أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الريكات عبد الغفور - الأسس المادية لظاهرة الهجرة من المغرب نحو أوروبا















المزيد.....

الأسس المادية لظاهرة الهجرة من المغرب نحو أوروبا


الريكات عبد الغفور

الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحظى ظاهرة الهجرة باهتمام مجالات و أنساق فكرية عديدة، تتفاعل في الموضوع و تغنيه بالنقاش السوسيولوجي و الجغرافي و التاريخي و الاقتصادي. هذا التفاعل يسمح بالكشف عن الأسس المشكلة لظاهرة الهجرة.
و هناك العديد من التعاريف التي تقدم حول الهجرة، فهي الحركة أو التنقل من مكان إلى اخر....و هي تعاريف عادة ما يستخدمها البعض لإضفاء صبغة هلامية و سطحية حول الظاهرة و بالتالي ابعاد اصابع الاتهام عن المسببين الفعليين لها. ما يجعل نقاشهم مثاليا و بعيدا عن التحليل الملموس للواقع الملموس.
في حين أن هذه الظاهرة ما هي إلا نتاج كمي و نوعي لأزمة بنيوية تستهدف في أبعادها و مستوياتها طبقة اجتماعية محددة. و ما يجعلها أيضا ليست ظاهرة عابرة أو فجائية أو سطحية بل هي ملازمة و متجددة و مشتبكة في الواقع الاجتماعي الذي أنتجها... كونها تتجدد بتجدد الأسباب المشكلة لها منذ فجر الاستقلال الشكلي في المغرب.
و بمناسبة الحديث عن التشابك في صلب ظاهرة الهجرة، عادة ما نتساءل حول الأسباب التي تدفع بشباب جنوب المتوسط عموما و شباب المغرب خصوصا الى الارتماء في أحضان المتوسط بحثا عن العبور الى اوروبا. و هي أسئلة و غيرها قدم فيها الأديب السوداني الطيب صالح و بالضبط في روايته " موسم الهجرة الى الشمال" إجابة أدبية و بعمق فكري مشتبك، حيث أنه يفصل في التناقضات بين افريقيا و اوروبا، انطلاقا من التجربة السودانية.
و بالعودة إلى موضوع الهجرة من المغرب نحو أوروبا و بحكم أنها تجلي من تجليات الحرب الطبقية، فإن الدوافع أو الأسس المشكلة لها لن تخرج على هذا السياق. أي أنها تمظهرات لحرب الأغنياء ضد الفقراء. و في مقدمتها:
1/ السياسة التعليمية
لا يختلف اثنان على كونها سياسات تكرس الفوارق الطبقية بل و تعبر عنها بشكل واضح و من مؤشرات ذلك التراتبية على مستوى الاستفادة من خدمة التعليم: تعليم النخبة الحاكمة، التعليم الخصوصي، التعليم العمومي. و بالنسبة للمتعلمين في مدارس النخبة و في جزء من المدارس الخاصة فالمستقبل واضح أمامهم و لا حاجة للتفكير فيما بعد المدرسة . أما رواد المدرسة العمومية، من أبناء الفلاحين و العمال و عموم الكادحين فيغدو التعليم بالنسبة لهم شكل من أشكال المقاومة و التي لا تنفصل عن أشكال أخرى من المقاومة خارج أسوار المدرسة.
و سيكون تركيزنا على المدرسة العمومية باعتبارها تحارب من طرف التحالف الطبقي المسيطر. و لا حاجة هنا للتفصيل في أسباب هذه الحرب ، فالكل يعرفها و حتى من لا يعرفها يمكنه العودة لإسهامات المفكر الجابري و الذي أظهر بعض الجوانب من هذه الحرب خلال 20 سنة التي تلت مباشرة الاستقلال الشكلي بالمغرب.
باعتبار جل السياسات التعليمية تستهدف في عمقها الرفع من معدلات الهدر المدرسي، و الكل هناك يتذكر المذكرة المشؤومة التي أصدرها وزير التعليم بلعباس. و التي تمنع الأشخاص فوق 17 سنة من التواجد في الثانوية، و هي مذكرة قوبلت برفض تلاميذي و سرعان ما تبلور لانتفاضة شعبية " انتفاضة 23 مارس " المجيدة...و التي خلفت قوافل من الشهداء و المعتقلين بل إنها شكلت مقدمة عملية لتضحيات الشعب المغربي في سبيل الحفاظ على التعليم العمومي .
و آخر هذه القرارات في ميدان التعليم هي القانون الاطار 51/17 و الذي يهدف في أبعاده القضاء على مجانية التعليم العمومي و يفرض على الطبقة الكادحة الدفع المادي مقابل الاستفادة من خدمة التعليم.
و قد نجحت هذه السياسات التعليمية الطبقية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتمثلة أساسا في الرفع من نسبة المطرودين و من نسبة الهدر المدرسي، كما تظهر ذلك الأرقام الرسمية: _ تقارير المجلس الأعلى للتربية و التكوين خلال الفترة ما بين 2014 و 2018 (عدد المنقطعين عن الدراسة بلغ 431 ألف و 876 تلميذ، و منهم 78% من المنقطعين خلال المرحلة الابتدائية و الاعدادية. بينما بلغ عدد المنقطعين خلال المرحلة الثانوية حوالي 93 ألف خلال سنة 2018. أما الهدر الجامعي فحوالي %50 ينقطعون دون الحصول على شواهد جامعية).
أرقام رسمية تتحدث عن نفسها و تعبر عن مدى حقد البورجوازية التبعية لأبناء الكادحين، كما أنها تظهر التناقض بين الخطاب الرسمي و الذي يتحدث عن جودة و مردودية و إنتاجية التعليم، و بين الممارسة على أرض الواقع.
2/ سياسة التشغيل
لن تختلف بدورها عن السياسة التعليمية فعدد المطرودين من العمل طردا تعسفيا في الوحدات الإنتاجية الفلاحية و الصناعية و التجارية يتضاعف سنة بعد أخرى و خاصة خلال فترة انتشار فيروس كورونا ( الحجر الصحي) دون أي احترام لقوانين العمل المعمول بها دوليا.
و بالعودة إلى المتخرجين من الجامعات العمومية، فتشير تقارير رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط سنة 2018 إلى أن نسبة الحاصلين على الشواهد من مجموع العاطلين عن العمل تتجاوز %51، كما تشير أيضا إلى التناقض بين العرض و الطلب (مقابل 200 ألف طلب، نجد فقط 30 ألف منصب شغل).
و بما أن قطاع التعليم يشكل الوجهة الأولى للمتخرجين من الجامعة العمومية، فقد لجأ النظام المغربي منذ سنة 2016 إلى ابتكار شكل جديد من أشكال التعذيب و المتمثل في نظام التعاقد و الذي يكرس الهشاشة الشغلية و يمنح مساحة واسعة للإدارة كي تمارس شتى أنواع التضييق على أبناء و بنات الشعب المغربي.
و لم تكتف الوزارة بهذا النظام الشغلي المهترئ و الذي بلغ عدد ضحاياه ما يناهر 120 ألف، لتلجأ في بلاغ تنظيمي لمباراة التعليم في نونبر 2021 إلى منع الأشخاص فوق 30 سنة من اجتياز مباراة التعليم. و هي نفس الوزارة التي عادت لتبتكر ما يسمى ب "أوراش" و تفسح المجال لمن طردتهم سابقا من اجتياز المباراة لينخرطوا في حملتها الترقيعية.
3/ التفاوتات الطبقية
يعرف المغرب كما جل الدول التي خرجت من الاستعمار الامبريالي احتدام التناقضات الطبقية، أو بالأحرى اتساع الهوة بين المتحكمين في الثروة الوطنية و بين المنتجين بأيديهم و أدمغتهم. و في خضم ذلك تتعرض الطبقة العاملة و معها عموم الكادحين لاستغلال مزدوج داخل وحدات الإنتاج و خارجها، ففي داخل الوحدات الإنتاجية يتم استنزافها من أجل استخلاص فائض القيمة و الرفع من أرباح البورجوازي مقابل استقرار الأجور في ضعفها ،حيث لا تعكس تماما حركية العمال و قدراتهم على العمل و الإنتاج. أما خارج الوحدات الإنتاجية فإنهم يصطدمون بالزيادات الضخمة في أسعار المواد الغذائية الأساسية(أجور ضعيفة مقابل أسعار مرتفعة).
يحدث هذا الاستغلال في غياب تنظيم يحمي الطبقة العاملة و عموم الكادحين، بل و يجمع شتات المناضلات و المناضلين عبر ربوع هذا الوطن الجريح.
و لا يقف الاستغلال في هذا المستوى، بل أن الطبقة الاجتماعية الحاكمة تتعاطى على مستوى سياستها الاقتصادية بمنطقين يحافظان بطبيعة الحال على مكانتها و مصالحها مع المؤسسات المالية في مركز رأس المال. فمن جهة خارجيا الرفع من نسبة -المديونية المشروطة- بالعديد من الإجراءات التقشفية داخليا و المقرونة أيضا بالرفع في حجم الضرائب المفروضة على الكادحين .
و ختاما أمام كل هذه الأسس المادية المتفاعلة و المنصهرة مع بعضها البعض ، فإن أي رغبة جامحة في إيقاف نزيف الهجرة تتطلب مجهودات كبيرة و منظمة (غير متقطعة أو مناسباتية) من طرف الطبقة العاملة......مجهودات لا تستهدف القضاء على الهجرة و إنما اقتلاع أسباب وجودها و تشكلها من الواقع.
مجدا و خلودا لكافة شهداء الشعب المغربي



