أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - كتاب صُنِع في الجحيم(6)















المزيد.....



كتاب صُنِع في الجحيم(6)


ناصر بن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 7151 - 2022 / 2 / 1 - 23:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتاب صُنِع في الجحيم
محنة سبينوزا ونشأة العَصر العَلماني


الفصل الثالث (تتمّة)

رسفيّيس [Rasphaïs]

أثّر موت أدريان كورباخ في سبينوزا تأثيرا بالغا. لقد كان الأخوان كورباخ يتردّدان على الحلقة الفلسفيّة في آمستردام التي كان الفيلسوف باتّصال دائم بها، حتّى عندما كان يسكن قرية فوربورغ، وكان أعضاء هذه الحلقة التقدّميّون يناقشون فيما بينهم عدّة قضايا من بينها كُتَبه (ومنها مخطوطة كتاب الأخلاق). ليس من المستبعد أن يكون الأخوان كورباخ من بين أكثر أعضاء المجموعة راديكاليّة فيما يتعلّق بالمسائل الدّينيّة والسّياسيّة. بالإضافة إلى ذلك، كان سبينوزا وأدريان صديقيْن حميميْن. ومن المُرجّح أن يكونا قد التقيا في ليدن في نهاية سنوات 1650 أو سنوات 1660 عندما كان أدريان يدرُس الطبّ في الجامعة، في حين كان سبينوزا يعيش في قرية رينسبورغ المجاورة. بل من الممكن أن يكون كلاهما قد حضر الدّروس حول ديكارت التي كان يلقيها يوهنّس دي راي (Johannes de Raey) الإستاذ في كليّة الطّب. كما كانت لهما علاقات جيّدة بعديد الأشخاص من بينهم فرنسيسكوس فان دان آندن (Franciscus van den Enden) الذي كان أوّلَ مَن درّس سبينوزا الّلغة اللّاتينيّة والفلسفة.
يبدو إذاً أن سبينوزا وكورباخ كانا قد ربطا، في أواسط سنوات الستّينات تقريبا، علاقة فكريّة وثيقة جدّا ومُثمِرة لكلا الطّرفيْن. لقد كان سبينوزا يُشاطِر أفكار أدريان السّياسيّة وموقفه من الأديان المنظَّمَة، في حين انّنا نعثُر في تصوّرات أدريان حول الرّب والطّبيعة على العناصر المميِّزة لنظريات سبينوزا الميتافيزيقيّة التي عبّر عنها في رسالته اللّاهوتيّة-السّياسيّة. وكما سنرى لاحقا، يمكننا أن نلاحظ أنّ رسالة سبينوزا تقدِّم من جانبها كثيرا من العناصر المشترَكة مع آراء كورباخ بخصوص الدّولة والكتب المقدّسة، أي بمعنى آخر تلك المواضيع التي كان الشّابّان، في مناسبات عدّة، قد ناقشاها مطوَّلا(1). لا مجال للشّك في أنّه كان بين كورباخ وسبينوزا تقاربات روحانيّة حقيقيّة حول المسائل الفلسفيّة، واللّاهوتيّة والدّينيّة.
وهذا هو الشّيء الذي كانت السّلطات قد أدركته تماما، إذ أنّ فكر سبينوزا الرّاديكالي بما في ذلك أفكاره بخصوص البيْبل، كانت في عام 1668 معروفة إلى حدّ مّا وبدأت تشكّل بعض التّخوّفات، حتّى وإن لم يكن قد نَشر إلى حدّ تلك السّاعة غير عرْضه النّقدي لمبادئ ديكارت، إلى درجة أنّ مُستَجوِبيّ كورباخ كانوا طيلة استنطاقه يبحثون عن وجود علاقات ممكِنة يكون قد وطَّدها مع اليهوديّ المُقصى من طائفته. وفي ما يتعلّق بالسّؤال الذي طُرِح على أدريان بخصوص مَن هم الأشخاص الذين كان يشاطرهم أفكاره، كان ردُّه يبدو غير مقنِع تماما:
"لا أحد، حسب علْمي. ثم أضاف بأنّه لم يتكلّم في ذلك مع أبرهام فان بيركِل (Van Berckel) [وهو صديق آخر لسبينوزا كان قد ترجم كتاب هوبز "الّليفياثان" إلى اللّغة النييرلنديّة]، ولا مع أيّ شخص آخر، ولا حتّى مع سبينوزا أو مع أخيه [يوهنِّس]. أقرَّ أنّه أمضى بعض الوقت مع سبينوزا، وأنّه زاره في منزله في مناسبات عدّة، ولكنّه لم يتحدّث معه في هذا الموضوع على الإطلاق [...]. كما اعتَرف المتَّهَم بأنه كان باتّصال مع فان بيركِل وآخرين، ولكنّه أكّد أنّه لم يتحدّث أبدا مع سبينوزا حول هذه الأطروحات"(2).
