أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غيفارا معو - حوار مع الشاعر الناقد اللغوي الأديب جميل داري















المزيد.....

حوار مع الشاعر الناقد اللغوي الأديب جميل داري


غيفارا معو
باحث وناشط سياسي ,واعلامي

(Ghifara Maao)


الحوار المتمدن-العدد: 7147 - 2022 / 1 / 27 - 13:32
المحور: الادب والفن
    


جميل داري الشاعر الناقد اللغوي الأديب جميعها قد لا تستطيع أن تفيه حقه هنالك أناس يبحثون عن الألقاب ويتكبرون بها غير إن الألقاب تقف عند قامة جميل داري وتحس إنها مقصرة بحقه
جميل داري مدرس اللغة العربية الذي أحبه طلابه بأسلوبه جميل داري ابن عامودا القريب من قلب أهلها وكل من عرفه جميل داري جميل داري الذي أحبه دنيا العرب وكل صاحب قلم المحبوب دوما من جيل الشباب الذي يبحث عن الأدب والفكر الحر جميل داري قصة لا يستطيع الأنسان أن يضع لها البداية والنهاية لترابطها الجميل كجمال روحه وقلبه

س1 حبّذا لو عرّف الأستاذ جميل داري بنفسه، وقدّمها لمحبّيه وقرّاءه بالتفصيل؟

يبدو لي أنّ الإنسان لا يعرف نفسه إلّا قليلًا، من هنا تصحّ مقولة سقراط:
"اعرف نفسك".
أرى أنّ الأديب ولا سيما الشاعر يعرّف بنفسه في ما يكتبه من شعر، فالشعر هو بوح بالأسرار وتعرية للذات، وهذا ما يهمّنا، أمّا التفاصيل فربما ليست بالأهمّية نفسها، ومع ذلك لا بدّ منها ردًّا على سؤالك.
باختصار شديد ولدت في أقصى الشمال السوري "عامودا" في بيت طيني دون كهرباء ( سوريا كلّها اليوم بلا كهرباء) ودرست كلّ المراحل فيها.
كان الكتاب خير صديق لي وما زال، فهو من نعم الحياة القليلة، فبه تعرّفت إلى خيرة العقول البشرية بدءًا من ماركس وانتهاء بغيفارا معو .
درست اللغة العربية في جامعة حلب دون دوام، فقط كنت أقدّم الامتحانات فيها لمدّة 4 سنوات، وخلال تلك المدّة كنت أدرّس اللغة العربية والفرنسية خارج الملاك، كما عملت وكيلًا معّلمًا في آخر سنة جامعية لي في قرية آشيتية تبعد قليلًا
عن القامشلي شرقًا اسمها "قره حسن"، ولي فيها ذكريات مشتعلة كاشتعال رأسي بالشيب والصلع.
في الثمانينيات بدأت النشر في الصحف السورية: الثقافة لمدحت عكاش والثورة والموقف الأدبي ثمّ راسلت المجلات خارج القطر ..إلخ.
خلال هذه الفترة الطويلة من الكتابة نشرت ما يقارب 10 دواوين، ولديّ نصوص شعرية تقارب ال10 دواوين أيضًا عدا المقالات الأدبية والحوارات الثقافية.
التفصيل صعب -يا غيفارا- تحتاج إلى مئات الصفحات. ميخائيل نعيمة كتب سيرته بعد أن بلغ السبعين في كتاب عنوانه(سبعون)، وربما أحذو حذوه، أو أكتفي بهذا البيت الذي لو لم يكن لي لتمنّيته لي، فهو يلخّص الأمر كلّه:
أمرُّ بي لا أراني مرورَ أعمىً بثانِ

