أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سعود سالم - ثورة العمال















المزيد.....

ثورة العمال


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7235 - 2022 / 5 / 1 - 18:05
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


"سيأتي اليوم الذي يُصبح فيه صمتنا في القبور، أعلى من أصواتنا"

بدأت قصة عيد ثورة العمال في وقت كان فيه انعدام الأمن الوظيفي والإستهتار بحقوق العمال واستغلالهم شاملاً. كان ذلك في الولايات المتحدة عام 1886 وبالتحديد في ولاية بنسلفانيا وفي ولاية نيويورك، ذلك أنه في كل أول مايو من كل عام كان هناك اضطراب عام وحركة وتململ شامل للطبقة العاملة بسبب تجديد عقود العمل لمدة سنة، كذلك تجديد مدة عقود الإيجار للمنازل، كان الأمر بمثابة إستفزاز عام للعمال ومحاولة من الطبقة المسيطرة لآمتصاص المزيد من عرق العمال ولجعل الظروف المعيشية لجميع العائلات أكثر سوءا مما هي عليه.

في صباح 11 نوفمبر 1887، وفي وقت تنفيذ حكم الإعدام في المناضل الأناركي أوجست سبايز، تَلتْ زوجتة كلمة تركها لابنه جيم: "ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت. ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أننى بريء. وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفتخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك". سبايز هو نفسه الذي أطلق صيحته، التي باتت شعارًا في تاريخ نضال الحركة العمالية : "سيأتي اليوم الذي يُصبح فيه صمتنا في القبور، أعلى من أصواتنا". وقد مات سبايز ورفاقه دفاعا عن حقوق العمال والحركة العمالية وأصبحوا رموزا للنضال الثوري ضد جرائم الرأسمالية ونتائجها المروعة على العالم. أول مايو 1886 تمكنت الحركة العمالية في الولا يات المتحدة بعد سنوات طويلة من النضال ضد الرأسمالية وأرباب العمل والحكومة الأمريكية من الحصول على أحد الحقوق الأساسية من حقوق العمال وهو يوم الثماني ساعات، بدلا من عشرة أو إثنى عشرة ساعة من العمل يوميا في بعض الحالات. فأول مايو ليس عيدا للعمل، كما تشير إليه بعض أجهزة الإعلام البرجوازية والرأسمالية، والتي لا تكتفي بسرقة عرق العمال وإنتاج مجهودهم وإنما تسرق حتى رموزهم التاريخية. فأول مايو هو يوم ضد عبودية العمل ويوم لتذكر نضال العمال من أجل حقوقهم المشروعة، ويوم يلقي الضوء على الحركة الأناركية ودورها في تقدم وتطور الحركة العمالية العالمية، لأن الأناركيين هم الذين دفعوا وما زالوا يدفعون الثمن. في بدايات القرن التاسع عشر وفي اوج الثورة الصناعية تعرض العمال والفئة الكادحة بكل أطيافها إلى اشد أنواع الاستغلال من قبل أصحاب الأملاك وأصحاب المصانع والشركات ورؤوس الأموال، فكان العامل يكد بين 10 إلى 16 ساعة في كل يوم، وكانت عمالة الأطفال منتشرة في العديد من المصانع، وفي اغلب المؤسسات الصناعية لايوجد أي نوع من الرعاية الصحية أو الضمان الصحي أو الإجتماعي للعاملين. وبسبب هذه الحالة البائسة بدات تظهر الكثير من الاحتجاجات العمالية، لكنها كانت متفرقة وغير منظمة وكانت غالبا بدون نتيجة بسبب التفاف أصحاب رؤس المال على مطالب العمال، في بعض الحالات اقترن قبول مطلب تقليل ساعات العمل بتقليل الراتب أو اقالة العمال وتشغيل غيرهم، أو المماطلة وإعطاء الوعود دون تحقيقها. وفي ظل رفض أصحاب الأموال والتحيز الحكومي، كانت الحاجة ملحة لتوحيد مواقف العمال، وهذه هي الفكرة الأساسية لإنشاء النقابات والاتحادات في كل العالم. بالفعل بدات جميع الاتحادات العمالية بالتوحد على مبدا يوم عمل مدته ثمان ساعات بدون تخفيض الرواتب، وبدات هذه المطالب تنتشر بالمدن الأمريكية.
