أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - تحدي المياه والتنمية الزراعية في الوطن العربي















المزيد.....



تحدي المياه والتنمية الزراعية في الوطن العربي


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 7241 - 2022 / 5 / 7 - 18:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بحث مقدم إلى:
المؤتمر السنوي الثالث لمركز دراسات المستقبل - جامعة أسيوط:
المياه العربية وتحديات القرن الحادي والعشرين
أسيوط 24 - 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1998


تحدي المياه والتنمية الزراعية في الوطن العربي
Contents
المقدمة: 2
أولا - التنمية الزراعية في الوطن العربي: 3
1 - خصائص التنمية الزراعية في الوطن العربي: 4
أسباب تدني الإنتاج الزراعي والإنتاجية في الوطن العربي: 6
2 - مقومات التنمية الزراعية: 8
3 - نتائج التنمية الزراعية: 9
ومن أهم نتائج التنمية الزراعية: 10
4 - معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي: 10
- أسباب انخفاض الإنتاجية وتزايد العجز في سد احتياجات السكان في الوطن العربي: 11
5 - متطلبات التنمية الزراعية: 14
ثانياً - الري والموارد المائية والتنمية الزراعية في الوطن العربي: 15
ثالثاً - السياسات المائية والتوجه الخاطئ للموارد المائية في الوطن العربي: 19
ويمكننا تحديد الأهداف الرئيسة لسياسة الري وفقاً لما يلي: 19
رابعاً - العمل العربي المشترك الموارد المائية والتنمية الزراعية: 21
خامساً - تنمية الموارد المائية في الوطن العربي: 22
الخاتمة والتوصيات: 24

تحدي المياه والتنمية الزراعية في الوطن العربي
المقدمة:
تعد الزراعة من أقدم الأنشطة الاقتصادية التي عرفتها البشرية، كما تعد من أكثر الأنشطة أهمية، ذلك لأنها تشكل مصدراً لإشباع الحاجات الأساسية للمجتمع (الغذاء والكساء والمأوى)، وتستوعب قسماً كبيراً من الموارد البشرية، لذا نلاحظ أن تنمية مجمل الاقتصاد الوطني ترتبط بالتنمية الزراعية. وتأتي ضرورة وأهمية البحث في مجال التنمية الزراعية والموارد المائية في الوطن العربي من خلال العوامل التالية:
1 ـ يعد النشاط الزراعي النشاط الإنتاجي الأول للإنسان على هذه الأرض.
2 ـ للزراعة دور رئيس في تطوير كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
3 ـ لم يعد النشاط الإنتاجي في قطاع الزراعة نشاطاً بدائياً يعتمد على هبات الطبيعة من موارد مياه وأراض صالحة للزراعة وسواها، بل أخذ الإنسان يستخدم التطور الثقافي والتقدم العلمي في الزراعة ووصل هذا النشاط إلى مرحلة التصنيع.
4 ـ تعاظم قدرة الإنسان على الاستفادة من الموارد الطبيعية في قطاع الزراعة.
5 ـ استخدام التحليل الاقتصادي في النشاط الزراعي بهدف اختيار طرق الإنتاج وفنونه الملائمة وذات المردود الاقتصادي الأعلى.
6 ـ يشكل العاملون في قطاع الزراعة نسبة عالية من قوة العمل في مختلف بلدان العالم. ويشغل الزراعيون نسبة عالية من مجمل سكان العالم.
7 ـ لا يزال قطاع الزراعة يسهم بنسبة عالية من مجمل الإنتاج العالمي وتؤمن المنتجات الزراعية الغذاء للإنسان ومادة أولية للصناعات الغذائية.
يخضع النشاط الاقتصادي الزراعي في نتائجه إلى مؤثرات خارجة عن إرادة الإنسان المنتج، وهذا يشكل خصوصية في ضرورة التعامل مع هذا النشاط. "تناقص الوقت اللازم لإنتاج السيارة من الحديد (الفترة بين دخول الحديد إلى المصنع وخروجه على شكل سيارة جاهزة للاستخدام) من 21 يوماً في عام 1917 إلى ساعة و11 دقيقة في عام 1930، وهو أقل بكثير في يومنا هذا، ولكن يضل الزمن الضروري لإعادة الإنتاج الزراعي ثابتاً تقريباً 22 - 27 شهراً بالنسبة للبقر، و245 يوماً بالنسبة للقمح، ولتفقيس صوص من البيضة يلزم 21 يوماً "
كل هذه العوامل تعطي الزراعة والتنمية الزراعية أهمية خاصة من النشاط الاقتصادي العالمي وفي حياة البشر بشكل عام.
يعد الوطن العربي من المناطق ذات الموارد المائية المحددة قياساً بمساحة الأراضي الصالحة للزراعة، أو قياساً بالموارد المائية المتوفرة في البلدان الفنية بالمياه. يقوم حجم الموارد المائية في الوطن العربي بنحو 155 مليار متر مكعب سوياً موزعة حسب المصادر التالية:
1 ـ الأمطار.
2 ـ الأنهار.
3 ـ المياه الجوفية.
وتطرح المتغيرات الدولية الجديدة تحديات هامة أمام تطوير قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء في الوطن العربي يهدف زيادة كمية الإنتاج الزراعي وتطوير ورفع الكفاءة التسويقية وتحسين مستوى الأمن الغذائي. وهذا يستوجب انتهاج أنماط جديدة في السياسات الزراعية والاستثمار والأساليب التكنولوجية المستخدمة، وتنسجم مع الاحتياجات وتستفيد من القرص الجديدة في مجال تحرير التجارة وفي مجال العلوم البيولوجية وتكنولوجيا الاتصالات.
أولا - التنمية الزراعية في الوطن العربي:
تعد التنمية الزراعية الشاملة (التنمية الريفية المتكاملة) مهمة مستمرة طويلة الأمد تتصف بالشمولية والتكاملية والتعددية. وتنطلق في العملية البنائية من الأسفل إلى الأعلى وفق مبدأ الاعتماد على النفس. وهذا يتطلب توفر الإرادة السياسية القادرة على والراغبة في إحداث تغييرات هيكلية لبنية المجتمع في ظل التخطيط الشامل، كما تتطلب العدل في التوزيع والمشاركة الجماهيرية، والبيئة المؤسسية المناسبة وبخاصة ما يتعلق بالإصلاح الزراعي والمؤسسات الريفية، وإدارة التنمية الريفية. مع التركيز على سياسات الاستثمار من زاوية إعادة توزيعه بين الوحدات المختلفة في إطار التنمية الريفية المتكاملة.
ويعتمد الإنتاج الزراعي والغذائي يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية:
- المصادر الطبيعية (الأرض والموارد المائية والمناخ).
- الأيدي العاملة (قوة العمل والطاقة المستعملة في الإنتاج).
- رأس المال اللازم لتأمين مستلزمات الانتاج الزراعي (البذور والأسمدة، والآليات ومختلف المشاريع).
إضافة إلى السياسة التي ينتهجها كل بلد في تخطيط الإنتاج الغذائي وتشجيعه، وكفاءة الإنتاج وفعالية استعمال الموارد واستخدام العلم والتكنولوجيا والمؤسسات العلمية لدعم الإنتاج الزراعي والغذائي وزيادة الإنتاجية.
1 - خصائص التنمية الزراعية في الوطن العربي:
تبلغ مساحة الرقعة الجغرافية للوطن العربي حوالي 1402.45 مليون هكتار وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للزارعة 198.20 مليون هكتار وفي عام 1996 بلغت مساحة الأراضي المزروعة 69.24 مليون هكتار. وتبلغ مساحة الأراضي الحراجية "الغابات" 74.31 مليون هكتار وهي تشكل أقل من 5% من الرقعة الجغرافية للوطن العربي. أما بالنسبة للمراعي فتبلغ مساحتها 502.69 مليون هكتار. وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المروية 11.13 مليون هكتار.
