أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى أحمد - هواجس عمر














المزيد.....

هواجس عمر


هدى أحمد
(Huda Ahmed Alawy)


الحوار المتمدن-العدد: 7182 - 2022 / 3 / 6 - 09:19
المحور: الادب والفن
    


إكتملتْ رؤية القمر، كان ثمّة عرسٌ في السماء في حين ظلّ القمر يسقي قلوباً عطشى لياسمين السهر، وفي ذلك الركن الهادئ جلس عمر الشاب العشريني الذي تحكي عيناه عن ألف حكاية تدور في رأسه، وكلّ أمله أن يعقد هدنةً قصيرةً ليريح آلامه المزمنة التي حرمته فجأة من النوم حتى جعلته يهيم وحيداً من مقهى إلى مقهى، فيا ترى كيف يتسنى له أن يستريح هنيهةً إذا ما كان يحمل في رأسه حجراً ثقيلاً؟
تخرّجَ عمر في كليّة الهندسة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، فالمشكلة إذاً تكمن في جوهرها العميق والذي يفسر لنا أنّ مع كلّ هذا التفوّق المرموق الذي أحرزه عمر فأنّه ربما يرى أن هناك ما يقف حائلاً دون وصوله إلى مرماه لينال حقّه الطبيعي في أن يصبح معيداً في الكلية، ولربما القصّة كلّها بسبب أن أحدَ أبناء أساتذته الذي استلب منه حقّه ظلماً، حيث جرت عملية التدليس والغش علناً وأصبح ابن الأستاذ المومأ اليه متفوّقاً عليه بفارق ضئيل جدّاً، فلم يكن ذلك الشاب في الواقع مؤهّلاً كعمر، ولكن لمن يشكي ولمن يبوح بهمه الثقيل مثل جبل؟ فوالده قد أدلى دلوه ليرتقي ابنه لكي يتعلّم جيداً ويصبح ذات يوم معيداً في الكلية، كان عمر يحلم أن يصبح أستاذاً في كلية الهندسة كي يدخل السعادة على قلب والده الذي خارت قواه وهرم وكان أمله الوحيد أن يتفوّق ابنه، ولكن يظهر أنّ هناك أيديَ تعبث لا بالأوراق وتتحكم في المصير المهني فقط، بل تعبث حتى بالقلوب وتسقيها حزناً، كذلك الأستاذ الفاسد الذي قدّم مصلحة نجله الذي لا يستحق الوظيفة على مصلحة ذلك المسكين صاحب الحق والذي لم يكن ذنبه إلّا أنه لم يكن له ظهرٌ يحميه..
خطا عمر شارد الذهن صوب بيته ليستقري الوضع ويسترجع الاحداث، وحالما جلس على سريره بدأ يتنفس الصعداء ويتنهّد كالذي تتجسّم على ظهره أطنانٌ من الحجارة، شرع يفكر في فراديسه حتى غلبه النوم وفي الصباح الباكر حاول الخروج خلسةً خشية ألّا يراه أحد، مع أن الأب كان مصرّاً على محادثته بتؤدة مع أنّ الدمع كان يسّاقط من عينيه والخجل يضيء وجهه ويفرش على تقاطيعه وروداً حمراً، خاطب الأب ابنه بحنو وحكمة الأستاذ ثم أردف قائلاً:
- فلترفعْ رأسك في الشمس
- فطأطأ الابن رأسه هنيهةً وكأنّما غطّت قلبه سحابةُ بردٍ فأطفأت نيراناً مشتعلة، ثم قال من صميم قلبه: لعلّ الحلم لا يتحقّق إلّا بعد إزالة كلّ ما يثقل ظهرك
- ردّ الأب ردّاً هادئاً كلّه ثقة: أملي في الحياة أن تشرق شمس الحرية
أثلجت كلمات الأب قلب ابنه ما جعله يملك من العزيمة الصلبة ما يكفي لمواجهة أيّ طارئ، نزل مسرعاً يقصد الكليّة، وحين وصل إلى هناك وجد أحدَ أساتذته كان في انتظاره، وهو كما يراه كان شخصاً نقياً لم تلوّثه المناصب، ولم تعبث به الشرور، ومن الطبيعي أنّ رجلاً كهذا لا بدّ من أن يمثّل صورة الإنسان المثالي الذي لا يرضى لنفسه أن يظلم أحداً في حضرته، إذ يعرف جيداً أنّ الحق لعمر، خاطبه بكلّ ثبات وثقة..
ـ قال بوضوح تام: لن أسمح لأيّ شخص أن يسلب حقاً لمتضرّر//
ستنال غداً هدية انتصارك في المعركة المصيرية، صمت قليلاً ثم قال هلُمَّ بنا نذهب.
خرجا معاً قاصدين مكتب رئيس الجامعة، وعندما دخلا تحدّثا بكلّ وضوح وطمأنينة، والحقيقة كان الرجل منصفاً جداً في تقديراته، ما دام لم يرض ضمناً التجاوزات، ولكنه في الأخير أمسك العصا من منتصفها ثمّ قال منشرحاً:
ــ حيث تُقام مسابقةٌ بين فريقين، ويعيّن الفائز حينئذ بالاختبار من فوره، فرح عمر كثيراً
فرحاً شديداً، وقد جرى الاختبار بالفعل، كان هذا المعطى سبباً كافياً لينال استحقاقه.



#هدى_أحمد (هاشتاغ)       Huda_Ahmed_Alawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتوراة
- الكينونة
- الفدائيّ
- البراكين
- القمح الأسمر
- أخرس يصرخ الكلام في حلقه
- شجرة الحنين
- الطائر الحالم
- وطن كالقمر
- الفراشة
- مرَّ طيفك في أحلامي
- الشجرة
- شتاء الضيف
- القهوة
- جرس الباب
- ميثاق الهوى
- لا تدع العصافير تهاجر
- لمست النار كي أفيق
- أمير
- ذلك الوجع


المزيد.....




- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية
- الغاوون:قصيدة (وداعا صديقى)الشاعر أيمن خميس بطيخ.مصر.
- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى أحمد - هواجس عمر