أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاجر الصبيري - ريان














المزيد.....

ريان


هاجر الصبيري
باحثة لسانية في سلك الدكتوراه و أستاذة اللغة العربية بالسلك الثانوي

(Hajar Essabiri)


الحوار المتمدن-العدد: 7154 - 2022 / 2 / 6 - 23:08
المحور: الادب والفن
    


كانت ليلة شديدة البرودة، يلسعني البرد فأستيقظ وأغطي نفسي، أتحرك أثناء نومي فيسقط الغطاء، يلامس البرد أطرافي مرة أخرى فأستيقظ من جديد، هذه المرة قمت من مكاني مستغربا أبحث عن أمي، فليس من عادتها أن تجعلني أعاني مع الغطاء والبرد القارس، بل دائما ما أحس بدفئ يديها وهي تغطيني وتقبل جبيني، فتحت باب الغرفة فإذا بي ألاحظ نورا خافتا يأتي من غرفة التلفاز، اقتربت أكثر وأكثر فإذا بي أرى أمي تجلس أمام التلفاز بطريقة غريبة، عيناها مليئتان بالدموع، لا تتحرك، حتى أنها لم تلاحظ وجودي لولا اقترابي منها ومخاطبتها قائلا:
- ما بك يا أمي ؟ لم أعهدك مستيقظة لهذا الوقت، وما حالك هذا ؟
أمسكت يدي وضمتني بقوة حتى كدت أختنق وبدأت تبكي وهي تمسح على جبيني قائلة:
- طفل اسمه ريان وقع في بئر عميق ولا يستطيع أحد الوصول إليه.
رفعت رأسي الصغير إليها وأجبت:
- لا تخافي يا أمي سيخرجونه أكيد، إنه أمر بسيط ودائما ما يحصل.
لم يكن الأمر بسيطا أبدا، ويا ليتني لم أعتقد ذلك !
مرّ اليوم الأول والثاني والثالث، وأصبحنا كعائلة نتابع أخبار الطفل ريان، التلفاز، الهاتف، المدرسة، الجيران، العالم بأكمله يتحدث ويدعوا وينتظر، توحّدت مشاعرنا وقلوبنا وآمالنا، تظافرت الجهود لإخراج ذلك الطفل المسكين الذي يتسائل الجميع عن حاله، الكل ينتظر بفارغ الصبر تلك اللحظة التي ستعلن السلطات والقنوات المحلية والعالمية بأنه قد تم إنقاذ الطفل ريان وهو بخير ..
في اليوم الخامس، وفي ساعة متأخرة، جاء الخبر الذي كنا ننتظره جميعا، كنا نجلس حول طاولة العشاء ونستمع للأخبار التي تنقل البث المباشر للمكان، لم يكن أحد منا يملك شهية الطعام ... فجأة تم الإعلان عن إنقاذ طفل العالم، ريان خارج الحفرة، وقف أبي بسرعة يكبر بصوت عالي، بدأت أمي تزغرت وتبكي، حتى أختي الصغيرة بدأت تضحك وتصرخ مع أنها لا تفقه شيئا، وأنا أحاول استيعاب ما حولي ارتمت علي أمي بعناق وحملتني وهي تبكي، فرحةٌ مختلطة بالدموع، فرحة أم وأب وأخ، مشاعر أجزم بأن العالم بأسره عاشها في تلك اللحظة، وحدتنا يا ريان، وحدتنا و ... أين أنت ؟
نعم أين هو ؟ بعد لحظات، جاء الخبر، تغير صوت المذيع، وامتلئت عيناه، وقال بصوت مرتعش:
- إنا لله وإنا إليه راجعون، ريان في الجنة.
كانت صدمة لنا جميعا، لم يتحرك أحد من مكانه لثوان، حتى قال أبي بحزن شديد:
- قدر الله وماشاء فعل، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها، طفلنا في الجنة بإذن الله.
حزن العالم بفقدانك يا ريان، لكن أنا متأكد بأنك سعيد في المكان الذي ستشعر فيه بالأمان أكثر من دنيانا هذه، أحببناك يا ريان، جميعا، عربي وأعجمي، مسلم ومسيحي، كبير وصغير، رجل وامرأة، دعونا جميعا من أجلك، فرحنا لخروجك، ورجونا الصبر لفقدانك ...



#هاجر_الصبيري (هاشتاغ)       Hajar_Essabiri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العربية ومُدرّس اللغة العربية
- امرأة لا تشعر بالألم
- زهرة اللوتس
- قصة قصيرة - مشهد صامت
- بخاخ السعادة
- عهد الأصدقاء
- التحليل السيميائي لقصيدة:- أنشودة المطر- لبدر شاكر السياب
- التداخل اللغوي Interférence linguistique (اللغة العربية (أ) ...
- اللغة وظاهرة الاقتراض اللغوي


المزيد.....




- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان
- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاجر الصبيري - ريان