فَقدَ سبينوزا، بموت كورباخ في أواخر عام 1669 صديقا عزيزا، ورفيقَ درب في عالَم الفلسفة والسّياسة، وحليفا شُجاعا في حمْلَته ضدّ التعصُّب والخرافة. لم تكن بالنّسبة له تراجيديا شخصيّة، بل كان أيضا يعتبِر أنّ إيقاف كورباخ وإدانته يُمثِّلان خيانة لِمُثُل آمستردام العليا ومبادئ المقاطعات المتّحدة.
****
طيلة سنوات عديدة، تمتّعت المقاطعات المتّحدة بهذه الصّيغة بالذّات من النّظام الفيدرالي اللّامركزي الذي كان يدعو إليه كورباخ. فعندما توفِّي ويليام الثّاني، حاكم (stathouder) هولندا والمقاطعات الكبيرة الأخرى فجأة عام 1650،استُدعِيت مباشرة "جمعيّة كُبْرى" للإنعقاد لمناقشة مستقبل الجمهوريّة السّياسي. خلال أعمال هذه الجمعيّة، أعلن يوهنّس دي فيت (Johann de Witt) بحماسة شديدة مساندته لإلغاء مؤسّسة شبه ملكيّة كان الكثيرون يعتبرونها من مخلّفات العصر الوسيط، وكان دي فيت في تلك الفترة متقاعِدا أكبَر(3) (raadpensionaris) لمدينة دورتريخت ومن ثمّة نائبا دائما لهذه المدينة لدى ولايات هولندا. بعد مرور ثلاث سنوات، ظلّ منصِب حاكم الجمهوريّة بعدُ شاغرا. وعلى إثر استقالة جاكوب كاتس (Jacob Cats) من منْصبِه كمتقاعِد أكبر لولايات هولندا وبعد موت خليفته أدريان باو(Adriaan Pauw)، وجَد دي فيت نفسه يحتلّ أعلى سلطة سياسيّة في البلاد وأكثرها نفوذا.
لقد كان دي فيت، وهو ربّما الشخصيّة السّياسيّة الأهم في القرن الذّهبي الهولندي، جمهوريّا بأتمّ معنى الكلمة؛ إذ كرّس جهده لجعل الأراضي المنخفضة فيدراليّة دستوريّة خالية من أيّ هيئة مركزيّة ومُهيْمِنة امتدّت سلطتها إلى العديد من المقاطعات الأخرى (هذا بالرّغم من الاعتراف لها بحقّ تسميّة حاكم محليّ أم لا).
في نظر دي فيت، كانت المؤسّسات التي تحكم المدن ومقاطعات الجمهوريّة، أي المجالس البلديّة والمجالس الجهويّة، تتمتّع بحقّ تعيين مَن تشاء لتَحمُّل المسؤوليّات المحلّية والجهويّة، وتفويضهم لتمثيلها على المستوى الفيدرالي في المجالس العامّة.
مع تدشينه فترةً عُرِفَت بفترة "الحريّة الحقيقيّة"، بعد قرن من حُكْم الستاتهودر (stathouder) [أي حكم الأمير الفّردي]، مارس دي فيت ضغوطات قويّة لصالح سياسةٍ نيرلنديّة جهويّة. إذ يجب أن تتمتّع كلّ مقاطعة بسيادتها وتُسيِّر شؤونها الخاصّة حسب إرادتها. أمّا المجالس العامّة فهي مدعُوَّة حصريّا لممارسة السّلطات التي يمنحها لها إتّحاد أوتريخت: إعلان الحرب، وإمضاء المعاهدات على مستوى عالَمي؛ وما عدا ذلك من السّلطات فهي تخضع لقانون المجالس المحلّية الأخرى، وكان كلّ مجلس يُمسِك بسلطته الخاصّة وصلوحيّاته الذّاتيّة في كلّ مدينة تُعيِّن نوّابا عنها داخل هذا المجلس.