لقد بلغ متوسط نصيب الفرد من القوى العاملة الزراعية من الناتج المحلي الزراعي على مستوى الوطن العربي في عام 1980 نحو 1116 دولار. وبدرجة متفاوتة من قطر عربي لآخر. كما بلغ متوسط الناتج المحلي الزراعي من الأراضي المزروعة في عام 1980 على مستوى الوطن العربي حوالي 527 دولار للهكتار الواحد. وفي عام 1995 بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 2167.47 دولار، كما بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج الزراعي 284.04 دولار.
يمثل سكان الريف في الوطن العربي حوالي 48% من مجوع السكان تعتمد الغالبية العظمى منهم في نشاطها الاقتصادي على الزراعة. وكانت نسبة العمالة الزراعية في عام 1995 حوالي 36% من أجمالي القوى العاملة ويلاحظ تراجع هذه النسبة بسبب تزايد الهجرة من الريف إلى المدينة الناجمة عن ضعف الخدمات الأساسية في الريف وتدني عوائد القطاع الزراعي بالمقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وتتفاوت نسبة العاملين في القطاع الزراعي إلى إجمالي القوى العاملة من دولة لأخرى، حيث ترتفع هذه النسبة في كل من الصومال وموريتانيا لتصل إلى أكثر من 53% من إجمالي القوى العاملة، وفي بلدان أخرى كالسودان واليمن يمثل العاملون في الزراعة أكثر من نصف عدد القوى العاملة فيها، وفي مصر 30% وفي السعودية 15% وفي المغرب 40% وفي العراق 26% وتنخفض هذه النسبة في الأردن لتصل إلى 15% ولا تتجاوز تلك النسبة 7% في الدول العربية ذات الموارد الزراعية المحدودة مثل الكويت والبحرين والإمارات وقطر.
وتمتلك الدول العربية قطعان من الماشية (الغنم، الماعز، الأبقار الجمال والجاموس) تصل إلى حوالي 190.57 مليون غراس وتشكل قطعان الماشية المصدر المتجدد الذي يزود السكان بالحليب واللحوم الحمراء. وفي عام 1995 وصل إنتاج الوطن العربي من اللحوم الحمراء كمية 3192.79 ألف طن ومن لحوم الدواجن 1621.99، ومن الألبان 16785.80 ألف طن ومن البيض 850.56 ألف طن ومن الأسماك 2312.72 ألف طن.
يتم قياس أوضاع التنمية الزراعية في الوطن العربية من خلال المؤشرات التالية:
1) ـ متوسط قيمة إنتاج العامل في القطاع الزراعي. ويتم تحديد متوسط قيمة إنتاج العامل في القطاع الزراعي بالاستناد على عدد من العوامل أهمها:
آ ـ سياسات تدريب العمالة والتركيب العمري للقوى العاملة.
ب ـ مدى توفر عناصر الإنتاج.
ج ـ طبيعة علاقات الإنتاج.
د ـ الأسعار الزراعية المحلية والعالمية.
هـ ـ علاقة قطاع الزراعة بقطاعات الاقتصاد الوطني الأخرى (الصناعة، الخدمات).
2) ـ معدل نمو الإنتاج الزراعي: لقد تناقضت الأهمية النسبية للقطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد القومي على مستوى الوطن العربي، ويرجع ذلك إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الزراعي كان أقل من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في القطاعات الاقتصادية الأخرى. ووصل معدل نمو الإنتاج الزراعي خلال الفترة 1970ـ 1980. أعلى مستوى له في ليبيا 11.1% تليها سورية 8.3% ثم الكويت 7.4% وأقل من 5% في الدول الأخرى. واستمر هذا الاتجاه خلال حقبة الثمانينات والتسعينات من هذا القرن ولكن بنسب أقل.
3) ـ الميزان التجاري للسلع الزراعية: وصلت قيمة الواردات الزراعية العربية في عام 1981 حوالي 21.2 مليار دولار وقد تزايدت بمعدل سنوي قدره 26% خلال الفترة 1970ـ1980 في حين بلغت قيمة الصادرات الزراعية في عام 1981 حوالي 3.1 مليار دولار. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة قيمة الصادرات الزراعية إلى قيمة الواردات الكلية قد بلغت حوالي 5% في عام 1979 ثم انخفضت إلى نحو 2% في عام 1980. الأمر الذي يشير إلى ضآلة مساهمة الصادرات الزراعية في تمويل الواردات الكلية على مستوى جميع الدول العربية. وفي عام 1995 وصلت قيمة الواردات الزراعية العربية إلى 19.67 مليار دولار.
أسباب تدني الإنتاج الزراعي والإنتاجية في الوطن العربي:
ويمكننا تحديد أهم عوامل وأسباب تدني الإنتاج الزراعي والإنتاجية في الوطن العربي وفقاً لما يلي:
(1 ـ الاعتماد في معظم البلاد العربية على الزراعة المطرية، والتعرض لقسوة الظروف المناخية وتقلباتها وهذه مشكلة عامة لجميع البلاد العربية.
2 ـ محدودية المياه المستخدمة للري، خاصة في الأردن وفلسطين وتونس والجزائر وسوريا واليمن وجيبوتي والإمارات والبحرين والسعودية وقطر والكويت.
3 ـ ازدياد ملوحة التربة والمياه الجوفية بسبب الاستنزاف الجائر للموارد المائية، بالأخص في البحرين وعمان وفلسطين وموريتانيا.
4 ـ تدهور خصوبة التربة بسبب الزراعة والرعي الجائر. وهذه مشكلة عامة في جميع البلاد العربية، وموجودة في مصر في الأراضي الزراعية القديمة.
5 ـ استمرار وجود الضرائب المباشرة على الزراعة في بعض البلاد العربية، وكذلك الضرائب غير المباشرة الناجمة عن التأخر في تحرير أسعار العملات في بعض الحالات أيضا. ومن الأمثلة على الضرائب المباشرة ضرائب العبور التي لا تزال تفرض في السودان على السلع الغذائية بالرغم من قرار إلغائها.
6 ـ تخفيض الدعم المقدم إلى المزارعين بسبب السياسات غير المدروسة.
7 ـ استمرار وجود الأسعار غير المجزية لبعض المنتجات الزراعية، مما ينعكس سلبا على قرارات المنتجين.
8 ـ ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وبالأخص في مصر والأردن واليمن ولبنان.
9 ـ انخفاض معدلات، خاصة في الجزائر وموريتانيا والمغرب والصومال والسودان وتونس والعراق وسوريا واليمن.
10 ـ انخفاض مستوى المكننة الزراعية في جميع البلاد العربية.
11 ـ عدم توفر التقاوي والبذور المحسنة والمبيدات بالشكل الكافي، كما هو الحال في السودان والعراق وليبيا وموريتانيا والصومال واليمن.
12 ـ ارتفاع الفاقد على مستوى المزارع وفي مراحل بعد الحصاد، كما في مصر وسوريا والسودان والمغرب.
13 ـ استمرار وجود الآفات الزراعية والأمراض الحيوانية، كما في السودان وموريتانيا والصومال وعدم اعتماد برامج وقائية للحماية منها في بعض المواسم في باقي البلاد العربية.
14 ـ نقص توفر الأعلاف الحيوانية والمركزات منها، خاصة في المغرب والسودان والعراق واليمن.
15 ـ استمرار الضعف في البنيات الخدمية والتسويقية للنشاط الزراعي.)
يتم حالياً إنتاج الثروة الحيوانية في معظم أقطار الوطن العربي بصورة متوسعة جداً ويعتمد الإنتاج على الرعي في المناطق الأكثر جفافاً، في خلوات واسعة تعرف بمناطق الرعي المشاع. لذلك لا يمكن أن تتحقق زيادات في الإنتاج الحيواني دون إجراء تغييرات جذرية في طريقة إدارة الإنتاج والتقنيات المستخدمة وخاصة ما يتعلق منها باتخاذ إجراءات وقائية واسعة ضد التأثيرات البيئية غير المواتية التي تتعرض لها قطعان الماشية.
