مصطفى الرزاق
الحوار المتمدن-العدد: 7163 - 2022 / 2 / 15 - 23:22
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يتم صناعة رمزٍ ما في مختبرات السلطة حيث يتم تهجينه بالهرمونات و الحليب المجفف و البريستيج اليساري ، ثم يُبْذَرُ في الأرض فتتلقَّف نبتَه المعارضة ، و يتم الإحتفاء به كرمز من رموزها ، و يكون هذا الإحتفاء غريزياً قطيعياً بإمتياز ، يتقمص في أغلب الأحوال شكلاً نخبوياً مخملياً بينما هو يسفِّههما و يدعِّي النضال ضدهما .
إن غياب الذاكرة يسمح بكل بساطة التمسُّح و التبرُّك بذلك الرمز ، بالرغم من ماضيه السلطوي القريب -- تنعيماً و نعيماً -- الذي ما يزال ماثلاً للأعين .
يتم تفسير ذلك بأن الذين ينتقدون المظاهر السلبية للسلطة هم الذين تتطابق مصالحهم الطبقية معها ، لذلك فإن نقدهم لها هو ظاهرة صوتية -- تجميلية لهم و لها -- لا أكثر ، و بالتالي فإن "" الذاكرة أو عدم حضورها "" ليس مهماً فيما يقولون ، أما الذين لهم موقف طبقي حقيقي يتعارض مع مظاهر الفساد بكل أشكاله السياسية و الإقتصادية و الثقافية فيتم التضييق عليهم و تهميشهم و إقصاؤهم و يتم استخدام أولئك النقَّاقين النخبويين المخمليين "" المعارضين "" في تنفيذ ذلك ، يضاف إلى هذا أن تمتين قاعدة السلطة يحتاج إلى تمكينها من التغلغل في جميع مفاصل الدولة و بالتالي إلى تمدد التعليم الأفقي لملء الفراغات المستحدثة بالكوادر و الخريجين ، لكن هذا التمدد يتم على حساب التعليم العميق "" العامودي "" بحيث يصبح الجميع قادراً على قراءة الآرمات و اللافتات و الجريدة الرسمية ، لكن في ذات الوقت يعجز عن كتابة سطرٍ واحدٍ دون إبتلاء هذا السطر بأخطاء بعدد الكلمات التي فيه ، هؤلاء يصبحون شعراء و كتاباً و مفكرين ، مناضلين مؤيدين و معارضين ، في ظل تلك الهشاشة الفكرية يصبح من الصعوبة بمكان "" حتى لو كان الواحد منهم صادقاً في مواقفه السياسية أو الثقافية "" أن يميز فيما إذا كانت حماس تنظيما ً مقاوماً أو تنظيماً إرهابياً ، أو إذا كان الكاتب العظيم ماليء الدنيا و شاغل الناس تنقصه الموهبة ؟! ..
#مصطفى_الرزاق (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