فمنذ 1884، الحركة العمالية بمختلف إتجاهاتها اتفقت على هدف واحد بسيط ومحدد: الحصول على حق يوم الثمانية ساعات، وأعطت مهلة عامين للحصول على هذا الحق بواسطة الإضرابات المختلفة والإجتماعات والمفاوضات مع الحكومة والشركات والمصانع المختلفة، وبدأوا أول نشاطهم في أول مايو، لأنه اليوم الذي تبدا فيه السنة المالية - المحاسبة - للشركات والمؤسسات الرأسمالية. بعد سنتين من النضال المستمر، تمكن الآلاف من العمال من الحصول على يوم الثماني ساعات، ولكن العديد من الشركات وأرباب الأعمال رفضت الرضوخ لضغط الحركة العمالية مما اضطر مئات الآلاف من العمال للجوء إلى الإضراب العام لإجبار أرباب الأعمال لإعطائهم حقوقهم المشروعة، وكان ذلك يوم السبت أول مايو 1886، والذي دعت له النقابات العمالية الأمريكية وكذلك الصحيفة الأناركية The Alarme والتي لعبت دورا رياديا في تعبئة العمال وتنظيم الحركة من أجل يوم الثماني ساعات. هذا اليوم التاريخي شهد إضراب أكثر من 340,000 عامل، وتوقف أكثر من 12,000 مصنع عن العمل في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت مسيرات شعبية مسالمة، شارك فيها العمال بعائلاتهم وأطفالهم ولم تحدث أية استفزازات لقوى البوليس والجيش التي فوجئت بالجو الإحتفالي والعائلي للمسيرات. وفي شيكاغو، أنتهت المسيرة على ضفاف Lac Michigan حيث ألقى العديد من العمال وقادة الحركة العمالية كلمات لتعبئة الحركة ومواصلة الضغط على الحكومة وأصحاب المصانع، ومن بين الذين ألقور كلماتهم ألبرت بارسونس Albert Parsons أوغست سبايس August Spies، واستمرت الحركة في الايام التالية، في يوم الإثنين 3 مايو في شيكاغو نظم إجتماع عمالي كبير أمام مصانع MaCormick Harvester حدثت أثنائه إشتباكات بين المضربين والبوليس الذي أطلق النار وقتل ستة من العمال. في اليوم التالي، 4 مايو، أعلن إضراب عام وشامل في كل شيكاغو التي كانت على وشك الإنفجار من الغضب والثورة ضد العنف الذي تمارسه السلطة لحماية ارباب الأعمال ومصالحهم. ونظم تجمع ضخم في ساحة Haymarket أستمر حتى المساء حيث بدأ العمال في الرجوع إلى بيوتهم بعد إنتهاء التجمع وبعد إلقاء العديد من الكلمات من قبل المنظمين للتجمع وقادة الحركة العمالية، ولم يبق سوى 200 متظاهر، وهنا قررت قوات البوليس المتواجدة إرغام هؤلاء المتظاهرين على التفرق وبدأت في مطاردتهم وإطلاق النار مما أدى إلى مقتل عامل وجرح العديد من العمال، وفي هذه اللحظة ألقيت قنبلة في وسط تجمع الشرطة أدت إلى مقتل أحد رجال البوليس وجرح العديد بجروح خطيرة، أدت إلى موت العديد منهم فيما بعد. وحل الهلع بقوات البوليس فأطلقوا النار بطريقة عشوائية على المتظاهرين، ولم يعرف حتى الآن عدد العمال الذين ماتوا في هذه المجزرة، ربما عدة عشرات من الأبرياء. وألقى القبض على مئات العمال ومنعت التظاهرات والمسيرات دون الوصول إلى معرفة الشخص الذي ألقى القنبلة، وإن كانت الحركة العمالية متأكدة من أنها ألقيت عمدا من قبل عميل للشرطة بقصد الإستفزاز. هذه الأحدات أدت إلى حملة لا مثيل لها قادتها الصحافة البرجوازية ضد العمال وضد الحركة الأناركية التي أتهمت بأنها وراء العنف الذي هز مدينة شيكاغو ومدن أخرى في أمريكا، مما أدى إلى إعلان الأحكام العرفية وإلقاء القبض على عدة مئات من العمال، منهم ثمانية عمال أناركيين - إثنين منهم فقط كانوا متواجدين في هاي ماركت سكوير أثناء إنفجار القنبلة، أتهموا