أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - روسيا ترد التحية بأحسن منها















المزيد.....

روسيا ترد التحية بأحسن منها


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 7209 - 2022 / 4 / 3 - 02:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد اعمال الشغب وما تبعها من انقلاب على السلطة الشرعية في أوكرانيا عام 2014، كان هنالك تخوف من أن تقوم روسيا بعمل عسكري للدفاع عن الشرعية التي كان يمثلها نظام يانيكوفيج المنتخب ديمقراطيا مما قد ينتج عنه حرب عالمية لم تستعد لها روسيا وقتها. الوضع يختلف عندما قررت موسكو في 24 فبراير 2022، إجراء عملية خاصة لنزع سلاح أوكرانيا واجتثاث النازية فيها وتأمين حدودها أمام زحف الناتو. ومع ان الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل، الا أن قدرة الردع الروسية حالت دون استخدام السلاح النووي فيها، لتكون حربا مالية واقتصادية جند فيها كل طرف ما يستطيع لاستنزاف الطرف الاخر.
في ليلة 27 فبراير 2022، فرض الغرب الجماعي (الولايات المتحدة وحلفاؤها حول العالم) عقوبات على البنك المركزي للاتحاد الروسي، حيث جمد احتياطياته من الذهب والعملات الأجنبية التي بلغ مجموعها 300 مليار دولار، واعتمدت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهًا يمنع الشركات والافراد الامريكان من أي معاملات مع البنك المركزي للاتحاد الروسي ووزارة المالية الروسية وصندوق الرعاية الوطنية.
على ما يبدو، كان من المفترض أن روسيا، التي تُركت بدون احتياطيات مالية بالنقد الاجنبي، لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية للدائنين الأجانب، ولن تتحمل نير العقوبات الغربية وستنهار عملتها الوطنية ثم تفلس وتنهار. لكن حتى الآن كل شيء يسير وفقًا لسيناريو مختلف تمامًا.
أولاً، أدخل البنك المركزي للاتحاد الروسي إجراءً مؤقتًا لتداول العملات الأجنبية في روسيا، ففضلاً عن فرض قيود على الأجانب (شركات وأفراد) في مجال بيع الأوراق المالية وسحب الأموال من المصارف المحلية ونقلها الى خارج روسيا.
ثانيًا، في رد مواز لحجم العقوبات الغربية التي وضعت قيود على استخدام الاحتياطيات المالية للبنك المركزي الروسي بقيمة 300 مليار دولار، فرضت إدارة البنك المركزي الروسي من جهتها قيودًا على سحب أصول مالية بنفس القيمة لدول غربية شاركت بالعقوبات على روسيا.
إضافة الى ذلك تقرر ألا يتم سداد ديون الشركات الغربية المستحقة على الشركات الروسية والديون الحكومية على تلك الشركات من البلدان التي تدعم العقوبات ضد روسيا إلا بإذن رسمي من الحكومية الروسية. ولن تحصل الشركات والافراد التابعين للدول الغربية غير الصديقة على دخل من السندات بالعملة الأجنبية.
في الواقع، نحن نتحدث عن قيود مستهدفة ومحكومة بالالتزامات الخارجية، والتي تقدر بنحو 478 مليار دولار. حتى نهاية عام 2022، كان على روسيا أن تدفع حوالي 60 مليار دولار وهي الآن تتوقف عن سدادها لديونها المستحقة للدول التي شاركت في العقوبات ضدها مقابل 300 مليار دولار منع الغرب روسيا من التصرف بها. روسيا بهذا الشكل ترد "التحية" بأفضل منها.
ثالثًا، ربما يمكن اعتبار الخطوة الأقوى، في سلسلة الردود الروسية، قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفرض احتساب قيمة الغاز الروسي بالروبل للدول غير الصديقة، حسب التصنيف الروسي.
لقد رسم "الغرب الجماعي" في الواقع علامة استفهام كبيرة على موثوقية عملاته، والاصح، أنه شطب الثقة في هذه العملات نفسها. أعلنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، من حيث المبدأ، عدم الوفاء في التزاماتهما تجاه روسيا، والآن عليهما أن يتحملا تراجع روسيا عن التزاماتها بالتعامل بالدولار أو اليورو.
