصف مع المتخيل للأشكال والأحداث معاً، كما في الصورة لبطلة الرواية (عالية) في داخل قمرة سيارتها (ص9)، كذلك في الصورة لإبراهيم بيه الفاتح (ص61)، والكثير من الصور التي وظفت داخل متن الرواية لإيجاد المعادل البصري الموضوعي لعنصر السرد داخل متن الرواية. فضلاً عن اجتهاد المؤلف بتوظيف الأغاني أو القصائد التي ألّفت آنذاك للاحتفاء بأبطال الرواية أو أحداث معينة، كما في قصيدة رثاء متصرف لواء البصرة (أحمد باشا العدل) للشاعر عبدالرحمن بن بطي، والتي مطلعها:
لما نُعيت تقطعت أكبادنا
والحرّ يؤذي موته الأحرار
هذا الأسلوب في مزج الشعر والأغنية والنثر لم يعتده قارئ الرواية، إلا أنه أسلوب جمع فيه المؤلف بين عبق التاريخ وسلاسة اللّغة, غايته إبراز الممارسة الإنسانية لشخوص الرواية وتلاقحها بين الماضي والحاضر دون تكلف وتصنع، فالحاضر هو الابن الشرعي للماضي ومهما حاول البعض طمس الحقائق أو تشويهها لكنها تبقى ماثلة دوماً بفعل واقعية حدوثها وأثرها الواضح المتمثل بالحاضر.
حاول المؤلف تحرير مفهوم العشق والحب الروائي النمطي من أسره الأدبي، والتأكيد على الجانب الإنساني فالحب من وجهة نظر المؤلف هو الترفع عن فكرة الزمان والمكان, فهو حدث حصل ويحصل وسيحصل في كل الأزمنة لكن ما يميز الحب هو كمية المشاعر التي تطوف حول المحبين والتي من خلالها يصبح العالم جميلاً رغم العنف والقسوة والضغائن.
فالإنسان وإن كان مجبولاً بفطرته على الاستحواذ أو التملك لغرض ديمومة بقائه ووجوده لكنه يكتسب الصفات الإنسانية بممارسته العملية لمحبة الآخرين ، فالأفراح والمسرات الإنسانية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مشاركة الحب مع الآخرين.
ما يميز رواية أوبرا 40 ليس الحكاية والقصص فحسب التي تضمها الرواية التقليدية إنما مجموعة الأحداث التاريخية الدقيقة المشفوعة بتأثيث سردي ينقل القارئ إلى منطقة المشاركة الوجدانية مع أبطال الرواية وتلمس معاناتهم ومشاركتهم أفراحهم, وهو بحسب مفهوم التطهير يُمكّن القارئ من التخلص من أدرانه والنظر نحو الحياة بطريقة جديدة, أشبه ما تكون ببوح (المؤمن المسيحي لأسراره أمام القس في غرفة الاعتراف)، حيث يخرج القارئ من الرواية بعد إتمامها بفهم جديد للحياة، كما هي الراحة النفسية للمؤمن المسيحي بعد مغادرة الكنيسة.
عنوان الرواية (أوبرا 40) الجزء الأول بما معناه أن هناك جزء ثاني وربما ثالث لإكمال فصول الرواية وأحداثها, فماذا ستكون عليه القيمة الفنية والأدبية لمجمل أجزاء الرواية بعد إتمامها !؟ هذا ما سيحدده القارئ بعد قراءة أحداث الجزء الأول وترقب إصدار الجزء الثاني مستقبلاً.

• رواية (اوبرا 40) الجزء الاول, للكاتب الدكتور احمد بن عبد الله الصانع, صدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت عام 2021 ,عدد الصفحات مع ملحق الاغاني والاوبريتات والصور 583 صفحة.



#راسل_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرجعيات الترميز لجسد الممثل في العرض المسرحي
- جدلية العلاقة بين النص والعرض المسرحي
- مسلسل (الحسن والحسين ومعاوية) محاولة لترقيع التاريخ باسلوب س ...
- ما بعد الحداثة وجماليات المسرح
- الممثل المبدع فنان متجدد
- المثاقفة والتراث العربي المسرحي
- الان والمرحلة السابقة
- اعادة سميأة العرض لدى المتلقي المسرحي


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسل كاظم - المختلف الروائي والسردي في (رواية أوبرا 40)