أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحاج - خواطر وتداعيات في رحيل نجيب محفوظ














المزيد.....

خواطر وتداعيات في رحيل نجيب محفوظ


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


لم يبق لي ما أضيف لمن كتبوا وصرحوا عن هذا الروائي المبدع و المفكر اللبرالي، الذي نثر أفكاره الإنسانية النيرة في رواياته وقصصه، ويندر أن يلقى أديب مثل هذا التقدير الذي وصل لرؤساء دول كبرى والمؤسسات السياسية والثقافية.
ما أود التأكيد عليه هنا بوجه خاص هو البون الشاسع جدا بين الفكر العربي اليوم وبين ما كان عليه في العشرينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. فاليوم، وماعدا نخب من المثقفين والمفكرين هنا وهناك في العالم العربي، هم كالزهور النادرة في قلب صحراء شاسعة جافة، يهيمن الفكر السلفي الغبي المتخلف والمتطرف كما هيمنت بالأمس أفكار التيارات القومية وشعاراتها المزايدة، ومشاريعها التي باءت بالفشل.
هذه الهوة تثير لدي تداعيات كثيرة مع رحيل محفوظ، وتعيد لي التأكيد على ما نشرته في آب 2002 في مقالي المعنون "في مأزق الفكر العربي."
في ذلك المقال يرد :
"يمكن الاتفاق مع الرأي القائل إن الفكر العربي، ومنذ العقود الأخيرة، في محنة كبرى وفي مأزق حقيقي. فالفكر العربي، وبكل فروعه من سياسي وديني واجتماعي وثقافي، ليس فقط متخلفا عن مسار العصر ومتطلبات حضارته، وإنما قد تراجع إلى وراء وتردى حتى بالمقارنة مع ما كان عليه في النصف الأول من القرن الماضي، حيث ظهر مفكرون ومصلحون وكتاب وعلماء متنورون بالعشرات من أمثال علي عبد الرازق وقاسم أمين وطه حسين وسلامة موسى وإسماعيل مظهر وعبد الرحمن بدوي وشبلي شميل ومنصور فهمي وعلي الوردي ورئيف خوري وجبران ومن علماء دين كمحسن الحكيم وآخرين"، وبالطبع الأدباء الكبار كنجيب محفوظ ومعه كتاب وأدباء ممن ظهروا بعد الجيل الأول الرائد في العشرينات، والذين هم معرضون كل يوم لفتاوى التكفير والتحريض على القتل، ناهيكم عن بطش الحكومات الغاشمة التي تحارب حرية الفكر والنشر.
إن الفكر المتخلف السائد اليوم، والذي يبشر بالخراب وسفك الدم وكراهية الحياة واضطهاد المرأة وحرية الفكر، هو المسؤول عن محاولة اغتيال نجيب محفوظ واغتيال فرج فودة والحكم بتفريق حامد أبو النصر عن زوجته، وعن الفتاوى المتكاثرة كالميكروب ضد روايات وكتب وحتى "ألف ليلة وليلة"، وضد أبسط حق من حقوق الإنسان ولاسيما المرأة.
نجيب محفوظ ظل مخلصا لمثله وأفكاره التنويرية رغم الموجات الفكرية والسياسية الهمجية. كان داعية لكرامة الإنسان وحقوقه وحرياته ونصيرا متحمسا للمرأة. لقد تعلمت منه الكثير منذ بدايات الشباب، حين كنت أكرس معظم وقتي للأدب والقراءة. وفي الثانوية قرأت له روايات منها "كفاح طيبة". أما "خان الخليلي"، فقد قرأته وأنا في القاهرة منتصف الأربعينيات لطبع مذكرات شخصية، لقد بهرتني الرواية بشخصياتها المتنوعة والتفاصيل الدقيقة عن حياة الناس العاديين والمجتمع. وكان للرواية صدى آخر لدي هو شخصي لأن أحد أبطال الرواية شاب مسلول وكان شقيقي الكبير عهد ذاك مسلولا فاقترن الاثنان في ذهني. وأذكر أنني كتبت للمؤلف رسالة إعجاب وأضفت الإشارة لحالة شقيقي. وفي أواخر 1947، وأنا مدرس في ثانوية مدينة الكوت/العراق، فتحت ذات مرة مع زميل مصري معنا في غرفة المدرسين شخصيات "زقاق المدق"، وتساءلت من أين يجيء محفوظ بتلك الشخصيات المتنوعة من سارقين ونباشي قبور ومن ناس بسيطين ومن مثقفين انتهازيين كبطل "القاهرة الجديدة". قال زميلنا: "إنه يذكرني بالروائي الإنجليزي تشارل ديكنز"، مؤلف رواية (دافيد كوبرفيلد) وغيرها من الروائع العالمية التي ترجمت للعديد من اللغات وحولت إلى أفلام لا يزال بعضها يعرض على حلقات على شاشات غربية منها إحدى القنوات الفرنسية. ونعرف أن كثرة من روايات نجيب محفوظ وقصصه قد أخرجت هي الأخرى في أفلام مصرية ناجحة شاهدتها وأنا في الغربة بفرنسا.
كان الراحل جريئا في الحفاظ على أفكاره والوفاء لها في مختلف العهود التي مرت على نشاطه الأدبي. إنه لم ينجرف ككثرة من المثقفين العرب لمنزلق مغازلة الغرائز والأفكار المتخلفة للشارع العربي. وكما ورد في مقالنا مار الذكر فإن: "النخب الفكرية في المنطقة العربية تضل الطريق إذا اعتبرت أن واجبها هو تشجيع الغوغائية ومجاراة غرائز الناس الطيبين والمضللين والمحبطين."
إن الراحل الكبير يستحق كل التكريم الذي حظي به في منعاه من الرئيس بوش إلى شيراك فرؤساء عرب وأولهم مبارك، ناهيكم عن أدباء وفنانين وكتاب مصريين وعرب، ومن المؤكد أن الكثير سوف يكتب عنه في الصحافة الأدبية والسياسية الغربية. فمجدا له ولذكراه.



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفجيرات تركيا إساءة وتشويه للنضال الكردي..
- من تهجير الفيلية إلى حلبجة والأنفال..
- دم رخيص وأمن مفقود..
- الأسد وخلف بن أمين!
- الحرب الأخرى!
- لماذا يرفضون القوة الدولية؟!
- ونفاق دولي أيضا!!
- السجال السياسي بين البؤس الفكري والتدهور الأخلاقي
- السيد نصر الله و-الوعي الإلهي-!
- الجحيم العراقي!
- هل ماتت كل الضمائر العراقية؟!
- رحيل المفكر الليبرالي المتمرد .. جان فرانسوا ريفيل
- إنما باسم الله هم يقتلون!
- من أوراق القنبلة الإيرانية: مقتدى الصدر
- وفاء سلطان وقائمة الإرهاب الإسلامي!
- الكوميديا التراجيدية العراقية!
- التطرف الإسلامي والعدوان على الآخرين..
- في فرنسا: عودة لجريمة حرق سوهان..
- اليسار الفرنسي والعنف..
- العراق وإيران: من مفتاح من ؟!


المزيد.....




- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحاج - خواطر وتداعيات في رحيل نجيب محفوظ