الجميع تنصل من معرفته ب - فتحي - !!

كريم المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7183 - 2022 / 3 / 7 - 05:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء على القراء الأعزاء ، لكننا واثقون من أن الكثير منا شاهد مسرحية " الواد سيد الشغال " ، ولأكثر من مرة ، وسمع فيها اسم " فتحي " ، والذي دخل اسمه في سياق حديث الفنان عادل إمام ، وهو جالس على أرجل الفنانة المرحومة رجاء الجداوي ، وهي تلاعبه وتلاطفه ، على أعتبار انها على معرفة بأقاربه ، وما أن دار الحديث عن أموال .. ودين مالي ، فجأة نهض الفنان عادل أمام من مكانه قائلا ، " انا لا اعرف فتحي ، ولا شفت فتحي " ، تلك العبارة التي أصبحت فيما بعد ، ايقونة لمعظم الناس ، عندما يتعلق الامر بتسديد مبالغ مديونية عن الغير ، او نفي كلام لم يقله ، او حتى للمداعبة والمزاح .
وفي خضم الاحداث الجارية الان في العالم، ووسط هذا الكم الهائل مما نسمعه ونشاهده ، من تصريحات وتهديدات من مسئولين غربيين تجاه روسيا، وصراخهم وعويلهم ، بأنهم سيعملون كذا ، وسيقدمون كذا لمساعدة أوكرانيا ، وبعد فترة لا تتجاوز اليومين تأتي تصريحات أخرى تنقض ما سبقها ، ويتنكرون فيها معرفتهم "بفتحي " ، خصوصا بعد أول تحذير روسي ، بأن أي خطوات عدائية عسكرية تجاه روسيا ستكون بمثابة عدوان مباشر على القوات المسلحة الروسية ، وتستحق الرد عليها .
وخلال اليومين الماضيين تصاعدت وبشكل سافر تصريحات غربية ، في البداية على شكل تقارير إعلامية أمريكية ذكرت أن الولايات المتحدة وبولندا تدرسان توفير طائرات حربية لأوكرانيا ونقل مقاتلات بولندية "ميغ" و"سوخوي" سوفيتية الصنع إلى القوات الأوكرانية ليرسل الطرف الأمريكي مقاتلات "F-16" إلى بولندا لتحل محلها ، لكن بعد بعد ذلك وتطورت الفكرة ، حتى جاء إعلان وزير الخارجية أنتوني بلينكن ، أن الولايات المتحدة "تعمل جاهدة" لعقد صفقة مع بولندا لتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة ، وقال "نحن ننظر بجدية الآن في مسألة الطائرات التي قد توردها بولندا لأوكرانيا"، مضيفا أن واشنطن تنظر كذلك في كيفية تعويض ذلك في حال قررت وارسو توريد تلك الطائرات لأوكرانيا ، كما راح الوزير الأمريكي بعيدا في مخيلته عندما " تفلسف " كثيرا في الأمر وقال "في الواقع، نحن نتحدث الآن مع أصدقائنا البولنديين حول ما يمكننا فعله لتلبية احتياجاتهم إذا قرروا نقل هذه المقاتلات إلى الأوكرانيين".
في غضون ذلك وردا على هذه التصريحات " الرنانة " ، جاء تحذير وزارة الدفاع الروسية من أن السماح لطائرات حربية أوكرانية باستخدام مطارات دول أخرى قد يعتبر مشاركة من تلك الدول في النزاع المسلح ، والإشارة إلى أن الوزارة على علم بوجود طائرات حربية أوكرانية انتقلت سابقا إلى رومانيا ودول مجاورة أخرى ، وإلى أن "استخدام المطارات التابعة لهذه الدول لمرابطة الطيران الحربي الأوكراني واستخدامه اللاحق ضد القوات الروسية قد ينظر إليه على أنه تورط لهذه الدول في النزاع المسلح" ، ليكون هذا التحذير " كالصاعقة" التي نزلت على بولندا ، لتعلن عن براءتها من " فتحي بالمرة " ، بإعلان مكتب رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي عبر "تويتر ، أن "بولندا لن ترسل طائراتها المقاتلة إلى أوكرانيا، ولن تسمح باستخدام مطاراتها" في النزاع ، ليسدد بذلك ضربة قوية " مفاجئة " وغير متوقعة للإدارة الامريكية .