2جميل داري/ قصة طويلة بدأت تكبر في ذاكرتي منذ كنت يافعًا أقف بحضرته خاشعًا. استمعت لك في بداية تعلّقي بالكتاب، وكانت هدية أبي لي ديوانك(السفر إلى عينيك بعد المنفى).
بداياتك مع الأدب والسياسة محطّة مهمّة. أتمنّى لو تحدثنا عنها بمايتيسّر لك؟
بدايتي مع الأدب كانت منذ المرحلة الإعدادية، وتعمّقت في المرحلة الثانوية حيث كنت مولعًا ببعض قصائد المنهاج التي كنت أعارضها من مثل قصيدة مالك بن الريب وهو يرثي نفسه:
أيا صاحبيْ رحلي دنا الموتُ فانزلا برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا
فقلت وأنا في الصف العاشر:
كأنّ دياري أصبحتْ بعد حبّيا سوادَ ليالٍ أو خطوبَ العواديا
كذلك قصيدة سميح القاسم :
ربما أعرضُ للبيعِ فراشي
يا عدوّ الشمسِ لكن لن أساومْ
وإلى آخرِ نبضٍ في عروقي سأقاومْ
فقلت وأنا في الصف الثاني عشر أدبي:
مثلما يهطلُ غيثٌ في أراضٍ قاحلاتِ
مثلما تطبعُ أمٌّ لفطيمٍ قبلاتِ
هكذا أهوى بلادي
وقد عرفت أسماء لامعة كثيرة جعلتني شغوفًا بالشعر والشعراء، وقد مللتهم جميعًا ولم يبقَ معي في حلّي وترحالي إلّا المتنبي تالدًا، ومحمود درويش طريفًا.
أمّا السياسة فقد كان الفكر الاشتراكي هو أول ما دخل رأسي وقلبي، وما زال، فليس للبشرية من خلاص إلّا بهذا الفكر النيّر الذي تعّرض لانتكاسات وهزائم لظروف ذاتية وموضوعية، وفي كلّ الأحوال يبقى النظام الرأسمالي المتوحّش معاديًا للإنسان والإنسانية مهما تبرقع، وتجلبب، وتبرنط بشعارات خلبية، وعلى الرغم من سرطان الرأسمالية أبقى أردّد مع سعدالله ونوس:" نحن محكومون بالأمل".
والعدالة التي أعنيها هي العدالة التي نادى بها كبار الفلاسفة والشعراء، وليس عدالة السياسيين الذين ربما أساؤوا لها أكثر ممّا قدّموا لها يد الخير والنضال.
لم أكن أطيق السياسة بشكلها الحزبي الديماغوجي، وما زلت لا أطيقها، فهي تحتاج إلى الكثير من الدهاء والمراوغة والرقص على حبال كثيرة.
يهمّني غيفارا أكثر من كاسترو، ويهمّني غوركي أكثر من ستالين، وهكذا.

