أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الحاضنة














المزيد.....

الحاضنة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7237 - 2022 / 5 / 3 - 18:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة للقفص الزجاجي
139 - الحاضنة البشرية

لقد تعود الإنسان على الحياة والنمو داخل هذه الحاضنة الزجاجية، ولا أحد له الحق أو القدرة على الخروج وإجتياز حواجز وحدود المكعب الإجتماعي الذي يحاصر البشرية في أغلب المجتمعات المعاصرة. تشرق الشمس من جهة الشرق، وتختفي في نهاية النهار من جهة الغرب، حيث يتناول المواطن عشائه المعتاد ويشاهد الأخبار ثم بعض المسلسلات الرخيصة ثم يتهاوي قبل منتصف الليل على سريره بعد أن يعدل المنبه على الساعة السادسة صباحا، حيث يبدأ يومه الجديد المماثل لليوم السابق، الدوش، الإفطار، أخذ الأطفال إلى المدرسة .. ثم المصنع أو الشركة أو الإدارة أو أي مكتب آخر، إما إذا كان بلا وظيفة وبلا مكتب مثل جان كلود رومان السابق الذكر، فعليه يختلق مكتبا وعنوانا ووظيفة وأن يتظاهر بالذهاب إلى المكتب أو الورشة أو أي مكان آخر يبيع فيه طاقة عمله الجسدية أو الفكرية أو كلاهما. واللعبة تتواصل وعجلة الزمن تدور وتدور إلى ما لا نهاية. هذا السيناريو الرديء هو ما يسمى عادة بالحياة. غير أن هناك من يسمي هذه المسرحية بالحياة العبثية، نظرا لغياب المعنى وتفاهة فصول المسرحية بأكملها ورداءة الأداء والإخراج. ولكن الحقيقة تكمن في أن العبثية ليس إعتبار هذا المشهد الكوني برمته لا معنى له، وأنه ليس هناك أي شيء يمكن أن يبرر أي شيء وأن الكل هباء وغبار ووهم ضبابي سينتهي كفقاعة من الصابون، هذه النظرة المتشائمة لا يمكن نعتها بالعبث أو العبثية، لأنها نظرة واقعية وعقلانية لدرجة الموت. وربما يجب إعتبار العبثية في الرؤية المثالية المتداولة في عالمنا الموبوء، العبث الحقيقي هو تظاهر الإنسان بأن ضجيج العالم وزخم الحياة له معنى وهدف وغاية محددة ومعلومة، وأن كل ظاهرة كبيرة أو صغيرة، من الكواكب والمجرات إلى الذرات والإلكترونات والأجسام اللامرئية هي نتيجة خريطة دقيقة ونتيجة تخطيط مهندس إلهي متناهي بعد النظر. هذا هو ما يمكن تسميته بالعبث الأصلي والحقيقي، حيث يدفن الإنسان رأسه في الرمال ويغلق عقله بالمفتاح ثم يقرأ آية الكرسي كلما واجهته أية عقبة أو موقف جديد لم يواجهه من قبل ويكرر بآلية مفزعة ، لا حول ولا قوة إلا بالله. العبث ليس غياب الهدف وإنما إختلاق أهداف وهمية وخيالية لتبرير هذا الغياب وبنائه وبناء هذه الشخصية المقدسة اللامتناهية القدرة، هذا المهندس والمخطط اللامرئي والغائب عن الأنظار. ذلك أنه بخصوص هذا المنطق العبثي، هدف الحياة ومعناها العميق قد يغيب عن أنظارنا ويتجاوز عقولنا المحدودة، ولكننا لا بد من الإعتراف والإيمان والتسليم ببديهية مقدسة وهي عدم وجود أي شيء في عالم الإنس أو الجن بالصدفة أو بدون سبب، لكل علة معلول ولا كائن بدون مكون. وفي نهاية الأمر حتى الصدفة والعرضية واللاضرورة هي ذاتها تخضع لبرنامج ومشيئة صاحبنا هناك في علوه الشاهق متدثرا بالسحب البيضاء، يراقب مخلوقاته البشرية التي تبدو كالنمل تحت قدميه ويستطيع في أي لحظة أن يسحقهم بأقدامه العملاقة. بطبيعة الحال، لن نعود لتحليل الأديان وفكرة الله والقوة اللامتناهية والعوالم الغيبية إلخ، وإنما نذكر بأن فكرة الله هي أضخم وأوضح فكرة عبثية خطرت على ذهن وعقل بشري، وأن الميثولوجيا الدينية والقصص والخرافات المنتشرة في ما يسمى بالكتب السماوية، يمكن إعتبارها من أكثر أنواع الأدب الخارق – أو الفانتاستيك – نجاحا وتشويقا. بل يمكن إعتبار قصص الطوفان وسفينة نوح وعصا موسى التي تشق البحر والبراق والإسراء والمعراج وبقية النصوص نوعا من أدب العبث وإرجاع هذا الإنتاج لأدب اللامعقول، لو لم تكن نصوصه ذات أسلوب ركيك ومكرر وتفتقد إلى الوميض والحرارة البشرية للآداب المعاصرة.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من لا مبيدوزا
- ثورة العمال
- إستحالة الهروب
- الهزيمة
- فعل التكوين
- السلم الطائر
- الكابوس المجوف
- ليلة الإنتظار
- المخطط الخفي
- عدسات المعنى
- الحاضنة الزجاجية
- نزول القرد من الشجرة
- روسيا-أوكرانيا وحرب التضليل الإعلامي
- ورأى حلمها في المرآة
- الحرب الإمبريالية في أوكرانيا
- بيان من نقابة المطافيء البريطانية
- أوكرانيا والناتو
- الحياة كمرض مزمن
- سعال الفئران البيضاء
- الدكتور جايكل ومستر هايد


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الحاضنة