أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - صلاة الرئيس الايراني في الكرملين والمفاوضات الصعبة في فيينا















المزيد.....

صلاة الرئيس الايراني في الكرملين والمفاوضات الصعبة في فيينا


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7149 - 2022 / 1 / 30 - 13:31
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


طوال 43 سنة منذ انتصار الثورة الايرانية، اثبتت القيادة الايرانية ليس فقط الصدق والثبات والشجاعة، بل ايضا الحكمة والنضج الفكري والسياسي الذي يستوعب متغيرات العصر والحقائق والضرورات التاريخية، ويتكيّف معها ويساهم في تكييفها لما يخدم الاهداف الستراتيجية الانسانية النبيلة للثورة، جنبا الى جنب جميع الدول والشعوب المناضلة لاجل التحرر والتقدم، ضد هيمنة الامبريالية الاميركية والغربية واليهودية العالمية.
ضمن هذا السياق تأتي الزيارة فائقة الاهمية التي قام بها مؤخرا الرئيس الايراني السيد ابرهيم رئيسي الى موسكو، التي تؤسس لمرحلة تاريخية جديدة في العلاقات الروسية ــ الايرانية، وفي التاريخ العالمي، هي مرحلة الانتقال نحو تشكيل التحالف العضوي الوثيق للمحور الشرقي الجديد المتمثل في : روسيا والصين وايران، الذي يتوقف عليه مصير العالم بعد اليوم.
وقد استقبل الرئيس الايراني ومرافقوه ببالغ الحفاوة والصداقة الحقيقية من قبل الرئيس بوتين واحد اكبر حكماء العصر وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف ووزير الدفاع الفذ جنرال الجيش سيرغيي شويغو وغيرهم من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والاقتصاديين ورجال الثقافة ورجال الدين الروس.
ومنذ اليوم الاول للزيارة، فتح صالون الشرف في الكرملين للرئيس الايراني المسلم كي يؤدي فيه الصلاة، على مرأى العالم اجمع، وهو حدث يجري لاول مرة في تاريخ الكرملين، بكل ما لهذا الحدث من رمزية تاريخية تعبر، من جهة، عن نظرة روسية جديدة الى العالم الاسلامي، من خلال الوجه المشرق للاسلام الثوري الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية الايرانية المناهضة للفكر الاسلاموي الرجعي، الظلامي، "العثماني الجديد"، الداعشي، التكفيري، الارهابي، المرتبط عضويا بالامبريالية الاميركية واليهودية العالمية؛ وتعبر، من جهة ثانية، عن نظرة اسلامية ــ ايرانية جديدة الى المسيحية الشرقية عامة، والروسية خاصة، التي تمثل الوجه المشرق للمسيحية العالمية التي شوهتها وزيفتها لمئات السنين النزعة الاستعمارية الصليبية ونزعة الهيمنة الامبريالية الاوروبية الغربية والاميركية.
وقد علق المفتي الحالي للاتحاد الفدرالي الروسي طلعت تاج الدين على هذا الحدث، بأن الكرملين قد تبارك بصلاة الرئيس الايراني فيه.
وطرح الرئيس الايراني امام القيادة الروسية مشروع اتفاقية اطارية ستراتيجية ايرانية ــ روسية للــ 20-25 سنة القادمة، للتعاون بين البلدين الصديقين الكبيرين، في جميع الحقول السياسية والثقافية والعلمية والمالية والاقتصادية والعسكرية والامنية العالمية والتجارب الصاروخية والنووية والفضائية، وهو ما سيجسده لاحقا الخبراء والمختصون باتفاقيات محددة تتناول جميع هذه الحقول.
XXX
وفيما كان الرئيس الايراني يصلي في الكرملين، ويجري مباحثاته التاريخية مع القيادة الروسية، كانت تتواصل المباحثات الصعبة في فيينا حول البرنامج النووي الايراني، بشقيها: المباشر بين ايران والدول الاوروبية الغربية بمشاركة روسيا، وغير المباشر بين ايران واميركا بوساطة روسيا.
وفي هذه المباحثات تتذرع الدول الغربية بالخوف المزعوم على السلم العالمي من احتمال امتلاك ايران للسلاح النووي.
وفي بداية المباحثات حاولت الدول الغربية ان تطرح للبحث مسائل اخرى تتعلق بالسياسة الخارجية والدفاعية الايرانية. ولكن ايران قطعت الطريق بحزم على هذه المحاولات العقيمة، واجبرت الدول الغربية على حصر النقاش بموضوع الرفع التام للعقوبات على ايران مقابل قبول ايران بعودة اميركا الى الاتفاق النووي لسنة 2015 وعودة ايران للالتزام ببنود هذا الاتفاق كالسماح لمنظمة الطاقة النووية الدولية بالتفتيش ومراقبة البرنامج النووي السلمي الايراني، والتزام ايران بالتخصيب المخفض لليورانيوم حتى 20%، لتطمين الدول الغربية الى عدم انتاج ايران للقنبلة النووية وكسر احتكار اسرائيل للسلاح النووي على المستوى الاقليمي.
