أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد اللطيف بن سالم - قراءة نقدية في شخصية يوسف الصديق الثقافية















المزيد.....

قراءة نقدية في شخصية يوسف الصديق الثقافية


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 7159 - 2022 / 2 / 11 - 19:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


قراءة نقدية في شخصية المفكّر التونسي
يوسف الصدّيق ذات الاعتبار
بعد لقائه بالهادي زعيّم في حوار بقناة الحوار التونسي
يوم السبت 15 جانفي 2022

لا بدّ في الأوّل من الإجابة عن هذا التساؤل الذي خطر ببالي وقد يخطر ببال كل واحد من المثقفين : ما الدّاعي إلى هذه القراءة ؟ هو الإشارة إلى كلّ المثقّفين الأحرار والنّزهاء في العالم العربي والإسلامي بأنّ فصائل النور لا تزال إلى اليوم مهدّدة بجحافل الظلام ما يجعل الكثير من المثقّفين النّيّرين يختفون وراء الربوة أحيانا في انتظار انبلاج الصبح من صرح الدّجى وطلوع النّهار مشرقا وصافيا.
يقال في الفلسفة أنّ وراء كلّ كلام كلاما لم نصرّح به، كما أقول أنا صاحب هذه الكلمة أنّ تعبيريّة أيضا وراء كل تعبير، لكن ما المقصود بالتعبيريّة هذه ؟ أليست هي الواقع الذي يوحي لنا بما نعبّر؟ وبالتالي نلتقي بمقولة كارل ماركس الشهيرة "ما العقل إلاّ انعكاس للواقع".
وهكذا فإنّ الأستاذ يوسف الصدّيق كما لو أنّه "بالنسبة إلينا" نافذة صغيرة نطل منها على العالم العربيّ الإسلاميّ بكلّ خصوصياته وتناقضاته ومخرجاته المتنوّعة دونما كشف الغطاء عن أسراره وما يصدر عن مفكّريه الأحرار عند الحاجة.
إنّه يعرف الحقيقة وعاش معها زمنا طويلا مع عائلته وأهله وذويه قبل أن يدخل عالم الفلسفة ويتعرّف على المنطق وما يقتضيه الإقرار بالحقيقة أو إبطالها من حيث هي ليست في الواقع الحقيقة الثابتة التي لا شكّ فيها. وهكذا بقيت تلك الحقيقة التي ولد عليها وتربّى وترعرع شبه مقدّسة لأنّها في علاقة عضويّة بأجداده وبالخصوص بأمّه وأبيه، فحتّى إن رأى لاحقا ما يثبت خلافها ليس له أن يصرّح بذلك لأحد غيره حتّى لا يخدش أحدا من أهله وذويه، بل وحتى من شعبه الذي ينتمي إليه في عقيدته مادام يصعب عليه إقناعه بخلاف ما يعتقد في صحّته وصدقه منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن، لأنّ ذلك قد تعلّمه منذ الصّغر والعلم في الصّغر كالنقش على الحجر كما يقال عادة،"
وإنّ الغصون إذا قوّمتها اعتدلت*** ولن تلين إذا قوّمتها الخشب".
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلا يريد أن يصرّح بما يرى حتّى لا يتّهم بالكفر وبالإلحاد، إلى غير ذلك من التهم اللا أخلاقية واللا إنسانية بالمرّة وتكفي إجابته على سؤال محاوره الصحفي الهادي زعيّم عن إيمانه بوجود الله من عدمه قوله بتلقائية ودون أيّ تردّد "الله هو العالم" لنكشف ما خفي من رؤيته للعالم أن لا وجود عنده لما يسمّونه "الله" خارج هذا العالم وإنّما هو إذا لزم أن يوجد فليس كما تتصوّره العامة خارجا عن العالم أو خالقا له، إلى غير ذلك من الصّفات والنّعوت المنسوبة منهم إليه دون أيّ دليل أو حجّة، وإنّما هو كما يقول مسيحيّ هنديّ قديم يسمّى نارن "إنّ الحقيقة السامية التي لا حقيقة بعدها هي هذه : ""الله موجود في الكائنات جميعا وهذه الكائنات صوره الكثيرة وليس وراءها إلاه آخر يبحث الإنسان عنه، وليس هناك سبيل إلى خدمة الله سوى خدمة سائر الكائنات"""1.
ها نحن إذا قد وجدنا اللقاء الصحيح بالفكر الصحيح بين أمثال ذاك الرجل المسمّى نارن وأمثال هذا الرجل المسمّى الصدّيق حين قال "الله هو العالم"، أي ليس هو خارج العالم ولا أحد يمكنه أن يركب بغلا يسمّيه براقا أو يركب صاروخا يسمّيه ما يريد ليصعد إليه في السّماء حيث هو على العرش استوى .
ألا يبدو هذا الأمر من الترهات ومن المخادعات واستبلاها للبشر المتميّزين عن غيرهم من الكائنات بالعقل؟ فلماذا لا نزال على عهدنا بذلك منذ كلّ هذا الزمن أم إنّه لم يعد لنا إحساس بالبعد الزمني في حياتنا رغم أنّنا من أوائل من صنع للناس ساعة لقيسه ؟.
يبدو أنّ أغلبية المفكّرين الأحرار في هذا الموضوع في العالم كلّه اليوم قد صاروا يرون الله والعالم كما يراهما بارمنيدس اليوناني قديما وكما صار يراه سبينوزا في زمن لاحق: " الطبيعة الطابعة و الطبيعة المطبوعة "": الكل في واحد وليس في الوجود غير هذا الموجود ولا وجود لللاوجود طبعا أي لا وجودا آخر خارجا عن هذا الوجود، وهذا ما يقصده الأستاذ الصدّيق بقوله "الله هو العالم" وإن لم يرد التصريح بذلك في المباشر وترك للنّاس لذّة استكشاف ذلك بأنفسهم.
البدائية هي طفولة البشريّة :
البدائية في الحياة البشرية هي طفولتها كما هي المرحلة الأولى بالنسبة إلى كلّ فرد منها على حدة، والفرد في الأولى أو في الثانية يقنع في الحياة بالأشياء البسيطة التي يصادفها في الحياة أو تقدّم له ولم يتعلّم بعد أن تكون له طموحات كبيرة يعمل على تحقيقها ويتّصف بالبراءة ويعتقد بسهولة في كلّ ما يراه ويسمعه ولا يرى نفسه في حاجة إلى الكثير من التفكير أو التدبّر، إنّه لا يزال في مرحلته الأولى من انتقاله البطيء من الإنسان العامل والمتحرّك إلى الإنسان الصانع والمفكّر، وبالتّالي يسهل انطلاء الحيلة عليه والتغرير به أو استقطابه واستغلاله من لدن من قد يكون متفوّقا عليه بقليل من الذكاء أو زائدا عليه بقليل من التطوّر من جنسه ... لهذا قد وجد محمّد بن عبد الله القرشي المعروف بأنّه من سلالة عريقة في المجد والتحضّر بالنسبة إلى ذلك الزمن الموصوف لاحقا بالعصر الجاهليّ ، وجد الفرصة المناسبة سانحة ليُطلق مشروعا حضاريا اقتصاديا اجتماعيّا يستنفع هو به وينفع به أصحابه وأتباعه ويكفيه من رحلتي الشتاء والصّيف التين ما كانتا كثيرتي الجدوى من الناحية الاقتصادية لكنّهما أكسبتاه خبرة كبيرة بالحياة وأسرارها وبالمجتمعات وأنواعها وثقافاتها ما يساعده على إنجاح برنامجه لاحقا، وهكذا انطلق في نشر ما سمّاه الدّين الإسلاميّ معتمدا على مركزه الاجتماعيّ في تلك الحقبة ومستغلاّ لخبرته الطويلة في الحياة الاجتماعيّة واستيعابه للأديان السابقة وضعية كانت أو سماوية كما صارت تسمّى لاحقا، رغم أنّه قد تأكّد اليوم بأنّها كلّها بشريّة ولا علاقة للسماء بأيّ أحد من الأرض إلاّ بعد اكتشاف الإنسان وسائل التنقّل في الفضاء الكوني في الحقبة الأخيرة من تاريخه.