هل يمكن لجميل داري أن يُسمّي هذه المفردات في شعره؟
1_ الوطن
2- المرأة
_ الألم والفراق
كنت أسعى إلى أن يكون الوطن حضنًا دافئًا لجميع الناس لا للأغنياء الهالوكيين الذي كانوا يمتصّون الخيرات، ولا يتبقّى للفقراء إلّا الفضلات، وهذا المفهوم كنت أدافع عنه في حلّي وترحالي ولا سيما عندما كنت مدرّسًا، فقد كان الدرس يتحول إلى ورشة نقاشية بيني وبين بعض الطلاب، ومن خلال ذلك تكوّنت بيني وبين بعضهم صداقات ما زالت حتى الآن.
لم يعد ثمّة وطن بعد أن صار المنفى ملجأ وملاذًا، وهنا تكمن المأساة.
حبّة رمل في صحراء العدم..أغنية من حنجرة نازفة..غيمة خرساء صمّاء..
إنّه الوطن الذي سُلخ منه كلُّ شيء، وبقي هيكلًا عظميًّا في متحف التاريخ.
أمّا المرأة فلا حياة دونها فكيف سيكون هناك إبداع دون شعاعها في ديجورنا الحالك ؟ هي نور العقل ونبض القلب، وقد يتسع مفهوم المرأة لتصبح وطنًا، فوطن نساؤه مهمّشات لا يمكن إلّا أن يكون معاقًا أو معتوهًا، وربما من هنا كان الشعراء منذ القديم يبدؤون قصائدهم بالغزل بها حتى السياب فعل ذلك في قصيدته أنشودة المطر:
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحرْ
فالمرأة هي ثالثة الأثافي، ودونها العالم كفيف وكسيح وتافه.
للأسف الشعر ركّز على المرأة الحبيبة مديرًا ظهره للمرأة التي تعاني من المجتمع الذكوري وقوانينه المعادية لها خاصّة . ربما تُرك أمر ذاك لفنون أخرى كالرواية.
أمّا الفراق وما يسبّبه من ألم فيبدو لي أنّهما محور معظم ما كتبت من نصوص، فقد كنت أجد صعوبة في فراق عامودا التي كنت أراها هي (أمّ الدنيا) لا مصر، فعلى الرغم من أنّها وهبتني الفقر، لكنّها في الوقت نفسه قدّمت الفكر العلمي النير والأدب اللباب والأصدقاء الأدباء والمثقفين الذين كنا نجتمع كلّ أسبوع في بيت واحد منّا لمناقشة الكتب معًا، وتحتدم النقاشات كما النقاش حول قول ناظم حكمت :
أجملُ الأيامِ تلك التي لم تاتِ بعدُ
وقول محمد عمران :
أجملُ الأيامِ تلك التي مضتْ
حتى الآن لا أعرف أيهما على صواب، فكلاهما ينطلق من موقف نفسي وشعوري، ولكن الأيام أثبتت قول عمران، ومن يدري فربما تأتي أيام، ويكون ناظم هو على الحقّ والصواب.
ليس هناك الآن ألم يفوق الألم السوري إلى حدّ أنّ الأبجدية عاجزة عن التعبير عن قشوره، فما بالك بلبّه. ألمٌ تسوناميٌّ لم تعرف مثله البشرية، ولن تعرف.

4يقول جميل داري: "الموهبة أساس الإبداع وجوهره، لكنّها تحتاج إلى رعاية وسقاية وشمس لكي تخضرّ، وتمنح الثمر".
من أين استمدّ الشاعر جميل داري تلك القدرة في الإبداع اللامتناهي؟
من الطبيعي أن تكون هناك موهبة حقيقية وخصبة كما التربة فلا يمكن الزراعة في تربة رملية أو أرض سبخة.
والموهبة وحدها غير كافية فلا بدّ من رعايتها بالقراءة والتجربة وإلّا ستبقى هذه الموهبة واقفة على رجل واحدة لا تستطيع المشي إلّا على عكّازة العجزة، فما بالك في سباق الماراثون .
لا تنسَ أنّ الساحة الفيسبوكية ملأى بالمواهب الميتة السقيمة والكفيفة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلخ.
أما أنا فلا أملك من الإبداع إلّا أقلّه، وهذا الأقلّ في نظري أجمل من كثير الكثيرين الذين يملؤون الساحة الثقافية زعيقًا ونقيقًا وخواء.
لست راضيًا عن ذاتي وعمّا كتبته طوال أكثر من 40 عامًا، وعدم رضاي عنّي يُرضيني كثيرًا، لكن مشكلتي مع الآخرين الذين يناصبونني بعض العداوات الجميلة من ذوي المواهب الضحلة والآبار الخالية من الماء.
يقال الزمن كفيل بفرز الغثّ من السمين، حسنًا، وإن لم يفعلْ فعليه لعنة الفراعنة.
5الدعابة كانت ملازمة للشاعرجميل داري دوما؛ وخاصّة في مرحلة أتذكّرها جيدًا وقد يصعب عليّ نسيانها، هل مازالت تلك الدعابة تلازمك رغم مرور الزمن؟
الدعابة أيضًا موهبة، فمَن لا تكنْ طبيعته مرحة، وأراد أن يمرح يكنْ ثقيل الدم لأنّه دخيل على ذلك.
روح الدعابة هي طبع أصيل فيّ حتى في أحلك اللحظات، وربما هذه تجعلني قادرًا على اجتراح بعض التفاؤل في هذا الزمن الأشرّ الذي يريد الفتك بكلّ ما هو جميل في الحياة.
من خلال هذه الروح الدعابية استطعت أن أحبّب اللغة العربية إلى الكثير من الطلاب خلال أكثر من 40 عامًا . حتى الآن عندما ألتقي أحد طلابي تراه يضحك، ويذكر بعض الطرائف.

