أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب غلاب - أربعة سيناريوهات للأزمة اليمنية (التغيير الفوضى الحرب الأهلية، الاستبداد)















المزيد.....



أربعة سيناريوهات للأزمة اليمنية (التغيير الفوضى الحرب الأهلية، الاستبداد)


نجيب غلاب

الحوار المتمدن-العدد: 7181 - 2022 / 3 / 5 - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قدمت هذه الورقة في الندوة التي اقامها تيار المستقبل صباح الأحد 18 ابريل 2011م في العاصمة صنعاء وكان عنوان الندوة بعنوان "الانتقال الأمن للسلطة ومخاطر انهيار الدولة"..
أعيد نشرها هنا بنصها دون تغيير حرف واحد لتوضيح أن مخاطر لحظات الانفعال الثوري والضغط الذي مورس على العقول حتى لا تفكر وكيف بإمكان الشعارات ان تقود الناس الى الفوضى ويتم محاصرة التغيير ومن يطلع على الورقة سيجد ان السيناريوا الرابع هو ما رجحناه في حينه، كما ان تفاصيل الورقة توضح التوصيف الذي قدمته للواقع بناء على المؤشرات وبمقارنتها بما حدث لاحقا سيجد مدى تقارب الاطروحات التي طرحناها مع التحولات لاحقا وتم عرقلة التحول وكانت الحوثية وانقلابها هي مسيرة الثورة المضادة لكافة قوى التحديث وللجمهورية..

نص الورقة:

أتناول في هذه الورقة المتواضعة أربعة سيناريوهات وليس هدفي هنا التخويف أو إعاقة التحولات كما قد يتبادر لأذهان القوى المنفعلة بخطاب الاتهام والتخوين بل لي قصد نبيل هو تحفيز الحرية والتسامح والسلام، وفتح آفاق حرة للنقاش لكشف طبيعة ما يجري، أنها محاولة جادة لتعمير الحياة في سياق الواقع بلا عاطفة أو رومانسية ثورية.
لست هنا منظرا لحلم ثوري تتحكم فيه غريزة القطيع، وإنما أحاول أن اكتشف الحلم بعاطفة حالمة وعقلي يبحر في تفاصيل ما يجري ومنتبه لواقع لابد من توصيفه، ويفكر باحتمالات يتم تجاهلها بل ورفضها باعتبارها أوهام ينتجها أعداء الثورة، هي احتمالات مرعبة ولأنها كذلك لا يتم التفكير فيها حتى لا يتم أفساد الآمال التي يتم تصنيعها في وعي جمعي تحكمه العاطفة والاندفاع المتهور.
وعندما نضع احتمال الانهيار فإننا نحاول أن نفكك الإستراتيجيات والتكتيكات والآليات المتبعة في صراع اللحظة الراهنة من قبل القوى الفاعلة، وهي محاولة لكشف احتمالات المرحلة القادمة والتي يتم تغافلها من خلال التنظير الثوري الرومانسي والذي هو جزء من المعركة في مواجهة الخصوم وفرض الهيمنة والسيطرة.
ونؤكد أن الورقة ترى أن التأسيس للحرية والتسامح بحاجة إلى قفزة في التفكير من جميع الأطراف يتجاوزوا من خلالها الماضي واللحظة الراهنة وينتقلون إلى المستقبل بحيث يتم التعامل مع احتمال التغيير كمسألة قد تم انجازها، فالثقة المفقودة والخوف من نتائج التغيير يضع العوائق ويتجه بنا نحو الانهيار.
لنتأمل حالة القوى الفاعلة المتنازعة في الساحة السياسية قبل الحديث عن الاحتمالات التي يمكن ان تنتجها الأزمة الراهنة.

