- حي بن يقضان - ابن طفيل ( الحلقة الخامسة)

إدريس غازي
كاتب و باحث
(Driss Rhazi)

الحوار المتمدن-العدد: 7243 - 2022 / 5 / 9 - 01:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ويبقى ابن طفيل ملتزما بأسلوبه التقريري إلى أن يخلص حي بن يقضان إلى وجود " فاعل مختار في غاية الكمال وفوق الكمال " وان كل الفضائل هي من " فيض ذلك الفاعل المختار جل جلاله ومن وجوده ومن فعله ،فعلم الذي هو في ذاته أعظم منها واكمل " هنا ينتقل ابن طفيل إلى أسلوب تعبيري إنشائي يصف الانتقال من تعرف الوجود المادي المحسوس والمعلوم ،إلى تامل وجود روحي ومطلق ومجرد ،والتحول من الطبيعة إلى ما وراءها ،ومن العلم إلى التصوف .وهذا التحول بالرغم من المقدمات التي سبقته وهيأت له،يتخذ شكل منحى حاد يشطر النص تماما ،كما يشطر مسيرة حي العقلية والنفسية .
إن العقل هي أداة حي في معرفة الوجود ،وسيد الحدث في تلك اللحظة ،يخلع عن عرشه وينفى لتتوج الروح بدلا منه وذلك حيت يخلص حي بن يقظان إلى أن " كل قوة في جسم ،فإنها لا محالة لا تدرك إلا جسما ،أو ما هو في جسم .....وقد تبين أن هذا الموجود الواجب الوجود بريء من صفات الجسم من جميع الجهات .إذن لا سبيل إلى إدراكه إلا بشيء ليس بجسم ،ولا هو قوة في جسم ،ولا تعلق له بوجه من الوجوه بالأجسام عنده .فتبين له أن ذاته التي أدركه بها أمر غير جسماني ،ولا هو داخل فيها ولا خارج منها ولا متصل بها ولا منفصل عنها وقد كان أن تبين له أن ما أدركه بذاته ورسخت المعرفة به لا يجوز عليه شيء من صفات الاجسام وان كل ما يدركه من ظاهر ذاته من الجسيمات فإنها ليست حقيقة ذاته ،ذلك الشيء الذي أدرك به الموجود المطلق الواجب الوجود ...
أشرنا في الحلقة الثانية لإشكالية العقل والنفس وعلاقتها بالبدن / علاقة المادة بالروح .يتضح جليا فيما سبق أن ابن طفيل يضع حدا فاصلا بينهما ...تهمنا هذه الإشكالية ها هنا وفي هذه المناسبة ،مناسبة عرض القصة ومن خلالها فكر وفلسفة ابن طفيل ،لكن نظرا لعدم اكتمال القصة بمفاصلها الأساسية نرى أنه من الأفضل تاجيل تحليل العلاقة الإشكالية بين الروح والجسد ،بين النفس والعقل ،بين الوجود والموجود ....
يتبع.

#إدريس_غازي (هاشتاغ)       Driss_Rhazi#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل