أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسل كاظم - اعادة سميأة العرض لدى المتلقي المسرحي















المزيد.....

اعادة سميأة العرض لدى المتلقي المسرحي


راسل كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 5923 - 2018 / 7 / 4 - 22:05
المحور: الادب والفن
    




2/4/2011

في ظل التهميش الذي مورس على المتلقي بصفة عامة والمتلقي المسرحي على وجه الخصوص, برزت إلى السطح مجموعة من الصيحات والنداءات التي حاولت رد الاعتبار إلى المتلقي الذي عليه يتوقف الاعتراف بالعمل المسرحي وتقييمه والحكم عليه. ومما لاشك فيه أن التلقي المسرحي عملية في غاية التعقيد, وتزداد هذه الصعوبة كلما تعلق الأمر باختلاف الحقول الثقافية والمرجعيات الحضارية بين منتج العرض ومتلقيه. لأن الأول يوجه مجموعة من الخطابات المسننة المنبثقة من توجهه الفكري والثقافي إلى المتفرج الذي يجب عليه فك هذا التسنين وخلخلته وهو ما يتطلب منه إلماما معرفيا بثقافة الغير.وهذا يعني أن المتفرج/المتلقي هو أيضا مشارك فعلي في بناء العمل وقراءته وكل وصف لبنية النص يجب أن يكون في نفس الآن وصفا لحركات القراءة التي يفرضها (1) . وهذين المظهرين مترابطين. فقد نقلت الثورة المسرحية الحديثة المسرح من سلطة النص الى سلطة اخرى هي سلطة مكونات العرض بكامله، بعدما كان النص في المسرح التقليدي هو المحور الاساس والمرجعية الوحيدة لما يقدم على الخشبة، وهو صدى للحوارات التي وضعها المؤلف، بدون ان يتدخل الابداع التأويلي، للمخرج او الممثل، مما دعى الى تثوير المسرح على افتراض ان النص هو معطى مفتوح وهو مجرد اقتراح او أحتمال. ولعل هذا ما دفع رائد مدرسة كونسطانس الألمانية – التي اهتمت بشكل خاص بجمالية التلقي – هانس روبير ياوس إلى القول بأنه لا يمكن تصور حياة عمل أدبي في التاريخ دون المشاركة الفعلية للمتلقين الذين يوجه إليهم هذا العمل. وقد كان الإهتمام منصبا على مر التاريخ على جمالية الإنتاج التي وقع منظروها في مجموعة من الشوائب و الأخطاء. في حين تم إهمال جمالية التلقي. ورغم كون هذه الأخيرة حديثة العهد, إذ لم يمض في التنظير لها سوى سنوات قلائل, فإنها استطاعت أن تتمركز بشكل جيد وأن تستوعب خطابات جمالية الإنتاج بل وأن تتجاوزها. ويرى باترس بافيس أنه على الرغم من الاهتمامات المتزايدة بجمالية التلقي من قبل تيارات مختلفة فإن هذه التيارات عليها أن تستفيد من أخطاء جمالية الإنتاج التي تميزت بأحادية الجانب في مسلماتها. كما أن عليها أيضا أن تقيم مصالحة في إطار العلاقة الجدلية بين الإنتاج والتلقي فكل واحد يتحدد في علاقته بالآخر. وقد استفاد رواد المسرح ومنظروه بشكل كبير من جمالية التلقي ومدرسة كونسطانس الألمانية, حيث يعتقد أصحاب نظرية التلقي، بأن المناهج الدراسية أو النقدية القديمة، قد استهلكت، ولم تعد قادرة على مواكبة التطورات الأدبية والفلسفية، فقد أهملت المناهج القديمة العنصر الرئيس في عناصر الفعل الاتصالي، وهو المتلقي، وذلك كان بتركيزها أما على مبدع النص أو على النص نفسه، ناسية دور المتلقي في هذه العملية، مما ترتب عليه إعادة الاعتبار إلى القارئ، وتأكد ذلك على يد أعلام نظرية التلقي، ومنهم (هانز روبرت ياوس )، و(فولفكانك ايزر)، وينتمي هذان العلمان الى مدرسة كولستانس التي، أعادت بناء تصور جديد لمفهوم العملية الإبداعية، من حيث تكونها عبر الزمن – التأريخ، وطرائق اشتغال القراءة ودور القارئ في إنتاج هذه العملية أو النصوفاعلية المتلقي في إنتاج المعنى واستدعائه عن طريق التأويل الذي يعد جوهر اللذة الفنية عند منظري جماليات التلقي، فالتلقي يضفي على النص وجوداً وتكاملاً من خلال تثوير بناه الداخلية وإضاءتها واستنطاق معانيها، مما يجعله غنياً بدلالات لا نهائية واستعاروا منها مجموعة من الأدوات الإجرائية والمفاهيم, فيما يقترح (ياوس)، مصطلح (أفق الانتظار)، الذي يعد الركيزة الأساس لتنظيره لجماليات التلقي، ويعرفه ياوس: (بانه منظومة من المعايير والمرجعيات لجمهور قارئ في لحظة معينة يتم انطلاقاً منها قراءة عمل وتقويمه جمالياً، وهو أن العمل نفسه يمتلك افقه الخاص به)(2). وافق الانتظار يجعل النص أما مؤكداً للتوقعات او معدلاً لها، أو محضاً لها، ليصبح أفق التوقع قريباً مع أفق القارئ او بعيداً عنه، فينتج فرقاً تأويلياً بين آلية التلقي وزمنية النص،. وينتج عن تلقي المتفرج لعمل ما إما الاستجابة لأفق انتظاره, بمعنى أن العمل الذي تلقاه هو عمل عادي ومبتذل, و إما تخييب أفق انتظاره إذا كان العمل دون المستوى , أو تغيير أفق انتظاره في حالة ما إذا كان العمل جديدا وتجريبيا يتجاوز المتداول ويقدم اجتهادات وإضافات نوعية ومختلفة. واستنادا إلى ياوس حاول كيرايلام تحديد أفق الانتظار – أو أفق التوقع- في علاقته بالمسرح قائلا : (إن إدراك المشاهد المعرفي للإطار المسرحي ومعرفته بالنصوص والقوانين النصية والاتفاقات يشكلان بالإضافة إلى إعداده الثقافي العام وتأثير النقاد والأصدقاء وغير ذلك ما يعرف في علم جمال التلقي بأفق التوقعات الذي بواسطته يتم قياس المسافة الجمالية التي يولدها العرض في ابتكاراتها وتعديلها للتوقعات المستقبلية) (3). يبدو إذن والحالة هاته أن هناك ارتباطا وثيقا بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي في تشكيل أفق الانتظار أو التوقع لكل متفرج على حدة. والجانب الموضوعي يتكون من مجموع المبادئ والأعراف والقيم الأخلاقية والمعرفية والثقافية السائدة داخل مجتمع معين, والتي ليست حكرا على جماعة أو شخص بعينه. بينما الجانب الذاتي يتعلق بالتكوين الشخصي للفرد ومدى تفاعله مع الجانب الموضوعي لجعله يحقق استقلالية نسبية وتميزا داخل حيز مجتمعي محدد. واستفاد المسرح كذلك من الرائد الثاني لجمالية التلقي الألماني وولفغانغ ايزر, وخاصة نظرية الوقع الجمالي التي تتجلى في العلاقة بين النص ومتلقيه, وهي تقوم على ثلاثة أعمـدة هــي النص والقــارئ وتفاعلهما وحاول ايزر ممارسة الاختلاف مع ياوس الذي جعل أفق الانتظار والمسافة الجمالية لا تخرج عن الإطار الذاتي والموضوعي مستبعدا أي عناصر خارجية, في حين أن ايزر استبعد كون الوقع الجمالي نابعا من طبيعة الأدب نفسه, بل من العلاقة الجدلية والحوارية التي تجمع النص بمتلقيه وسيرورة هذه العمليةوينظر (ايزر) إلى النص، على انه شبيه بهيكل البناء غير المكتمل، فما على القارئ ألا أن يقوم بإكماله من اجل أن يكون التواصل قائماً بين الطرفين وهذا ما اسماه بمفهوم (الفجوات)، فعملية التواصل الممكن حدوثها بين النص والقارئ تفترض ألا تماثل بينهما. وما هو