أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد سوسه - مقاربة بين النظام الاسلامي والنظام الوضعي في الضبط الاجتماعي















المزيد.....

مقاربة بين النظام الاسلامي والنظام الوضعي في الضبط الاجتماعي


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 7222 - 2022 / 4 / 18 - 09:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان الضبط الاجتماعي في الاسلام ضبطاً ذا اصول وقواعد وقوانين الهية مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه المتمثلة بالشريعة الاسلامية بشقيها العقائد والعبادات فكل جانب من هذه الجوانب قائم على طائفة من الاحكام والقواعد الالهية المدعمة بالايات القرانية والاحاديث النبوية التي توضح حدود هذا الجانب ومجالاته واهدافه .
ولقد راينا ماهية الضبط الاجتماعي في الاسلام حينما استعرضنا عدداً من اساليبه وقواعده في العبادة والتعامل، فمن فحوى العبادات والفرائض التي تعد ضوابط دينية ترسم للفرد المسلم خط حركته وعلاقاته مع خالقه ومع الاخرين من ابناء جنسه.
اما القوانين الوضعية التي تتمحور في صيغ من الاجراءات العلاجية والوقائية من سجون واصلاحات وانظمة عقابية اخرى، فيمكن تشبيهها بالحقن المهدئة او المسكنة لانه بمجرد انتهاء المفعول يرجع الالم الى سابق عهده. ومن خلال ذلك نستطيع اجراء مقاربة بسيطة بين النظام الاسلامي والنظام الوضعي من حيث طبيعة النظم العقابية فيهما .
اولاً :
ان الشريعة الاسلامية ذات مصدر الهي فالله سبحانه وتعالى خالق الانسان وكونه ومجتمعه وقد نظم له اساليب حياته ومعاملاته، وهذا التنظيم الالهي لحياة الانسان مع غيره داخل المجتمع هو ما يطلق عليهِ بالنظم والضبط الاسلامي.
اما النظام الوضعي فهو من صنع البشر وهذا الفارق الرئيسي بين الشريعة والقانون والذي يتعلق بالمصدر وينعكس بوضوح على طبيعة القواعد والمبادئ والمعاييير والنظم في كل منهما ( 8 ) .
فالشريعة الالهية تتسم بالاطلاق والصلاح لكل زمـان ومكـان { لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ } يونس :64. اما القانون الوضعي فهو مجموعة من القواعد والقوانين التي تتسم بالنسبة والتغيير والتطور فقد تطور القانون مع تطور المجتمعات من مجتمعات الاسر الى مجتمعات القبائل الى مجتمعات الدول وقد حمل كل قانون عرفي او مكتوب – طابع كل دولة او مجتمع وثقافته ( 9 ).