أولا: المعارضة
فالاتجاه المعارض يتبنى التغيير باسم الثورة ولديه إجماع ظاهري حول الرحيل الفوري والمباشر ومحاكمة أركان النظام وربما إسقاط المنظومة الحاكمة كليا، وهذا الإجماع ضرورة في الصراع لكنه لا يشكل قناعة لدى كل الأطراف، فالطرف الباحث عن دولة مدنية دولة لا يهيمن على الأخوان يرى بأن الهدف من تهديد النظام بالفناء ليس إلا تكتيك لحماية التكتل المعارض من الانفراط ومن جهة أخرى محاصرة عنف النظام تجاه المعتصمين، وبهدف الوصول مع الحاكم إلى قبول للتغيير الذي يحدث تحول حقيقي لصالح الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية ويسهل عملية رحيل الرئيس، وخيار الانتقام والثأر وتصفية النظام ليس الخيار الذي يسعون إليه من ناحية فعلية.
هذا الطرف يبحث عن المستقبل وعن الدولة المدنية، والتوازن بالنسبة له هو من سيحمي التغيير في المرحلة القادمة، لذا فإنه أقرب إلى خيار عقلاني وواقعي في تعامله مع النظام، أي أنه خيار يحاول أن يصنع الفكرة والآلة التي تدمر الاستبداد وتنهي إعادة إنتاجه، صحيح أن هذا الاتجاه داخل المعارضة يتبنى خطاب متطرف في المواجهة وفعله ليس إلا مجاراة للانفعال الجماهيري الذي صنعته حركة الإخوان المسلمين وتريد أن تحوله إلى وحش لافتراس خصومها.
أما الطرف الآخر داخل الاتجاه المعارض وهو الأقوى نظرا لامتلاكه تنظيم متماسك ونتيجة تمكنه من اختراق مفاصل الكثير من التنظيمات المدنية وتواجده في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية وتمكنه من بناء تحالفات قبلية متشعبة متوائمة مع مشروعه الديني، وتمكن مؤخرا من الاستفادة من الطاقات الشابة الحرة وغاص في وعيها وهيمن عليها من خلال تحكمه بالمنصات التي تدير الساحات، ونظرا لخبرته الطويلة في التعامل مع الجماهير فقد تحولت القوى الشابة والحرة إلى داعم لإستراتيجية الجناح المتطرف في الإخوان المسلمين، لأن الجناح المتعقل من هذا التيار يبحث عن نصيب الأسد من الكعكة وهو لا يختلف عن الجناح المتطرف من حيث النتيجة.
هذا الطرف بجناحه المعتدل والمتطرف يعتقد انه المؤهل الوحيد للاستيلاء على النظام، ولا يمكنه أن يصل منفردا إلى الحكم ما لم يتم تصفية النظام كليا، وهذا الخيار بالنسبة له استراتيجي لتحقيق الهيمنة في المرحلة القادمة، وهذا الطرف سوف ينتج استبداد في حالة حقق أهدافه، واحتمال كبير أن ينتج تهور الاتجاه الديني القبلي العسكري خيار العنف والانهيار حتى في حالة انتصاره فإنه سينتج الماضي بنزعة ثورية، وقد يحول اليمن إلى أول قاعدة متكاملة لتنظيم الإخوان المسلمين، وهذا مدخل مهم للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي لديه طموحات بالهيمنة على جزيرة العرب.
الميزة الأساسية للأطراف التي تشكل الساحات أنها كل متنوع ومتنازع في المصالح والفكر والعقائد، لذا فإنها قادرة على مواجهة النزوع للاستبدادي للإخوان المسلمين وتحالفاتهم، وما يجعل هذا التنوع مخيفا هو الخيارات المتطرفة لمنتجة للعنف أو الباحثة عن الهيمنة، فالتنوع في هذه الحالة سوف ينتج صراعات عبثية، وفي حالة الخروج من الأزمة بلا عنف فإن التكوينات ستعيد ترتيب مواقعها وفق حاجاتها ومصالح من تمثلهم ماديا ومعنويا، والاحتمال الكبير حسب تصوري أن التكتل العصري مستقبلا في حالة عقد صفقة تاريخية لصالح دولة القانون وحتى الأصولية الحوثية سوف يقودون صراع فكري محموم ضد القوى الأصولية والقبلية الإخوانية ذات النزوع الاسلاموي.

ثانيا: النظام الحاكم
فيما يخص الحاكم بكافة اتجاهاته من الواضح أنهم صاروا على قناعة أن التغيير أصبح عاصفة لا يمكن الانحناء لها حتى تمر لأنها عاصفة دائمة لا يمكنها أن تهدئ ومن يقف جامدا في مكانه اقتلعته من جذوره، فالاستجابة للتغيير صار أمرا محتما لا رجعة عنه، الحاكم لا يريد للعاصفة أن تقتلعه وتؤسس لأعدائه شرعية ثورية على أشلائه، يريد ان يكون شريك حقيقي في التغيير لا كبش فداء لقوى هي جزء منه وركبت الموجة وتريد التخلص من أركان النظام وابتلاع الجزء الأكبر من النظام في جسدها ليمنحها قوة جبارة مستقبلا قد تلغي التغيير وتحطم بقية القوى حتى المتحالفة معها في المرحلة الراهنة.

وهناك اتجاهان داخل النظام الحاكم:
الاتجاه الأول: يرى ان التغيير لابد أن يتم بشراكة حقيقية مع المشترك ومنح القوى الشابة دور محوري في المرحلة القادمة ولا مانع من الرحيل وفق آليات وتوقيت متفق عليه حتى لا يمكن الرحيل الفوري القوى المعارضة خصوصا الإخوان وحلفائهم من تدمير المنظومة الحاكمة والاتجاه نحو الانتقام من القوى التي يمكن ان تقاوم هيمنتهم، وهذا الاتجاه يرى أن أي تسامح سيتم إنتاجه مستقبلا من قبلهم سيكون الهدف منه السكوت عن الهيمنة بل وتحويل قوة النظام كلها إلى آلة جانبية تسهل للإخوان فرض رؤيتهم الشمولية في نهاية الأمر.
الاتجاه الثاني: متطرف ويرى أن الاستسلام لضغوط المشترك والشارع، لا يمثل الحل الأسلم لتحقيق الأمن والاستقرار وحماية الوحدة والديمقراطية، وأن ما يجري ليس إلا عملية انقلابية مخطط لها بدقة ومدعومة خارجيا، الانقلاب ليس على الرئيس بل على الدستور والمشروع الديمقراطي، وهذا الاتجاه يتبنى التغيير الجذري والشامل ويؤكد على إمكانية كسب الشعب إذا ما تم تغيير طبيعة النظام السياسي وتم تبني إصلاحات نوعية وتم مواجهة الفساد ومحاربته بسياسات واضحة وجادة، وهذا الاتجاه لا يمانع أن يرحل الرئيس في نهاية فترته.
وكلا الاتجاهان في نظام الحكم لديهم قناعة أن هناك تربص لدى المعارضة فيما يخص فتح ملفات منتقاة ضد النظام، وهذا قد يدفع النظام في حالة الإصرار على تحويل التغيير إلى سيف مسلط على رقاب النظام وحلفائه إلى عرقلة الشراكة وقد يدفع النظام للتحرك باتجاهات التغيير دون الانتباه لأحزاب المعارضة حتى لو أدى الأمر إلى صراع دموي.
مما سبق يتضح أن هناك شبه إجماع على التغيير بين مختلف القوى مع وجود انقسام حاد بين الأطراف المتصارعة، ومن جهة أخرى يوجد داخل كل اتجاه تباينات في قراءة الواقع والمستقبل المأمول، في ظل هذا الوضع سوف نحاول أن نقدم أربعة سيناريوهات محتملة في المرحلة القادمة، ونرجح سيناريو الصفقة التاريخية لصالح التغيير والإصلاح، وحدوث نقلة نوعية في الوعي والتحول الاجتماعي مستقبلا ستؤسس لهما ثورة مدنية ستنبثق من قلب التحولات الجديدة.

أولا: سيناريو الاستبداد بواجهة ديمقراطية
ما يحدث في النضال الحالي المقاوم لطبيعة السلطة وتركيبتها والذي تقوده الاتجاهات المعارضة يعاني من إشكالية محورية لأنه مركز على الشخص لا الفكرة، فالمتابع سيجد أن الواقع السيئ خلق حالة غضب ومع طول عمر النظام والطريقة التي أدار فيها الحكم افرز صراعات متعددة، وتعاظمت حالة الجمود والسيطرة وهذا أعاق التغيير، وفي المقابل لم تتمكن القوى المعارضة من التحرر من بيئتها فهي الوجه الآخر للنظام أما كحليف أو شريك أو معارض، كما أنها لم تتمكن من تقديم مشروع جديد مبني على رؤية نقدية للواقع اليمني، ومشاريعها لا تختلف كثيرا عن أطروحات الحاكم.
وحتى تتمكن من إدارة معركة تمكنها من الاستيلاء على الحكم فقد ركزت على شخص الحاكم وحملته كل مشاكل الواقع، هذا الطريقة في التفكير أفقدتها القدرة على اكتشاف الواقع كما هو، وتحولت في ظل صراع مراكز القوى إلى مسار مندفع لصالح الأطراف التي شكلت في ظل حكم الرئيس علي صالح جناح الحكم الآخر، ورغم الانتفاضة الغاضبة للقوى الشابة إلا أنها مرتهنة لمعارضة لم تتحرر من أمراضها، فقد تمكن الطرف القوي في المعارضة التجمع اليمني للإصلاح الأداة السياسية لحركة الإخوان المسلمين في اليمن أن يتحرك بفاعلية وبمسارات تبدو أنها منسجمة مع خيارات التغيير المنتج لتحول نافع للجميع، إلا أن واقع الصراع وطموحات حزب الإصلاح في حسم المعركة لصالحه تدفعه لتحرير نفسه من الالتزامات لأي طرف مستقبلا، خصوصا بعد أن حسمت الحركة الإخوانية بتشكيلاتها المتعددة في المعارضة والحكم أمرها في مواجهة الرئيس صالح والمنظومة الحاكمة التي تعمل خارج سياق هيمنتها، والوظيفة الأساسية للمعارضة والشباب المستقل هي شرعنة الهيمنة القادمة باسم ثورة الشعب.
ما يجري في ساحات التغيير من تحكم من قبل أعضائها وتكويناتها السرية وجهازها الأمني يمثل الملمح الأبرز للسيطرة القادمة، أما منظومتها السرية التي خرجت من النظام أو التي تعمل من داخل النظام لتفكيكه ومراقبة كافة أنشطته فهي الذراع الذي يتحرك في الخفاء، والعائق الأكبر أمامها يتمثل في صالح والمؤسسة الأمنية والعسكرية التي لم تتمكن من اختراقها، فالمتابع سيجد أن تكويناتها المتزينة باللباس المدني التي تعمل في الساحات وخارجها وأيضا منصات الساحات وإعلامها وحتى مبادراتها تركز بشكل مكثف ودائم حول الأجهزة والمنظومة التي تعمل خارج سيطرتها.
لدى الإخوان تصور أن رحيل الرئيس صالح الفوري هي المقدمة الأولى لانهيار المنظومة الحاكمة، وعزل أقاربه ضرورية لفرض إرادتها على المؤسسة الأمنية والعسكرية كمقدمة للسيطرة الشاملة على النظام، لنتفق حتى لا يفهم تحليلنا وكأنه دفاع عن الرئيس وعائلته أن رحيل الرئيس صالح ضرورة لتحقيق التغيير، لكن هذا الاتفاق بحاجة إلى أن نؤسسه على منطق، حتى نحدد التوقيت والكيفية التي يتم فيها الرحيل، وحتى لا يتحول الرحيل إلى قوة لإنتاج شمولية ديمقراطية وديكتاتورية حزبية تعبوية باسم الله، وحتى لا يكون الرحيل الصاعق الذي يفجر تناقضات الواقع وينتج الاحتراب.
الواقع يؤكد أن الإخوان تمكنوا من ابتلاع حركة الأمل الشبابية، والفعل الأخواني أشبه بثورة مضادة لخنق التغيير، فالحركة تركب الموجة بنزوع ثوري متطرف وتدفع باتجاه المواجهة وترفض كل المبادرات المقدمة وحلمها ان تصفي منظومة الحكم بحرب باسم الثورة الشبابية لتفرض علينا سيطرة إيديولوجية وقبلية قد تمتد إلى خمسين سنة وبنزوع فاشي باسم الحرية وثورة الشعب وحلمها في السيطرة الكلية مرهون ببقاء اليمن متماسك ككيان واحد.
وعلينا أن ندرك أن أي صراع قادم أيا كانت نتائجه سينمي الثأر والأحقاد والكراهية بين القوى المختلفة، وبالتالي فإن إدارة صراع باسم الثورة خارج سياق التسامح والتعاون لتحقيق طموحات الإخوان ليس إلا تكرار للصراعات الماضية بوجه جديد وشعارات مختلفة، فتصفية المؤتمر وخنق منظومة الحكم وتحالفاتها من خلال الصراع في حالة انتصار الإخوان وتحالفاتهم سينتج استبداد أشد وطأة على الناس، قد تستمر العملية الديمقراطية لكن سيتم تحويلها عبر الآليات التي تتبعها الاسلاموية إلى طاقة لفرض مشروعهم وتبرير هيمنتهم.
وفي المقابل فإن التهديد بالتصفية للنظام قد يجعل الغلبة للاتجاه المتطرف داخل المنظومة الحاكمة، واحتمال أن يتمكن النظام في ظل التأييد الشعبي الذي يملكه والقوة التي بين يديه وتحالفاته القبلية من إدارة معركة قد ينتصر فيها في حالة تهورت المعارضة وسعت باتجاه إسقاط النظام بآليات منتجة للعنف.
وحتى يبرر النظام هيمنته وسيطرته فإنه سيتبنى التغيير والإصلاح، واحتمال كبير أن يغادر الرئيس صالح المنظومة بعد أن رسخ شرعية النظام الذي سيظل وفيا له، وقد يتمكن النظام من بناء تحالفات مع أطراف سياسية في الساحة تمكنه من فرض إرادته على الجميع، وفي هذه الحالة لن تتمكن القوى الأخرى من إعادة ترتيب صفوفها لتحقيق التغيير المنشود إلا بعد زمن قد يطول.
وعلى الجميع أن يدرك أن المحاولات التي تؤسس لنفسها على الإلغاء والإقصاء والتهديد ورفض التفاوض حسب تصوري أنها محاولات لا محالة ستنتج العنف وتولد صراع عبثي لن ينتصر فيه أحد، وستكون نتائجه نشر الفوضى وتدمير البلد، وهذا سيمثل المدخل للحرب الأهلية وتقسيم اليمن.