من المتوقع أن يستمر العجز في معظم السلع الغذائية في الوطن العربي، حتى البقوليات يكون فائض الوطن العربي منها وهمياً، لأن قسماً كبيراً منها ينتج في بعض أقطار الوطن العربي، في حين تقع الدول المتبقية في حال عجز. وفي العديد من السلع الغذائية، حتى مع ثبات نسب الاكتفاء الذاتي أو تحسينها، سيزداد الحجم المطلق للعجز، ومن المتوقع حدوث عجز رئيسي في الحبوب، وخاصة القمح والسكر والزيوت النباتية ومنتجات الثروة الحيوانية.
2 - مقومات التنمية الزراعية:
يمتلك الوطن العربي العديد من المقومات التي تساعد على تحقيق التنمية الزراعية نذكر منها:
1 ـ توفر حاجات كبيرة صالحة للزراعة في الوطن العربي تصل إلى نحو 198 مليون هكتار يستغل منها حالياً حوالي 50 مليون هكتار وهذا يعادل 25% من المساحة الصالحة للزراعة.
2 ـ امتداد الوطن العربي في أحزمة بيئية متعددة مما يمكن من إنتاج محاصيل زراعية متنوعة وهذا يزيد من طرق التكامل بين البلدان العربية.
3 ـ توفر إمكانيات كبيرة لتكثيف الإنتاج الزراعي عن طريق التوسع في استخدام الأسمدة والتفادي المحسنة والآلات والتقانة العالية والحد من نظام تبوير الأراضي الزراعية.
4 ـ توفر الكوادر الزراعية الفنية.
5 ـ وجود بعض الفوائض المالية العربية التي يمكن أن تستثمر في الزراعة.
إن جميع المعطيات والظروف الطبيعية توضح لنا إمكانية تطوير قطاع الزراعة ليقوم بدوره الأمثل في عملية التنمية الاقتصادية، ومن الممكن أن يتعدى الأمر ذلك ليصبح الوطن العربي من المناطق المصدرة للمنتجات الزراعيين وهذا يمكن تطبيقية عن طريق التنمية الزراعية وتطوير الاستثمار الزراعي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وبخاصة الموارد المائية وترشيد استخدامها في الزراعة.
3 - نتائج التنمية الزراعية:
بدأت الدول العربية زيادة اهتمامها بقطاع الزراعة مع بداية الثمانينات من هذا القرن، مما أدى إلى زيادة نصيب قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي في الوطن العربي من 8.9% في عام 1985 إلى 11.4% في عام 1990 ثم إلى 13.0% في عام 1996. وأدى ذلك إلى زيادة كميات الإنتاج الزراعي حيث تضاعف إنتاج الحبوب خلال فترة عشر سنوات فازداد من 22.4 مليون طن في عام 1984 إلى 43.7 مليون ناطق في عام 1994. وازداد إنتاج القمح بنسبة 120% خلال نفس الفترة أي من 8.8 مليون طن في عام 1984 إلى 19.9 مليون طن في عام 1994.
وبالتالي تحسنت نسبة الاكتفاء الذاتي من الحبوب فازدادت من 40.35% في عام 1984 إلى 59.21% في عام 1994، كما تحسنت بالنسبة للقمح فازدادت من 37.54% إلى 58.90 % خلال نفس الفترة.
(وقد سجلت أبرز التطورات في هذا المجال في كل من مصر والسعودية وسوريا. ففي مصر ازداد إنتاج القمح بحوالي ثلاثة أضعاف منذ عام 1975 وبلغ 17 مليون طن عام 1995، حيث بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي منه 55%. وتأمل الحكومة المصرية من خلال تنفيذها لبرنامج إنتاجي طموح يعتمد على تكثيف الإنتاجية باستخدام البذور المرتفعة المردود وتقنين استخدام المياه إلى التمكن من إقفال الفجوة الغذائية في القمح في غضون عشرة سنوات.
أما في السعودية فقد تمكنت الجهود الحثيثة من مواجهة التحديات الناشئة من الطبيعة القاسية للمناخ والتربة، ونجحت في توسيع الرقعة الزراعية من 150 ألف هكتارا عام 1975 إلى أكثر من 2 مليون هكتار عام 1996. واخذ إنتاج القمح بالتنامي حتى بلغ 4.12 مليون طن عام 1992، حيث تمكنت بذلك السعودية للمرة الأولى من دخول أسواق التصدير. ثم اخذ الإنتاج بالتراجع بسبب السياسة التي اعتمدتها المملكة في التركيز على تأمين الاحتياجات المحلية، بما فيها تأمين مخزون احتياطي، من اجل تقنين استخدام المياه، وبلغ الإنتاج عام 1994 حوالي 2.68 مليون طن، وذلك بسبب تخفيض المساحة المزروعة قمحا لصالح زراعة الشعير. ولقد كان السبب الرئيسي في النجاح المحقق في الدعم الذي وفرته الحكومة للمزارعين، وبالأخص القروض التي وفرها البنك الزراعي السعودي التي بلغ مجموعها حتى منتصف عام 1995 حوالي 454 مليون دولارا.
وفي سوريا ارتفع إنتاج القمح من 1550 ألف طن عام 1975 إلى 4185 ألف طن عام 1995 وبمتوسط سنوي قدره 4.8% وهو ما يفوق معدل نمو السكان البالغ 3.1% وقد جاء هذا التحسن بسبب زيادة مساحة الزراعة المروية، وذلك بسبب التطور في مردود الوحدة الإنتاجية. حتى أن الزراعة المروية في سوريا باتت تستأثر بأكثر من 91 % من إجمالي الموارد المائية المستخدمة.
ومن أهم نتائج التنمية الزراعية:
• توفير الغذاء لضمان بقاء الإنسان. واستمرار حياته.
• إسهام الزراعة في تكوين رأس المال وتنمية القطاعات الأخرى.
• المساهمة في الاستخدام عن طريق ما يرافق التنمية الريفية من انخفاض تدريجي في قوة العمل الزراعية لصالح القطاعات الأخرى.
• توسيع السوق المحلية وتوفير النقد الأجنبي.
4 - معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي:
استمرت الزراعة العربية تعاني من مشكلاتها المتعددة سواء الطبيعية منها المتعلقة بالموارد المائية والجوية ونقص العناصر الغذائية في التربة وزيادة الملوحة وإعادة التمليح، أو الاقتصادية المرتبطة بتفتيت حجم الحيازات الزراعية في إطار انتشار الملكية الخاصة، وتخلف أساليب الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية، وخاصة سوء التوزيع، استمرار ضعف البنى المؤسسية وقصور التنمية البشرية في ظل غياب متطلبات التنمية الريفية المتكاملة، لذلك لا بد من التأكيد على الجهود الزراعية المشتركة من خلال التكامل الاقتصادي العربي للتغلب على هذه المشكلات والقضاء عليها.
- أسباب انخفاض الإنتاجية وتزايد العجز في سد احتياجات السكان في الوطن العربي:
أهم المعوقات والأسباب التي أدت إلى انخفاض الإنتاجية وتزايد العجز في سد احتياجات السكان من المواد الغذائية على المستوى القطري وعلى مستوى الوطن العربي:
1 - معوقات في مجال استعمال الموارد في إنتاج المواد الغذائية، وهذا يشمل مياه الري وأنظمة الصرف، خصائص الأرض الزراعية واستعمالاتها، النمط المحصولي وقابلية الأرض لإنتاج محصول دون آخر، ضعف الإجراءات والتشريعات لحماية مصادر إنتاج الغذاء.
2 - معوقات في مجال التسويق والسياسات التموينية وهذا يتضمن السياسات السعرية للمنتجات الغذائية وخاصة الزراعية، (انخفاض الأسعار بصورة عامة)، اللجوء إلى سياسات تموينية مهنية على الاستيراد، ضعف الإمكانيات المتمثلة بعدم توفر الأسواق المركزية المنظمة وانخفاض مستوى الخدمات التسويقية، صعوبة تبادل المنتجات الغذائية والاتجار بها بين أقطار الوطن العرب بسبب القيود التي تفرضها السلطات المحلية في كل قطر.
3 - معوقات في مجال استخدام المدخلات أو مستلزمات الإنتاج بما في ذلك البذور والاشتال، الآلات الزراعية، الأسمدة الكيماوية والمبيدات.
4 - معوقات في مجال استخدام العلوم والتقنية الحديثة في عمليات الإنتاج، وهذا يتضمن عدم وجود مؤسسات أو ضعف دورها في تقديم الخدمات التقنية مما يؤدي إلى استيراد التقنية من خارج الوطن العربي.
5 - تخلف اقتصاديات الإنتاج الحيواني.
6 - عدم وجود تنسيق وتكامل بين قطاعي الزراعة والصناعة والضعف في تأمين الحاصلات الصناعية من الزراعة.
7 - إغفال السياسات الزراعية الحكومية في حال وجودها ـ لأهمية دور الدولة في ضبط إيقاع التنمية الزراعية لتتوافق مع التنمية الشاملة والاحتياجات الفعلية لتأمين الأمن الغذائي. وبخاصة السياسات التالية:
- سياسات التسعير.
- السياسات المالية وبخاصة المتعلق منها بالضرائب.
- سياسة الدعم وتشجيع الزراعة.
- سياسة التصنيع الغذائي.
- سياسة استخدام المكننة الزراعية.
8 - ضعف مؤسسات إدارة النشاط الزراعي، وتداخل الصلاحيات.
9 - عدم مراعاة برامج الإصلاح الاقتصادي التي تم اعتمادها في بعض الدول العربية خصائص الزراعة العربية.
10 - ضعف وسائل التسويق للمنتجات الزراعية، وبخاصة المحاصيل الموسمية.
11 - تدني الإنتاجية في قطاع الزراعة.
12 - ضعف سياسات التخزين وبخاصة وسائل التخزين من الاهراءات والصوامع، ووسائل التخزين المبرر للخضار والفواكه والمنتجات الحيوانية (اللحوم والألبان). مما قد يؤدي إلى هدر أو تلف قسم من الغلال.
13 - ضعف التصنيع الغذائي في الوطن العربي.
14 - ضعف استخدام المكننة الزراعية والنقص في الآلات والمعدات الزراعية في معظم الدول العربية.
ليس هذا فحسب، بل أن قصور نمط التنظيم الاجتماعي والاقتصادي لقطاع الزراعة، يعتبر من العناصر الأساسية في أزمة الإنتاج الزراعي في الوطن العربي. إن قصور الإنتاج الزراعي لا يرجع إلى قصور كميات الموارد الطبيعية والعينية المتاحة والمستخدمة. بل أن جميع العوامل المذكورة أعلاه متشابكة أدت إلى قصور الإنتاج الزراعي وعدم التوازن بين الإنتاج الغذائي والطلب على السلع الغذائية في الوطن العربي.
كما واجه الاستثمار الزراعي العربي ثلاثة أنواع من المعوقات التي حدت من إمكانيات تطويره وأهمها:
1 ـ الظروف الاستثمارية المناوئة التي تمثلت في قصور السياسات الزراعية والاقتصادية والمالية والنقدية والمؤسسية والمرفقية بالإضافة إلى نقصان القوانين والتشريعات المناسبة، والمعوقات الناجمة عن الضرائب والرسوم والتعريفات الجمركية.
2 ـ نقصان المعلومات الكافية عن فرص الاستثمار، وإقامة المشاريع بصورة عفوية من دون دراسة الأسواق والاحتياجات والمتطلبات قبل الشروع بالاستثمار. والسبب الرئيسي في ذلك هو ضعف وتخلف هياكل وخدمات المؤسسات الحكومية العاملة في القطاع الزراعي وخاصة التسويقية منها.
3 ـ القيود القطرية المعرقلة لحركة الاستثمار الزراعي البيني العربي وأهمها محددات الاستثمار التشريعية والقيود التجارية التعريفية والإدارية الأمر الذي أدى بدوره إلى إهمال تطوير مرافق الربط الأساسية بين البلاد العربية".
يتعين على الاستثمارات الجديدة أن تواكب احتياجات الطلب المتصاعدة وان تراعي شروط التنمية الزراعية المستدامة. ذلك أن الاعتماد الأكبر في المستقبل سيكون على الاستثمار في استخدام مزيج من التكنولوجيا المتكيفة مع طاقات الأراضي المحدودة والموارد المائية الشحيحة. كما ستبرز الحاجة إلى زيادة الاستثمار في قطاع ما بعد الحصاد لتلبية الطلب المتنامي للسكان. ومسؤولية القطاع الخاص أن يغتنم الفرص المتاحة بان يعي ويتفهم الاحتياجات من خلال الدراسة الواقعية والمثابرة الجادة، وان يسير مع التطورات ويستبق الأحداث ويخلق القنوات المناسبة للوصول إلى الأسواق. وسيكون على الحكومات أن تلتزم بسياسات زراعية واستثمارية مناسبة، وان تزيد الإنفاق على البنى الأساسية في الريف وان تولي التنمية أهمية كبيرة من اجل تحسين مستوى الأمن الغذائي للسكان وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الزراعة، كما سيكون على الحكومات أيضا أن ترفد إجراءاتها الإصلاحية لتحرير الأسواق ببرامج اجتماعية تنسجم مع الاحتياجات التي تفرزها عمليات التحول والتغيير.
يعتمد مستقبل الاستثمار الزراعي والغذائي في البلاد العربية على مدى النجاح في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية واحتواء نتائجها السلبية من خلال البرامج الاجتماعية، ومدى القدرة على التعامل مع المتغيرات الناجمة عن تزايد العولمة وتدويل النشاط الاقتصادي من خلال الالتزام بتنفيذ منطقة التجارة العربية الحرة التزاما جديا وصولاً إلى السوق العربية المشتركة. كما انه يعتمد على مدى القدرة على تحريك آليات التمويل العربية من صناديق ومؤسسات مالية ومصرفية لتوسيع نشاطها ليشمل القطاع الخاص، نظراً للدور الكبير الذي يضطلع به حاليا في التنمية الاقتصادية العربية، وكذلك دور الحكومات في استكمال وسائل الربط التجاري والاتصالات والمواصلات في المنطقة العربية تيسيرا لانتقال السلع والأفراد ولتبادل المعلومات، فضلا عن أهمية جذب التقنيات الأجنبية من خلال المشاريع المشتركة.
وينبغي تفعيل دور مؤسسات العمل العربي المشترك المعنية بالنشاط الزراعي التي يقع على عاتقها دور رئيسي في إتاحة فرص الاستثمار وتحقيق التواصل للزراعة العربية مع التطورات التكنولوجية وتوجيه الاستثمارات الزراعية البينية، كما أن على الحكومات أن تستفيد منها بالشكل المناسب وان تأخذ بمقترحاتها الإجرائية وإرشاداتها التي هي حصيلة تجارب ودراسات قيمة وواقعية. وما يزال على المؤسسات العربي الزراعية المتخصصة أن ترعى إقامة اتفاقيات زراعية قطاعية عربية في مجالات السكر والزيوت النباتية واللحوم والأسماك وغيرها. وثمة أهمية بالغة لتفعيل برامج التمويل العربي البيني في مجال الاستثمار والتجارة الزراعية البينية نظر للدور المحوري لعنصر التمويل في النهوض بالزراعة وفي المساهمة في تسريع تطبيق التكنولوجيا الحديثة.
5 - متطلبات التنمية الزراعية:
ولكن لا بد للدول العربية من إعادة النظر في خططها التنموية وإيلاء القطاع الزراعي الأهمية الضرورية ومضاعفة الاستثمارات في هذا القطاع لتحقيق التنمية الزراعية والأمن الغذائي في الوطن العربي، وهذا يعني التركيز على العناصر التالية:
1) ـ توجيه رأس المال العربي للاستثمار في مشاريع التنمية الزراعية وتحسين أنظمة الري والصرف ومكننة الزراعة واستخدام التكنولوجيا والأساليب العليمة الحديثة مما يحقق فوائد للدول العربية صاحبة رأس المال ويؤمن تمويل المشاريع الزراعية للبلدان العربية الفقيرة ويمتن التنسيق الاقتصادي والتكامل بين أقطار الوطن العربي بالإضافة إلى أن هذه المشاريع تحقق الربحية التجارية لكافة الأطراف.
2) الاهتمام بإنتاج المواد الغذائية والحبوب وتطوير الثروة الحيوانية ووضع برامج علمية للاستفادة من مصادر المياه وتنميتها أو استخدام المكننة في الزراعة والأسمدة ووسائل المكافحة التي تزيد من الإنتاجية وتعطي محاصيل وفيرة.
3) رداً على التهديدات المستمرة من قبل الاحتكارات والكارتلات العالمية التي تتحكم في أسواق المنتجات الزراعية وخاصة بما يتعلق بالأسعار لا بد للدول العربية من التكتل والتنسيق فيما بينها لتأمين السلع الغذائية الأساسية وخاصة الحبوب والقمح. وتجدر الإشارة إلى ضرورة تأمين مخزون استراتيجي من هذه السلع تحقيقاً لسياسة الأمن الغذائي في الوطن العربي.
4) تطوير العمل العربي المشترك والمشاريع العربية المشتركة في قطاع الزراعية والتبادل التجاري للمواد الزراعية بين أقطار الوطن العربي وتقديم كافة التسهيلات والدراسات بينها للاستفادة القصوى في مجال تنمية المشاريع الزراعية العربية.
"من هنا يفترض أن تنطلق هذه المهمة من القدرة الذاتية العربية باتجاه الاستغلال المشترك للإمكانات والموارد المتاحة في إطار استراتيجية ملزمة تقوم على مبادئ الحرية والعدل والمساواة، وتعبر في أهدافها عن طموحات الأغلبية من أبناء الوطن العربي لتحقيق استقلالها الاقتصادي وإنجاز استقلالها السياسي، وتوفير مجموعة من الشروط والمتطلبات الأساسية بما يؤدي إلى خلق الإرادة السياسية الموحدة، وتهيئ سبل المشاركة الجماهيرية باتجاه إحداث تغييرات جوهرية في البنى المؤسسية من سياسية واقتصادية واجتماعية وفق برامج زمنية متتابعة ومترابطة لبلوغ هذه الأهداف على نحو تدريجي مستمر ومتصاعد"
إن تنامي القدرة الذاتية العربية باتجاه الاستغلال المشترك للإمكانات والموارد المتاحة في الوطن العربي سوف تؤدي إلى تراجع الفجوة الغذائية وتحسين أوضاع الغذاء للمواطن العربي وهذا يعني تحقيق تنمية ريفية متكاملة على مستوى الوطن العربي.
ثانياً - مسألة الري والموارد المائية والتنمية الزراعية في الوطن العربي:
(يعتمد الانتاج الزراعي في الوطن العربي على المياه المتوافرة لري المحاصيل وكمية هطول الأمطار وخصوبة التربة واعتدال المناخ وصلاحيته للمحاصيل، وكذلك طريقة تعامل الإنسان مع الأرض الزراعية للحصول على أعلى إنتاجية باستعمال مستلزمات الإنتاج الحديثة، والطرق التكنولوجية المتطورة، بالإضافة إلى كثافة الاستعمال السنوي لتلك الأراضي.)
يمكن تعريف الري بأنه استخدام التكنولوجيا البشرية لزيادة الموارد المائية أو للسيطرة عليها من أجل إنتاج المحاصيل. وفي معظم الحالات، يعد الري مكملاً لمياه الأمطار في تزويد الإنتاج الزراعي بالمياه اللازمة… إن أعمال الري موجودة منذ آلاف السنين في بعض أجزاء آسيا، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، ويمكن إرجاع تاريخها في أماكن أخرى (6000) قبل الميلاد.
تتعلق مسألة الري في الوطن العربي بدرجة الحاجة للمياه (الطلب) وتوفر المياه (العرض)، بوصف الماء مدخل متحول في عملية إنتاج المحاصيل الزراعية. أما سياسة الري فهي تتعلق بدور الدولة في ترويج وسائل الري وتقديمها لقطاع الزراعة. كما تتعلق أيضا بالخيارات السياسية المتمثلة بتقنيات الري البديلة، وإدارة خطط الري الكبيرة، وأساليب استرداد كلفة تزويد المزارعين بمياه الري. وتتضمن عملية الري زيادة إمداد المحاصيل بالماء وتسوية مورد الماء بمرور الزمن، وبافتراض أن هذه المهام قد تحققت، فإنه يمكن تلخيص إسهامات الري المختلفة في تنمية الناتج الزراعي، على النحو التالي:
أ ـ يقلل الري المخاطرة في الاقتصاد الزراعي بفضل تقليل الأثر الضار لتقلبات هطول الأمطار على نمو المحاصيل وما تعطيه من غلال. وتقليل المخاطرة هذا يعد بحد ذاته ذا أثر إيجابي على الناتج بسبب انخفاض احتمال خسارة الأسر الفلاحية، الناجمة عن ابتياع المدخلات نقداً من خارج المزرعة كما يزيد الدافع لاستخدام المدخلات النقدية في مستويات مثالية، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالقدرة على رفع سوية الإنتاج.
ب ـ يزيد الري غلة المحاصيل بشكل مباشر بفضل تقليل احتمال ضغط حاجة النبات إلى الماء، بسبب عدم توازن الإمداد بالمياه، وبفضل كون الري ذا أثر تكميلي في رفع إنتاجية المدخلات المتحولة الأخرى.
ج ـ يتيح الري مجالاً لزيادة ناتج المزرعة، لأن الأسرة الفلاحية تستطيع التحول إلى مزيج من المحاصيل ذات القيمة الأعلى، أو لأنه يمكن فلاحة أنواع عالية الغلال والأكثر استجابة لمدخلات تكميلية ذات مستويات أعلى.
د ـ يتيح الري زيادة في أنواع المحاصيل وتعددها ـ أي العدد الوسطي للمحاصيل التي يمكن زراعتها على التوالي في مساحة معينة من الأرض في دورة سنوية واحدة ـ وذلك بفضل تقديم مورد مائي في فصول الجفاف، وبفضل إتاحة الفرصة لمرونة أكبر في توقيت البذر. ( )
هـ ـ يتيح الري توسيع هامش الفلاحة في الأراضي شبه الجافة أو الجافة، شريطة أن تكون التربة قادرة على إنتاج المحاصيل بوجود الماء الكافي.
