أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف سلمان القنطار - المحكوم بالألم














المزيد.....

المحكوم بالألم


نواف سلمان القنطار
كاتب ومترجم.

(Nawaf Kontar)


الحوار المتمدن-العدد: 7151 - 2022 / 2 / 1 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


1 ـ جرعة لا بد منها
تغمض عينّيك بتثاقل مُريب، تحاول أن تدّخر بعض الذكريات قبل أن تغيب في الفضاء الرمادي، فينتابك شعور عميق بالمرارة والإحباط... تتناثر خلاياك من حولك مثل قطرات ماء تسبح في لاجاذبيةٍ ثلاثيةِ التأويل... تتسلل إلى قلبك أسئلةٌ خافتة الصدى:
ـ هل ستترجل اليوم عن صهوة الحياة طواعية؟ أم ستفلت من براثن الموت من جديد، ماذا تبقّى لديك من أمل تقتات به خلال رحلتك القادمة ؟
تحاول أن تقتفي آثار أجوبتك القديمة، لعلّك تعثر على ما يعيدك إلى شاطئ البداية، لكن شيئاً ما يشدك إلى هناك، إلى ممر ضيق ما بين العتمة والنور، إلى حيث تتخلص من وزر الأسئلة، فتغفو مستسلماً فوق السحاب وتتلاشى رويداً رويداً في البعيد...

2 ـ أثار جانبية
تنظر إلى نفسك في المرآة المعلقة على الهواء الثقيل مثل غريب تاه في ذاكرة المقاهي القديمة، أو شاعر مخمور يخلط ما بين الجناس والطباق:
ـ أيهما أنت، ذاك الوجه الأصفر هناك، أم هذا الجسد الذابل هنا؟ كأنكما ظلان منفصلان لروحين أو جسدين تُباعد بينهما خواص الصوت أو الرؤية...
لا تزامنَ في إيقاع الوقت بينكما، ولا علامات فارقة ما بين الأدوية المسكّنة والموت، كلاهما يصلح ليكون وصفة لليأس أو الهزيمة... فكيف لك أن تتلمس طريق العودة إليك؟ هل تبحث في مرآة أخرى عن وجه جديد، أم عمن سلخ ذاكرتك عن وجهك وتركك تتقيأ حموضة اليأس ومرارة الأسئلة.
تتشابك الصور من حولك، تتماهى في ضباب رمادي المدى، مثل هذا الصباح البارد المكفهر، يطل من النافذة لينتشلك من سباتك ودهشتك، فتكتشف أن غريزة الحياة ما زالت أقوى من رغبة الاستسلام لملاك محايد يجلس فوق سريرك، لا يمل من انتظار سقوطك في هوة العدم، وتوقف قلبك عن الأمل...

3 ــ أنين
كيف لك أن تتخلص من كل هذا الألم وتهجع نحو غبطة السكينة، ألمٌ ينهش قلبك وصبرك، يمزق أحشاءك مثل ذئب جائع، يكبت أنفاسك مثل كابوس، يمنعك من الحلم بهدنة قصيرة لتتمالك جأشك فيها، يظل يخزك بإبر اليأس، يقفز أمامك مثل مهرج مجنون، يهزأ بضعفك الآدمي وببقايا الكبرياء فيك، يسلبك ذاكرة التحدي والانتصار ويساومك على معجزة اسمها الحياة.

4 ـ يأس
يخبو ضوء الأمل في عينيك رويداً رويداً، تستسلم خلاياك لمحتل أو ضيف ثقيل، تدرك أن كل يوم يمر هو انتصار له وهزيمة لك، وكلما تكورت الفيزيولوجيا في زاوية الخيبة تمدد وحش الموت داخل شرايين الأمل فيك، فتسأل:
ـ كم ستصمد جدران صبرك أمام همجية هذا الألم.
تقف على شرفة اليأس، تنظر إلى الأسفل:
ـ بم ستفكر وأنت تعيش لحظة سقوط حر، هل ستندم على فعلتك، هل ستمر حياتك أمام عينيك، هل سيعلق آخر مشهد في رأسك قبل أن تنثره على الأسفلت ... تتخيل نفسك جثة مشوهة، والناس من حولك، مشمئزين من المنظر، ومأخوذين بالشفقة، يوقفهم الفضول، تحاول أن تعتذر عما سببته لهم من تلوث بصري، لكن أحداً لا يكترث باعترافات رجل مهزوم ...

5 ـ تحد
تبتعد عن الشرفة، تتراجع إلى منطقة الأمان، نحو إحداثيات اليأس، تتلفت حولك بقلق... تشعر بأنك خائن يتعامل مع عدو...
ـ لا... كلّا ... لن يفرح الموت بي هذا اليوم على الأقل، سوف أجعله ينتظر أكثر، قد يرمي أحدهم وردة على قبري غداً، ولكن لن يفرح الموت بي هذا اليوم بالتأكيد.
أبتعد عن المرآة، ألملم اشلائي بهدوء، أحزم ذاكرتي على إيقاع أغنية ريفية، ثم أشعل لفافة تبغ ثقيل وأبدأ رحلة جديدة في الأدغال.

نواف القنطار
دمشق.



#نواف_سلمان_القنطار (هاشتاغ)       Nawaf_Kontar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يتملكني مزاج جنائزي
- جولة تفقدية
- في الطريق إلى دمشق
- فصام
- سورية بين توصيف الأزمة وأزمة الحل


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف سلمان القنطار - المحكوم بالألم