أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - الأفعى … ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

الأفعى … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 7056 - 2021 / 10 / 24 - 12:06
المحور: الادب والفن
    


بدور .. امرأة ملتهبة الأنوثة .. لا يُعرف لها أهل ولا أقارب .. تختلف عن نساء الحي في كل شيء .. حتى لهجتها لم تكن تشبه لهجة أهل الجنوب .. حلّت علينا كما تحل اللعنة .. جمالها الأخاذ الذي يشد اليه الأنظار ، ويلوي الاعناق .. اقوى أسلحتها ، وهو سُلمها للصعود ، ونيل ما تريد في معركتها الوجودية مع الحياة !
لا أحد يعرف من أين جاءت ، ولا من أي ماضٍ نبعت .. انبتتها الأيام في طريق تاجر أخشاب عجوز .. أحبها وأدار ظهره لكل شيء وتزوجها ، وأغدق عليها المال بدون حساب .. أسكنها بيتاً كان يملكه في حيّنا بعد أن وفر لها كل مستلزمات الراحة من اثاث وخدم .. رغم رفضها وتأففها من الحي وأهله !
كانت تقضي معظم نهارها خارج المنزل تمارس سيادتها المطلقة على نفسها .. تحوم من مكان لآخر كالهائمة .. لا يحتويها مكان ، ولا يستقر بها قرار .. تختفي خارج الحي لساعات طويلة ، وتعود أحياناً في ساعة متأخرة من الليل بسيارة اجرة ، وفي كل مرة لها نفس الحجة : عند صديقاتها القديمات في المدينة لأنها قد ضاقت بهذا الحي الذي دفنها فيه .. يشتبك الزوج المسكين معها .. لكنه يخرج دوماً من المعركة مهزوماً مغلوباً على أمره .. مستسلماً في مرارة !
كما في كل حي امرأة جميلة يسيل لها لعاب الرجال مثل بدور .. ففيه ايضاً رجل وسيم ترتعش له قلوب العذارى مثل يحيى .. ومثلما انبتتها الأيام في طريق زوجها .. فقد فعلت بها الشيء نفسه مع يحيى .
رآها يوماً تندفع مسرعةً الى الطريق تبحث عن تكسي ، فجذبه جمالها كما تجذب الجائع رائحة القصعة .. عرف فيها الساكنة الجديدة ، فاعجبته ورأى فيها أشياء لم يرها في سابقاتها من النساء ، وما أكثرهن في حياته .. ! سارع الى الوقوف أمامها بسيارته التي يستخدمها احياناً للأجرة .. ترددت برهة .. لكنها سرعان ما تراجعت .. جلست في المقعد الخلفي ، وهي تلوي عنقها ، وتشيح بوجهها ، وتنظر من خلال النافذة الى معالم الطريق أمامها .. ساد صمت تكاد تسمع فيه تردد انفاسهما ، وكان يحيى أول من نطق :
— كيف حال الحجي .. ؟
— … ! ( تتجاهل سؤاله ولا تجيب )
— كنت سائقه الخاص لفترة .. رجل طيب لا يوجد منه الكثير !
ثم مضى يحكي لها في تدفق ممل قصة أيامه مع الحجي .. تقاطعه وكأنها عازفة عن الحديث في هذا الموضوع .. وتقول بلهجة من لا يهمه الأمر :
— انتبه للطريق .. !
كان مجرد كلام عادي لا معنى له يريد أن يقطع به الصمت ، ويفتح باب الحديث .. ليجرها الى ما يريد ..
استمرت السيارة تطوي بهم الطريق حتى وصلت الى وجهتها .. القت بورقة نقدية على المقعد الامامي ، وغادرت مسرعة .. سمعت صوته يلاحقها قائلاً :
— الى الغد .. !
لم ينل منه اليأس بعد .. لاتزال أمامه بحبوحة من أمل .. يبدو أن الطريق اليها طويل شاق ، وليس سهلاً كما كان يعتقد .. لكنه سيطويه مهما امتد ، ومهما كانت الصعوبات !
وفي اليوم التالي .. جاءت في موعدها .. رأته واقفاً يصوب سهام نظراته اليها من بعيد .. ترفع ذيل ثوبها قليلا لتتجنب البلل الذي تركته مطرة خفيفة قبل ساعات من خروجها .. تخطر في مشيتها .. يظهر شيء من الكنز الثمين المدفون تحت الثوب .. بياض ناصع .. سيقان ملفوفة كأنها نُحتت بأزميل فنان مبدع ، وفتحة باذخة مقصودة عند مفرق النهدين ، وما خفي كان اعظم ! كانت تستمتع بنظراته التي يمسح بها تفاصيل جسدها رغم تظاهرها بانها تضيق بها .. !
