أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - الجزء الثالث / العراق تحت سلطة الانتداب البريطاني















المزيد.....

الجزء الثالث / العراق تحت سلطة الانتداب البريطاني


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 7188 - 2022 / 3 / 12 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد كانت ثورة العشرين أهم عامل جعل الامبريالية البريطانية تدرك أن الحكم المباشر على العراق صفقة خاسرة فرضخت على تأسيس الدولة العراقية وتكوين جيشها الوطني وبدأت تحكم البلاد طبقاً لنظام الانتداب باسم عصبة الأمم بعقول بريطانية وأيدي عراقية كما كتبت المس بيل في مذكراتها.
ورضخت الطبقات العراقية المتملكة لهذه المساومة وبايعت الملك فيصل الذي رشحه الانكليز وراحت تقتسم الغنائم (الحكم ونهب أراضي الفلاحين العشائرية وتحت بيروقراطية كونت فئة جديدة من بقايا البيروقراطية العثمانية الفاسدة).
لقد اتضح للسير برسي كوكس أول ممثل سياسي بريطاني في العراق .. أنه لابد من إشغال الرأي العام العراقي أو لفت القسم المثقف منه إلى الاشتغال بقضية (تأسيس الحكومة العربية) فيقضى بذلك على مقاومة الاحتلال البريطاني ويجر المتعلمين وأشباه المتعلمين من صفوف الشعب لإغرائهم بالوظائف الكتابية ونحوها فأذاع يوم 26/ تشرين أول/ 1920 وكان بركان الثورة لا زال محتدماً بلاغاً جاء فيه (أن فخامة نائب الملك السير برسي كوكس يعلن لجميع أفراد العشائر وطوائف العراق بأن حكومة بريطانيا العظمى انتدبته ليعود إلى العراق لتنفيذ مقاصد الحكومة الثابتة بمساعدة رؤساء الأمة لتشكيل حكومة وطنية في العراق بنظارة الحكومة البريطانية). أما جماهير الشعب وقواه الوطنية فقد استمرت مقاومتها لكل هيمنة انتدابية وخاصة المعاهدات التي كان الانتداب يتخذها قناع له .. فكانت مدن الفرات الأوسط خاصة وجميع مدن القطر تنظم الاحتجاجات والمواثيق وتقدمها إلى السلطات العراقية تطالب فيها برفض الانتداب البريطاني وإطلاق حرية الصحافة لتعبر الجماهير عن آرائها في المفاوضات التي كانت تدور بين الحكم العراقي العميل وسلطات الانتداب البريطاني عام / 1922 وهذه صورة من تلك المواثيق .. إلى سماحة رئيس الوزراء دامت ولايته :
إن الميثاق الوطني العراقي الذي وقعنا عليه أصالة عن أنفسنا وتمثيلاً عن متابعينا هو البرنامج السياسي المشتمل على المواد الآتية والتي أقسمنا على رعايتها واتخاذها غاية لجهودنا الدينية والوطنية وعاهدنا الله على أن نعمل عليها وأن لا نعدل عن أية جزء من جزئياتها :
- المادة الأولى : تأليف حكومة حرة نيابية ديمقراطية مسؤولية أمام الأمة العراقية، مستقلة استقلالاً سياسياً تماماً لا شائبة فيه عارية عن أي تدخل أجنبي.
- المادة الثانية : رفض انتداب الانكليز وكل معاهدة تمس كرامة الأمة العراقية واستقلالها السياسي التام.
- المادة الثالثة : تأييد سياسة جلالة الملك فيصل على أساس استقلال العراق السياسي التام بحدوده الطبيعية.
فعلى هذه المواد الثلاثة أقرت رغباتنا الصحيحة والله حسبنا ونعم الوكيل.