ثانياً :
ان القواعد القانوينة تنمو نمواً ثقافياً وتوجه لابناء مجتمع مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة ، اما الشريعة فلم توجه لجماعة دون جماعة او لقوم دون قوم او لمجتمع دون مجتمع ( 10 ).
ثالثاً :
ان القواعد القانونية قواعد مؤقتة تضعها الجماعة لتنظيم شؤونها وسد حاجاتها فهي تعد في مستوى الجماعة اليوم لكنها لاتلبث ان تصبح متخلفة عنها بعد فترة، ذلك لان فكر البشر لايمكن ان يستوعب كل الامور كما لايمكن استيعاب متغيرات المستقبل. اما الشريعة فقد وضعها الله على سبيل الدوام لتنظيم شؤون الانسان ومجتمعه في كل وقت .
رابعاً :
كمال التشريع الاسلامي في نشاته :
ان التشريع الاسلامي قد نشا مكتملاً في زمن قليل هو زمن الرسالة، ومدة الوحي الالهي الى محمد  وهي مدة لم تزد عن الثلاثة وعشرين عاماً التي نمت فيها قواعده ، يدل على ذلك قوله تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة : 92.
وليس بعد الكمال والتمام غاية لمستزيد، ولم يكن للفقهاء بعد انقطاع الوحي ولحوق الرسول بالرفيق الاعلى من عمل الا تطبيق قواعده على الوقائع والحوادث الجنائية من غير ان يغيروا او يعدلوا في هذه القواعد او يزيدوا عليها، ولم ينقل عن واحد منهم انه اكتشف نقصاً في هذه الاحكام والقواعد فأكمله بالزيادة، او خلل فقومه بالتعديل .
اما القوانين الوضعية فانها تنشا غير مكتملة المبادئ والاحكام، اذ انها تنشا لمعالجة الحاجة في مجتمع خاص وزمن خاص، ولاتصلح لكل المجتمعات والازمان ثم تتناولها بعد ذلك يد التغيير والتعديل والحذف والاضافة على مر الازمان وطبقاً لحاجات المجتمع .
خامساً :
الجزاء على المخالفات في التشريع الاسلامي دينيوي واخروي لابد في كل قانون سواء اكان سماوي ام وضعيا من اشتماله على جزاء يقع على المخالفة لاحكامه، حتى يتمكن هذا القانون في نفوس الناس وتحترم احكامه وهذا وهذا الجزاء في الفقه الاسلامي يتنوع الى جزاء دينوي وجزاء اخروي يناله الشخص في الاخرة بعد البعث والحساب، فالجزاء الدنيوي يكون على المخالفة في اعمال الجوارح التي يطلع الناس على المخالفة فيها وهذا الجزاء الدنيوي على نوعين جزاء مقدر في جرائم القتل والزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف وقطع الطريق والردة وهو ما يعرف بالحدود، وجزاء غير مقدر ترك تقديره لولي الامر وللقضاة فيما عدا هذه الجرائم وهو ما يعرف بالتعزيز. والجزاء الاخروي يكون على المخالفة في اعمال القلوب التي لايطلع عليها الا علام الغيوب كالحقد والحسد وقصد الاضرار بالناس.
اما القوانين الوضعية فان الجزاء فيها دنيوي دائماً لانها وضعت لتنظيم العلاقات بين الناس في الدنيا وضعوها لايملكون امر الاخرة شيئاً ومن ثم لاجناح على من يستطيع الافلات من هذا الجزاء . وبهذا يتبين لنا الفرق الكبير من التشريع الالهي السماوي، والتشريع الوضعي الذي هو من صنع البشر، ولاريب ان قدرات البشر وطاقاته الفكرية محدودة وقاصرة عن فهم حركة وكينونة المجتمع الانساني بارجائه الواسعة وبظواهره المختلفة والمتداخلة، والتي تحتاج الى احاطة تامة باسبابها ونتائجها وابعادها، ولاتتم هذه الاحاطة التامة الا لصانع الكون وموجده وخالقه الذي يعلم ما يقيد البشر ويضرهم في دنياهم واخرتهم.
المصادر
1 . محمد عاطف غيث، المشاكل الاجتماعية والسلوك الانحرافي، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1980، ص72.
2 . نويل تيمين، علم الاجتماع ودراسة المشكلات الاجتماعية، دار المعرفة، الاسكندرية، 1987 . ص212.
3 . د.سامية محمد جابر، القانون والضوابط الاجتماعية، ، ص89.
4 . د .خالد فرج الجابري، دور مؤسسات الضبط في الامن الاجتماعي ، ص47.
5 . د.احمد زايد، علم الاجتماع بين الاتجاهات الكلاسيكية والنقدية، ص114.
6 . د.سميرة احمد السيد، علم اجتماع التربية، دار المناهل للطباعة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1993، ص30.
7 . محمد عوض عبد السلام، الفعل الاجتماعي عند تالكوت بارسنز، دار المطبوعات الجزيرة، مكتبة المصارف الحديثة، القاهرة، 1986، ص71.
8 . عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الاسلامي، مقارناً بالقانون الوضعي، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ، ج1، ص15.
9 . محمد ابو فارس، من قواعد الحكم في الاسلام، مجلة هدي الاسلام، ع 5-6، مجلد 12، الاردن، 1980، ص9.
10 . سامية محمد جابر، القانون والضوابط الاجتماعية، مصدر سابق، ص413.



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنظور الوضعي للضبط الاجتماعي
- الاثار الاجتماعية Social Effects
- نشاطها السياسي وأثره في توليها الوزارة ج 2
- نشاط نزيهه الدليمي السياسي وأثره في توليها الوزارة ج 1
- دور نزيهة الدليمي في المؤتمر الوطني الثالث للحزب الشيوعي الع ...
- دور علماء الدين والشعراء في تحرير المرأة العراقية
- أوضاع المرأة العراقية في ظل الاحتلال والانتداب البريطاني
- الأوضاع العامة للمرأة العراقية ومراحل تطورها1918-1924
- شيئا ما
- خواطر
- قصص قصيرة جدا جدا
- افكارتقلقني
- الدافع المعرفي (Cognitive Motive)
- أصبحت في الخمسين . نص قصير ,
- رسالة اعتذار
- امرأة يغطيها البرد قصة قصيرة
- ماتبقى من 2020
- تكملة قصص نهاية 2020
- قصص نهاية 2020
- كان لي وطن


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد سوسه - مقاربة بين النظام الاسلامي والنظام الوضعي في الضبط الاجتماعي