#الريكات_عبد_الغفور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على مائدة الحوار
- اليوم الأممي للمرأة بالمغرب: التناقض بين الخطاب و الممارسة
- اليوم الأممي للمرأة بالمغرب: بين الخطاب الرسمي و الممارسة ال ...
- من حكومة الذئاب الملحتية، إلى حكومة الباطرونا......ماذا تغيّ ...
- ريان.....و قصة الصمود
- ماذا ربحت الأنظمة من جائحة كورونا
- قضية التعليم قضية طبقية
- أزمة العمل النقابي بالمغرب: السياقات ، المآلات.
- قراءة في كتاب «تاريخ المغرب منذ الاستقلال» بيير فيرموريين.
- الذكرى 55 لاغتيال المهدي بن بركة
- عين على أزمة الماء بالمغرب دوار أولاد يعقوب بإقليم تازة نموذ ...
- في ذكرى 20 فبراير المجيدة
- دفاعا عن الماركسية ، ضد التحريفية
- ما بعد الكولونيالية بالمغرب
- غزة تحت القصف
- جبهة اجتماعية أم جبهة شعبية ؟
- ضرائب ممانعة أمريكا اللاثينية للمد الامبريالي
- إضاءات حول تاريخ مغيب: قبائل الرحامنة
- قراءة في فاجعة إقليم الحوز بالمغرب.
- الجنس في دول العالم الثالث: المغرب نموذجا


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الريكات عبد الغفور - الأسس المادية لظاهرة الهجرة من المغرب نحو أوروبا