وعقدت جماهير بغداد اجتماعاً كبيراً في (جامع الوزير) في جو من الحماس الوطني العارم وطيروا برقية إلى عصبة الأمم وإلى الكونكرس الأمريكي والبرلمان البريطاني وإلى الصحف العالمية جاء فيه :
(لقد ثبتت رغبة العراقيون في الاستقلال التام ورفضهم أي انتداب كان، وحركتهم الخطيرة في/ 1920 أعظم شاهد على ذلك وعليه نرفض كل انتداب ونحتج على كل قرار يعارض الاستقلال التام للعراق) فأصدر وزير الداخلية أمراً يمنع الاجتماعات السياسية واستمرت المفاوضات السرية حتى صادق مجلس الوزراء يوم 25/6/1922 على المعاهدة فاستقال وزير التجارة آنذاك الزعيم الوطني محمد جعفر أبو التمن احتجاجاً على ذلك واستعرت المظاهرات في بغداد وسائر أنحاء القطر وحصلت مصادمات عنيفة مع قوات الحكومة في مدن الفرات ورفضت جماهير الشعب دفع الضرائب.
وفي يوم 23/8/1922 قرر الحزبان الوطنيان (الحزب الوطني) و (حزب النهضة) توحيد مساعيها للمطالبة بحقوق الشعب وإقامة مظاهرة صاخبة هتفت (ليسقط الانتداب) و (لتسقط انكلترا) فجهز المندوب السامي حملة إرهابية شعواء وأغلق الحزبين الوطنيين ولم يمض شهر على إجازتهما وأبعد قادتهما إلى جزيرة (هنجام) وعطل جريدتي (المفيد) و (الرافدين) ونفى صاحبيها وأرسل سرباً من الطائرات تقصف مدن وقرى الفرات فدمرت البيوت والأكواخ وأحرقت الزرع والحيوانات كما فصل عدد من الموظفين الوطنيين وقضى على انتفاضة الشعب ظاهرياً .. ولم تستطع الحكومة ومن ورائها الانكليز من جمع المجلس التأسيسي وإبرام المعاهدة إلا في أيار عام/ 1924 وظل الشعب خلال تلك السنين يبدي صدق العزيمة في النضال ضد الانتداب وفي سبيل تحقيق أمانيه الوطنية وفي يوم 29/ايار/ 1924 عندما كان المجلس التأسيسي يناقش المعاهدة قامت مظاهرة صاخبة في بغداد وأحاطت بمقر المجلس احتجاجاً على تحدي إرادة الشعب ومعارضته للمعاهدة ولم تفلح الشرطة في تفريقها فاستدعى وزير الدفاع آنذاك (نوري السعيد) قوة من الجيش العراقي واصطدمت مع المتظاهرين وفرقهم بقوة السلاح فسقط عدد من الضحايا مما زاد من غضب الجماهير والتفافها حول المندوبين المعارضين فزادهم هذا الإجراء اندفاعاً ومن أجل امرار المعاهدة استعملت حكومة الانتداب شتى الأساليب عدا الإرهاب والتقتيل حيث كانت تحرض الوهابيين على الحدود العراقية مع السعودية كما كانت تستغل قضية لواء الموصل .. ففي سنة/ 1924 أرادت إجراء بعض التعديلات على المعاهدة بإضافة قيود جديدة رفضتها الحكومة العراقية فهدد المندوب السامي صراحة بقبول التعديلات أو التنازل عن الموصل للأتراك ودحضت المعارضة العراقية هذه الحجة بتأكيدها بأن بريطانيا لا تقل حرصاً على إبقاء الموصل ضمن الحدود العراقية لما فيها من معادن وخاصة النفط الذي يتوقف عليه حياة أسطولها وأن تهديد بريطانيا ما هو إلا مناورة لإكراه الشعب وحمله على قبول المعاهدة ومع ذلك فقد صادق المجلس التأسيسي على المعاهدة بأغلبية الموالية للانكليز رغم خروج المندوبين المعارضين لها من قاعة المجلس احتجاجاً على مناقشتها.
وفي 8/شباط/1928 زار الزعيم الصهيوني (السير الفريد موند) بغداد فانتهزت جماهير بغداد هذه الفرصة للإعراب عن سخطها واحتجاجها على السياسة البريطانية المتبعة في فلسطين واستنكارها لوعد بلفور المشؤوم فتجمهرت جموع الطلبة في صباح ذلك اليوم ورفعوا الشعارات التي كتبت عليها (تسقط الصهيونية) و (يسقط وعد بلفور) و (تحيى الأمة العربية) وكلما تقدم للطلبة سيرهم انضم إليهم أعداد كبيرة من الشعب تجاوز عددهم العشرين ألف متظاهر وعبرت المظاهرة إلى جانب الكرخ حيث المحطة التي يمر بها الزعيم الصهيوني فتصدت الشرطة الخيالة للمتظاهرين ودخلت في معركة عنيفة مع المتظاهرين وسقط فيها الكثير من الجرحى في سنابك الخيل واعتقلت أعداداً كبيرة منهم ورغم ذلك اضطرت في مسيرتها المظاهرة إلى مكان القطب الصهيوني واستمرت المظاهرة حتى الليل ولم يرتوي غليل الحكومة من جماهير الشعب وقواه الوطنية فهاجمت نادي (التضامن) حيث كان يجتمع المثقفون الوطنيون واعتقلت عدداً من أعضائه ونفت رئيسه إلى خارج بغداد وأصدرت أمراً يمنع التظاهر والاجتماعات وطردت ثمانية عشر طالباً طرداً نهائياً من الجامعات العراقية وحكمت على عدد كبير من المتظاهرين وهددت الطلبة بالطرد من معاهدهم وسوف يطلق الرصاص على كل متظاهر مما زادت تلك الإجراءات من سخط جماهير بغداد فعقدت اجتماعاً جماهيرياً يوم 10/2/1928 في جامع (الحيدرخانه) للاحتجاج على سياسة الحكومة وحاشيتها في تقرير المتظاهرين ولإعلان السخط الشديد على وعد بلفور فهاجمت الشرطة الاجتماع واعتقلت الخطباء وأصدر الملك مرسوماً ينص على معاقبة الطلبة دون الثامنة عشر من عمرهم الذين يشتركون في الاجتماعات غير القانونية بالجلد بالمقرعة أما الطلبة الذين يتجاوز عمرهم الثامنة عشرة فعقابهم الطرد المؤبد وأن لا يستخدم في دوائر الدولة من تقرر طرده .. وقد احتجت الصحف على هذه المراسيم الهمجية وطالب كل من الحزب الوطني وحزب الشعب بإلغائها وإلغاء العقوبات التي فرضت بمقتضاها على خيرة أبناء الشعب كما استقال وزير العدل آنذاك حكمت سليمان وتحت ضغط جماهير الشعب واستنكار القوى الوطنية اضطرت الحكومة على إلغاء هذه المراسيم في يوم 17/ايار/1928 .. كما ارتفعت معارضة الشعب لسلطات الانتداب والمطالبة بمنح البلاد حقوقها تتصدى سلطات الانتداب فتسقط وزارة لتأتي وزارة أخرى تعطي الوعود التخديرية للشعب وتستسلم لمشيئة سلطات الانتداب.
وفي آذار/1930 وعلى أثر استقالة وزارة ناجي السويدي احتجاجاً على رفض سلطات الانتداب منهاج الوزارة الدامي إلى تهيئة البلاد لإدارة نفسها بنفسها فطالبت بتقليص المستشارين والموظفين الانكليز فقررت الجماهير القيام بتظاهرات صاخبة تشترك فيها المدن والأرياف وام لبثت اللجنة التي عهد إليها تنظيم التظاهرات أن وجهت الدعوى إلى الألوية فجاءت الوفود من كل مكان وأخذت برقيات الاحتجاج على السياسة الغاشمة تنهال على دوائر الحكومة العليا وعلى إدارات الصحف المختلفة كالسيل وأصبحت البلاد كالبركان المتفجر .. وتقرر أن يكن يوم الجمعة 21/مارس/1930 موعد إقامة هذه التظاهرات فتعطلت بغداد في اليوم المذكور ثم سارت الوفود إلى جامع الحيدرخانه فأزدحم الجامع بها على رحبه وغصت الطرق العامة والشوارع وارتقى الخطباء المنبر ثم خرجت الجماهير الغفيرة وانضم إليها الناس المحتشدون في الشارع فساروا حاملين الشعارات الكثيرة التي كتب عليها عبارات خالدة (إرادة الأمة فوق الجميع) و (يحيى العراق مستقلاً) و (للوطن نحيا وللوطن نموت) وكان المتظاهرون يهتفون بهذه العبارات على طول الشارع العام والتصفيق يرتفع إلى عنان السماء بعد أن وصلت المظاهرة إلى الباب الشرقي عرجوا إلى دور القنصليات والسفارات الأجنبية وقد بلغ الحماس أشده وتعالت الهوسات (ساعة بلندن مرهونة) و (بسك عاد استقلالنا النا) وفي نحو الساعة السابعة مساءً انحل عقد المتظاهرين بعد أن قرروا إرسال الاحتجاج التالي نصه باللغتين العربية والانكليزية والموجه إلى الملك والمعتمد السامي البريطاني وإلى مجلس عصبة الأمم ورئيس الوزراء ومجلس النواب البريطاني وجمعية مقاومة الاستعمار وأمهات الصحف العربية والأجنبية، (العراق بأسره ساخط وناقم على سياسة الكتمان والتمويه التي درج عليها الانكليز في حكمهم للعراق فقد مر عليه عشرة سنوات وأفرزت على الشعب العراقي خلالها شر ما تعانيه الشعوب المضطهدة ونال من سوء الإدارة البريطانية ما لم تنله الشعوب الرازحة تحت حكم الاستعمار الممقوت. فالشعب الذي خسر في صداقته البريطانية الشيء الكثير من حقوقه وأمانيه القومية يحتج على هذه السياسة الفاشلة أشد الاحتجاج معلناً للملأ أن تمادي الانكليز في سياستهم هذه مما يزيد في حنق الشعب العراقي المضطرب وينذر ما ينجم عن هذا الحكم الممقوت الذي يتطلب تبدلاً جوهرياً فيه كما أن سلوك بريطانيا هذا يسبب ضرر في مصالحها، فسياستها الصارمة هي التي أدت إلى نفور الشرق وتذمره الشديد من سلوك بريطانيا الناكثة للعهود وإذا كانت عصبة الأمم ومن ضمنها بريطانيا داعية حقاً للسلم العالمي فعليها أن تستمع إلى نداء الشعب المطالبة بحقوقها قبل أن تطالب بتحديد السلاح لأن ذلك أضمن للسلم .. كما عقدت اجتماعات مماثلة في المدن العراقية الأخرى في حين كان جماعة من السياسيين يتفاوضون لتأليف الوزارة الجديدة التي عهدت إليها سلطات الانتداب تهيئة الجو لعقد معاهدة / 1930.
وفي المذكرة التي أرسلها معتمد الحزب الوطني العراقي (محمد جعفر أبو التمن) إلى عصبة الأمم وإلى الحكومات الإيرانية وتركيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا في 1/تشرين الثاني/1930 فيها وصفاً كاملاً للأوضاع التي يتم فيها عقد معاهدة/1930 التي جاء فيها.
1) إن حكومة العراق الحاضرة استلمت مقاليد أمور البلاد خلافاً للأوضاع الدستورية في العراق كما أنه لم يعضدها البرلمان السابق فلم تكن هيئات عامة تركن إليها في البلاد والحقيقة هي أنها تألفت لتنفيذ سياسة خاصة مجحفة بحقوق البلاد عقب اصطدام الحكومة العراقية التي قبلها بتصلب بريطانيا بشأن مصالحها.