بإلقاء هذه القنبلة. بدأت المحاكمة في 21 يونيو 1886 وحكم على خمسة منهم بالإعدام شنقا، وهم Albert Parsons, August Spies, George Engel, Adolph Fischer, Louis Lingg ورغم الحملة العالمية لمساندتهم والتنديد بالعدالة البرجوازية السلطوية المجحفة، فإن الحكومة الأمريكية نفذت حكم الإعدام بشنق أربعة منهم يوم 11 نوفمبر، أما المتهم الخامس Lingg فلم يتمكنوا من شنقه، لأنه أنتحر في زنزانته في اليوم السابق. وكان الجلاد ينفذ حكم الإعدام بالعمال الأربعة كانت زوجة اوجست سبايز تقرأ خطابا كتبه زوجها لابنه الصغير جيم " ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت.ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أننى بريء. وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك" وقد ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترف أحد عناصر الشرطة بأن من رمى القنبلة كان أحد عناصر الشرطة أنفسهم.
البرجوازية والرأسمالية العالمية ليس من عادتها إعطاء الهدايا للعمال، فجميع الحقوق التي يتمتع بها العمال في أوربا وأمريكا اليوم أو ما تبقى منها، هي حقوق أنتزعت منهم قصرا وبفضل دماء العمال ونضالهم، وليس من مزايا "الديموقراطية" كما تدعي دعاية الصحف التي يملكها عادة نفس رجال الأعمال الذين يستغلون هؤلاء العمال. الديموقراطية وحدها لن تكفي مطلقا لينال العامل حقه في الحياة الكريمة. بل العكس الذي نشاهده الآن في أمريكا وفرنسا وكل أوروبا، حيث يتواصل الهجوم الشرس من قبل وحوش الرأسمالية لتفتيت ما تبقى من حقوق العمال. الرأسمالية لا تعدل ولا ترحم ولا تعرف إلا تراكم الثروات في الخزائن والبنوك، فما أن تضعف المقاومة أو تتراخى الحركة العمالية، حتى تخرج الضباع والذئاب أنيابها وتلتف حول ضحيتها لترغمها على الإستسلام والعودة إلى العبودية المطلقة، كما كان الأمر قبل أول مايو. العمال والكادحين والمهمشين والجياع في كل بقاع الدنيا، ليس أمامهم سوى حل واحد وطريق واحدة، طريق الثورة الإجتماعية الشاملة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستحالة الهروب
- الهزيمة
- فعل التكوين
- السلم الطائر
- الكابوس المجوف
- ليلة الإنتظار
- المخطط الخفي
- عدسات المعنى
- الحاضنة الزجاجية
- نزول القرد من الشجرة
- روسيا-أوكرانيا وحرب التضليل الإعلامي
- ورأى حلمها في المرآة
- الحرب الإمبريالية في أوكرانيا
- بيان من نقابة المطافيء البريطانية
- أوكرانيا والناتو
- الحياة كمرض مزمن
- سعال الفئران البيضاء
- الدكتور جايكل ومستر هايد
- خطورة روح الجدية
- صلاة الإستسقاء


المزيد.....




- “توزيع 25 مليون دينار عاجلة هُنــا”.. “مصرف الرافدين” يُعلنه ...
- طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بأميركا يعتصمون دعما لغزة
- أداة ذكاء اصطناعي تتنبأ بـ-موعد استقالة الموظفين- من عملهم
- مبروك يا موظفين.. النواب يتدخلون لحل أزمة رواتب الموظفين.. ز ...
- “موقع الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz“ تجديد منحة البطالة 20 ...
- فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية ...
- تِلك هي خطوات تسجيل في منحة البطالة 2024 للحصول على مبلغ 15 ...
- رابط التقديم على منحة البطالة للسيدات المتزوجات في دولة الجز ...
- “صندوق التقاعد الوطني بالجزائر عبـــــر mtess.gov.dz“ موعد ت ...
- الآن من خلال منصة الإمارات uaeplatform.net يمكنك الاستعلام ع ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سعود سالم - ثورة العمال