يوقف السيارة أمامها ، ويفتح الباب الأمامي .. تصعد وتجلس في المقعد الخلفي كما فعلت بالأمس .. يغلق الباب وينطلق ، وعيناه تلمعان ببريق الفوز .. وفي الطريق يعيد لها نقود الامس :
— أفضال الحجي علي كثيرة .. أتمنى ان أُسدد جزءً منها .
ثم تواجهه بعيون مفتوحة لا تنخفض ولا تخجل ، وتُطلق العنان للسانها :
— ألم تجد غير هذه الطريقة لتسدد بها ديونك .. ؟
— لا أُنكر انك تعجبيني .. مشاعرنا ليست بأيدينا ، والقلب وما يريد …
— وتجيد الغزل والأغواء ايضاً .. تبدو ذئباً محترفاً .. اسمع يا ..
— يحيى .. ( يجيبها بسرعة ).. ثم تُكمل كلامها :
— هذه الحركات اذا كانت مرت على نعاجك من صيدك السابق لن تمر عليّ ، فوفر جهدك وخليك في حالك ، وليس كل الطير الذي يؤكل لحمه ، وأرجو ان تقبل اجرتك امس واليوم !
تخرج ورقة من حقيبتها ، وتضيفها الى الأخرى التي اعطاها اياها ، وتقذف بهما الى المقعد الأمامي !
يستسلم لاصرارها ، ويتناول الورقتين ويقول :
— ساحتفظ بهما للذكرى ..
— اعرف انني اعجبك ، رأيت ذلك في عينيك منذ اللحظة الاولى .. لكن من فضلك ، لا ترفع الكلفة بيننا .. !
يقول محاولا التهوين من الأمر :
— فقط اذكركِ بأن من صبر ظفر !
— ستحتاج الى صبر أيوب !
— أحياناً يخرج من القاعدة شواذ …
تهمس بصوت يكاد لا يُسمع :
— سائق وفيلسوف .. !
قد يكون الدلال والتمنع نوعاً من الأنوثة أو مكملاً لها .. فالمرأة كما يعرفها يحيى ويفهمها بخبرته .. نصفها يتدلل لكن كلها يريد ويرغب .. ! وهكذا تعودت ان يوصلها كل يوم الى مركز المدينة دون أية بادرة ايجابية صريحة منها نحوه !
وذات يوم خرجت كعادتها ، ولدهشتها لم تجده في انتظارها .. وقفت تنتظر ، وهاتف من داخلها يطالبها بالذهاب .. لماذا تبقى في مكانها لا تتزحزح كأن سلاسل من حديد تربطها الى المكان ؟ يبدو أن جهودها في إخفاء اعجابها به تحت ستار اللامبالاة قد فشلت .. ! وعندما تتلاشى آخر بارقة أمل .. تصعد في اول سيارة قادمة وتغادر .. !
يعود يحيى الى الظهور بعد ثلاثة ايام فيجدها قد لانت وهدهدت من عنادها ومكابرتها .. يسري بينهم في اللقاءات اللاحقة شيء من دفء التواصل ، ويبدئان قصة حب .. لكن ليس من ذاك النوع الخرافي الذي يشيِّد لنا قصوراً في الهواء ، ويدغدغ أحلامنا ، ويعلقنا باحبال وهمية من نسج تهيئاتنا ، وإنما من ذلك النوع المبني على مبدء نفعني واستنفع .. فكل واحد قد وجد ضالته عند صاحبه .. بدور .. تبحث عن الشباب والحيوية التي تفتقدها عند زوجها العجوز ، ويحيى .. يبحث كأي رجل عن الجمال والمتعة .. فوافق شنٌ طبقة كما يقول المثل !
رغم ان يحيى يعيش مع شقيقه عباس في بيت واحد .. إلا أنهما لا يلتقيان إلا في العطل والمناسبات لانشغال كل منهما في عمله ، وحياته الخاصة الصاخبة .. فيحيى سائق شاحنة يقتضيه عمله أن يغيب احياناً لأيام ، وعباس يعمل حلاقاً يبدء عمله منذ الصباح ، ولا يعود إلا آخر الليل بعد ان يُكمل سهرته في احدى الحانات ، وعباس هذا شاب عادي لا يملك وسامة شقيقه لكنه على أي حال رجل مثل بقية الرجال ليس به ما ينفِّر ولا ما يجذب .. لم يتزوج الأشقاء .. فكانا مثل حب الطلع تنقلهم الريح من نخلة الى أخرى دون ضجيج ولا مشاكل !
يواصل العاشقان اللقاء في بيت يحيى حتى بعد خروج الزوج من المشهد ، ومن الدنيا نهائياً !