2) إن الحكومة الحالية حال استلامها مقاليد الأمور أجلت المجلس النيابي وبعد انقضائه حلته حتى تتخلص من كل هيئة مراقبة مهما كانت حالتها، ولأجل تأسيس حكم غير دستوري بمصادقة الجهة البريطانية خلافاً للنصوص الصريحة التي تضمنها الدستور.
3) إن الحكومة الحاضرة قد عطلت أكثر من عشرين صحيفة وساقت بعض المحررين إلى المحاكم الجزائية وجعلت لكل اجتماع عام طلب عقد مرفقاً للقانون وانتهجت سياسة الشدة لمنع أصوات معارضيها خلافاً للقوانين المرعبة في الوقت ذاته أخذت تفاوض حكومة بريطانيا لعقد معاهدة تحدد علاقاتنا بعد سنة / 1932.
4) إن الحكومة قد عقدت معاهدة مع بريطانيا قابلها الشعب العراقي بغضب عارم في طول البلاد وعرضها لما تضمنته من مواد منسجمة مع الأهداف الاستعمارية ومكنت سيطرتها ووضعت العراق تحت حماية بريطانيا ورعايتها لمدة تزيد على ربع قرن.
5) فلأجل إقرار هذه المعاهدة الممقوتة من قبل مجلس أهلي والحكومة الحاضرة تضافرت مع الاستشارة البريطانية على مخالفة قوانين الانتخاب لأجل انتخاب كاذب صوري.
للأسباب المذكورة أعلاه قاطع الشعب الانتخابات في أكثر أنحاء البلاد وطلب من الحزب الوطني بعرائض أن يذيع مقاطعته للانتخابات على الملأ ولإعلام من يخصه الأمر بحالة العراق الحقيقية من مخالفات دستورية وطالب اعتبار كل معاهدة أو اتفاقية أو امتياز أو أي عقد دولي عقدته تلك الحكومة أو أي برلمان أو مجلس قد تجمعه هي ملغاة وباطلة.
وفي 22/أيلول/1930 قرر قادة الحركة الوطنية عقد اجتماع سياسي لمعالجة الموقف .. فقدموا بيانات بذلك إلى متصرف لواء بغداد قبل الموعد بخمسة أيام ونشروا على الرأي العام البيان التالي :-
إلى الشعب العراقي العظيم ..
«أنت تقاسي الجوع والعرى، والانكليز وأتباعهم سبب جوعك وعراك، وهم ينعمون بثروتك وغناك، وهم الذين مزقوا قومك وساموك الذل فلهم في كل موطن من مواطننا مظالم ففلسطين مرهقة، يشتت الانكليز أبناءها ويخرجونهم من ديارهم ليسكنوا الصهيونيين الأعداء فيها وقد أرهقوا وما زالوا يرهقون العرب في أنحاء جزيرتك المقدسة. فهذا الفقر وتلك المظالم والمعاهدات الجائرة، تدعوك إلى الإضراب العام بعد ظهر الاثنين المقبل، بتعطيل الأشغال، ووسائل النقل وإقفال الدكاكين، والمحلات والمقاهي ودور الأعمال وأن تتظاهر تظاهراً سلمياً».
فقبضت الشرطة على فريق من القائمين بهذه الحركة وحبست بعضهم لمدة ستة أشهر وعلى آخرين ثلاثة أشهر (وكانت حجة الحكومة في هذا العمل : أن القائمين بهذه الحركة لم يستهدفوا الصالح العام في حركتهم هذه، ولم يقصدوا خدمة البلاد وإنما كانوا آلات بأيدي المعارضة لحركتهم كيف شاءت وأن بين المحكومين من يدين بالمبادئ الشيوعية الهادمة).