6
ثانيا: سيناريو الفوضى المنظمة وظهور حركات التمرد
الأطروحة التي تعممها المعارضة بكافة تكويناتها وتحولت إلى مقولة صادقة لا تقبل الجدل هي أن إسقاط النظام سيكون نهاية لمرحلة مأساوية، وطريق لانبثاق مرحلة جديدة يملؤها الائتلاف والتعاون والرخاء، وهي الكفيلة بتأسيس الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية، وتدعمها فكرة أخرى تؤكد أن إسقاط النظام على وشك التحقق ولم يبق أمامه إلا الاستسلام للإرادة الشعبية، ولتدعيم الرؤية يتم التأكيد بشكل دائم أن قوى الشعب ملتحمة والتناقضات التي يتم الحديث عنها من قبل المراقبين ليست إلا أوهام صناعها النظام.
يبالغ البعض بالتأكيد على ان كل مشكلة قابلة للحل بمجرد رحيل الرئيس ونظامه. هذا الطرح الرومانسي للواقع اليمني وتبسيط الإشكاليات التي يعاني منها اليمن ليس إلا وسيلة تعبوية محفزة لمواجهة النظام، فالمعارضة تعتقد أن تحريك القوى الشابة في غاية الأهمية حتى تتحمل تكاليف وأعباء المواجهة مع النظام ولديها تصورات أن معركة الحسم قريبة.
والوصول إلى هدف إسقاط النظام في حالة مقاومته لشروط المعارضة ومراكز القوى المتحالفة معها بحاجة إلى تعطيل كل شيء في البلد، وخلق تمرد شامل في كل أنحاء البلاد، وتفكيك المؤسسات وإضعافها ولا مانع من تدميرها لإنهاك النظام، وهذه الإستراتيجية قد تزيد من عدد الضحايا وهذا حسب تصورهم سيورط النظام ويحاصره داخليا وخارجيا.
قد تبدو الوصفة رائعة لتحقيق النصر، إلا أن نتائجها قد لا تسقط النظام فحسب بل قد تسقط الدولة واقتصاد البلد والدخول في فوضى عارمة لن تتمكن لا المعارضة ولا النظام من التحكم فيها، وقد تسيطر على بعض المحافظات عند عجز الدولة عن تلبية حاجات الناس وضعفها حركات التمرد وتصبح الفوضى هي النتيجة التي ستأكل المعارضة وتحاصر النظام في زاوية ضيقة، ويصبح خيار العنف هو خيار الطرفين لحسم المعركة، وتصبح الحرب الأهلية نتيجة طبيعية.

