أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح سليمان - عدوية يغني وهياتم ترقص














المزيد.....

عدوية يغني وهياتم ترقص


سامح سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 7151 - 2022 / 2 / 1 - 11:57
المحور: الادب والفن
    


يبحث أبي عن أتربة تعلوا الأثاث فلا يجد، يرتفع صوته معلنًا رغبته في أن تسرع أمي بإحضار الطعام مهددًا إياها بعدم منحها مليمًا واحدًا للإنفاق طول الشهر إن لم تحضره له في التو واللحظة، تطلب منه الصبر والانتظار لدقائق معدودة. يبصق في الهواء ويسبها بصوت خفيض، ثم يدعوا الله أن تموت هي وأولادها ومنهم أنا بكل تأكيد، جرس الباب يرن، يذهب لفتح الباب، يمسك بالمقبض ولكن قبل أن يديره تتخشب يداه ويرجع عن قراره، يترك المقبض ثم ينظر من العين السحرية، إنه محصل الكهرباء قد جاء ليطالب بسداد فواتير متأخرة، يبتعد عن الباب سيرًا على أطرافه خوفًا من أن يعلم المحصل بوجود أحدًا بالمنزل، يرن جرس الباب مرة أخرى، يطرق المحصل الباب بيده طرقًا عنيفًا، تسمعه أمي فتذهب لفتح الباب لكن يوقفها أبي بإشارة من يده، تنظر له بقرف ممزوج بالحزن عندما تراه مختبئًا كفأر أجرب مذعور، تعود للمطبخ، يعلو صوت المحصل لفضحنا أمام الجيران، معلنًا معرفته بوجود أبي بالمنزل ومهددًا بقطع الكهرباء خلال أسبوعً واحد إن لم نذهب للشركة ونسدد ما قد تأخر من فواتير مضى على وجوب سدادها أكثر من خمسة أشهر، يطرق الباب مرة أخرى، ثم يمضي بعد أن ينعتنا بالحثالة واللصوص معدومي الشرف، يضع أبي أذنه على الباب للتأكد من ابتعاده ورحيله، ثم بعد تأكده، يزفر ويحمد الله، يطفئ كافة الأنوار خشية عودة محصل الكهرباء أو أي دائن آخر، يفتح التلفاز ثم يخفض صوته، تلك عادته لإضاعة الوقت حتى تمضي تلك الدقائق المعدودة التي طلبت منه أمي انتظارها. يبتسم ملء شدقيه، فقناة الأفلام تبث فيلمًا من أفلام السبعينات التي أنا أيضا أعشقها، فقد ساد تلك الحقبة ما يدعي بأفلام الغريزة مثل فيلم حمام الملاطيلي وذئاب لا تأكل اللحم وامرأة سيئة السمعة، الجبان والحب، وأيضًا نجمات الإغراء مثل ميرفت أمين ونجلاء فتحي وسهير رمزي وشمس البارودي والرائعة مديحة كامل ونجمة الستينات سعاد حسني، بل ونجمة السبعينات أيضًا فمن يمكنه نسيان أداؤها الرائع في فيلم بئر الحرمان، وكم كانت فاتنة ومتوهجة. عيناه تكاد أن تخرج وتلتصق بشاشة التلفاز، مشهد لرقصة شرقية تؤديها الراقصة هياتم على أنغام أغنية للمغني الشعبي أحمد عدويه. كانت هياتم فائقة الإثارة وذات ابتسامة عذبة وأنوثًة طاغية، جسدها كان فائرًا بضًا وبديع التفاصيل. تبدوا على وجه أبي علامات الاستثارة، ينزل يديه إلى أسفل بطنه، ينزل سحاب بنطاله ويداعب قضيبه، حمد لله الثقب الذي صنعته في باب غرفتي لا يتيح لي رؤية واضحة، مشهد منفر أستحي واشمئز من رؤيته بدقه. يستمر في المداعبة ولكن تنقطع الكهرباء وينغلق التلفاز، يغتاظ أبي ويحمر وجهه ويرفع سحاب بنطاله ليعيده إلى وضعه الأول، يصرخ في أمي لائمًا ومعنفًا إياها لعدم انتهائها من إعداد الطعام قبل مجيئه، يلسعها الموقد فتصرخ، تسرع بفتح الثلاجة وتخرج زجاجة مياه باردة تفرغها فوق موضع الإصابة، يقهقه أبي ساخرًا منها ناعتًا إياها بالبله والخيبة، تثور أمي وتسب بعض مطربي الأغاني العاطفية سبابًا فاحشًا، كل واحد باسمه، ثم تبكي، تمسح دموعها ثم تكمل وصلة السب، تسب أباها وأمها وتلعن يوم مولدها، ثم تسب أبي وأباه وأمه والبشر أجمعين، يضحك أبي ضحكة مقيتة ثم يقول: أنت لست بامرأة تستحق الاهتمام والاحترام، بل لست امرأة من الأساس، تضحك أمي بصوت عال وتنعته بالمخنث ذي القرنين، يقذفها بأحد الأطباق الزجاجية الموضوعة على المائدة، لا يصيبها ولكن يقع بجانبها وينكسر، تصرخ أمي ثم تسبه بأمه وتنعته مرة ثانية بالمخنث ذي القرنين، لن أتدخل لفض الشجار أو لحماية أي طرف، نعم أبي هو الأقذر والأكثر إجرامًا ولكن سبق لي التدخل لحماية أمي، وحين اشتد العراك ساندته هو ضدي أنا من سعي للذود عنها، اللعنة عليهم فليحترقوا في أي مكب للنفايات، لن أتدخل. صوت طرقات على الباب، إنهم الجيران قد جاؤوا بهدف التهدئة، تهدئه أبي وأمي وأيضًا تهدئة فضولهم، تفتح لهم أمي، رجال ونساء تتوسطهم الزوجة الشابة القاطنة حديثًا بالشقة المجاورة مرتديًة قميصًا أزرقًا عاري الصدر يبرز مفرق نهديها ويصل بالكاد إلى ركبتيها، يرجوهم الجيران الصبر والهدوء وأن كل شيء يمر، ولا يوجد شيء في الحياة يستحق- فعلًا لا شيء في الحياة يستحق فكل شيء سواء_ وردد أحدهم بابتسامة بلهاء: أن باطل الأباطيل الكل باطل وأن حياة الإنسان ليست إلا بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل. ارتدى أبي قناع الملائكية وتنهد قائلًا: لقد سامحتها شكرًا لحضوركم، تفضلوا بالجلوس وتناول الغداء- أعتقد أنه كان يوجه تلك الدعوة إلى ذات القميص الأزرق القصير- شكره بعضهم وامتنعوا عن قناعة، والبعض الآخر كان يرغب في الجلوس معنا على المائدة وتناول الغداء ولكن منعه الخجل، خرج الجيران مع حرص بعضهم على الاصطدام بمؤخرة أمي أثناء الخروج، وحرص أبي على إتيان نفس الفعل ولكن مع أخريات، وبشكل أكثر جرأة مع صاحبة الجسد الخمري والفستان الأزرق القصير، عار الصدر، الكاشف لمفرق أثدائها النافرة المشجعة للتذوق، اللتان تشبهان كثيرًا ثديي أول امرأة أفقدتني عذريتي. الجيد في ما يتعلق بشجارهم اليومي هو أن صوتهم العالي و صوت ما يتحطم من أطباق ومزهريات عامل مهم في استيقاظي مبكرًا وعدم تأخري عن الذهاب للعمل. هذا بخلاف كراهيتي الشديدة للنوم ولدي الحق كله كما يقولون، فلماذا يضيع ثلث العمر بلا فائدة؟ ألا يكفي ما يذهب في طفولة يملؤها الضعف والعجز، وأيضًا ما يضيع في المرض والاستحمام والتبول والتبرز والمناسبات الاجتماعية وممارسة عمل لم اختره؟



#سامح_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة الضرب بالحذاء
- الإنمساخ للكاتب التشيكي فرانز كافكا
- المجتمع و التشوية الممنهج للذات الإنسانية
- العقل النقدى وصراعة مع القطعنه
- المجتمع وقتل الفطرة الإنسانية
- عن القصة القصيرة
- الكاتب وفن كتابة الرواية
- عن اللا مكترث
- عن المرأة والمجتمع والزواج
- العلاج المعرفى السلوكى
- فلسفة العبث عند ألبير كامي
- حوار مع الكاتب المصرى محمد إبراهيم
- حوار مع الكاتب المصرى أيمن فاروق طه
- مقتطفات من حوارات هامة ج 1
- سامح سليمان يحاور الكاتبة نانسى سامى
- عن الكتابة بالعامية
- حوار مع الكاتبة نانسى سامى ج 1
- سامح سليمان يحاور الكاتب رياض محمد
- حوار مع الكاتب المصرى أحمد رشدى
- حوار مع الكاتب المصرى هشام عيد


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح سليمان - عدوية يغني وهياتم ترقص