لم يكن سخط الشعب العراقي على المعاهدة مقتصراً على المناطق العربية بل شمل المناطق الكردية .. إذ لم تتضمن المعاهدة أي ذكر للوعود التي قطعها الانكليز للشعب الكردي فانتفض الشعب الكردي مطالباً بحقوقه وأرسل المذكرات والاحتجاجات إلى عصبة الأمم ولكن الحكم العميل وبتوجيه من سلطات الاحتلال جردت حملة عسكرية شعواء قتلت العشرات وسجنت العديد من قادة الشعب الكردي كما نفت بعضهم
لقد كان الشعب العراقي بأجمعه ساخطا منتفضاً، مستعداً لكل تضحية في سبيل تحرير بلاده ولكنه بحاجة إلى قيادة ثورية توجه هذا النضال كان بحاجة إلى قيادة تستطيع أن تربط بين نضال الشعبين العربي والكردي إزاء عدوها المشترك الاستعمار الذي استطاع بمؤامراته من تحويل غضب كل منهما نحو الآخر ولم يتح ضيق الأفق القومي للبورجوازية أن تكشف أساليب الاستعمار هذه وتوجه جهود الشعبين ضد العدو المشترك
وهكذا أصبحت البلاد تواجه السيطرة الاستعمارية البريطانية وحكم العمالة، كما نشأت طبقة ملاكين إقطاعية – برجوازية من كبار رؤساء العشائر وكبار رجال الدين وكبار الموظفين والسياسيين والتجار، وهم الذين نهبوا بمساعدة وتشجيع الامبرياليين وفي حقبة زمنية وجيزة معظم الأراضي الأميرية الخصبة والتي كانت تعتبر ملكاً للدولة وحولوا الفلاحين الذين عمروا الأرض جيلاً بعد جيل إلى طبقة كادحة شبه بروليتارية، مجردة من حقوق التصرف بأرض الآباء والأجداد
وبذلك اتخذت مشكلة الأرض شكلاً جديداً تسوده ملكية كبار الملاكين والإقطاعيين الذين يستغلون بأبشع الأساليب ملايين الفلاحين الكادحين، كما نظمت البرجوازية الوطنية نفسها وشكلت أحزابها وأصدرت صحفها وتمكنت من إبداء معارضتها للحكم الموالي للاستعمار داخل البرلمان دون أن تستطيع التأثير على قراراته الحاسمة المكبلة لاستغلال البلاد وحريتها.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على الدولة دعم المزارعين والزراعة في العراق
- مفهوم التنمية
- دور الإحصاء والتخطيط في إصلاح الاقتصاد العراقي
- مآثر بطولية في نضال الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني في ...
- التوافقية والإصلاح في نظام الحكم
- مآثر بطولية للشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني في وسط وغرب ...
- حركة رشيد عالي الكيلاني في شهر مايس / 1941 في العراق
- على بوتين أن يعلم أن الخطأ لا يحل بالخطأ
- العراق وطن وشعب يقف الآن على مفترق طرق في التاريخ
- العراق وطن وشعب أمام صعيد تجربة جديدة
- أساليب الاستعمار الامبريالي لروسيا في السيطرة على أوكرانيا
- السيد الصدر ومشروعه الإصلاحي الذي يقوم على وعي الواقع وتغيير ...
- الإخوان الأعزاء الذين ردوا على موضوعي (السيد مقتدى الصدر ومش ...
- عبقرية المفكر الكبير كارل ماركس وحركة التاريخ
- معنى العلمانية (2)
- على المسؤولين في الدولة المشاهدة والاستماع إلى وسائل الإعلام ...
- على الحكومة العراقية معالجة الآثار السلبية بسبب رفع صرف الدو ...
- السيد مقتدى الصدر ومشروعه الاصلاحي
- على القوى السياسية العراقية متابعة الاطلاع ومعرفة الحوار وال ...
- التعامل السياسي بهذا الأسلوب الخطر مرفوض جداً


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - الجزء الثالث / العراق تحت سلطة الانتداب البريطاني