ثالثا: سيناريو الحرب الأهلية وانقسام اليمن إلى دويلات
سيناريو الفوضى والتمرد قد يكونا هما المدخل للحرب الأهلية، وسقوط الدولة اليمنية، وهذه الحرب لن تكون محصورة في جغرافيا معينة فقد تشمل أغلب مناطق اليمن بين الأطراف المتنازعة المؤيدة للحكم والمعارضة لها، وتطورها في حالة عجز أي طرف من حسمها بشكل سريع سيقود إلى انقسام اليمن إلى دويلات.
والاحتمال الأول: أن تبدأ هذه الحرب في العاصمة صنعاء، التي سيختلط فيها الحابل بالنابل بمجرد الاتجاه نحو العنف، ولأنها مدينة مريفة، فأنها ستفرغ من سكانها تلقائيا خلال أسبوع وتتحول إلى مدينة أشباح تتصارع فيها مراكز القوى التي أنتجها النظام التي مازالت في الحكم أو الموجودة في المعارضة، وقد يتمكن النظام الحاكم من حسم المعركة في صنعاء بشكل سريع، ولكنه سيدخل بمواجهة طويلة مع المليشيات الأخوانية التي قد تلجأ إلى أساليب القاعدة في المواجهة، وقد تندفع القوى القبلية المرتبطة والمتحالفة مع الأخوان نحو صنعاء، وهذا سيحرك كل المراكز القبلية المحيطة بصنعاء والمتحالفة مع النظام لإسناده في المواجهة، ولن يتمكن أبناء الأحمر من تحريك حاشد أن تحيزت القبيلة لمصالحها، لأن توريطها في صراعات مع القبائل المتحالفة مع النظام المحيطة بصنعاء والقريبة من العاصمة سوف يضعفها كثيرا في المستقبل ويفقدها الكثير من مصالحها، وفي ظل انقسام قبيلة حاشد وخوفها من الصراع بين رجالها وقبائلها فالاحتمال الأكبر أن تؤيد الغالبية العظمى من حاشد النظام وهذا سيفقد أبناء الأحمر نفوذهم القبلي، وهذا قد يدفع أبناء الأحمر لمحاصرة أخيهم حميد والالتحام بالقبيلة لصالح النظام، فانتصار النظام في حالة انشقاق بيت الأحمر قد يقود حاشد لاحقا لنقل زعامة القبيلة إلى رمز قبلي آخر من العائلات المشهورة في حاشد كآل مجاهد أبو شوارب.

والاحتمال الثاني: أن تبادر المعارضة في حالة لم يتم التفاوض الذي تتبناه المبادرة الخليجية، أن تقوم حركة الأخوان المسلمين بتحريك مليشياتها المسلحة في الريف باتجاه المدن الرئيسية والمديريات بهدف الاستيلاء على المؤسسات الحكومية وإجبار الجميع بالرضوخ للأمر الواقع، والعمل على تطبيق سيناريو صعدة حيث تم انتخاب محافظ جديد باتفاق حوثي مع على محسن، ثم الاندفاع لاحقا باتجاه عاصمة الحكم صنعاء، وهنا نحن أمام احتمالين أما ان يقبل المجتمع بالأمر الواقع ويستسلم وهذا أمر مستبعد في ظل التركيبة الاجتماعية والسياسية والانقسام الحالي، أو أن يدخل مؤيدي النظام بمواجهة منظمة مع الأخوان المسلمين والقوى الداعمة كأحزاب المعارضة والجيش التابع لعلي محسن ان وجد ومع بعض الرموز القبلية التابعة لمحسن، وسيكون مؤيدي النظام بمختلف انتماءاتهم مدعومين من قبل التكوينات التابعة للمؤسسة العسكرية والأمنية، ومن يحسم المعركة سيقوم بتحويل المحافظات إلى مناطق عسكرية مغلقة وهذا لن ينهي المعركة لأن القوى المتنازعة ستظل تتصارع وقد ينتشر العنف إلى الريف.
ومن المؤكد أنه في حال انفجرت الحرب في صنعاء أو في المحافظات فإن شمال الشمال سوف تحكمه مليشيات الحوثي وستبدأ الحركة الحوثية بعد تصفية بقايا الجيش في تلك المناطق عبر ترحيلهم من المنطقة والاستيلاء على السلاح وضم جزء من الفارين إلى منظومتهم في قيادة معركة للاستيلاء على حجة والاتجاه نحو بكيل وخولان والوصول إلى حدود صنعاء، وبحكم خبرتهم الطويلة في الحشد والتعبئة قد يتمكنوا اختراق حاشد، فالانقسام داخل حاشد سيمكن الحوثي من اختراقها ويزيد من انقسامها، وقد يقود معركة شرسة لتصفية نخبها غير المتعاونة معها، واحتمال كبير ان يتمكن من فرض شيوخ للقبائل المتعاونة معه متوافقة مع مشروعه.
ستتمكن الحوثية من نشر حالة من الأمن والاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها، وهذا سيدفع كثير من المناطق القبلية لقبول سيطرتها في حالة انقسامها بين مؤيد ومعارض أو انتشار العنف والثأر بين أبنائها، وربما تدخل مأرب في تحالف مع الحركة الحوثية رغم اتجاهاتها السنية، ومع الوقت ستتكون دويلة في شمال الشمال تمتد حدودها إلى الحديدة، وقد تتمكن الحوثية من التحالف مع بعض قبائل الحديدة أن لم تتمكن صنعاء من الحفاظ عليها باعتبارها شريان الحياة للعاصمة، وستؤجل الحوثية معركتها في السيطرة على صنعاء، وتتجه ببطء نحو سنحان وبلاد الروس والحداء وعنس وأنس لتصل إلى يريم.
وإذا طال زمن الحرب الأهلية فلن تتمكن القوى الأمنية والعسكرية في المناطق الجنوبية من فرض وجودها ومواجهة التمرد الذي أسست له الفوضى المنظمة لإسقاط النظام، لذا فإن إعلان حكومة جنوبية في ظل انشغال الشمال في صراعاته سوف يساعد على نمو مليشيات مسلحة، وستبدأ حرب أهلية بين الشمال والجنوب في الجنوب، وهنا ستنمو تيارات أصولية تدير معركتها مع المليشيات الفوضوية وتفرض حالة من الأمن وتعلن الجهاد لتوسيع انتشارها وتبدأ في تشكيل مناطق التوحش التي بشرت فيها القاعدة في كتابها (إدارة التوحش: أخطر مراحل تمر بها الأمة) وقد رشح مؤلف الكتاب اليمن لتحقيق إستراتيجيتهم. وفي حالة تفكك الجيش والأمن في الجنوب سيتحول جزء من هذه القوة إلى مجال لخدمة الأصولية الجهادية، وستعلن دويلة عدن أبين لتقود معاركها في كل اتجاه.