تختلف الدرجة التي يمكن للري أن يصل إليها في تحقيق إنتاج زراعي أعلى عبر هذه المؤثرات وفق العوائق التقنية والاجتماعية ـ الاقتصادية. ويعود سبب وجود عوائق تقنية جزئياً إلى الآثار الجانبية للري نفسه، بما في ذلك مستويات ملوحة التربة التي تزداد تحت ظروف ري معينة، وتعرض التربة إلى الإشباع بالماء (الإغراق) حيث تكون مثل هذه الآثار هامة في بعض المناطق المروية. وتتضمن العوائق الاجتماعية الاقتصادية توفر الأيدي العاملة الكافية في فترات ذروة الطلب على اليد العاملة في التقويم الزراعي وذلك للإفادة من إمكانية المزيد من الفلاحة التي يتيحها الري )
(إن الثروة المائية في البلاد العربية التي جرى استغلالها لفترة طويلة على أنها مورد رخيص ومتوفر هي ابعد ما تكون عن الوفرة. ذلك أن ندرة المياه تمثل عائقا رئيسيا أمام تنمية الإنتاج الزراعي والغذائي في البلاد العربية، لان معظم هذه البلدان يقع في الحزام الصحراوي الذي يلف المنطقة الاستوائية والذي يعد من اكثر مناطق العالم جفافا، كما أن تصاعد الطلب على المياه وضعف كفاءة استخدامها والاستخفاف بأهميتها قد أدت إلى زيادة العجز في المياه الضرورية للزراعة واصبح من أولويات البلاد أن تتعامل مع المياه على أنها مورد شحيح له قيمة اقتصادية مرتفعة لا يقتصر قياسها على الاحتياجات والبدائل المرحلية الممكنة للاستخدام بل انه يشمل أيضا الضرورات اللاحقة وحقوق الأجيال المستقبلية فيها ومختلف المجالات والفرص الممكنة لاستثمارها وذلك يتطلب إيلاء المسائل المتعلقة بالمياه الجدية المسؤولة التي تراعي أوضاع ندرتها وتعالج المشاكل التي تواجه ضمان نقائها والانتفاع بها بأعلى قدر من الكفاءة).
(تعتمد الموارد المائية في البلاد العربية على الانسياب السطحي للأمطار والمياه السطحية الواردة من الأنهار ومن المياه الجوفية التي تتكون في الطبقات الحاملة للمياه وفي الأحواض المائية بالإضافة إلى المصادر الأخرى غير التقليدية وتقدر الأمطار الهاطلة على المنطقة العربية بحوالي 2280 مليارم3 سنويا كما تقدر المياه السطحية السنوية من الأنهار بحوالي 205 مليارم3 فيما تقدر المياه الجوفية المتجددة بحوالي 40 مليارم3 سنويا وتعد البلاد العربية من اكثر مناطق العالم إنتاجا للموارد المائية غير التقليدية ويشكل رئيسي من تحلية مياه البحر ومن تنقية الصرف الصحي أو إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي ويقارب إنتاجها حوالي 7,53 مليارم3 سنويا لكن الموارد المتاحة للاستخدام من مختلف المصادر لا تتجاوز 245 مليارم3 سنويا ويشكل بسبب ضياع مياه الأمطار وستخدم من الموارد المتاحة حوالي 65% لكافة الأغراض في الوقت الذي تستأثر الزراعة بغالبيتها).
على الرغم من التقدم العلمي الحاصل مازال الإنسان قاصرا عن التأثير على الموارد المائية بشكل كاف، غير أن النتائج المتحققة حتى الآن ليست قليلة حيث استطاع أن يعالج مشكلة زيادة المياه أو نقصها. زيادة المياه عن طريق تجفيف المستنقعات وأقنية الصرف وغير ذلك، ومعالجة نقص المياه عن طريق استخدام أساليب الري الحديثة بناء السدود، استثمار المياه الوفية وغيرها. ومع ذلك تبقى هناك مشكلات فنية وحقوقية واقتصادية تتعلق بموضوع ترشيد استخدام المياه. وبما تؤدي إلى مرحلة العجز المائي أو مرحلة الندرة المائية التي تحد من التنمية.
ثالثاً - السياسات المائية والتوجه الخاطئ للموارد المائية في الوطن العربي:
يعد موضوع استخدام المياه استخداماً أمثل وبشكل اقتصادي من أهم الموضوعات، وهو قديم قدم التاريخ في مناطقنا. فقد تضمنت لوائح حمورابي تشريعات تهدف إلى تنظيم استعمال مياه الري، كما نصت على عقوبات قاسية لمن يسيء استخدامها ويسرف في استعمالها.
سياسة الري: وهي السياسات المتعلقة بتأمين الماء بوصفه أحد المدخلات في الإنتاج الزراعي، وغالباً ما تتضمن هذه السياسات استثماراً عاماً وعلى نطاق واسع في مجال إعداد البنية التحتية لقطاع الزراعة. وتهدف هذه السياسات إلى التأثير في التنمية الزراعية وزيادة الإنتاج الزراعي. والاستخدام الأمثل لأحد أهم مدخلات القطاع الزراعي.
ويمكننا تحديد الأهداف الرئيسة لسياسة الري وفقاً لما يلي:
(1) زيادة الناتج الزراعي والدخول بفضل تقليل المجازفة، وزيادة الغلة.
(2) إنتاج محاصيل ذات قيمة أعلى.
(3) رفع درجة زراعة المحاصيل المتعددة.
(4) وتحويل الأرض غير المفلوحة إلى أرض منتجة.
هناك علاقة قوية وارتباط هام بين سياسة الري والسياسات الزراعية الأخرى. حيث تعد مياه الري مدخلاً متحولاً يظهر درجة عالية من التكاملية مع المخلات المتحولة الأخرى. وبخاصة في زراعة المحاصيل عالية الغلة.
وبذلك نلاحظ أن سياسة الري ترتبط بالسياسات التالية:
1) سياسة المدخلات.
2) سياسة القروض، بسبب ارتفاع حجم رأس المال العامل الذي تتطلبه المحاصيل المروية.
3) سياسة المكننة واختيار مستوى التقانة.
4) سياسة استصلاح الأراضي وتغير ملكية الأرض.
5) سياسة التسويق وسياسة الأسعار.
6) سياسات البحث العلمي
وجميع هذه السياسات تؤثر وتتأثر بسياسة الري وخطط الري المستقبلية.
ويمكن أن تخدم هذه المؤثرات أهداف المساواة وأهداف الناتج على حد سواء وذلك اعتماداً على الطريقة التي تنفذ فيها المشاريع الزراعية وتشغل هنالك نمطان من أنماط تكنولوجيا الري: تكنولوجيا المياه السطحية مقترنة بأسلوب الري بالقنوات، وتكنولوجيا المياه الجوفية مقترنة بأسلوب الري بالآبار الارتوازية. لقد وضعت بعض المعالم الرئيسة للري بالأقنية بما في ذلك طبيعة البنية التحتية للقنوات المطلوبة في المشاريع الكبرى. يشمل الري بالآبار الارتوازية مدى واسعاً من الخيارات التقنية تتعلق بحجم الآبار ومكوناتها.
إن الجهل في استخدام مياه الري الاستخدام الصحيح يسهم بشكل فعال في زيادة الفاقد المائي عن طريق التبخر من سطح الأقنية والضائع المائي عن طريق الرشح من الأقنية الترابية (الفرعية والحقلية)، وقد يصل هذا الضائع المائي إلى نحو 40 % من إجمالي المياه المتاحة للري.
وتجدر الإشارة إلى أنه يترتب على الاستخدام غير الصحيح لمياه الري وقصور الصرف في العديد من البلدان العربية أخطاراً كثيرة أهمها:
1 ـ تملح الأراضي وهذا وضح في كل من أراضي جنوب العراق واراضي حوض الفرات في سورية وفي حوض وادي النيل.
2 ـ انجراف التربة والعناصر الغذائية فيها.
3 ـ تكوين طبقة كتيمة في الأراضي الجبسية.
وهذا يستوجب التصدي لهذه الأخطار التي تؤدي إلى تراجع الإنتاج وتهدد استمرارية التنمية الزراعية في البلدان العربية.
