أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - المجزرة العائلية














المزيد.....

المجزرة العائلية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7190 - 2022 / 3 / 14 - 14:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة للقفص الزجاجي
١٣٠ - المجزرة
بما أننا لسنا بصدد سرد قصة أو رواية خيالية أو أدبية، وإنما يصدد وصف الأحداث والظروف التي أدت بالطبيب والباحث جان-كلود رومان أن يقتل زوجته وأطفاله ووالديه، وبما أنه ليس هناك أية وسيلة علمية لمعرفة الدوافع الحقيقية، لعدم قدرتنا على الدخول وإقتحام "قلعة" الآخر أوعي الآخر، وسيلتنا الوحيدة المتبقية هو معاينة القصة كما رواها جان-كلود نفسه، ثم تحليلها حسب المعلومات التي تراكمت تدريجيا لدينا بعد التحقيق والمحاكمة إلخ.
بدأت الأحداث التي تهمنا يوم السبت، ٩ يناير١٩٩٣ صباحا، وهو بداية الويكند الأول بعد فترة إحتفالات رأس السنة، حيث بداية العام الجديد، حتى لا نقول بداية حياة جديدة. دخل جان-كلود حجرة زوجته في حدود الثامنة، فوجدها نائمة، ولم يرد إيقاظها، فأقفل الباب وراءه وذهب إلى المطبخ لتجهيز الإفطار. في العائلات البرجوازية الميسورة الحال، عادة ما ينام الزوجين، كل في حجرته الخاصة، ذلك أنه بعد عدة سنوات من الزواج يفضل كل منه فضائه الخاص لمزيد من الراحة والحرية، وهو ما يسمى Faire chambre à part. وقد أستيقظ جان-كلود مبكرا هذا الصباح نتيجة نوع من الأرق الذي منعه من النوم، ودخل المطبخ وفي ذهنه إعداد الإفطار لكل العائلة، كما هي العادة أيام الويكند. وقبل أن يبدأ في إعداد القهوة، جذب بصره تلك العصا الإسطوانية التي نستخدمها عادة في المطبخ لترقيق العجين المستخدم في صناعة الخبز أو الحلويات، ولضرب الأزواج حسب الكاريكاتيرات المصرية القديمة، والتي أخرجتها زوجته، ولاشك لإعداد وجبة نهاية الأسبوع ووضعتها على رخامة المطبخ، بجانب آلة إعداد القهوة الكهربائية. أخذ جان-كلود هذه الإسطوانة، وصعد إلى غرفة زوجته فلورنس التي مازالت نائمة، وبعدة ضربات عنيفة بالرقاقة الخشبية شج رأسها وأرداها قتيلة في عدة دقائق. ثم عاد إلى المطبخ ليغسل أداة الجريمة جيدا بالماء والصابون ويضعها في مكانها الذي وجدها فيه منذ عدة لحظات. ثم ذهب إلى الصالون حيث يتواجد الأطفال الذين استيقظا قبل قليل ويشاهدون برامج الأطفال الصباحية في التلفزيون والتي ليست لهم إمكانية مشاهدتها خارج أيام الويكند والعطلات الدراسية. بقي جان-كلود يدردش مع أطفاله لفترة ليست بالقصيرة، طالبا منهم الهدوء وعدم الصراخ حتى لا يوقظوا أمهم التي ما تزال نائمة، ووضع لهم شريطا للرسوم المتحركة لوالت دزني، الخنازير الثلاثة Trois petits cochons، وبقي معهم قرابة الساعة حسب قوله، جالسا على الكنبة بين الإثنين، ثم طلب من كارولين أن تصاحبه إلى حجرتها لقياس حرارتها، حيث أقنعها بأنها تعاني من إرتفاع خفيف في الحرارة حين وضع يده على جبهتها. ثم طلب منها أن تستلقي في سريرها، ثم -كلعبة- أن تغمض عينيها وتغطي وجهها بالوسادة وتنتظر أن يأتي بالترمومتر. وفي هذه الأثنا صعد إلى العلية Le grenier، وهو المكان الذي يقع عادة تحت السقف ويستخدم لتخزين الأشياء الغير مستخدمة في البيت، وأحضر البندقية التي كان قد خبأها في هذا المكان منذ فترة، وبدون تردد أطلق على جسد كارولين التي مازالت تغطي وجهها بالوسادة، خمسة رصاصات أردتها قتيلة. ثم نزل مرة أخرى إلى الصالون حيث الطفل أنطوان يلعب ويشاهد برنامج الأطفال، ويبدو أن صوت التلفزيون غطى على صوت إطلاق الرصاص، وكذلك مساحة البيت الكبير وسمك الحيطان المشيدة بالحجارة الجبلية منذ عدة مئات من السنين، يجعلها كاتمة للصوت وتجعل أجزاء البيت وحجراته المختلفة لا تنقل الصوت كما هو الحال في الشقق الحديثة ذات الجدران الرقيقة السمك والتي تمكن الناس من سماع ما يجري وراء الجدران لدى الجيران. وطلب من أنطوان أن يصعد إلى حجرته هو الآخر ويمارس نفس اللعبة، إغماض العينين ووضع الوسادة على وجهه، وكأنه لا يريد أو لا يحتمل مشاهده وجوه أطفاله قبل أن يرسلهم إلى العالم الآخر. وأطلق عليه رصاصة واحدة كانت كافية لقتل طفل في الخامسة من عمره، ولم يتناول إفطاره بعد.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريق
- العودة المحزنة للقفص الزجاجي
- مكعب الضباب
- فان جوخ والسجن الإختياري
- غربة فان جوخ
- المال والسلطة والسلاح
- اللامرئي
- الرفض
- حرب على الحرب
- كاليجولا ومطاردة القمر
- سرير بروكست
- بين الوجود ولكينونة
- أدونيس وتعطيل العقل
- جريمة في القطار
- أدونيس وعمامة رامبو
- الجرذ المحاصر
- الوعي وال - أنا - المتعالية
- الساحرة
- المعرفة عند الحلاج
- الحلاج


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - المجزرة العائلية