6لندخل معًا عالم آخر هو النقد، لقد قلت في أحد اللقاءات: "إنك لست بناقد بل قارىء". نريد أن نعرف أكثر؛ لماذا لا يريد جميل داري أن يكون ناقدًا، بصيغة أخرى هل يتوجّس من النقد؟
بصراحة لا أؤمن كثيرًا بالنقد ولا سيما الأكاديمي الناشف الماشي على الصراط المستقيم، إذْ يسيطر على الناقد أسلوب لا يحيد عنه قيد شعرة. أذكر مرة نزار قباني قال: لم أستفد من النقاد شيئًا.
لا يمكن أن يخلو نقد من مزاج ما، فإذا وافقني حضنته، وإذا عارضني نبذته.
هل تذكر نقاد السياب أو البياتي أو محمود درويش؟
نحن سعداء مع قصائدهم، فنحن القرّاء النقاد الحقيقيون لها.
الناقد يتطفّل على مائدة الشاعر، بمعنى لو لم يكن هناك شاعر لما كان ناقد، فالشاعر النور، والناقد ظله.
أمّا النقد الصحفي والشللي فأعوذ بالله منه، ما هو إلّا (علاك مصدي، وبطيخ مبسمر.).
7يقول جميل داري: أنا أكتب القصيدة لنفسي قبل الآخر.
هل هنا تكمن الصور الجمالية في شعرك كونك لا تبحث فيه عن أرضاء الآخر؟
ينبغي أن تكون الصور الجمالية من صميم القصيدة، لأنّ من أهمّ عناصرها الخيال، فإذا كان سقيمًا كانت هناك قصيدة خاوية على عروشها.
أجل أكتب عن نفسي لنفسي، وتكمن جودتها إذا رأى الآخر نفسه فيها، ومن هنا فالشعر ذاتي وموضوعي، أو داخلي وخارجي دون أن يفهم من كلامي أنّ الفنّ للفنّ بل الفنّ للحياة.
أسعى بقدر الإمكان إلى أن أجترح الصور الجديدة، فما جدوى الاتكاء على صور الآخرين كما يفعل معظم شعراء القصيدة العمودية التي فقدت بريقها، وما زالت تعاند، وتتحدّى الأشكال الشعرية الأخرى التي أثبتت وجودها، فإن لم يكن الحاضر كلّه لها فلها كلّ المستقبل.
يقول توفيق الحكيم:" هناك شيء في الفنّ لا ندري ما هو ، هو الذي يجعل الجميل جميلا".
قد تتضافر كل عناصر القصيدة ومع ذلك لا تجذبنا إليها لأنها تفتقر إلى الدفء والحميمية وأشياء لا ندركها ومن هنا قال محمود درويش عام 1982:
"إنّني لا أعرف ما هو الشعر.،ولكنّني بقدر ما أجهل هذه الماهية أعرف تمام المعرفة ما ليس شعرًا. ما ليس شعرًا، بالنسبة لي، هو ما لا يغيّرني؛ ما لا يأخذ منّي شيئًا، ولا يعطيني لوعة أو فرحًا؛ هو ما لا يقدّم لي أحد مبرّرات وجودي وإقامتي على هذه الأرض؛ هو ما لا يبرهن جدواي وقدرتي على الخلق؛ هو ما لا يقدّم لي الوجود في كأس ماء ينكسر. في اختصار إنّ إدراكي لما ليس شعرًا هو طريقتي في الاقتراب من إدراك الشعر، لأنّنا بالواضح نفسّر الغامض، وليس العكس.
من هنا نصرخ: ماذا جرى للشعر؟ ماذا؟
إنّ ما نقرؤه، منذ سنين، بتدفّقه الكمّي المتهور ليس شعرًا. ليس شعرًا إلى حدّ يجعل واحدًا مثلي، متورّطًا في الشعر، منذ ربع قرن، مضطرًّا لإعلان ضيقه بالشعر. وأكثر من ذلك يمقته، يزدريه، ولا يفهمه".