بالإضافة إلى هذا الشّكل من اللّامركزيّة السّياسيّة والإداريّة، وقع إدخال مبدأ التّسامح العامّ (حتّى ولو لم يكن مطلقا) في المجال الاجتماعي، والثّقافي، والفكري، والدّيني. فبالرّغم من أنّ دي فيت لم يكن مستعدّا تمام الاستعداد لرفع شعار "دَعْ مائة زهرة تُولِيب تَتفتَّح!"(4)، فإنّه كان يُعرِب عن تردّده في فرض ذلك النّوع من الإشراف والرّقابة الذي كان معارضوه من المحافظين يطالبونه بتسليطه. لقد كان هو نفسه عالِم رياضيات موهوب ومُروِّجا لتلك العلوم الجديدة التي كان معاصروه يصبون إليها مثل ديكارت، هويغنس، وأنطون فان لوفينهوك. فعند تدخُّله عام 1656 في المناقشة الجامعيّة حول فكر ديكارت، نرى دي فيت يدافع بشدّة وحزم على حرّية التّفلسُف، ولو في حدود مُعيّنة، قاطعا بذلك الطّريق أمام محاولات "حُرّاس العقيدة" المنادين بمنْع تعليم أيّ فكر فلسفيّ آخر غير فكر أرسطو. وكان دي فيت أيضا من مناصريّ حريّة التّديُّن والتّعبير مع تأكيده على الأولويّة التي يجب أن تُعطى للعقيدة الإصلاحيّة. أمّا خطّه السّياسي، فكان خطّا يمثّل القيَم التّقدّميّة نسبيّا التي تحملها طبقة التجّار وأصحاب المِهَن الحرّة الذين كانوا يساندونه؛ وهذا الخّط، في رأيه، هو الخطّ السّياسي الوحيد القادر على تحقيق ازدهار الجمهوريّة.
إلاّ أنّ دي فيت لم يكن ديموقراطيّا. فعلى غرار أعضاء طبقة الحُكّام (regenten) الآخرين، كان متمسِّكا بنظام أوليغاركي دَائمٍ تكون فيه السّلطة الحقيقيّة بين أيْدي عائلات النّخبة النيرلنديّة الغنيّة. وبالرّغم من أنّ التزام دي فيت لصالح التّسامح الدّيني والفلسفي كان يبدو رائعا إلاّ أنّه يظلّ محدودا. فهو لم يكن ينوي مطلقا التخلّص من الرّقابة ومن كلّ أشكال القيود العمليّة تجاه الإنشقاق الفكري والدّيني. أمّا فيما يتعلّق بالحدود التي لا يجب على أيّ مؤلِّف أن يتجاوزها، فقد كان يمتلك أفكارا واضحة تمام الوضوح. إنّ التزام دي فيت كان أوّلا وقبل كلّ شيء متِّجها نحو الأمن، والاستقرار السّياسي، والازدهار الاقتصادي لهولندا والمقاطعات الأخرى، وليس متّجها بالضّرورة نحو أفكار سياسيّة مجرّدة.
ومع ذلك، فالدّيمقراطّيون الرّاديكاليّون، من أمثال سبينوزا وكورباخ، اللّائكيّون والمدافعون عن مفهوم واسع للحريّة، كانوا حلفاء سياسيّين طبيعيّين لدي فيت ومجالسه الجهويّة؛ هذا الفصيل المعارض بشدّة لخصومه من أتباع الحزب "الأُورانجي" [بالانجليزيّة orangist]، وبالنيرلنديّة (prinsgezindheid) [الّلفظة تعني حرفيّا: العقل الأميري]، الذين كانوا يريدون إعادة نظام الأمير الفردي و تنصيب حكومة أكثر مركزيّة. (أصل هذه الكلمة يعود إلى أنّ الحكّام المحلّيين، منذ ويليام الأكبر، كانوا ينتمون تقليديّا إلى عائلة أورانج-ناساو). كان سبينوزا ودي فيت يقفان في نفس الجانب من الشّرخ الإيديولوجي الذي كان يشقّ المجتمع النيرلندي في القرن السّابع عشر، كما أنّه كان يعتقد حقيقة في "الحريّة الحقيقيّة"، حتّى وإن كانت محدودة؛ وهو يعلم علم اليقين الضّغوطات التي كان دي فيت يتعرّض لها وبالخصوص خلال الحرب ضدّ انجلترة في نهاية عام 1660، عندما طالب الأورانجيّون بأن يقود الشّؤون الحربيّة (أي السّياسة بالضّرورة) أميرٌ من آل أورانج. كان سبينوزا بكلّ تأكيد يراقب بكلّ حذر التنازلات التي كان دي فيت مُجبَرا على القبول بها لتأمين السّلام الدّاخلي.
إنّ الاختلافات العميقة، على المستوى السّياسيّ ومن حيث المبادئ، التي كانت تُلقي بثقلها على جمهوريّة المقاطعات المتّحدة كان لها أيضا بُعد دينيّ. فالشّق الموالي لمجالس المقاطعات كان يؤيّد نظام الجمهوريّة اللّائكيّة نسبيّا. ففي حين كان مُعظَم أعضاء هذه المجالس، الذين كانوا في فترة ولاية دي فيت يحكمون المدن والمقاطعات، من أتباع الكنيسة الإصلاحيّة، إذا لم يكونوا هم أنفسهم أعضاء فيها، فهم مع ذلك لا يعتبرون أنّه يجب على الدّولة والمجتمع، بما في ذلك السّياسة الخارجيّة، اتّباعُ المبادئ الكالفينيّة الصّارمة التي يُعلِنها القساوسة من أعلى مذبح الكنيسة. لقد كانوا بالأحرى ميّالين إلى التّعبير عن سخطهم من التدخّل السّياسي والثّقافي للوعّاظ (predikanten) مُفضِّلين أن تكون سلطة هؤلاء مقتصرة على الفضاء الدّيني لا غير. بالمقابل، نرى المعسكر الأورانجي [الأميري] يجد له سندا كبيرا من بين عناصر الإكليروس الكالفينيّين الأكثر أرثوذوكسيّة وتزمُّتا. لقد كان هؤلاء أساسا من القساوسة المنتمين لتيّار "الفُوتِيَس"، وقد سُمِّي كذلك لأنّه كان يستوحي مبادئه من تعاليم هيسبَرْتِس فُوتِيَس (Gisbertus Voetius) عميد جامعة أوتريخت المضطَرِب نفسيّا. وكان أعضاء هذا المعسكر ينزعجون جدّا من المعوقات والقيود التي كان الشّق الموالي للمجالس الجهويّة يسعى لفرضها على سلطتهم من خلال سياسة "الحريّة الحقيقيّة" هذه؛ وكانوا يندِّدون بكلّ شراسة بنقص التّديُّن والحسّ الأخلاقي عند النيرلنديّين وأيضا مراعاتهم المتراخية للسَّبت: يوم الرّب، بالنّسبة لهم، يجب أن يُخصَّص للرّاحة والصّلاة ولا يجب أن يكون تعلَّة للخروج للتّزحلق على السّواقي والأنهار. كانوا يطالبون بإعادة تنصيب أمير من عائلة أورانج وبالخصوص ويليام الثّالث، ابن أخت تشارلز الثّاني ملك إنجلترا، على هذه الشّريحة من الكنيسة الإصلاحيّة، وذلك على أمل أن يكون هذا القائد مستجيبا أكثر للأهداف الاجتماعيّة الدينيّة لهؤلاء الإصلاحيّين الأكثر تشدُّدا، ويعارض سياسة مجالس هولندة والحكّام (regenten) المسيطرين عليها والذين يمارسون سياسة تسامح مُغالٍ فيها (فهم إذن مُشتَبه بهم على المستوى اللّاهوتي).
يمكن بطبيعة الحال أن نجد من بين الإكليروس بعض الّليبراليّين الذين يساندون دي فيت وبرنامجه السّياسي (وبالمقابل يمنحهم هو بدوره مساندته لهم). هذا الشّق اللّيبرالي من الإكليروس كان من أتباع أستاذ اللّاهوت في جامعة ليدن، Johannes Cocceius، وسُمّوا لذلك "كوكسايوسيّين"، وكانوا يناضلون ضدّ "كَلْفَنة" الحياة اليوميّة وبالتّالي ضدّ سياسة الكنيسة. ولهذا فهم ينادون بالفصل القاطع بين الكنيسة والدّولة ويعتبرون حكّام المجالس بمثابة حلفاء لهم يعينونهم على وضع التّأثير المتنامي جدّا لرجال الدّين المحافظين تحت الرّقابة سواء كان في داخل الكنيسة الإصلاحيّة أو على مستوى المجتمع برمّته. من بين مواقفهم التي أشعلت غضب خصومهم الفوتِيَس كانت الفكرة التي مفادها أنّ مراعاة السّبت مراعاة صارمة، بما في ذلك الكفّ عن عمل أيّ شيء مهما كانت طبيعته، لم تعد ضروريّة. (في مرحلة مّا وصل الجدل بين الفريقيْن، بخصوص القواعد التي يجب اتّباعها خلال يوم الرّب، إلى مستوى من العنف ممّا اضطَرّ مجالس هولندة إلى التدخّل لتضع حدّا لأيّ نقاش في هذا الموضوع، فقد وصل العنف بين المتنازعين إلى "مشاجرات مُرعِبة وانشقاق متزايد شكّلت كلّها ضغطا لا يُطاق على كنائس هذه المقاطعات من خلال النّصوص المتعدِّدة التي كتبها أساتذة حول احترام يوم الرّب".
كان أتباع كوكسايوس يطالبون أيضا بالفصل بين الفلسفة واللّاهوت: ففي نفس الوقت نراهم يفسّرون الكتب المقدّسة تفسيرا غير ليبرالي، ويَنْزعون إلى مساندة تلامذة ديكارت في الجامعات وبرامجهم العلميّة التقدّميّة. لقد كان الديكارتيّون على الرّأي القائل بما أنّ الفلاسفة لا يحقّ لهم ابداء أفكارهم في المسائل الدّينيّة فكذلك لا يحقّ لأهل اللّاهوت أن يُعبِّروا عن مواقفهم إلاّ عندما يتعلّق الأمر بقضيّة عَقَديّة وأنّه يتحتّم عليهم أن يسمحوا للفلاسفة والعلماء بالاسترسال بكلّ حريّة في بحوثهم، إمامُهم في ذلك العقل لا غير.
بالنّسبة لزُمرَة دي فيت فإنّ الفصل بين الفلسفة واللّاهوت، وفي الجامعات بين كلّيات الفنون وكلّيات اللّاهوت، يُعتَبَر أمرا في غاية الأهمّية للتّقليل من تأثير اللّاهوتيّين. لقد كان من الضّروري التّرفيعُ من درجة حريّة التّفلسف لكي تتقلّص دائرة نفوذ هؤلاء. فمن خلال الفصل الواضح بين حقل الفلسفة وحقل اللّاهوت نكون عندئذ قد أبرزنا الحدود الواضحة وضوح الشّمس والتي لن يعود بإمكان رجال الدّين أن يُغامِروا بالقفز فوقها والتعدّي عليها. أمّا الفوتِيَس من ناحيتهم فقد احتجّوا بالقول إنّه إذا لم نضع اللّاهوت فوق الفلسفة، ممّا يسمح للأولى بممارسة رقابة على الثّانية، فسوف يصبح اللّاهوت بالنّهاية تحت هيمنة الفلسفة. كما أكّدوا على أنّ نشر التّفكير الحرّ الذي سينتج عن ذلك سوف يقود إلى تفاقم الكفر والزّندقة وتزايد الهرطقات.
إنّ المعاملة التي أعدّها قضاة آمستردام لأدريان كورباخ، على غرار ما فعله أعضاء المجلس الكنسي المحلّي، مثّلت بالنّسبة للوعّاظ والقساوسة نصرا محدودا ولكنّه مهمّ: فقد تمّ الحكم على رجل بالسّجن ثمّ بالنّفي خارج حدود مدينة عرَّفتها عديد واجهات الكتب على أنّها "مدينة الحريّة" (Eleutheropolis)، لا شيء آخر سوى مجرّد الإفصاح عن أفكاره!
لقد كان سبينوزا وأمثاله من المفكِّرين الآخرين يعون جيّدا التّجاذبات الدّاخليّة التي كانت تعصف بالجمهوريّة الفتيّة، دون الحديث عن تهديدات الأعداء الأجانب، وعليه فقد بدا لهم المصير المأساوي الذي ذهب ضحيّته كورباخ بمثابة علامة شُؤم تُنذِر بالوبال.
