أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - حيرة زوجة … ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

حيرة زوجة … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 7120 - 2021 / 12 / 28 - 11:11
المحور: الادب والفن
    


ذات مساء .. عاد أحمد الى البيت .. رأت منه زوجته زينب إقبالا عليها لم تعهده من قبل … يأخذ بيدها ، ويضمها الى صدره ثم يبدء في تقبيلها وعناقها ، وكادت أن تقابله بالمثل لولا انها شمت منه عطراً نسائياً جعل الشك يتسلل الى قلبها !
لم تستطع أن تتمالك نفسها ، فسألته عن مصدر هذا العطر ، وهي تحاول أن تكتم غيظها .. يرتبك لحظة لكنه سرعان ما يعود ، ويمتلك زمام نفسه ، فيجيبها بأن أحد اصدقائه قد ضَمَّخه بعطر جديد ينوي أن يشتريه لزوجته ، وسأله عن رأيه فيه .. لكن زينب لم تقتنع بهذا التبرير ، وأصرت على أن تعرف أسم العطر ، وماذا كان رأيه فيه ، وهو الذي لم يسبق له أن اشترى لها عطراً طوال فترة زواجهم .
ينظر اليها وعلى وجهه إبتسامة مريحة .. ولا يجيب .. كأنه مسرور ومزهو بغيرتها العمياء .. يمر بعينيه على وجهها الطفولي الجميل ، ثم يهمهم لنفسه بشيء كانه يقول : أحبك .. ثم يخطف منها قبلة سريعة صامتة على خدها ، ويخرج أو الاصح يهرب مبتعداً .. مدعياً بأنه مضطر للعودة الى العمل .. يطارده صوتها يدعوه الى التوقف والعودة .. !
ليت الامر توقف عند هذا الحد بل تعداه الى ما هو أخطر .. إذ أخذ يُكثر من ادعاء المشاغل التي تهيئ له فرصة الابتعاد عن البيت .. احياناً كانت تنتظره حتى الرابعة بعد الظهر دون أن تتناول غدائها ، ثم يبدأ تأخره يتمدد الى ما بعد العشاء ، واحياناً الى منتصف الليل ، ويتركها وحدها ، فاذا سألته أين كان .. يُجيب باجابات سريعة فضفاضة لا تفسر شيئاً .
ثم بدأت تلاحظ انه أحياناً يعود متعباً .. ليس تعبا نتيجة الاجهاد في العمل .. بل تعباً يدفعه الى أن يدير ظهره لها بمجرد أن يرقد على الفراش ، وينام من فوره نوما عميقاً ، وعندما تقع المعاشرة يؤديها كأنه يلتهم وجبة سريعة .. ثم يستدير وينام كجثة أو أقرب ما يكون الى جثة .. !
بكت .. نعم .. بكت طويلاً وفي حرقة .. تألمت وتعذبت ، واشتعلت النيران في أعصابها .. ! وفي الايام التالية ، وبعد أن تمكنت منها فكرة الخيانة وتحولت الى حالة مرضية .. أخذت تتعمد اثارته كل ليلة .. لتستنزف حيويته حتى لا تترك منها شيئاً لامرأة أخرى !
تمر الأيام .. وهي تتحمل بصبر وبهدوء ، ولم تقابل تصرفاته بتصرفات مثلها ، وتنطلق هي الاخرى على حلِّ شعرها كما تفعل بعض النسوة اللواتي انتصر عليهن الشيطان .. لأنها تحترم نفسها واسمها واسم هذا الغبي زوجها قبل كل شئ !
لم يدخل قلبها الشك في صدق عواطفه نحوها ، ولم تفكر حتى بينها وبين نفسها أن حبه لها قد فتر ، وأصابه البرود أو أصبح حباً عجوزاً .. أبداً .. كان ايمانها بحبه لها ، وبصدق هذا الحب فوق مستوى الشبهات … تدرك أن الحياة الزوجية لا يمكن لها أن تمر هادئة سعيدة بدون منغصات كأنها حلم جميل .. من المستحيل أن نأمل في مثل هكذا حياة .
ورغم انها عاهدت نفسها منذ بداية زواجها أن لا تشكو لأحد ، وأن لا تسمح لأحد أن يتدخل في حياتها الزوجية ، لكنها أحست بحاجتها الى أن ترفع عن كاهلها عبئاً قد ضاقت كثيراً بحمله ، فاشتكته الى اختها الكبيرة ، وفضفضت بما في قلبها من ألم وخوف وغضب .