(إن المشكلة الرئيسية لازمة المياه في البلاد العربية هي في التوجه الخاطئ في إدارة الموارد المائية وفي استعمالها اكثر منها مشكلة محدودية الموارد فالنظر إلى المياه على أنها عنصر متوفر ليس له قيمة درجت العادة على إتاحته مجانا أو بشكل شبه مجاني وعلى استغلاله من دون حساب هو منطلق تهديمي مخل بالقوانين الطبيعية وبتوازنها بل انه مسؤول إلى حد كبير عن الحالة المقلقة التي وصلت إليها الثروة في البلاد العربية سواء من حيث الكمية أو من حيث النوعية فالمياه هي في الواقع مورد طبيعي محدود الكمية يخضع لقانون الندرة الاقتصادي مثله مثل غيره من الموارد الاقتصادية والطبيعية اكثر منها لان وجوده في البلاد العربية اقل نسبيا عن غيرها من البلدان أي أن المسألة هي مسألة مفارقة بين نهج استنزافي خاطئ ونهج واقعي متطور وبين نظرة آنية محدودة الأفق ونظرة ومسؤولة وبعيدة الرؤية).
رابعاً - العمل العربي المشترك في مجال الموارد المائية والتنمية الزراعية:
الوطن العربي إقليم اقتصادي واحد لا يمكن تطوير أي قطر عربي بدون خطة عربية متكاملة قومية شاملة وفي الوقت الذي تعاني فيه الدول العربية من عجز غذائي كبير، يتصاعد سنة بعد أخرى، والذي ينشأ معظمه من عجز في الإنتاج الزراعي بصفة عامة فإن هذه الدول في مجملها لا تفتقر على الإطلاق إلى الوارد الطبيعية الكافية لإحداث دفعات قوية في الإنتاج، وهذا يشمل طبعاً كافة الموارد الطبيعية من حيث الأراضي الصالحة للزراعة، أو الموارد المائية المتاحة، أو الثروة الحيوانية أو مساحة الجرف القاري للوطن العربي. كما يمتلك الوطن العربي ثروات بشرية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، لا بل قادرة على تحقيق فائض في المنتجات الغذائية الدول العربية وموارد مالية كبيرة تمكنها من تنفيذ البرامج الإنمائية الطموحة في مجال الإنتاج الزراعي.
إن التنمية الزراعية في الوطن العربي لا يمكن أن تتحقق في ظل السياسات القطرية الحالية التي تتبعها معظم الدول العربية، بل يتطلب عملاً قومياً في ظل سياسة قومية تنفذ على مستوى الوطن العربي. ويعتبر العمل العربي المشترك في مجال التنمية الزراعية سواء بالنسبة لزيادة إنتاج أو توفير مستلزمات إنتاجه يعتبر ضرورة حتمية لا بد منها لضمان توفير وتبادل الاحتياجات الزراعية، وتحقيق مخزون استراتيجي عربي، وهذا لا يتم إلا بوضع سياسة قومية للتنمية الزراعية متناسقة ومترابطة مع السياسات القطرية العربية.
لا بد من التأكيد على العلاقة بين التكامل الزراعي وبين التكامل الاقتصادي العربي، حيث أن الجهود العربية المشتركة التي تمت في إطار جامعة الدول العربية قد أفرزت في المجال التنظيمي ثلاث اتفاقيات هي:
• اتفاقية تسهيل التبادل التجاري بين الدول العربية في عام 1953م.
• اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1964م.
• وثيقة العمل الاقتصادي القومي والقرارات الاقتصادية لعام 1980م. وتتضمن استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك.
أما في مجال المنظمات والمشروعات الزراعية العربية المشتركة فقد أفرزت هذه الجهود ثلاثاً من هذه المؤسسات هي:
• المنظمة العربية للتنمية الزراعية (1972).
• ـ الشركة العربية للتنمية الثروة الحيوانية (1977).
• ـ الهيئة العربية للانحناء والاستثمار الزراعي (1978).
" النتيجة التي يقود إليها هذا العرض السريع للجهود الزراعية المشتركة التي تمت في إطار الجامعة العربية، هي أن آثارها في التنمية الزراعية ـ الاقتصادية العربية ما زالت شبه معدومة. وهذا يعني من جهة أخرى أن مهمة التنمية الزراعية اقتصرت على الجهود القطرية المنفردة. رغم القيود الكثيرة التي تحد من فعاليتها. "
تعد عملية التكامل الاقتصادي العربي، من وجهة نظر التنمية الشاملة العربية، عملية حضارية (سياسية واقتصادية واجتماعية)، مستمرة، تهدف للقضاء على عوامل اختلال الهيكلية الإنتاجية وتقليص وإنهاء التبعية التي تعاني منها كافة الدول العربية، بدرجات متفاوتة، وكذلك إلغاء الاستغلال وسوء التوزيع السائد في الوطن العربي.
خامساً - تنمية الموارد المائية في الوطن العربي:
تعتمد زيادة الإنتاج الزراعي المتوقعة في الوطن العربي على زيادة موارد المياه الشحيحة ـ سواء من الري أو الأمطار ـ واستخدامها بشكل فعال أكثر مع إقحام مستلزمات الإنتاج أخرى كالأسمدة إضافة إلى التكثيف المحصولي. لذا فإن زيادة كفاءة استخدام المياه في الأراضي الزراعية في الوطن العربي تمثل نقطة التركيز الأساسية للبحوث والدراسات العلمية.
إن التحديات التي تفرضها عوامل الندرة المائية في الوطن العربي تتطلب نظرة شمولية ومتكاملة إلى تنمية الموارد المائية ترتكز على الأمور الأساسية التالية:
1 ـ إصلاح السياسات المائية والمتعلقة بالري لكي تلبي احتياجات الأمن والتنمية الزراعية المستدامة بما ينسجم مع متطلبات التنمية الشاملة.
2 ـ تنمية بيئة اقتصادية قادرة على إدارة وتنمية الموارد المائية من خلال المؤسسات المناسبة والمؤهلة لإدارة المياه إدارة متكاملة بما يتيح اللامركزية الإدارية وإشراك الجهات المعنية بوضع وتنفيذ السياسات المائية.
3 - وضع الضوابط المناسبة لتقنين استخدام الموارد المائية من خلال وضع تعريفات رشيدة تهدف إلى استعادة التكاليف وتوظيفها في صيانة المياه وتمويل مشاريع جديدة.
4 ـ توظيف الموارد المالية اللازمة لمشاريع المياه ولاستغلال وخلق مصادر جديدة للمياه.
5 - ضرورة التنسيق والتعاون بين الهيئات الرسمية والخاصة ومراكز ومؤسسات الأبحاث والجامعات من اجل توزيع أعباء التكاليف وتنوع مصادرها خصوصا في مجال تنفيذ المسوحات والبحوث والدراسات.
6 ـ تأسيس مركز علمي عربي للأبحاث الخاصة بتنمية الموارد المائية من اجل خلق فرص جديدة لتطوير مصادر المياه وتخفيض كلفتها.
والعمل على دراسة الظواهر المناخية بغية تحقيق اكتشافات جديدة توظف في توفير المناخ المناسب للمنطقة العربية لاسيما لتحويل المناطق الصحراوية إلى مناطق زراعية.
إجراء الاختبارات المتخصصة في مجال تحسين تقنيات تنقية مياه الصرف لإعادة استخدامها.
7 ـ إدخال نظم الري الحديثة وتحسين إدارة مشاريع الري والتركيز على زيادة الإنتاج في وحدة المياه المستخدمة باعتماد البذور المحسنة والمقاومة وترشيد التسميد ومكافحة الآفات.
8 ـ تشجيع القطاع الخاص على الانخراط في مشاريع المياه وتحفيز التخصيصية ووضع القوانين والتشريعات الواضحة والمساعدة على ذلك والخاصة بحقوق المياه وبتوزيع المسؤوليات وتوفير البنى التحتية لتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة.
9 - توجيه الاستثمارات الحكومية والخاصة إلى قطاع تنمية المياه مع التركيز في مجال تلبية الاحتياجات على إصلاح المنشآت القائمة قبل الشرع في بناء منشآت جديدة.