بالفعل، كانت حرّية التّفلسف حول الرّب، والطّبيعة، وسعادة الإنسان، قد أصبحت مهدّدة بشكل خطير، والسّبب الرّئيسي في ذلك هو رضوخ السّلط المدنيّة للضّغوط التي تمارسها عليها الكنيسة ومَن يدور في فلكها. وبناء على ذلك، فإنّ الأمور لا يمكنها إلاّ أن تتفاقم وتزداد سوءًا. فبعد مرور سنتيْن فقط على نشر الرّسالة اللّاهوتيّة السّياسيّة تمّ اغتيال دي فيت بصورة شنيعة من طرف جمهور مسعور من أتباع حزب الأورانج أقدَم على سَحْله على قارعة الطّريق، هو وأخوه، وتعليق جثّتيْهما في ساحة خْرُوْنه زاوْتِيَه (Groene Zoodje) بمدينة لاهاي. وتذكر بعض المصادِر أنّ الحشود الحاقدة: "قطعت أنْفَيْهما، وأذنيْهما، وأصابع يديْهما ورجليْهما، وقام أحد الوحوش [من المتجمهرين] ببيْع هذه الأعضاء التي لا زالت تنبِض بالحياة لملاعين آخرين من أمثاله. كما عمَد آخر من أَكَلة اللّحوم البشريّة إلى اقتلاع عيْن الحاكِم [يوهنّس دي فيت] وابتلاعها، وآخر جزّ قطعة لحم من جسده وحملها قائلا: سأشويها وأتمتّع بها أنا وصديقي حتّى وإن قتَلتْنا..."(5). على إثر هذه الأحداث الأليمة وقع تنصيب ويليام الثّالث أميرا حاكِما للبلاد. وقد أذّن هذا بقروب نهاية "الحريّة الحقيقيّة" التي أصبحت أيّامها معدودة.
ولكنّ شيئا آخر كان يؤرِّق سبينوزا في أواسط الستّينات من ذلك القرن عندما وضع جانبا مبحَثه الميتافيزقي والأخلاقي [كتاب الأخلاق]، ليتفرّغ كلّية لتأليف رسالته المتعلّقة بالمسائل اللّاهوتيّة والسّياسيّة. هناك قضيّة أخذت في البداية شكل مشاجرة محلّية بين جيرانه الكلفانيّين والتي كان من الممكن أن تحتدِم وتتفاقَم وتشكِّل خطرا حقيقيّا عليه.
****
لم تكن الحياة في القرية الرّيفيّة الصّغيرة فوربورغ تجري دائما بصورة هادئة رقراقة. ففي عام 1665، في الوقت الذي كان فيه سبينوزا ينتهي من مسودّة كتاب الأخلاق، اندلع خلاف في الكنيسة المحلّية حول مَن سيخْلِف القسّيس ياكوب فان آوسترفايك (Jacob van Oosterwijck). من ناحية، كانت هيئة المجلس الكنسي للتّعيينات، وأُسْقُف الأبرشيّة ومعه مجموعة من الأتباع ذوي التوّجه اللّيبرالي بمن فيهم العديد من الكولّيجيانتين [Collegianten]، يدعمون بالإجماع ترشُّح رجل يُدعى فان دي فِيْلَه (Van de Wiele) من أصيلي زيلند (Zeeland). في الجبهة المقابلة، كان يوجد مُمثِّلو الطّائفة الأكثر تشدُّدا. لقد اتّهم هؤلاء الماحفظون الهيئةَ بأنّها كانت تريد تعيين فان دي فيله بصفة استفزازيّة محضة لا غير، لأنّه ولا شكّ كان يبدو بالنّسبة لها [أي للهيئة] ليبراليّا أكثر ممّا يلزم، وتوجّهوا نحو قضاة مدينة دالفت (Delft) طالبين تعيين مرشّحهم.
على ضوء العريضة التي قدّمها المحافظون إلى سلطات دالفت اعتَقد البعض أنّ سبينوزا هو الذي يقف وراء خصومهم اللّيبراليّين وربّما يكون من أنصارهم. وبالرّغم من أنّ هذه التّهمة كانت بالتّأكيد باطلة، إذ من الصّعب أن نتصوّر سبينوزا على استعداد للمشاركة في شؤوس كنيسة مّا، إلاّ أنّه كان من المعروف أنّ الفيلسوف كان على اتّصال بمجموعة محلّية من الكولّيجياتين. والنّتيجة أنّ سبينوزا، هذا الرّجل الذي "وُلِد من أبويْن يهوديّيْن"، أصبح في أذهان العديد من جيرانه الكلفانيّين في فوربورغ يتمتّع بسمعة سيّئة. لذا كان يشكّل خطرا على المجتمع، أكثر بكثير من هؤلاء اللّيبراليّين المزعومين المتواطئين معه: "هو اليوم أصبح ملحِدا (وهذا هو ما يُقال عنه)، بمعنى آخر شخصا يستهزئ بجميع الأديان، وهذا بالتّأكيد مصدر مضِرّ بالجمهوريّة، والدّليل على ذلك شهادة عدد كبير من المثقَّفين والقساوسة"(6).
لقد كان سبينوزا يستشيط غصبا دائما في كلّ مرّة يقع فيها اتّهامه بالإلحاد، خاصّة عندما تكون هذه التّهمة تعني، كما هو الحال مع معارضيه في فوربورغ، أنّه "يستهزئ بجميع الأديان". غير أنّ سبينوزا لم يكن يعترض على جميع الأديان ولكن فقط تلك التي كان يقودها إكليروس طموح والتي تذكّي ظهور النّعرات الطّائفيّة والإنقسامات المذهبيّة داخل المجتمع. في ردّ له على رسالة لامبيرت فلتويزن ضمّنها تهمة من هذا النّوع، كتب سبينوزا: "ولكن أرجوك، هل تعتقِد أنّني أُسقِط الدّين كلَّه عندما أؤكِّد أنّه يجب أن نعترف بالرّب على أنّه الملِك الخيِّر وأن نحبَّه لذاته كما هو بروح حرّة؟ أن نعتقِد أنّ في هذا الحبّ تكمن غبطتنا السّامية وأعظم مظهر من مظاهر حرّيتنا؟"(7). لا يوجد أيّ مجال للشّك في أن سبينوزا كان يرفض الرّب المتجسِّم واللّاهوت الإلهي والتّقاليد اليهوديّة المسيحيّة التي تترتّب على ذلك؛ ولكن من الحقيقي أيضا أنّ سبينوزا، وهو يُصِرّ على ذلك، كان يعتقد فيما يمكن أن نسمّيه "الدّين الحقّ"، الذي يُعرِّفه على أنّه يتمثّل في المبادئ العقليّة والأخلاقيّة الجوهريّة التي تقود إلى "سعادة" الإنسان و"خلاصه".
ولكن، بالرّغم من احتجاجات سبينوزا التصقت به تهمة الإلحاد ولم تفارقه، وكانت حساسيّته تجاه هذه التّهمة عاملا من العوامل التي قادته إلى التّخلّي عن مواصلة كتاب الأخلاق ردحا من الزّمن وتأليف رسالة تتعلّق بالقضايا اللّاهوتيّة والسّياسيّة. وهذا ما يبرز لنا بوضوح، كما رأيناه آنفا، من خلال رسالته إلى أولدنبورغ في سبتمبر/أيلول 1665، رسالة يعرض فيها الأسباب التي دفعته إلى "كتابة رسالة حول طريقته في فهم الكتب المقدّسة". من بين المواضيع الأخرى التي كانت مصدر قلق بالنّسية له نجد مكافحة "الأفكار اللّاهوتيّة المسْبَقة"، والدّفاع عن "حريّة التّفلسف والتّعبير عمّا يختلج في صدورنا"، وهي حريّة "تقمعها بشدّة مفرطة نرجسيّة الوعّاض والقساوسة"، وكان يضيف إلى كلّ هذا رغبته في مكافحة "الرّأي السّائد لدى الشّعب بخصوصي [أي سبينوزا] والذي ما ينفكّ يتّهمني بالإلحاد، وأراني مضطرّا أن أُخْمِد هذه التّهمة بكلّ ما أوتيت من قوّة"(8).
إنّ ما ترمي إليه الرّسالة اللّاهوتيّة السّياسيّة هي الصّالح العام، وهو عمل يندرج، أكثر من كتاب الأخلاق، في وضعيّة حرجة، ملموسة جدّا، وقد تكون خطيرة أيضا. وكانت حججه وبراهينه موجَّهة لجمهور واسع الذي يتمنّى سبينززا أن يشاطره اهتماماته في ما يتعلّق بمستقبل الجمهوريّة السّياسي ومكانة الدّين داخل المجتمع النيرلندي.
لقد كان سبينوزا واعيا كلّ الوعي بالامتيازات التي كان يتمتّع بها هو وآخرون من خلال عيشهم في الأراضي المنخفضة: "إنّنا نتمتّع بسعادة نادرة بعيشنا في كنف جمهوريّة حيث تتوفَّر لكلّ شخص الحرّية التامّة في التّفكير ويتناول موضوع الرّب كما يحلو له، وحيث لا شيء أغلى وأعذب من الحريّة"(9). ولكن عندما نعرف المصير المفزِع الذي تعرّض له صديقه كورباخ مؤخّرا فإنّنا نتصوّر أنّ سبينوزا كان يكتب هذا وفي قلَمه جُرْعَة سخيّة من المرارة والسّخرية. فإذا كانت المقاطعات المتّحدة حرّة حقّا بالدّرجة التي يدّعيها سبينوزا هنا، فما كان هناك من داع لكي يكتب رسالته في اللّاهوت والسّياسة حتّى وإن كان جليّا أن سبينوزا كان يعترف بأنّ هولندا تسمح لمواطنيها بالتمتّع بحريّة أكبر لا يوجد مثيل لها في أيّ دولة أوروبيّة أخرى (نستطيع هنا أن نتذكّر سقراط، الذي حكمت عليه مدينة أثينا بالموت، ومع ذلك كان يعترف بأنّه لا توجد مدينة أخرى غير أثينا كان بإمكانه أن يقود فيها حياته الفلسفيّه إلى تلك الدّرجة). كان سبينوزا، مع كلّ هذا، يُساوِره القلق من التّأثير المتصاعد للسّلطات الكنسيّة داخل الشّؤون العامّة، وذلك جرّاء الإنهاك التّدريجي لقوى "الحريّة الحقيقيّة" التي تحدّث عنها دي فيت، وأيضا بفعل التّهديد الذي يُخيِّم بكلاكله على الرّوح التّقليديّة الجمهوريّة والمتسامِحة في بلاده. بالإضافة إلى ذلك، نرى أنّ الرّسالة هي كتاب شخصيّ جدّا، كُتِب كردّ فعل على فقْد صديق حميم، وأيضا كردّ فعل على الافتراءات التي كان سبينوزا يشعر أنّه بدأ يواجهها ويصطدم بها أكثر فأكثر.

(يتبع)
-------------------
هوامش
(1) للمزيد من الاطّلاع على علاقة سبينوزا بكورباخ، أنظر:
Vandenbossche, Hubert. 1978. “Adriaan Koerbagh en Spinoza.” Mededelingen vanwege het Spinozahuis 39.
(2) أنظر:
Die Lebensgeschichte Spinozas. Zweite, stark erweiterte und vollständig neu kommentierte Auflage der Ausgabe von Jakob Freudenthal. 2 vols. Ed. Jakob Freudenthal and Manfred Walther. Stuttgart: Frommann-Holzboog, 2006, p. 285-286.
(3) "المتقاعد الأكبر" هو عبارة عن أعلى مسؤول في الجهاز أو المجلس التّنفيذي والتّشريعي في مقاطعة هولندا. والفرنسيّون هم الّذين أضافوا صفة "أكبر"، في القرن السّابع عشر حسب الأعراف الديبلوماسيّة في تلك الفترة للتّأكيد على علْوِيّة الوظيفة الهولنديّة على بقيّة الوظائف في المقاطعات النيرلنديّة الأخرى؛ يُقال أنّ هذا الشّعار لم يكن في الحقيقة إلاّ مجرّد فخّ نصبه ماو ليوقِع بكلّ المنشقّين عن النّظام وخطّه الإيديولوجي. وبقطع النّظر عن صحّة هذه الفرضيّة من عدمها، فإنّ الكثير ممّن قدّموا أفكارا وآراء لم تلْق ترحابا عند ماو تسي تونغ تمّ إعدامهم. [المترجم]
(4) هنا إشارة إلى الشّعار الشّهير الذي رفعه ماو تسي تونغ في خطابه عام 1957 في بيكين: "دَعْ مائة زهرة ومائة مدرسة فكريّة تتفتّح، تلك هي سياسة تشجيع النّهوض بالفنون والعلوم والثّقافة الاشتراكيّة وترويجها في بلادنا". [المترجم]
(5) أنظر المرجع أسفله والذي قمت بترجمة مقطع منه بخصوص هذه الأحداث المروِّعة:
F. Bouchez, Histoire de la Patrie, Amsterdam, 1838, p. 83.
(6) أنظر المصدر السّابق: Die Lebensgeschichte Spinozas, p. 280.
(7) أنظر مراسلات سبينوزا بالانجليزيّة مثلا في الجزء الرّابع.
(8) مصدر سابق، ص 232.
(9) هذا المقطع من ترجمتي عن النصّيْن الإنجليزي والفرنسي.



#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب صُنِع في الجحيم(5)
- كتاب صُنِع في الجحيم(4)
- كتاب صُنِع في الجحيم (3)
- كتاب صُنِع في الجحيم (2)
- كتاب صُنِع في الجحيم (1)
- رَبُّ القَبائل، إسلام محمّد
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (14)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (13)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (12)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (11)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (10)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (9)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (8)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (7)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (6)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (5)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (4)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (3)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (2)
- قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (1)


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - كتاب صُنِع في الجحيم(6)