أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس غازي - فوكو وإبستيميات العصور الثلاثة














المزيد.....

فوكو وإبستيميات العصور الثلاثة


إدريس غازي
كاتب و باحث

(Driss Rhazi)


الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 03:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


( الجزء الثالث )
وقفنا سابقا عند تحديد الابستيميات الثلاث : 1)العصر الوسيط و2)العصر الكلاسيكي ثم 3) عصر الحداثة .
أما بخصوص الابستيمي الأول : كانت المعرفة تتمحور في العصر الوسيط حول التشابه la ressemblance والمحاكاة ، أي أن أشياء العالم تتشابه فيما بينها، كما كانت المعرفة تستند على التأليه(تنسب كل شيئ الى الالاه) وعدم الإعتراف باصطلاحية ومواضعة اللغة ؛ حيث ظللت وحدات اللغة المعجمية وكلماتها وتعابيرها عبارة عن علامات الطبيعة الأخرى كالنباتات والحيوانات والاسماك والجبال ...واعتبرت اللغة في حد ذاتها جزءا من الطبيعة، وأن التشابه في هذه المرحلة الوسطى هو " الذي قاد في جانب كبير ، تفسير l exégèse وتأويل النصوص ، وأنه هو الذي نظم كذلك لعبة الرموز symboles وأتاح الأشياء المرئية واللامرئية " ( فوكو: الكلمات والأشياء .ص.32 ) .
ولعل ما أتاح لعبة الرموز هذه هو تقارب الأمكنة والإنعكاس البسيط للعبة التعاطف والتجاذب والتشابه التي كانت تمتلك القدرة على المقاربة بين الأشياء المختلفة وصهرها في هوية واحدة أساسية، وحيث إتصال هذه الأشياء ينشق التشابه ويتولد ؛ ولم يكن التماثل la similitude هنا إلا بمثابة علاقة خارجية بين الأشياء ، بل كذلك علامة على قرابة محتمة شيئا ما. ويلاحظ م.فوكو أن من هذا الفعل وهذه الملامسة تنشأ متشابهات جديدة بالتبادل، بحيث إن" هناك نظام موحد مفروض على التماثل كتبرير خفي للتقارب ". فكان يكفي أن يتلفظ المرء بكلمة « سكمة » مثلا حتى يحضر إلى ذهنه على الفور صورة الشيء المعني بها ، وكأن بينهما قرابة طبيعية لا مجال للشك فيها أو التمييز بينها، وأصبحت العلامة le signe هي الشيء ، والشيء هو العلامة، وبما أن الله هو الذي خلق الأشياء واللغات فقد وضع لكل إسم مسمى يرتبط به بالضرورة، ويدل عليه بشكل لازم، ولذلك كان الناس في هذه الفترة يعتقدون أنه لم تكن إلا لغة واحدة قدمها الله للبشر هدية منذ البداية .
وتبدو هذه الصيغة أو هذا النمط من المعرفة الذي ساد العصور الوسطى -في اعتقاد م. فوكو - غنيا وفقيرا في ٱن واحد : غني لأن التماثل والإحالة على عملية التشابه لا تنتهي بشكل لا محدود ، ولامتناهي . وفقير أيضا لأنه ينبني على مجرد الإضافة والإضافة فقط. لكن هذه القطيعة التي حصلت في القرن السابع عشر سرعان ما شكلت إبيستيما جديدا وهو ما سنعرض له في الفقرة الموالية .
سبق لنا ان تطرقنا سابقا ،الى ديكارت ، أو بالأحرى ثورة القرن السابع عشر التي عاشها الفيلسوف، قد أحدثت قطيعة مع العصر الوسيط ، وأسست إبستيما جديدا آخر ، ترى ماهي طبيعة هذا الإبستيمي / النظام المعرفي ؟
في هذا النظام المعرفي لم يعد ثمة وجود لعملية التشابه والمحاكاة لمعرفة أشياء الكون والعالم، بل أصبح هذا النمط يدل على الوهم والارتباك .. نجد ديكارت هنا، قد ضرب التشابه عرض الحائط وأقصاه من ساحة المعرفة، ولكن هذا لا يعني أنه ألغى المقارنة بين الأشياء كوسيلة للمعرفة ،بل على العكس من ذلك ،فقد اعترف بشرعيتها في الوجود ؛ بيد أن المقارنة - كما برهن عليها فوكو في كتابه المذكور - أصبحت تعتمد على وحدات قياس صغيرة ودقيقة من أجل دراسة أشكال الأشياء وأحجامها ، وتحديد ليس فقط ، أوجه التشابه بينها وإنما أوجه الإختلاف والفرق بينها أيضأ، وأصبحت الرياضيات الديكارتية في العصر الكلاسيكي ،أداة للقياس والمقارنة بين الأشياء بصفتها علما كونيا للنظام Mathésis حتى بالنسبة للأشياء التي تتعذر على القياس الرياضي عادة . لقد حصل آنذاك تمزق في لحمة القرابة العتيقة التي تربط الكلمات بالأشياء.. ونظرا لتعدد الإشكالات التي تؤثث مشهد الاتصال والانفصال بين ايبستيميات العصور الثلاث ارتأيت تبسيط القول في هذا في مقالاتي اللاحقة.



#إدريس_غازي (هاشتاغ)       Driss_Rhazi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشيل فوكو وايبيستيميات العصور الثلاث
- الإبستيمي والخطاب
- القطيعة في تاريخ الخطابات
- حقوق الطفل الانسان من خلال البرامج الدراسية في المدرسة المغر ...


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس غازي - فوكو وإبستيميات العصور الثلاثة