وذات يوم .. وبعد انتهاء ما كان بينهما من حوار جسدي مطول على السرير .. يخرج يحيى الى السوق ليأتي بالطعام .. تأخذ بدور جولة سريعة في الغرفة لمجرد قتل الوقت بانتظار عودته .. فجأة احست بيد توضع على مؤخرتها .. تعصرها وتربت عليها .. تصورتها يد يحيى ، وعندما التفتت رأت عباس أمامها .. يقف بملامحه الشابة القاسية ، وهو يأكل وجهها في جوع ولهفة .. ينظر اليها نظرات تعرفها وتعرف ما وراءها جيداً .. حاولت ان تصفعه لكنه مسك يدها بقوة حتى كادت ان تصرخ من الالم .
— ماذا بكِ الم يمسك خلفيتك احد من قبل ؟
— عيب .. !
— انتِ تعرفين العيب .. ؟
تقذفه بسيل من الحمم الخارجة من فمها .. يتبادلان الشتائم .. يستدير ويصفعها ثم يسحبها ويطوي خصرها تحت ساعده ، ويضمها الى صدره حتى كاد أن يحطم ضلوعها .. ينفذ عطرها المثير الى انفه .. يرتطم ثدياها المنتفضين بصدره .. يقبض بفمه على شفتيها ، ويغتصب منها قبلة ، ويداه تكادان تنتزعان نهديها من منبتيهما ، وهو لا يكف عن تقبيلها .. نار متأججة يكتوي في جحيمها .. تحاول الفكاك من قبضته .. يدفعها الى الفراش ، ويتهيأ للانقضاض عليها .. تعاجله برفسة في اعضاءه .. يسقط على الارض ، وهو يتلوى الماً .. تتحرر أخيراً من مخالبه ، وهي تلهث وانفاسها تتلاحق ، وجسدها فائر يغلي ، وصوتها يردد بصوت مبحوح متحشرج :
— حيوان .. !
ثم تلملم وسائل فتنتها ، وتعيد كل الى موضعه .. تقفز الى عباءتها .. ترتديها على عجل .. تحبكها بشدة على ردفيها ، وتغادر وهي مبعثرة الجسد والفكر .. !
وعندما يأتي يحيى يسأل عنها .. يخبره عباس بأنها قد غادرت .. يفهم بأن عباس ربما ضايقها لانه لمّح لاخيه اكثر من مرة رغبته فيها .. يبقى الجو متوتراً بين الأخوين …
وذات يوم تُسمع أصوات مختلفة تشق السكون .. لغط وصياح ، وخطى تتزاحم ، وأجساد تتلاطم في بيت الاشقاء ثم صراخ يعلو .. اندفع الجيران يتساءلون في جزع عما يحدث .. راعهم ما شاهدوه من يحيى ، وهو يقف في ركن من البيت ، وقد اظلمت ملامحه ، وغامت على وجهه سحابة حزن سوداء .. يحاول أن يصلب طوله ، وهو يترنح ترنح الذبيح ، ولا يتوقف عن البكاء والنواح أمام جسد شقيقه المسجى !
يقولون بان يحيى بعد ان غاب لعدة أيام في مشوار عمل ، وعاد بشكل مفاجئ وجد بدور في أحضان شقيقه .. جن جنونه ، وجرى عراك بين الأخوين انتهى بأن قتل يحيى شقيقه ..
وفي رواية أخرى ان عباس طلب من أخيه أن ينام مع بدور ، وإنها يجب أن تُعامل معاملة البغي ، وإن له نصيباً من جسدها مثله تماماً ، وعندما رفض يحيى نشب عراك بين الاثنين سقط على اثره عباس قتيلاً .. !
جريمة أزلية منذ بدء الخليقة .. لن تتوقف ، وستتكرر الى الأبد .. !!



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زوج .. أبو عين زايغة ! ( قصة قصيرة )
- وداوها بالتي كانت هي الداءُ … ! ( قصة قصيرة )
- في البدء كانت الخيانة … ! ( قصة قصيرة )
- جحلو … ! ( قصة قصيرة )
- العقاب من جنس العمل … ! ( قصة قصيرة )
- فقراء يائسون … ! ( قصة قصيرة )
- الزواج فوبيا … ! (قصة قصيرة )
- رباب … ! (قصة قصيرة )
- غداء رومانسي … ! ( قصة قصيرة )
- بنت الباشا … ! ( قصة قصيرة )
- الأيام الأخيرة في حياة ( معيوف ) … ! ( قصة قصيرة )
- بطرس … ! ( قصة قصيرة )
- أم ريتا … ! ( قصة قصيرة )
- اني قادمة … ! ( قصة قصيرة )
- جحيم امرأة … ! ( قصة قصيرة )
- تزوج … لتتعلم الحكمة ! ( قصة قصيرة )
- الحجية أم فاضل … ! ( قصة قصيرة )
- آمال تذروها الرياح … ! ( قصة قصيرة )
- امرأة تلامس الغروب … ! ( قصة قصيرة )
- لا تكن واثقاً من شئ … ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - الأفعى … ! ( قصة قصيرة )