قالت لها الأخت :
أن لا تتوقع من الزوج أن يكون ملاكا بأجنحة .. هذه النظرة المثالية موجودة في بطون الكتب ، ومن ابداع عقول كتاب الروايات ، والقصص الرومانسية .. أما في الواقع فليس لها وجود ، فكل الرجال هكذا .. متشابهون كأعواد القمح .. خونة ليس لهم أمان ، ومن لم يخن .. أما ليس برجل أو جبان رعديد أو لم تتهيأ له الفرصة بعد .. اصبري يا أختي على زوجك حتى لا تخربي بيتك بيدك ، فهي إن صحت نزوة وستزول ، والرجال كالاطفال يحتاجون إلى مسايسة ، ولا ينفع معهم العند .. ثم كل هذه التفاصيل التي ذكرتها مجرد شبهات ، وتخيلات ، وقد لا تكون دليل اثبات ، والمتهم برئ حتى تثبت ادانته !
لم تقتنع زينب بكلام أختها ، وأعتبرته كلاماً قديماً ، وافكاراً بالية لا تمت الى عصرنا الحديث الذي يعترف للمرأة بالسيادة والريادة بصلة ، وإن اختها تنطلق من معاناتها الشخصية مع زوجها المدمن نساء !
ولما لم تجد عند شقيقتها ما يؤيد ظنونها بأن في الامر رائحة خيانة كسرت القاعدة مرةً أخرى ، واستطلعت رأي صديقتها ، وهي مدرسة اعدادية تدعي انها تعرف الرجال من خلال تجاربها الخاصة ، ومن خلال قراءاتها ومطالعاتها الواسعة ، وبمجرد ما انتهت زينب من سرد الحكاية حتى قالت لها الصديقة بالمباشر ، وبدون مقدمات :
— عزيزتي .. من الآخر .. زوجك يخونك أو في طريقه الى ذلك .. كوني واثقة من ذلك .. صدقيني !
يحمر وجه زينب ، وتخرج منه أبخرة الغضب ، وكأن الصديقة أطفأت النار بالزيت .. تتساءل زينب بقلق ، وكأن ما قالته صديقتها هو الحقيقة :
— وماذا علي ان افعل حتى اسبق الأحداث ، وانتشله قبل أن يقع في بئر الخيانة .. هذا اذا لم يكن قد وقع بالفعل .. ( وبعد فترة صمت أكملت بصوت حزين ) لا أعتقد اني أستطيع أن أستوعب فكرة أن امرأة أخرى تشاركني زوجي ، وتستنفذ حيويته ، فإن صح كلامك ستكون الدقة الأخيرة في ناقوس زواجنا !
لم تجبها صديقتها ، وفضلت التريث ، والانتظار حتى لا تتحمل مسؤولية آراءها التي قد تكون غير صحيحة .
وبعد يومين أو ثلاثة اقترحت الصديقة حليّن : أما استشارة طبيب نفسي أو تكليف من يتبعه ويتقصى عنه .. للتأكد من أن الامر لا يتعدى أن يكون مجرد محاولات منه لاشباع غروره .
ففضلت زينب الحل الثاني لما تسمعه عن الاطباء النفسيين من انهم هم انفسهم معقدون ومرضى ، ويحتاجون الى من يعالجهم ، وهكذا تم الاتفاق على أن تكلف الصديقة قريب لها ، وهو ضابط شرطة متقاعد .. يقولون عنه شاطر .. يستطيع عزل البرئ عن اكوام المذنبين ليقوم بمهمة مراقبة الزوج .
وعندما اتصلت به ، وعرضت عليه المهمة فرح ، وتطوع أن يقوم بها بدون مقابل لأنه سئم الجلوس في البيت بدون عمل كأي قطعة أثاث ! .. أخذت التقارير تصل الى زينب وصديقتها يومياً .. منها أنه تحقق من الشبه الاولى .. شبهة العطر ، وتأكد بأنها صحيحة ، وليس فيها شبح امرأة كما كانت زينب تتوهم .. أما عن تأخره في العمل ، فهو ايضاً صحيح ، فالزوج كان يقتل نفسه في العمل كأنه ينتحر لكي يوفر لهم ، ولأطفالهم مستقبلاً ما يمتعهم في الحياة ، ويحميهم من هزاتها .