8تقول: "الشاعر الحقّ هو من يتنبّأ بالزلازل الاجتماعية والسياسية والفكرية قبل حدوثها".
فما السبيل إلى ذلك، هل هو القراءة الدائمة لجميع تلك الظواهر أم تلعب اللحظة الشعرية دورها في ذلك؟
إنّ التعمّق في قراءة الواقع يجعل الشاعر يتنبّأ بالغيب بمعنى أن تكون لديك عيون زرقاء اليمامة التي رأت أنّ هناك خطرًا داهمًا، لكن لا أحد صدّقها حتى وقع الخطر وفُقئت عيناها .
ربَّ يومٍ بكيتُ منهُ فلما صرتُ في غيرِه بكيتُ عليهِ
فمنذ الثمانينيات والتسعينيات شاهدت أنّ الوضع يتراجع، ويزداد سوءًا، وأذكر الآن بعض ما قلت:
يا يومَنا المهجورْ
يا غدَنا المنخورْ
كلاكما حقيقةٌ
وسائرُ الأشياءِ محضُ زورْ
أو:
في فمي غيمةٌ مرة ومذاقُ عدمْ
في يديَّ هواءٌ ذبيحٌ وفي الأفقِ دمْ
أتضوّرُ شوقًا فأرفو رحيلي المدوّي بخيطِ الألمْ
والمثل الكرديّ يقول:

Şeva reş ji serê êvarê ve tê zanîn

9يقول جميل داري:" عامودا عندي هي كعبتي التي أعيش معها في صحوي وفي حلمي".
ما هي السمات الروحية التي تميّز عامودا عن غيرها لديك؟
عامودا هي مسقط الرأس وملعب الطفولة والدراسة والتدريس والأهل والأحبّة والأصدقاء والمقالب والسياسة والشعراء والمجانين.
فيها تعلّمت أبجدية الحبّ والشعر، وفي حقولها الممتدّة مشيت، وركضت، وقرأت لذلك امتلأت بها، وامتلأت بي، فكلانا الآخر.
غادرتها كثيرًا، وعدت إليها كثيرًا، فلم أجد مكانًا آخر أضع رأسي على صدره الرحب غيرها.
أتحدّث عن عامودا التي كنّا نحاول أن نجعلها فردوسنا الأرضي، لكنّها استحالت إلى جحيم لا تُبقي ولا تذر.

10الشعر طاغٍ على ما عداه من الأصناف الأدبية الأخرى، والشعر الحرّ بدوره طاغٍ على ما عداه من الأنواع الشعرية. ما هي المسوّغات على ذلك؟
لست أدري سبب طغيان الشعر على الفنون الأخرى، ولا أستطيع أن أفتي في هذه المسألة.
أمّا الجزء الثاني من السؤال فالأمر نسبي، لأنّني أرى أنّ الأنماط الشعرية الثلاثة موجودة على الساحة غير أنّي أرى أنّ المستقبل ليس للشعر العمودي الذي استُهلك تقريبًا، ولا مناص من الأساليب الشعرية الجديدة كالتفعيلة وقصيدة النثر.
11ما العلاقة التي تربط الشاعر بعالم الشبكة العنكبوتية، وهل كلّ ما يُساق شعرًا هو شعر؟
النت أعطى حرية شاسعة للناس إلى حدّ الفوضى، والكثير منهم استغلّوا هذه الحرّية ليرونا كتاباتهم السمجة التي لا تمتّ للشعر والأدب بصلة.
أصبح غير الموهوب موهوبًا في عالم النت طالما ليس هناك من رادع يردعه.
أقول بثقة: إنّ معظم ما يُنشر في الفيس وغيره من وسائل التواصل باطل وقبض ريح .
كتبتُ قبل أعوام:
الفيسُ قد جعلَ الأميَّ علَّامَهْ
فصارَ يُتحفنا والنفسُ لوَّامَهْ
يصطادُ مدحا بلا جهدٍ ولا تعبٍ
والمادحونَ قصارُ الطولِ والقامَهْ
كأنما الشعرُسهلٌ طيِّع فترى
شويعراً راعياً في البدرِ أغنامَهْ
يبني له صنماً من خلفِهِ صنمٌ
تراهُ يعبدُ طولَ الوقتِ أصنامَهْ
اللايكُ ينعشُهُ والمدحُ يسكرُهُ
فباركوا يا أهيلَ الشِّعرِ إلهامَهْ
بعضُ الحروفِ حروفِ الشعرِ ميِّتةٌ
أليسَ دفنُ كلامِ البعضِ إكرامَهْ
لا أدَّعي الشعرَ والستونَ تأكلُني
ما زلتُ منتظراً غودو وأحلامَهْ
أما الشواعرُ فالأعدادُ من مئةٍ
هناكَ واحدةً منهنَّ مقدامَهْ
ما عادَ ثمَّةَ خنساءٌ فتجعلَنا
نرى عكاظَ وحساناً وإيلامَهْ
الشعرُ ليسَ بسهلٍ يا مقزِّمَهُ
ما أكثرَ اليومَ في الميدانِ أقزامَهْ

12آخر كلمة يوجّهها الشاعر جميل داري لقرّاء مجلة هيلما الأدبية ومحبّيها.
أقول ما قاله توفيق الحكيم:" الفنّ صعب للفنان وسهل للناس".
وقديمًا قال الحطيئة:
فَالشّعرُ صَعبٌ وَطَويلٌ سُلَّمُهْ
إِذا اِرتَقى فيهِ الَّذي لا يَعلَمُهْ
زَلَّت بِهِ إِلى الحَضيضِ قَدَمُهْ
وَالشّعرُ لا يَسطَيعُهُ مَن يَظلِمُه
يُريدُ أَن يُعرِبَهُ فَيُعجِمُهْ
لذلك على من يتطفّل على الشعر أن يتركه، وإلّا سيضيع وقته في ما لا نفع له منه، وليذهب إلى مجال آخر ربما جاد فيه، وبرع.
تحيّتي ومحبّتي للمحاور اللبق النبيل المعطاء غيفارا الذي يكافح ليل نهار من أجل الأدب النظيف والحياة الكريمة للناس، ولمحبّي مجلة هيلما، ولكلّ قرائها الأكارم.



#غيفارا_معو (هاشتاغ)       Ghifara_Maao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاهد على الجريمة
- نظرية الخلط المتعمد أصبحت ثقافة
- حوار مع الكاتب والروائي الكردي عبدالمجيد خلف ...حاوره حسن خا ...
- ق.ق.ج ______ سارق البيض
- حوار مع الكاتب والأعلامي الكوردي سليم مجيد محمد
- قصة حب بيشنك و هيلين
- عاهاتك يا وطن
- آواز قصة الحبّ والقَدَر
- سفين ورحلة اللا عودة
- حين تربي الكلاب ...ق .ق.ج
- حوار مع الشاعرة الكوردية وداد زاده
- أحلام قروية
- حوار مع الشاعرة الكوردية فدوى حسن
- الأنثروبولوجيا الكردية في روج آفا كوردستان.. 4
- حوار مع محمد شريف محمد مؤسس ورئيس مجلس إدارة منظمة هيتما للت ...
- فاتورة الغربة
- حوار مع الشاعرة الكوردية بشيرة درويش
- لَا أُرِيدُ بُنْدُقِيَّة
- الأنثروبولوجيا الكردية في روج آفا كوردستان.. 3
- حوار مع الشاعر والفنان القدير ابن عفرين المحتلة حم كلك طوبال


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غيفارا معو - حوار مع الشاعر الناقد اللغوي الأديب جميل داري