9 ـ تخفيض تكاليف مشاريع الري بالاعتماد على الخبرات الهندسية المحلية والشركات الوطنية المؤهلة في تصميم وتنفيذ المشاريع وبتشجيع الابتكارات والتصنيع المحلي لمعدات وآلات الري المقننة لاستخدام المياه وبالتعاون مع الشركات العربية المختصة.
10 ـ إحداث شبكة عربية للمعلوماتية الاستشعارية لتتبع ورصد وتقويم أوضاع الموارد المائية.
11 ـ التنسيق بين المؤسسات العربية المعنية بالمياه وتعميق التعاون العربي المشترك في القطاع المائي في كافة المجالات وفي طليعتها المحافظة على الحقوق العربية في الأنهار الدولية.
الخاتمة والتوصيات:
إن تحسين ظروف التحكم المائي يزيد كثيراً من كفاءة استخدام الموارد المائية في الوطن العربي، كما يؤدي إلى تحسين الانتاج والإنتاجية في قطاع الزراعة. لكن هذا ليس كافياً لتحقيق تنمية زراعية، أو تحديث المشاريع الزراعية القديمة، حيث أن كليهما يتطلب تدفقات استثمارية جديدة لتأمين المستلزمات من آلات ومعدات وإقامة المنشآت وخدمات الري. وما لم يتوفر المناخ الاستثماري المناسب لتشجيع الاستثمار في مشاريع الري، فأن التنمية الزراعية وتنمية الموارد المائية سيظلان أمراً بعيد المنال.
ويمكننا تقديم بعض التوصيات في هذا المجال:
• العمل على إنجاز الدراسات الخاصة بحصر الموارد المائية السطحية منها والجوفية أو أية مصادر أخرى كما ونوعا.
• وضع سياسة مائية رشيدة توازن بين الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي والاحتياجات المختلفة.
• دعم البحث العلمي في مجال استثمار وتطوير الموارد المائية في كافة البلدان العربية.
• توحيد الجهات المسؤولة عن الموارد المائية في بلد عربي وتنسيق السياسات المائية وبخاصة سياسات الري.
• ضرورة إقامة المؤسسة العربية للري واستصلاح الأراضي على مستوى الوطن العربي والتي سبق وأن نوقشت ضمن أعمال مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمنظمة العربية للتنمية الزراعية.
• إجراء أبحاث متكاملة لطرق الري المختلفة المستخدمة في البلدان العربية، بهدف اختيار أنسبها وبما يتلاءم مع الظروف السائدة في كل دولة.
• إجراء دراسات وبحوث حول إمكانية الاستفادة من مياه المجاري والصرف والمياه المالحة لأغراض الري.
• إحداث صندوق عربي لتحويل مشاريع الري واستصلاح الأراضي على مستوى الوطن العربي
• إحداث شركة عربية لدراسة وتنفيذ مشاريع الري الكبرى في الدول العربية.
• إحداث مركز بحوث في الموارد المائية على مستوى الوطن العربي أو بين دولتين عربيتين وأكثر من الدول التي تتشابه فيها الظروف المناخية والبيئية.
ولابد من اعتماد استراتيجية عربية للزراعة والتنمية المستمرة(المستدامة)، والاهتمام بتحسين البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية وبخاصة المائية منها والتوازن الطبيعي فيها، وانتهاج نظم زراعية ومائية تتيح تحقيق أهداف التنمية الزراعية دون إلحاق أضرار يصعب تداركها.
إن آفاق التنمية الزراعية في وطننا العربي واسعة ومتوفرة كما هي متاحة. ففي مجال الموارد المائية تؤكد الدراسات إمكانية مضاعفة كمية الموارد المائية السطحية والجوفية، وذلك عن طريق التحكم في فواقد الأنهار وتنفيذ مشاريع تخزين مستوى ومستمر. وهذا يؤدي بدوره إلى مضاعفة مساحة الأراضي المروية في الوطن العربي خلال فترة زمنية محددة. ومن الممكن زيادة الإنتاج الزراعي عن طريق رفع معدلات التكثيف الزراعي في مناطق الري. إن رفع كفاءة الري يعد من أكبر المهام وأوفرها وأسرعها عائدا"، ويمكن لذلك أن يتحقق عن طريق أساليب الري الحديثة وتحسين توزيع المياه ونقلها وإحكام تصرفات قنوات الري والمحافظة عليها.
وتشير دراسات الموارد الطبيعية التي أجرتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن مساحة الأراضي القابلة للزراعة في الوطن العربي قد تصل إلى نحو 198 مليون هكتار، في مبنى تصل مساحة الرقعة الزراعية المستقلة منها حاليا" إلى نحو 51 مليون هكتار وهذا يعادل حوالي 25% من المساحة المتاحة. وهذا بين لنا إمكانية التوسع المرتقب في التنمية الزراعية واستغلال الأراضي الزراعية.
لقد نال موضوع التنسيق والتكامل الزراعي العربي اهتماما بارزا نظرا للأهمية الاستراتيجية للقطاع الذي يتوقف عليه تحقيق مستوى مقبول من الأمن الغذائي، بالإضافة إلى كونه النشاط الأكثر توظيفا لليد العاملة في غالبية البلاد العربية، وتركز الاهتمام في سبيل تنسيق وتكامل الجهود الزراعية العربية في مجالات متعددة كانت تراعي الظروف المتغيرة وتركز على الاحتياجات الأساسية والمستجدة أو الطارئة، كما تستبق التوقعات للتحذير من المخاطر والعمل على درئها. وتتبع أوضاع الاستثمار الزراعي العربي، والجهود الدراسية والبحثية وتحقيق اللقاءات والندوات والمؤتمرات الفنية، وتم التركيز كذلك على تحقيق التواصل بين الشركات الزراعية العربية والتكنولوجيات الزراعية الحديثة. وما يختص بتحديث القطاع والقضايا التي تستحق المعالجة والاهتمام والمتعلقة بخصائص وطبيعة الزراعة في البلاد العربية.
الأستاذ الدكتور مصطفى محمد العبد الله
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباطؤ الاقتصاد العالمي وأسعار النفط
- المتغيرات الرئيسة في الاقتصاد السوري
- الأزمة المالية العالمية والاقتصاد السوري
- الأول من أيار عيد العمال العالمي، العمل والعمال محور إعمار ا ...
- الوحدة العربية والعوامل الاقتصادية
- وارسو المدينة الجميلة وعاصمة جمهورية بولندا
- الفكر الاقتصادي الرأسمالي والفكر الاقتصادي العربي
- أنواع السياسات الاقتصادية المناسبة
- السياسات الاقتصادية المناسبة
- من المسؤول الأول عن الفقر في العالم، الجوع اليوم من صنع البش ...
- البعد السكاني والتنمية البشرية
- النمو المتوقع في اقتصاديات دول العالم والدول العربية خلال عا ...
- مفهوم الموازنة العامة للدولة
- مراحل تطور السياسات الاقتصادية في الجمهورية العربية السورية
- الكبار لا يموتون... أبو الوليد أحمد عبد الكريم فقدناه وهو مؤ ...
- العولمة وسقوط الاتحاد السوفياتي لا يعني سقوط الماركسيه
- الدكتور مفيد حلمي مدرسة تعلمت منها الكثير
- محطات هامة في تاريخ التنمية المستدامة
- السابع عشر من نيسان في كل عام عيد الجلاء
- تطور السياسات الاقتصادية في الجمهورية العربية السورية


المزيد.....




- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران
- صحيفة: إسرائيل جمعت أكثر من 3 مليارات دولار منذ بداية الحرب ...
- ماذا تتضمن المساعدات الأميركية الجديدة لإسرائيل وأوكرانيا؟


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - تحدي المياه والتنمية الزراعية في الوطن العربي