ان خروج اميركا من الاتفاق النووي الايراني، وفرض العقوبات الاقتصادية الشديدة على ايران، اديا الى نتائج عكسية تماما، حيث عمدت ايران الى تقليص وحتى منع التفتيش الدولي على منشآتها النووية، والى رفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى 60% والتهديد برفع النسبة الى 90% في اسابيع قليلة. واستطاعت ايران اسقاط مفاعيل العقوبات الاقتصادية الاميركية والغربية ضدها بفضل صلابة وصمود جماهير الشعب الايراني البطل وتعميق وتوسيع علاقاتها المالية والتجارية والاقتصادية مع روسيا والصين والدول الصديقة الاخرى. وألقت القيادة الايرانية خلف ظهرها كل التهديدات العسكرية الاميركية والاسرائيلية بخصوص برنامجها النووي.
وفي مناخ التفاهم والثقة المتبادلة، التي عبرت عنها الزيارة الاخيرة للرئيس الايراني الى موسكو، وبحكم المناورات العسكرية المشتركة، المتكررة والمتوسعة، الايرانية ــ الروسية ــ الصينية، فإن ايران اصبحت تدخل موضوعيا ضمن المظلة النووية الروسية والصينية، في حال وجود اي تهديد نووي ضد ايران من قبل اميركا او اسرائيل او الناتو. وايران وروسيا هما دولتان مستقلتان كبيرتان جغرافيا. ولم يعد هناك ما يمنع ان تعطي كل منهما الاخرى حق استخدام القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية فيها. ولا ما يمنع قيام ايران بـ"تأجير" قاعدة عسكرية نووية وغيرها لروسيا على اراضيها؛ ولا قيام روسيا بـ"تأجير" احدى "المدن العلمية ــ العسكرية" الروسية السرية، لايران، حيث تقوم ايران بتخصيب وتجميع اليورانيوم واجراء الاختبارات العلمية النووية كما تشاء، بعيدا عن اي رقابة دولية.
وفي مثل هذه الاوضاع، تدخل ايران الان المفاوضات في فيينا بشكل مرتاح، والامر بالنسبة لها اصبح سيان: سواء وافقت اميركا والدول الاوروبية الغربية على العودة للاتفاق النووي لعام 2015 والالتزام به ام لا؛ وسواء وافقت على رفع العقوبات الاقتصادية ام لا؛ وسواء وافقت على تحسين العلاقات الاميركية والغربية مع ايران ام لا. ففي كلا الحالتين ستكون ايران وحلفاؤها هم الرابحين. وصار من مصلحة اميركا واوروبا الغربية "استرضاء" ايران وتحسين العلاقات معها، اكثر بكثير من مصلحة ايران في "استرضاء" اميركا وحلفائها.
فاميركا، مع كل حلفائها، لم تعد قادرة على تحدي الدول القوية كايران وروسيا والصين، ولا تحدي حركات المقاومة ضد الامبريالية واليهودية العالمية، ولم تعد جديرة لان تقدم للدول والشعوب الصغيرة والمظلومة، كافغانستان واليمن ولبنان وجماهير الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة وفي الشتات، سوى الارهاب الداعشي والتدمير وقتل الاطفال والمدنيين والنهب والإفقار والتجويع.
ولكن امام الوعي المتنامي للشعوب، وتصليب عود محور المقاومة العربية والاسلامية، وبفضل صدق وشجاعة وحكمة القيادة الثورية الايرانية، وصدق واخلاص ودعم روسيا والصين، فإن اميركا اصبحت اليوم تقف عاجزة عن مواصلة تطبيق سياسة العدوان والهيمنة والتوسع، وقد انسحبت مؤخرا من افغانستان بشكل ذليل، وهي مضطرة للتراجع ووقف الاستفزازات على الحدود الاوكرانية والبحر الاسود وبحر البلطيق، ولم يبق امامها سوى ان تحمل "كلاكيشها" وترحل من كل اسيا الغربية وشمال افريقيا، وتأخذ معها جميع عملائها العرب القدماء والجدد، من شيوخ النفط والدواعش و"الليبيراليين الجدد" وزعران وخفافيش "الربيع العربي" المزيف، الى جانب الانفصاليين الاكراد الذين يطعنون الشعبين العراقي والسوري في الظهر في الظهر، واليهود الصهاينة الذين لا زالوا يحتلون فلسطين العربية والجولان السوري وينبغي ان يدفعوا غاليا ثمن جرائمهم وخيانتهم التاريخية لشعوب الشرق.
XXX
ان الترجمة العملية، فكريا وسياسيا واقتصاديا وامنيا وعسكريا، للنظرة الروسية الجديدة الى العالم الاسلامي من خلال الاسلام الثوري الايراني، والنظرة الاسلامية الايرانية الجديدة الى المسيحية العالمية من خلال المسيحية الشرقية ــ الروسية، يمثل نقلة نوعية انقلابية في الجيوبوليتيكا والجيوستراتيجيا العالميتين، نقلة تؤسس لتغيير النظام العالمي القائم وتغيير وجه العالم ليس في العقود، بل في السنوات القليلة القادمة. 



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفوق الاقتصادي الصيني سيدخل تحولا جذريا في الجيوستراتيجيا ...
- لبنان الكرامة والشعب العنيد لن يكون مزرعة دواجن بشرية خاضعة ...
- قتلوا فرج الله الحلو وساروا في الجنازة
- الصين الشعبية تتقدم لاستعادة القيادة الشرقية للنظام العالمي
- في البعد الطائفي لازمة النظام اللبناني
- الى حكام السعودية: لا تستهينوا بلبنان المقاوم الذي انتصر على ...
- لبنان: حرب التحرير الوطنية ضد الحرب الاهلية الطائفية
- التفوق العسكري لروسيا وحلفائها على الامبريالية الاميركية وات ...
- الصين: شعب المسيرة الثورية الكبرى ضد النظام الامبريالي العال ...
- حرب التجويع الاميركية ضد لبنان ...على عتبة الفشل
- روسيا: طليعة شعوب العالم في النضال التاريخي ضد العبودية واله ...
- هل العرب والمسلمون والروس الاورثوذوكس معادون للسامية والدمقر ...
- الاحداث القٌرُوسطية الدراماتيكية الكبرى وبداية النهاية لعصر ...
- الجذور الحضارية التاريخية للثورة الايرانية
- سوريا امام مرحلة تاريخية جديدة
- لبنان على مفترق الخروج من دائرة الهيمنة الاميركية
- سوريا ولبنان على رقعة الشطرنج الدولية لاميركا
- النظام الرأسمالي اللبناني وتبعيته للغرب الامبريالي
- المكونات الثلاثة المميتة للكيانية اللبنانية السائرة الى الان ...
- الكيانية الطائفية اللبنانية الموالية للامبريالية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - صلاة الرئيس الايراني في الكرملين والمفاوضات الصعبة في فيينا