حقيقة الأديان :
الغالبية من المفكّرين في العالم اليوم وبالخصوص منهم المفكّرون العرب قد صاروا يعرفون حقيقة الأديان كلّها من حيث هي مجرّد صناعة بشرية لتحقيق مصالح ومنافع في الحياة الاجتماعية والاقتصاديّة لا غير، لكنّهم لا يريدون الجهر بذلك مجاملة أحيانا للآخرين المتشبثين بتلك الأديان أو نفاقا في أغلب الأحان أو خوفا من أن يخدشوا العامة في معتقداتهم التي تربّوا عليها منذ البعيد من الزمن ولم يعودوا قادرين على التخلّي عنها أبدا، ما يؤكد المقولة الفرنسية بأنّ العادة تصبح مع الأيّام طبيعة ثانية، وبهذه المناسبة يحسن بنا أن نذكّر بقصّة أوديب الملك اليوناني ذلك الرجل الذي قتل أباه وخلفه في الملك وتزوّج أمّه دون علم له بذلك، وبعد مدّة أصاب البلاد طاعون قاتل فأرسل خبيرا من حاشيته إلى معبد دلف يستفسر ويسترشد عمّا حدث له ولبلاده في تلك المدّة، ولمّا عاد المر سول أخبره بكلّ ما جرى له فقال له شيخ المدينة الذي كان وراء كل ما جرى وكان مستشارا له: لا تخبر أحدا بذلك حتى لا تخدش النّاس في عقيدتهم حتى وإن كانت خاطئة، وهذا هو الذي يقوم به أغلب المفكّرين اليوم من أمثال يوسف الصدّيق ومحمد الطالبي وأبو أنيس بن سالم والكثير غيرهم من أجل المحافظة باستمرار على تكيّفهم مع محيطهم.
ومن المأمول المتوقّع أن يأتي يوم قريب ترتفع فيه نسبة المفكّرين الأحرار وتتّسع فيه دائرة الأنوار على حساب دوائر الظلمات العديدة ويأخذ النّاس تدريجيّا في الدّخول في دائرة الضوء تلك دونما إحراج لأحد أو إجبار من أحد، وهكذا يمكن القول بأنّ انبلاج الصبح من صرح الدّجى لقريب وعندها يتدارك النّاس أخطاءهم ويبدؤون من جديد حياتهم.
مع الملاحظ وأنّ أغلب المثقّفين اليوم الذين لا يزالون منغمسين في الظلام مع الظلاميين هم يفعلون ذلك بدافع الخوف من أن ينبتوا عن أهاليهم وذويهم وبدافع الرغبة الشديدة في التكيّف والتأقلم مع محيطهم ولعلّهم يرون في ذلك مصلحتهم ومصلحة الآخرين معهم.



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د. محمد الطالبي في موقف حذر .
- الفساد الأكبر والأخطر لو كنتم تعلمون .
- كيف لنا أن نتقدم ونتطور ؟
- من مشاكل التعليم في تونس
- - الهامشية -
- ماالعقل؟
- يتبع مقالي السابق حول مفهوم العلم
- تُرى ماالعلم في حقيقته؟
- تاريخ الأديان من الأول إلى الآخر :لابأ
- -- النرجسيّة --
- الميتافيزيقا إسم بلا مسمى
- الدين حرية وليس اعتداء على الحرية
- الطفولة والعقيدة
- الدعاية السلبية ل- الكورونا -
- ما مكانة المرأة بين العرب ؟
- من الذاكرة القريبة :
- الشيخوخة الإجبارية
- حرمة الوطن من حرمة أهله
- القرآن ، كيف نفهمه ؟
- الثورة التونسية في ذكراها العاشرة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد اللطيف بن سالم - قراءة نقدية في شخصية يوسف الصديق الثقافية