وجاء في أحد التقارير أنه تبعه يوماً الى فندق الشيراتون ، وكان الزوج مدعواً الى عزومة عشاء تضم رجال اعمال .. له وللمؤسسة التي يعمل فيها مصالح معهم ، وربما لا تصدق الزوجة لكنها الحقيقة انه لاحظ أن الزوج ، وهو جالس بينهم قد بدء رأسه يثقل ، وعنقه يتراخى ثم سقط رأسه على صدره كأنه قد استسلم الى سكينة النوم !
اما عن شبهة ضعف أدائه الجنسي في الفراش ، فترجع الى انشغاله في معركته الصعبة مع الحياة ، وما يتعرض له من ضغوط عمل ، وغيرها من تفاصيل يومه المملة التي قد تنسيه الكثير من واجباته نحو زوجته ، ومتعتهم الجسدية معاً ، وحتى نحو بيته ، وهذا أمر طبيعي يحدث للكثير من الرجال .
أخذت التقارير تُسقط الشبهات الواحدة بعد الأخرى حتى جاءت الخلاصة التي طرح فيها الضابط رأيه الشخصي فقال :
بأن الزوج برئ ، وإن كل ما أُلصق به من تهم ، وشبهات كلام فارغ ، وإن فرحته بغيرة زوجته عليه نزعة طبيعية يمكن تعميمها على كل الرجال .. لم لا ، فالغيرة دليل على الحب .. !
ونصح الزوجة كأنه يطمئنها ويخفف من جزعها ، بأن تحافظ على زوجها ، فهو استثناء وجدير بالثقة ، وان تتوقف عن هواجسها الأنثوية التي أصبحت مزعجة ومملة للطرفين ، وإن واصلت معه هذا الاسلوب من عدم الثقة ، فستدفعه حتماً الى أن يفعلها مازالت .. خربانة خربانة .
ودعاها الى أن تحرص على حياتها ، ولا تفرط بيوم واحد منها ، فنحن لا نملك الا حياة واحدة ، ولتوطن نفسها على العيش بسعادة كسعادة الاطفال ، وترى نصف الكوب الممتلئ دائماً ، ولتبدء من الغد ، وتقطع كل خيط للتردد والحيرة ، قبل أن تقعدها الأيام ، وترى ركب الحياة الذي لا يتوقف ابداً .. يمر بها ليخلفها في فراغ ووحشة ! وختم تقريره ببيت لعمر الخيام يقول فيه : يا ويلتي إن ضاع يومي من يدي !
وعندما انتهت الصديقة من قراءة التقرير الأخير .. صمتت زينب برهة قبل أن تطلق تنهيدة حارة ثم هزت رأسها ، وهمست لصديقتها كأنها غير مقتنعة ، وقالت في حيرة :
النصائح المجانية يسهل قولها ، وقد يصعب أو يستحيل تطبيقها ، وأضافت بشك نسائي وريبة :
ألا يمكن أن يكون قريبكِ هذا يتعاطف معه ، فكلهم رجال ، والرجال كلهم واحد .. لا يختلفون ، فهم معجونين ، ومخبوزين من طينة شيطانية واحدة .. !!



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم كل هذه الدموع … ؟! ( قصة قصيرة )
- زوجة .. مع وقف التنفيذ ! ( قصة قصيرة )
- أيامٌ مرَّت وراحت … ! ( قصة قصيرة )
- وكانت أيام … ! ( قصة قصيرة )
- من شابه أباه فما ظلم .. ! ( قصة قصيرة )
- الولد سر أبيه .. ! ( قصة قصيرة )
- الأفعى … ! ( قصة قصيرة )
- زوج .. أبو عين زايغة ! ( قصة قصيرة )
- وداوها بالتي كانت هي الداءُ … ! ( قصة قصيرة )
- في البدء كانت الخيانة … ! ( قصة قصيرة )
- جحلو … ! ( قصة قصيرة )
- العقاب من جنس العمل … ! ( قصة قصيرة )
- فقراء يائسون … ! ( قصة قصيرة )
- الزواج فوبيا … ! (قصة قصيرة )
- رباب … ! (قصة قصيرة )
- غداء رومانسي … ! ( قصة قصيرة )
- بنت الباشا … ! ( قصة قصيرة )
- الأيام الأخيرة في حياة ( معيوف ) … ! ( قصة قصيرة )
- بطرس … ! ( قصة قصيرة )
- أم ريتا … ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - حيرة زوجة … ! ( قصة قصيرة )