ولا يقف الأمر عند هذا الحدث ، فقد تصدعت رؤوسنا في الأسبوع الماضي ، بانباء إ علان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، إن بلاده ستنشئ فيلقا “دوليا” أجنبيا للمتطوعين من الخارج ، تلقفتها وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، وراحت تصول وتجول في وسائل الاعلام الغربية ، وتعلن عن دعمها بشكل قاطع مشاركة مواطنين بريطانيين في القتال إلى جانب القوات الأوكرانية ضد الهجوم الروسي ، حتى جاء دور رئيس أركان الدفاع البريطاني، الأدميرال السير توني راداكين، ليشتم " فتحي " ومعارفه ، ولينتقد الوزيرة البريطانية معتبرا أنه "غير قانوني وغير مفيد للمواطنين البريطانيين أن يذهبوا ويقاتلوا في أوكرانيا.
وتمعن الجنرال البريطاني في نكرانه " لفتحي " والتأكيد على أن "آخر شيء نريده هو حرب بين الناتو وروسيا "، ورأى السير توني راداكين أنه يتعين على المملكة المتحدة وحلفائها توخي الحذر الشديد بشأن تهديدات روسيا ، وقال "يتعين علينا الحفاظ على الهدوء والمسؤولية حتى لا نكتفي بالرد على نحو متهور لأي تعليق صريح أو غريب أو مثير للسخرية في بعض الأحيان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وعلى ما يبدو ان الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي ، ولكونه ممثل ساخر " مهرج " في البرامج التلفزيونية الأوكرانية ، والذي اصبح فيما بعد بقدرة قادر رئيسا لأوكرانيا ، قد عاد الى مهنته ، وعرف كيف تؤكل الكتف ، وصار هذه المرة ليس مهرجا فحسب ، وانما بات " مفتيا " ، يتلاقف منه المسئولين الغربيين الفتاوى ، ويذهبون في اطلاقها هنا وهناك ويدعون " ذيولهم " لتنفيذها ، وخلال الأيام الماضية ، أفتى زيلينسكي بضرورة ان يقوم الغرب بحظر طيران في أوكرانيا ، لتتوالى بعدها التصريحات من هنا وهناك بين مؤيد ومعارض ، حتى جاء تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، من أن فرض حظرٍ للطيران فوق أوكرانيا يُعد مشاركةً في أعمال عدائية ضد روسيا ، حتى بدأ الجميع من " التبرأة " من " فتحي " واحدا بعد آخر .
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ، الذي يعتبر من أكثر المسئولين الغربيين " تشددا " لم يتبرأ من " فتحي " فحسب ، بل أيضا من عشيرته كلها ، وقال أن القوات البريطانية لن تقاتل القوات الروسية في أوكرانيا، ولا يمكن فرض حظر جوي فوقها، لأن الحرب مع موسكو "شيئ لا يمكن فعله أو تخيّله"، بل ذهب ابعد من ذلك بصراحته بالقول "عندما تتحدث عن منطقة حظر الطيران، كما قلت لـ(الرئيس الأوكراني) فلاديمير زيلينسكي عدة مرات، فللأسف ذلك يعني أن المملكة المتحدة ستشارك في إسقاط الطائرات الروسية، وستشارك في قتال مباشر مع روسيا ، وأريد أن أكون واضحا تماما حول هذه النقطة، لن نحارب القوات الروسية في أوكرانيا".
واستبعد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي بدوره، خلال زيارته إلى لاتفيا، فرض منطقة حظر جوي في أوكرانيا لأن ذلك سيعني الصدام مع روسيا ، وقال: "سيتوجب علينا أن نحارب القوات الجوية الروسية... لم يقل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ينس) ستولتنبيرغ أو أي مسؤول سياسي كبير من الدول الأعضاء إنهم يريدون ذلك"، في حين أكد ( الناتو ) عدم معرفته ب " فتحي " ورفض رفضا قاطعا الطلب الاوكراني لإقامة منطقة حظر جوي خشية حرب " نووية " مدمرة.
أما وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير ، الذي أنتفض منذ الأيام الأولى من بدأ العمليات العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا ، وعرض عضلاته ، وقال إن روسيا ستواجه انهيار اقتصادها بعد شن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "حربا اقتصادية" عليها وأضاف ان "العقوبات ضد روسيا ستضرب النظام في الصميم.. وسوف يدفع الشعب الروسي ثمن العواقب أيضا" ، حتى جاء رد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري مدفيديف " المزلزل " للوزير الفرنسي ، في تغريدة له على "تويتر": انتبهوا لكلامكم أيها السادة! ولا تنسوا أن الحروب الاقتصادية كثيرا ما تحولت إلى حقيقية في التاريخ البشري" ، ما دفع بالوزير الفرنسي الى التراجع عن تصريحاته حول "حرب اقتصادية" ضد روسيا على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا، معتبرا أن هذه التصريحات كانت "غير مناسبة" ، ليتنكر هو الآخر من " فتحي " !!! .

#كريم_المظفر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات