أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جورج حداد - لبنان الكرامة والشعب العنيد لن يكون مزرعة دواجن بشرية خاضعة لأذناب اميركا والسعودية















المزيد.....

لبنان الكرامة والشعب العنيد لن يكون مزرعة دواجن بشرية خاضعة لأذناب اميركا والسعودية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7133 - 2022 / 1 / 11 - 09:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إعداد: جورج حداد*


منذ المظاهرة الدامية لدعم المقاومة الفلسطينية في 23 نيسان 1969 وحتى اليوم، يدور على الساحة اللبنانية صراع شديد، عسكري ــ سياسي ــ اقتصادي ــ اعلامي وثقافي، تداخلت فيه العوامل المحلية والعربية والاقليمية والدولية، وتخللته الحرب الاهلية اللبنانية، والقتل على الهوية والتقسيم الجغرافي ــ الطائفي للبلد وتجربة "الحكم الذاتي" لكل منطقة، والمجازر ضد اللاجئين الفلسطينيين، والتفويض الاميركي للنظام الدكتاتوري السوري للتدخل في لبنان، وقيام "قوات الردع العربية" بإسقاط مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين وكسر شوكة الحركة الوطنية اللبنانية واغتيال كمال جنبلاط وتغييب الامام موسى الصدر لصالح اميركا واسرائيل والسعودية وطابورهم الخامس في لبنان، والحروب والحملات العدوانية الاسرائيلية فائقة الوحشية (ومنها الحصار الاسرائيلي لبيروت اكثر من 80 يوما وتدميرها بوحشية في صيف 1982، وآخرها عدوان تموز ــ آب 2006)، ونزول القوات الاميركية والناتوية متعددة الجنسية في لبنان وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية، واقتحام "قوات الردع العربية" للقصر الجمهوري في لبنان بكل رمزيته والاعدام الميداني المخالف لكل القوانين والاعراف لمئات الضباط والجنود اللبنانيين الاسرى الذين كانوا يدافعون عن القصر عملا بواجبهم الوطني والوظيفي، وطرد الجنرال ميشال عون ونفيه الى فرنسا، وعقد مؤتمر الطائف برعاية اميركية ــ سعودية، وتغيير الدستور اللبناني، واغتيال رفيق الحريري وطرد النظام السوري من لبنان؛ واخيرا لا آخرا يواجه لبنان اليوم، شعبا ومقاومة ودولة وجيشا، حربا شعواء، مالية ــ اقتصادية ــ صحية ــ اعلامية ــ نفسية، لاجل فرض الاستسلام عليه امام الجبهة الامبريالية الاميركية ــ اليهودية و"الانظمة العربية"، والسعودية على رأسها، اللاهثة نحو التطبيع مع اسرائيل، وإدخال المنطقة العربية في "العصر الاسرائيلي".
XXX
وخلال هذه الملحمة التراجيدية الطويلة، الدامية والاليمة، التي لم تنته فصولا بعد، برز على سطح كل الاحداث تياران شعبيان لبنانيان متناقضان 180 درجة وهما:
الاول ــ "التيار الوطني": وهو تيار شعبي وطني تحرري، يتمسك بالانتماء التاريخي، القومي والحضاري والديني (العربي، المسيحي الشرقي والاسلامي)، للبنان ارضا وشعبا. ويرى هذا التيار في لبنان وطنا لشعب عريق جدير بالحرية والاستقلال الحقيقي التام، يضع نفسه ندا في صفوف جبهة الشعوب المناضلة لتحرير الانسانية مرة والى الابد من ربقة النظام العبودي الحديث للامبريالية الاميركية ــ اليهودية العالمية.
والثاني ــ وسأسميه "التيار الكياني": وهو تيار "شعبي" يرى في "كيانه اللبناني" مزرعة تابعة للامبريالية العالمية والرجعية العربية، يعيش فيها قطيع من الدواجن البشرية او الكائنات البشرية المتعيّشة، تتألف من:
ــ أ ــ شريحة واسعة من المواطنين العاديين، ربما الشرفاء بذاتهم، الذين افقدهم الاستعمار الاجنبي والاستبداد المحلي والظلم المتمادي لمئات السنين، حس الانتماء القومي والحضاري والكرامة الانسانية، فاستسلموا لمشيئة "القدر" الذي كان يفرضه بالامس العثمانيون، وتفرضه اليوم الامبريالية العالمية على الشعوب المستضعفة، واصبح كل همهم يقتصر على نزعة البقاء كأفراد او قطيع مخلوقات بهيئة بشرية، وان "يعيشوا بسلام"، ويأكلوا ويشربوا ويتناسلوا، ويعملوا لتحسين معيشتهم بأية وسيلة كانت، مستقيمة ام ملتوية، نظيفة او قذرة، راضين ومستسلمين ومتكيفين مع الظروف والشروط، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تمليها الامبريالية واليهودية العالمية والانظمة العربية الموالية لها.
ويرى هؤلاء المتعيّشة الاذلاء ان "كيانهم" ينجح ويزدهر، ويعيش "شعبه" في رغد وبحبوحة بمقدار ما ينجح في الانضواء تحت لواء الامبريالية الاميركية واليهودية العالمية والمملكة السعودية والانبطاح امامها وإرضاء رغباتها.
ــ ب ــ وتتحكم بهذا القطيع البشري عديم الكرامة الانسانية شريحة او طبقة من ارباب الفساد والإفساد من اللصوص والنصابين ومهندسي الالاعيب المالية والصفقات المشبوهة والمضاربين والاحتكاريين مصاصي دماء البشر، الذين هم في الوقت نفسه وكلاء وعملاء وقوادون (بالمعنيين الحرفي والسياسي للكلمة) للامبريالية واسرائيل وشيوخ وامراء النفط السعوديين واضرابهم.
XXX
وخلال المرحلة المنصرمة، واستمرارا حتى اليوم، تجسد ذينك التياران الشعبيان، بشكل رئيسي ونموذجي في التنظيمات المقاتلة ــ السياسية التالية:
ــ1ــ تجسد التيار الاول بشكل رئيسي في:
ــ أ ــ "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" بخلفيتها الايديولوجية الوطنية والقومية ــ المدنية والعلمانية.
ــ ب ــ "المقاومة الاسلامية" بقيادة "حزب الله" ذي الايديولوجية الوطنية ــ الدينية الشيعية.
ــ2ــ فيما تجسد التيار الثاني بشكل رئيسي في:
ــ أ ــ حزب "الكتائب اللبنانية"، الوكر "التاريخي" المنظم الاول والاساسي لتفريخ افاعي الخيانة الوطنية في لبنان، ويقوده الان امين الجميل عميد عملاء المخابرات الاميركية في لبنان والشرق الاوسط.
ــ ب ــ "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة الجنرال المتقاعد انطوان لحد، الذي انفرط عقده وفرت غالبية عناصره الى اسرائيل مع الجيش الاسرائيلي المنهزم في ايار 2000.
ــ ج ــ حزب "القوات اللبنانية" العميل، الذي انبثق من حزب "الكتائب اللبنانية" العميل، والذي اسسه العميل بشير الجميل ولا يزال يقوده السفاح الطائفي والعميل الاميركي ــ الاسرائيلي ــ السعودي سمير جعجع.
وفي هذا الصدد يجدر التأكيد على الظاهرتين التاليتين:
الاولى ــ ان كلا هذين التيارين كانا "مخترقين" للطوائف. ولكن المحور الرئيسي للتيار الاول "الوطني" يتمثل الان في "الشيعية السياسية"، والمحور الرئيسي للتيار الثاني "الكياني" يتمثل في "المارونية السياسية". ونتج عن ذلك، موضوعيا، ان "المرجعية العميقة" التي تقود الان التيار الاول "الوطني" هي المؤسسة الدينية الشيعية؛ وفي الوقت ذاته فإن "المرجعية العميقة" التي تقود الان التيار الثاني "الكياني" هي المؤسسة الدينية المارونية.
وهذا الامر لا علاقة له بالدين كلاهوت وعقائد دينية، لانه لا يوجد اي حوار او اشتباك فكري ــ ديني في لبنان، بل هو امر سياسي ــ اجتماعي ــ فئوي، لان كل الصراع في لبنان هو كذلك فقط. اما لماذا حصلت المؤسستان الدينيتان الشيعية والمارونية على هذه المنزلة، فهذا ما يجب تناوله وبحثه على حدة، في منظور سياسي ــ فكري تاريخي.
والثانية ــ ان الصراع بين هذين التيارين لم يكن صراعا ثانويا او جانبيا، بل صراعا "وجوديا"، وجزءا رئيسيا من الصراع ضد الامبريالية واليهودية العالمية والاحتلال الاسرائيلي. فبعد ان احتل الجيش الاسرائيلي الاراضي اللبنانية، كان التيار "الشعبي الكياني" (مجسدا بشكل رئيسي في تنظيماته السياسية ــ القتالية التي ذكرناها آنفا) هو الاداة المحلية للاحتلال الاسرائيلي، الذي اسس مع "جيش لحد" "معتقل انصار" و"معتقل الخيام"، حيث اعتقل الالوف من الوطنيين اللبنانيين واهاليهم، ومورست ضدهم كل انواع القهر والتعذيب حتى الموت في الكثير من الاحيان، وعمل اللحديون بالاظافر والانياب لاجتثاث الروح الوطنية من جنوب لبنان قبل التحرير. ولدى محاصرة بيروت الغربية في صيف 1982 شارك حزب الكتائب والقوات اللبنانية في الحصار بفعالية جنبا الى جنب الجيش الاسرائيلي، ومنعوا الغذاء والدواء والماء والكهرباء عن اهالي بيروت الوطنيين. وبعد ان حملت الدبابات الاسرائيلية بشير الجميل، ثم اخاه امين الجميل، الى سدة الرئاسة في بعبدا، قام عناصر "الكتائب" و"القوات اللبنانية"، بالتنسيق والتعاون مع الاجهزة الامنية الرسمية اللبنانية، بخطف الوف المناضلين والشبان الوطنيين اللبنانيين، الذين لا يزال مصيرهم مجهولا الى اليوم، بهدف الشطب النهائي للقوى الوطنية من "المعادلة اللبنانية".
ولكن بالرغم من كل ضراوة المعركة الدائرة على الارض اللبنانية، وسوريا، وتضافر وتكالب القوى الامبريالية الاميركية والناتوية والاسرائيلية و"النظامية العربية" والداعشية والطابورخامسية اللبنانية، فإن الحركة الوطنية اللبنانية (بمعناها الواسع، وبمختلف اطرافها السياسية ــ العلمانية والدينية) وعلى رأسها اليوم "حزب الله"، تمكنت من توجيه ضربات قاسية للجبهة المعادية وتحقيق انتصارات مفصلية عليها. ونذكر من ذلك:
ــ1ــ بروز المقاومة الوطنية والاسلامية وتحرير الارض اللبنانية المحتلة بدون قيد او شرط لاول مرة في تاريخ الحروب العربية ــ الاسرائيلية.
ــ2ــ اضطرار القوات الاميركية والناتوية متعددة الجنسية للفرار مذعورة من لبنان، تحت ضربات المقاومة الباسلة.
ــ3ــ قيام المقاومة الوطنية بتنفيذ حكم الاعدام ضد مؤسس "القوات اللبنانية" العميل بشير الجميل، بيد البطل الوطني، القومي السوري، الماروني المنشأ، حبيب الشرتوني؛ واطلاق الرصاص على رأس العميل انطوان لحد قائد "جيش لحد" داخل منزله بالذات، بيد البطلة الوطنية، الشيوعية، الاورثوذوكسية المنشأ، سهى بشارة.
ــ4ــ الانتصار التاريخي الكبير للمقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله ضد العدو الاسرائيلي في حرب تموز 2006.
ــ5ــ المشاركة البطولية لحزب الله في الحرب ضد الجيش التكفيري الدولي الذي هاجم سوريا والعراق والذي كان يهدد باجتياح لبنان فيما لو قدر له الانتصار في سوريا.
XXX
واليوم يراهن التيار "الكياني اللبناني" على فرض رؤيته للبنان عن طريق احد امرين او كلاهما معا وهما:
الاول ــ ان تؤدي حرب التجويع والحرمان والاذلال المعيشي للمواطنين اللبنانيين الى ضرب شعبية المقاومة وتدجين الشعب اللبناني بالدولار وتنكة البنزين والرغيف والدواء وحليب الاطفال.
والثاني ــ اذا فشلت خطة التجويع والحرمان والاذلال، ان يتم افتعال اضطرابات امنية، ايا كان شكلها، لتبرير تدخل عسكري دولي ــ نظامي عربي ــ اسرائيلي، ضد المقاومة بقيادة حزب الله خاصة، وضد التيار الشعبي "الوطني اللبناني" عامة.
XXX
ولكن جهابذة التيار الشعبي "الكياني اللبناني"، بمن فيهم المرجعيات الدينية التي دافعت عن الفاسدين الكبار من ابناء طائفتها بوصفهم "خطا احمر"، يخطئون تماما في حساباتهم الستراتيجية، ويخوضون حربا خاسرة عاجلا ام آجلا. ويكفي ان نشير الى الاسباب التالية:
ــ1ــ ان جدلية الصراع الوجودي الشديد في لبنان اليوم لا تترك "سترا مغطى" وهي تكشف كل الاوراق. وشيئا فشيئا ترتسم الان في لبنان لوحة سوريالية يظهر فيها حتى للعميان ان جميع الفاسدين واللصوص واصحاب الصفقات المشبوهة والمتلاعبين بالدولار ومهربي الاموال الى الخارج ومهربي السلع المدعومة وتجار المخدرات والاحتكاريين ومجوعي الشعب، من جميع الطوائف، يصطفون معا في جبهة واحدة مع التيار السياسي "الكياني اللبناني" الذي يحتمون به، بحيث يصبح النضال لاجل انقاذ لبنان من التجويع والفساد جزءا اساسيا من النضال ضد التيار "الكياني اللبناني" ومكوناته السياسية، داخليا، وجزءا اساسيا من النضال ضد الامبريالية الاميركية واليهودية العالمية واسرائيل والسعودية وزعانفها، خارجيا.
وبالمقابل يبرز حزب الله بوصفه ليس فقط قائد مسيرة المقاومة ضد الامبريالية الاميركية واسرائيل والسعودية، خارجيا، بل وقائد مسيرة المقاومة ضد جبهة الفساد ولانقاذ الشعب اللبناني من التجويع، داخليا.
ــ2ــ ان الابواق المأجورة للتيار "الكياني اللبناني" تتشدق باستمرار عن حاجة لبنان الى ما يسمونه "المجتمع الدولي" و"الاشقاء العرب"، ويقصدون دائما الدول الامبريالية عالميا، والسعودية وزعانفها عربيا، الى درجة انهم اكرهوا اعلاميا نزيها مرموقا مثل الاستاذ جورج قرداحي على تقديم استقالته من وزارة الاعلام، لمجرد قوله ان الحرب في اليمن هي عبثية، معتبرين ذلك تعريضا بسمعة السعودية التي تشن هذه الحرب الظالمة ضد الشعب اليمني الباسل.
هذا مع العلم ان هذا "المجتمع الدولي" وهؤلاء "الاشقاء العرب" لا يفعلون شيئا لمساعدة الشعب اللبناني، بل هم قادة الحصار وحرب التجويع ضد لبنان، مثلما هم قادة حرب الابادة ضد الشعب اليمني المظلوم.
ولكن العمى السياسي والروحية المتأصلة للخيانة الوطنية يمنعان ابواق وقادة التيار "الكياني اللبناني" من الاعتراف بأن التاريخ لم يعد يسير على توقيت واشنطن او الرياض او تل ابيب. وان المجتمع الدولي لم يعد واحدا. وانه اصبح يوجد اليوم المحور الشرقي العظيم، الذي يتشكل الان موضوعيا من دول عظمى كروسيا والصين وايران، ذات الحضارات العريقة، والقدرات العسكرية والمالية والاقتصادية والعلمية والسياسية التي لا تقهر. وبالتأكيد ان قادة وابواق التيار "الكياني اللبناني" الخياني يموتون غيظا، ويقفون عاجزين لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا سوى النباح، إذ يرون ان حزب االله ومعسكر المقاومة العربية ــ الاسلامية هو اليوم جزء عضوي اصيل في المحور الشرقي العظيم، الذي يتابع مسيرته المظفرة ضد الامبريالية العالمية التي ينضوي تحت لوائها التيار "الكياني اللبناني" الخائن والعميل.
ــ3ــ ان الرأسمالية والامبريالية تستفيد بالتأكيد من التطور العلمي لزيادة تكديس الارباح. ولكن التقدم العلمي، والتطور التكنولوجي يسير، كاتجاه تاريخي رئيسي، في خدمة البشرية والشعوب المناضلة من اجل الحرية والتقدم. وهذا ينطبق ايضا على العلوم والتكنولوجيا العسكرية. ويتبين ذلك بوضوح تام في الواقعين التاليين:
الاول ــ ان الميزانية الحربية الاميركية تبلغ 11-12 ضعفا الميزانية العسكرية لروسيا. ولكن العلماء والخبراء العسكريين الروس، الذين يعملون ويبدعون بحوافز وطنية وفكرية اجتماعية انسانية، لا تتقيد بقوانين السوق والربحية الرأسمالية، كسروا معادلة التفوق الرأسمالي الاميركي على روسيا، وحققوا انجازات علمية وتكنولوجية ــ عسكرية، نوعية، لا مثيل لها، مكنت روسيا من ان تتقدم بالتكنولوجيا العسكرية المتطورة عشرات السنين على اميركا ــ حسب تقديرات الخبراء الاميركيين انفسهم. وهذا ما يجعل جميع الجنرالات الاميركيين يرتعشون كورق الخريف المتساقط امام فكرة الاصطدام العسكري الشامل مع روسيا.
والثاني ــ ان تطور علوم التكنولوجيا العسكرية، معطوفا على تراكم التجارب الكفاحية للثورات وحروب التحرير الشعبية، اديا الى اختراعات وابتداع تاكتيكات عسكرية دفاعية وهجومية بسيطة ورخيصة وسهلة الاستعمال من قبل المقاتلين الشعبيين والناس العاديين. من ذلك مثلا: حفر الانفاق والانزراع في الارض، وهو تطبيق لنصيحة القائد الكنعاني العظيم هملقار برقة لابنه البطل الاسطوري هنيبعل "دع الارض تقاتل عنك". ومن ذلك ايضا وايضا: البالونات الغزاوية الحارقة، والغواصات الصغيرة، والصواريخ الدقيقة والاقل دقة، والطائرات المسيرة (الدرونات).
ان سعر طائرة الــF-35 الاميركية، التي تقتل بها السعودية الاطفال الرضع اليمنيين وامهاتهم، يبلغ مئات ملايين الدولارات. وتدريب الطيار السعودي قاتل الاطفال يكلف عشرات ملايين الدولارات وسنوات طويلة من الدراسة والتدريب. في حين ان الصواريخ والطائرات بدون طيار، التي يطلقها الثوار اليمنيون وترعب السعودية، لا تكاد الوحدة منها تكلف سوى بضع مئات او بضعة آلاف من الدولارات؛ ويمكن صناعتها في مشاغل بسيطة تحت الارض، ويصنعها سمكريون شعبيون او ميكانيكيون عاديون جدا، ويتدرب عليها في بضعة ايام، ويطلقها، مقاتلون شعبيون فقراء، جياع وبسطاء بالكاد يعرفون القراءة والكتابة.
وان المقاومة الوطنية الاسلامية بقيادة حزب الله اصبحت تمتلك الان، حسب مختلف التقديرات واعترافات العدو، 100 الف او 200 الف صاروخ دقيق واقل دقة. وتملك طبعا اسطولا كاملا من مختلف انواع الطيارات بدون طيار (الدرونات). وكلها لا تكاد كلفتها تساوي سعر طائرة واحدة او اثنتين او ثلاث طائرات F-35 فائقة التطور. وكل هذه الصواريخ والدرونات تربض الان في بطون الجبال اللبنانية، ولا تستطيع حتى الاسلحة النووية منعها من ضرب اسرائيل في اللحظة المناسبة. ولا شك انه في حال نشوب صراع شامل مفتوح، فإن الطيران الاسرائيلي المتفوق (حتى الان!!!) يستطيع ان يوجه ضربات تدميرية كبيرة للمدن والقرى والاهداف المدنية في لبنان. ولكنه لن يستطيع التغلب على القوة العسكرية للمقاومة "المغروزة في باطن الارض" كما في قلب الجماهير الوطنية اللبنانية. والطيار الاسرائيلي الذي سيغير على لبنان لن يستطيع العودة الى "اسرائيله" (لان صواريخ حزب الله ستقصف كل القواعد العسكرية والمطارات وغيرها من الاهداف المعادية في كل سنتيمتر مربع في كيان العدو)، ولن يكون امام الطيار الاسرائيلي سوى ان يتجه الى السعودية ويترك طائرته تنفجر في الجو ويهبط هو بالباراشوت في قصر محمد بن سلمان ويطلب مساعدته للرحيل الى اوروبا او اميركا.
XXX
نخلص من ذلك الى القول إن "التكنولوجيا العسكرية الشعبية"، هي ايضا، تضع في خدمة ستراتيحية حرب التحرير الشعبية التي تنتهجها المقاومة بقيادة حزب الله، "الاسلحة" و"التاكتيكات" القتالية الشعبية، الكفيلة بتحقيق النصر على كل الجيوش والترسانة الحربية المتطورة للامبريالية واليهودية العالمية واسرائيل والسعودية وزعانفها.
اما القاذورات الاعلامية والسياسية والفكرية للتيار "الكياني اللبناني" الخائن، التي تطفو الان على السطح، فمصيرها كلها الى اي مطمر او معمل تدوير زبالة.
واما لبنان الوطني فسيبقى وطن الشهداء الابرار والابطال الاحرار واعظم الناس واشرف الناس واكرم الناس، كما يناديهم الضمير الحي للبنان الحر السيد حسن نصرالله، وسيبقى ــ كما تتغنى به الكبيرة فيروز ــ "لبنان الكرامة والشعب العنيد"، و"لبنان اخضر حلو" يشمخ فيه الارز العتيق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتلوا فرج الله الحلو وساروا في الجنازة
- الصين الشعبية تتقدم لاستعادة القيادة الشرقية للنظام العالمي
- في البعد الطائفي لازمة النظام اللبناني
- الى حكام السعودية: لا تستهينوا بلبنان المقاوم الذي انتصر على ...
- لبنان: حرب التحرير الوطنية ضد الحرب الاهلية الطائفية
- التفوق العسكري لروسيا وحلفائها على الامبريالية الاميركية وات ...
- الصين: شعب المسيرة الثورية الكبرى ضد النظام الامبريالي العال ...
- حرب التجويع الاميركية ضد لبنان ...على عتبة الفشل
- روسيا: طليعة شعوب العالم في النضال التاريخي ضد العبودية واله ...
- هل العرب والمسلمون والروس الاورثوذوكس معادون للسامية والدمقر ...
- الاحداث القٌرُوسطية الدراماتيكية الكبرى وبداية النهاية لعصر ...
- الجذور الحضارية التاريخية للثورة الايرانية
- سوريا امام مرحلة تاريخية جديدة
- لبنان على مفترق الخروج من دائرة الهيمنة الاميركية
- سوريا ولبنان على رقعة الشطرنج الدولية لاميركا
- النظام الرأسمالي اللبناني وتبعيته للغرب الامبريالي
- المكونات الثلاثة المميتة للكيانية اللبنانية السائرة الى الان ...
- الكيانية الطائفية اللبنانية الموالية للامبريالية
- لبنان المقاوم بمواجهة -القاتل الاقتصادي-: صندوق النقد الدولي
- المارونية السياسية المتصهينة والكيانية اللبنانية الموالية لل ...


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جورج حداد - لبنان الكرامة والشعب العنيد لن يكون مزرعة دواجن بشرية خاضعة لأذناب اميركا والسعودية