ثابت في عملية التلقي المواحهة المباشرة بين الممثل والمتلقي باعتبارهما محورا التمسرح . ولا يمكن تصور أي عمل مسرحي بدونهما. إلا أن العلاقة بينهما لم تكن على الدوام متكافئة,. وقد انتقد بافيل هذا التوزيع غير الدقيق وغير العادل بين الممثلين والمتفرجين الذين يقومون في الغالب بدور سلبي داخل قاعة المسرح. ذلك أنه بمجرد انطلاق العرض المسرحي يكون لكل ممثل دور محصور ومحدد, في حين أن المتفرجين يقومون بنفس الدور. لهذا يكون حضور كل ممثل أساسي بالنسبة للعرض كله في الوقت الذي يمكن فيه تعويض كل متفرج بمتفرج آخر... فالممثلين لهم وظيفة نوعية بينما المتفرجين لهم وظيفة كمية وينظر إليهم باعتبارهم عددا معينا ليس إلا ,ومن ثم فإنه يجب إعادة النظر في هذا التوزيع غير العادل للأدوار والنظر إلى المتفرج باعتباره صانعا للفرجة أيضا وليس فقط مستهلكا سلبيا لها. فالمتفرج هو اللبنة الأساسية لكل عمل مسرحي, وبغيابه يصير هذا العمل غير ذي بال. إذ من المفروض أن يقوم بمهمة تقييمية وتقويمية في نفس الآن. وبفضل احتجاجاته وصخبه ومناقشاته وتشجيعا ته ينتبه المخرج المسرحي إلى مكامن القوة والضعف في عمله. وهو ما تثمنه آن أوبر سفيلد بقولها :( يجب أن نعلم أن المتفرج هو الذي يخلق الفرجة مثله في ذلك مثل المخرج المسرحي). فهو يعيد تركيب العرض كله على المحورين العمودي والأفقي. فالمتفرج مضطر ليس فقط لتتبع حكاية معينة, ولكن لإعادة تركيب الوجه العام لكل العلاقات المتصلة بالعرض في كل لحظة وهنا تكمن المهمة الصعبة الملقاة على عاتق الجمهور. ذلك أن فهم وتأويل أي عمل مفتوح يمر عبر المؤلف الذي يشحنه بتصوره الشخصي المسكون بتجربته وزوايا نظره ورؤيته للعالم. ثم يأتي بعد ذلك المخرج الذي يعد مسرحة هذا النص, ليقذف به إلى الممثل سيد الخشبة ليضع عليه بصماته الخاصة. وليصل في آخر محطة إلى الجمهور الذي يتلقاه بآفاق انتظارية مختلفة تختلف باختلاف المستويات السوسيوثقافية للمتفرجين (4), ان الفن لم يبدع من اجل المتع الجمالية فقط، وإنما له معان أيضا، وفهم العمل الفني يتأتى من تداخل تجربة الإنسان الوجودية وتجربة العمل الفني، الذي يتطلب تفسيراً من اجل تلاقح التجربة الذاتية مع أغراض وجماليات العمل الفني، "فالفن يتطلب تفسيراً بسبب غموضه الذي لا ينضب معينه ما دام كل تحليل يتطلب إعادة تجميع العلامات وبناء المجموعات كما أن هناك علاقة جدلية ومرجعية بين العالم الخارجي –عالم التجربة والثقافة- والعالم المفترض المحدود داخل الفضاء المسرحي. وهو ما يجعل المتفرج يتوزع بين الواقع والمتخيل, ويحاول قدر الإمكان مقارنة ما يراه على الخشبة بعالمه اليومي الذي يتحرك داخله بصورة مطردة و يعيش حياته بتلويناتها و تشعباتها.
الهوامش:
(1) ينظر: برمانة سامية, اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻭﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﺍلمسرحي, ص108.
theses.univ-oran1.dz/document/THA2468.pdf
(2) هانز روبرت ياوس، علم التأويل الأدبي ، مجلة العرب والفكر العالمي، العدد (3)، 1988، ص 8.
(3) برمانة سامية, ,ص108.
(4) برمانة سامية, ,ص110.


2/4/2011



#راسل_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راسل كاظم - اعادة سميأة العرض لدى المتلقي المسرحي