لذا تعين على روسيا ان تخطو خطوة كبيرة الى الامام من اجل التخلص من هيمنة الدولار واليورو والعملات الاحتياطية الأخرى للدول غير الصديقة، التي أصبحت منذ 30 عامًا، عند ولادة الاتحاد الروسي، أداة للقمع الاستعماري. على مدى ثلاثين عامًا، كانوا يقدمون للروس "الورق" الخارج من "مطابع" الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا، وبنك اليابان، وفي المقابل يحصلون من روسيا على مواردها الطبيعية وغيرها من البضائع الحيوية من اجل توفير استقرار يضمن ديمومة تطورهم التقني والاقتصادي.
بهذه الخطوة من جانب روسيا، قلب الكرملين الوضع رأسًا على عقب. استند حساب الغرب على حقيقة أن روسيا، من أجل الوفاء بالتزاماتها، بحاجة ماسة إلى الدولارات واليورو، المملوكة حصرا من قبل الغرب. وفجأة اتضح أن "الروبل" الذي لم يكن في حسبانهم، يحتاجه الآن كل هؤلاء الأوروبيين، المشاركين في العقوبات، لدفع ثمن الغاز الروسي. للقيام بذلك، سوف يحتاجون إلى البدء في شراء أطنان من العملة الوطنية الروسية من البنك المركزي للاتحاد الروسي، الذي وضعوه تحت العقوبات.
تطور مفاجئ. بطبيعة الحال، شعرت الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالغضب من مثل هذه الصياغة للقرار الروسي، مشيرة إلى أن العقود الموقعة لا تحتوي على بند حول إمكانية استبدال عملة الدفع بعملة لم يتم النص عليها في العقود. كان التعليق الأكثر إمتاعًا من رئيس الوزراء السلوفيني يانيز يانس، الذي قال ما يلي في قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "لا أعتقد أن أي شخص في أوروبا يعرف شكل الروبل".
تبلغ حصة الغاز الروسي في السوق الأوروبية حوالي 35٪. نعم، انتهى الشتاء، لكن مخزون الغاز في أوربا هبط الى أدنى مناسيبه، ولا تزال أسعار "الوقود الأزرق" مروعة. وفي هذه الظروف، سيتعين على الغرب قريبًا البدء في شراء الغاز بكميات تجارية مرة أخرى من أجل الاستعداد لموسم التدفئة التالي. وسيضطر لتجاوز شكليات محدودة في اتفاقيات الامداد بالغاز بعد أن صادر، بطريقة غير مشروعة، احتياطي الذهب والعملات الأجنبية للبنك المركزي للاتحاد الروسي وحسابات المواطنين الروس.
سقط القناع عن الليبرالية الغربية ليتبين أن "الحق المقدس" للملكية الخاصة ليس مقدسًا جدًا بالنسبة للأوروبيين "المتحضرين"، على الرغم من الاقاصيص الاقتصادية التي بهرنا بها الغرب منذ أواسط القرن الماضي.
لم تمنح روسيا الدول الغربية غير الصديقة فترة طويلة للتفكير. فحال إقرار آليات تنفيذ قرار الرئيس الروسي، بداية شهر ابريل من هذا العام، يتعين على الغرب الاختيار بين الانصياع غير المشروط للقرار الروسي وبين وقف العمل باتفاقيات استيراد الغاز وتحمل تبعات ذلك. علما بأن الرفض الكامل للغاز الروسي سيكون كارثة كبيرة على الاقتصاد الأوروبي ومواطني العالم القديم. حتى إمدادات الغاز المسال من العالم الجديد غير قادرة على تغطية النقص الناتج في الوقود الأزرق.
وأخيرا، فمن يقرر دخول القتال، عليه أن يحسب الحساب لكل أسلحة عدوه. البداية هي الغاز وان لم يجدي فبعده النفط ثم الفحم ثم التيتان، وهكذا الى أن يعتاد الاوربيون على شكل الروبل الروسي.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب تلقي بظلالها على أسعار المواد الغذائية في العراق
- هل تعثرت العملية الروسية في اوكرانيا؟
- هل من حمائم في الناتو
- الحل العسكري خيارا أخيرا
- ليس دفاعا عن طالبان
- مقومات استمرار الاحتلال الامريكي للعراق
- تقييمات حذرة لتغير نهج طالبان
- نائبة الرئيس تفشل في أداء مهامها
- قراءة في خطاب بايدن الى ألأمة
- ماذا بعد الانتخابات الرئاسية السورية
- مشكلة ادلب والرهانات الروسية
- تونس بين ديمقراطية الفساد وديمقراطية الاصلاح
- بين الثورة والردة
- المتغيرات الدولية والمحلية بعد حرب ألأحد عشر يوما
- لمحات من تاريخ العراق الحديث
- قراءة في نتائج قمة جنيف
- تغريدات خارج السرب
- بانوراما المصالحات التركية العربية
- خواطر ما بعد الحرب
- ممهدات الحرب الاخيرة في فلسطين


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - روسيا ترد التحية بأحسن منها