عندما تنفجر الحرب لن يتحيز المجتمع إلا لنفسه ولمن يمده بالسلاح والمال، وستنمو دويلات قبلية ومناطقية وسينمو دور الشيخ القبلي باعتباره المحور الذي بالإمكان ان يتكتل حوله الأفراد، وستلغى النظرة الحزبية للقضايا داخل كل تكوين، والمناطق التي تنظيمها الاجتماعي ضعيف سوف تسيطر المافيا عبر زعامات ذات نزوع إجرامي، تتصارع مع تكوينات أصولية تعمل بأسلوب المافيا لحماية رعاياها. وسيتحول بعض أجزاء الريف من خلال تكوينات قبلية أو سياسية يقودها أمراء حروب صغار نحو المدن والطرقات الرئيسية لمواجهة الخصوم أو لممارسة النهب.
الأخطر من كل تلك التكوينات التي ستفرزها البنية الاجتماعية هي المؤسسة العسكرية والأمنية التي ستتحول في حالة عجز الدولة عن الصرف عليها إلى مليشيات يقودها أمراء حروب كبار، وسيعيدون ترتيب تحالفاتهم مع القوى الاجتماعية وقيادة معارك مشتتة في كل الاتجاهات وفي مختلف المناطق، ويتحولون إلى حركة جماهيرية متطرفة في مواجهة التشتت، وإدارة حرب انتقامية ضد عناصر الإخوان المسلمين، وقد تلقى هذه القوى الانكشارية دعم دولي وإقليمي لترتيب صفوفها ومواجهة التطرف الذي قد ينتشر في أنحاء البلاد كلها، ففي أجواء الحرب الأهلية في مجتمع مسلم يبدأ البحث عن موت يدخله الجنة هو الخيار الأقوى، ولن تتمكن أي قوة مهما كانت مصادر قوتها من لملمت التشتت ومعالجة الثارات التي خلقتها الحرب ومواجهة الخراب الذي أنتجه الصراع.
ربما تتمكن تعز وجزء من أب في تكوين دويلة نوعا ما مستقرة، واحتمال أن الحرب الأهلية ستبعث رائحة عنصرية قذرة في كل مكان وهذا قد يدفع أبناء المحافظتين باعتبارهم الأكثر انتشارا في بقية المحافظات إلى العودة إلى مناطقهم، حتى في حالة غياب الصراعات المناطقية فإن العنف سيدفع الأفراد إلى العودة إلى موطنهم الأصلي، وهذا سيشكل ضغط كبيرة على جغرافية المحافظتين، مما قد يدفعهم لقيادة حرب وجودية مع الجنوب باسم الوحدة ومواجهة الإرهاب وقد يلقوا دعم إقليمي ودولي..

عندما تنفجر الحرب لن يتحيز المجتمع إلا لنفسه ولمن يمده بالسلاح والمال، وستنمو دويلات قبلية ومناطقية وسينمو دور الشيخ القبلي باعتباره المحور الذي بالإمكان ان يتكتل حوله الأفراد، وستلغى النظرة الحزبية للقضايا داخل كل تكوين، والمناطق التي تنظيمها الاجتماعي ضعيف سوف تسيطر المافيا عبر زعامات ذات نزوع إجرامي، تتصارع مع تكوينات أصولية تعمل بأسلوب المافيا لحماية رعاياها. وسيتحول بعض أجزاء الريف من خلال تكوينات قبلية أو سياسية يقودها أمراء حروب صغار نحو المدن والطرقات الرئيسية لمواجهة الخصوم أو لممارسة النهب.
الأخطر من كل تلك التكوينات التي ستفرزها البنية الاجتماعية هي المؤسسة العسكرية والأمنية التي ستتحول في حالة عجز الدولة عن الصرف عليها إلى مليشيات يقودها أمراء حروب كبار، وسيعيدون ترتيب تحالفاتهم مع القوى الاجتماعية وقيادة معارك مشتتة في كل الاتجاهات وفي مختلف المناطق، ويتحولون إلى حركة جماهيرية متطرفة في مواجهة التشتت، وإدارة حرب انتقامية ضد عناصر الإخوان المسلمين، وقد تلقى هذه القوى الانكشارية دعم دولي وإقليمي لترتيب صفوفها ومواجهة التطرف الذي قد ينتشر في أنحاء البلاد كلها، ففي أجواء الحرب الأهلية في مجتمع مسلم يبدأ البحث عن موت يدخله الجنة هو الخيار الأقوى، ولن تتمكن أي قوة مهما كانت مصادر قوتها من لملمت التشتت ومعالجة الثارات التي خلقتها الحرب ومواجهة الخراب الذي أنتجه الصراع.
ربما تتمكن تعز وجزء من أب في تكوين دويلة نوعا ما مستقرة، واحتمال أن الحرب الأهلية ستبعث رائحة عنصرية قذرة في كل مكان وهذا قد يدفع أبناء المحافظتين باعتبارهم الأكثر انتشارا في بقية المحافظات إلى العودة إلى مناطقهم، حتى في حالة غياب الصراعات المناطقية فإن العنف سيدفع الأفراد إلى العودة إلى موطنهم الأصلي، وهذا سيشكل ضغط كبيرة على جغرافية المحافظتين، مما قد يدفعهم لقيادة حرب وجودية مع الجنوب باسم الوحدة ومواجهة الإرهاب وقد يلقوا دعم إقليمي ودولي.
فيما يخص حضرموت وشبوة والمهرة فإنها ستحاول بناء تحالف إقليمي ودولي لتكوين دولة مستقلة، إلا أن القاعدة لن تترك هذا الكيان وشأنه فقد تقود معاركها في بداية الأمر بالزحف على حضرموت وشبوة وضرب المنشآت النفطية ومشاريع الغاز، والعمل على تحويل الكيان إلى منطقة توحش مساندة لمنطقة عدن أبين.
هذا السيناريو التفاصيل فيه كثيرة لكنه الاحتمال المستبعد على الأقل في ظل التعقل الذي تبديه الأطراف المتنازعة حتى اللحظة وفي ظل ضغط إقليمي ودولي على الأطراف المتنازعة لحل مشاكلهم، وقد يعمل الإقليم والمنظومة الدولية في حالة العجز على الوصول إلى اتفاق على دعم أحد الأطراف، وهذا الدعم سوف يتم تأسيسه بناء على دراسة واقعية لطبيعة القوى في الساحة والاحتمال الأكبر أن تدعم النظام الحالي ودفعه باتجاهات التغيير والإصلاح، فتركيبة المعارضة وتناقضاتها وطريقة إدارتها للصراع يقلل من حظها في الدعم.

رابعا: سيناريو التغيير والانتقال من الانفعال الثوري الاحتجاجي إلى الثورة الشاملة
هذا السيناريو هو الذي سينتصر، ولدي قناعة أنه الخيار الذي يحقق لليمن الأمن والاستقرار ويمكنه من تحقيق طموحاته في التغيير والإصلاح، وانتصاره حسب تصوري حتمي إلا انه يعتمد جزئيا على الإخوان المسلمين فمن المفترض أن تغادر الحركة مربع الإصرار على تصفية النظام وعليهم أن يقتنعوا بأن طموحهم في الاستيلاء على الدولة والمجتمع خارج سياق المشروع الديمقراطي هو المدخل الذي سيقضي على اليمن ويحولهم إلى حركة فوضوية، كما أنه بحاجة إلى تحرر الحركة الشبابية بمختلف تكويناتها من سيطرة الأخوان، وعلى الحركة أن تفك قيود هيمنتها على الساحات، حتى تتمكن النخب المثقفة في ساحات التغيير والعقلاء خارجها من تخليق عقل للثورة يمكنها من استيعاب واقعها وعقلنة مطالبها وأنسنة نضالها، ومن المهم أن يغادر بعض اللاعبين في النظام والمعارضة مربع حبك المؤامرات، ويعتمد انتصار هذا السيناريو أيضا على قدرة المنظومة الإقليمية والدولية على فرض خيار أمن واستقرار اليمن على قاعدة التغيير والإصلاح، وممارسة ضغوط على النظام والمعارضة لعقد صفقة تاريخية لصالح دولة القانون، وحسب تصوري أن المبادرة الخليجية هي الخيار الأكثر جدوى نظرا لعقلانيتها وواقعيتها.
فالتفاوض هو الخيار الأسلم فالإستراتيجية المتبعة في النضال في الساحات بحاجة إلى مراجعة لان استنساخ التجارب غير مجدي وقد يقود إلى نتائج معاكسة، فالواقع اليمني أكثر تعقيدا فالبنية الاجتماعية وتركيبة السلطة والمعارضة والجغرافيا الثقافية ووضع الدولة عمقت من المشكلة اليمنية وتحولت السياسة إلى مدخل للغنيمة في ظل وعي قبلي مسيطر ومهيمن على القوى المختلفة، والصراع من اجل التغيير يدار وفق وعي تقليدي لم يهضم الفلسفة المدنية، فلم تتمكن التيارات السياسية مثلا من إعادة بناء نفسها ووعيها بما يتواءم ودولة القانون، ولديها خصومة مع بناء دولة مدنية، وقد مثلت التيارات السياسية التقليدية كالمؤتمر والتجمع اليمني للإصلاح، والأحزاب القومية والتيارات المرتهنة لمقولات إيديولوجية عفا عليها الزمن، من أبرز معوقات التغيير، كما أن أغلب التيارات أسهمت في تمكين القبيلة من الهيمنة والسيطرة على الحياة العامة، وهذا ساعد على تنامي دور زعماء القبائل ومشايخ الأصوليات ولم تتمكن القوى الحديثة من دفعهم لمغادرة وعيهم التاريخي بل أن الأحزاب والمنظمات المختلفة مكنتهم من اختراق المجال السياسي والتحكم فيه، أما الشباب فخبرتهم الضعيفة وتمكن حركة الاخوان من تصنيع وعي جمعي تحكمه العاطفة والغريزة جعلهم يتحركون بمسارات منفعلة خارج سياق الواقع.

ومن يتفحص الواقع اليمني سيجد أن الانقسام مازال حادا، صحيح أن هناك أفعال جادة لبناء إرادة جمعية لمواجهة النظام الحاكم، لكن القوى المتحكمة في هذا الفعل لديها مشاريعها الخاصة فهي تسعى بأخلاق الغاضب والكاره المنتقم، ونضالها ليس نتاج حسم حقيقي للفلسفة المدنية ودفاعها عن القضايا الكبرى مرتهن لوعيها التاريخي لذا فإنها لن تتمكن من التأسيس لمستقبل أكثر آمنا بل قد تعيد إنتاج صراعات الواقع بالنفس التقليدي المطعم بخطاب حداثي.
والحل لن يكون في ظل واقعنا اليمني ما لم يتم التوافق على صفقة تاريخية بين مختلف القوى لصالح دولة القانون، والتفاوض هو الأكثر جدوى لتحقيق التغيير الجذري والشامل لواقعنا السياسي والاجتماعي، وهذا لا يعني توقف الثورة فانطلاقتها الحقيقة ستكون بعد حسم المسألة السياسية، لذا فإن العمل الثوري سيكون بعد عقد الصفقة التاريخية لصالح الديمقراطية الليبرالية، والثورة القادمة ستحقق أهدافها إذا تمكنا من بناء تحالف شامل وقوي على مستوى الوطن اليمني كله يناضل من أجل مشروع سياسي ليبرالي مطعم بالنزعة اليسارية ومتدين في مسيرته بالأخلاق الإسلامية تقوده قوى فكرية وسياسية شابة متماسكة وموهوبة ومؤمنة بالتغيير الجذري والشامل في كل مناحي الحياة، هذه القوى الشابة لابد أن تكون منتشرة في كل التكوينات ومن المؤكد أنها ستكون مدعومة ومسنودة من كل قوى التنوير في اليمن.
هذا التحالف سيركز في مراحله الأولى على تحقيق الأهداف التالية:
• مواجهة أي تراجع عن التغيير ومحاصرة أي محاولات للالتفات عليه من النخب التاريخية التي أنتجتها التجارب الشمولية.
• العمل على تحويل الديمقراطية الشفافة إلى قوة داعمة لبناء الدولة والهوية الوطنية.
• النضال الدائم من أجل التغيير الثوري في الفكر والثقافة والتحول الاجتماعي.
• التأسيس لوعي جديد قادر على استيعاب التحولات السياسية ومتوافق معها.



#نجيب_غلاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية والدولة ومخاطر الحزب الامامي
- اليمن وثورة انتهت في مخالب الطوطم
- الحوثية والحركة الوطنية اليمنية
- بيان مجلس الامن وتأثيره على صراعات مراكز القوى اليمنية والحو ...
- اليمن .. القبيلة والاسلاموية الطائفية
- اليمن بين القبيلة والاسلامويات الطائفية
- الاخوان وصدمات المرحلة الجديدة
- اليمن .. الحوار في متاهة الصراع
- صراع يحتاج أفق جديد
- صراع الاسلامويات.. الحوثة والاخوان
- اليمن .. الانتقال إلى المستقبل أو الفناء المتبادل بين الخصوم
- المثقف ضمير الناس
- دور الاخوان في خنق التغيير
- الارض مسكني الذي لابد منه
- لذيذة تلك السعادة التي لم نتذوقها
- معادلة الروح اللانهائية
- اليمن من الانتفاضة الى بشمرجة النخب
- سر الغموض الروحي حكاية
- التيار الديني القبلي وإعادة إنتاج الذات بالثورة.. ارحلوا ان ...
- عندما تصبح نظرية المؤامرة عامل إسناد للقاعدة


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب غلاب - أربعة سيناريوهات للأزمة اليمنية (التغيير الفوضى الحرب الأهلية، الاستبداد)