أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - مناقشة التقرير الأخير لهيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، بحث في تفاصيل التغير المناخي!















المزيد.....


مناقشة التقرير الأخير لهيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، بحث في تفاصيل التغير المناخي!


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 7157 - 2022 / 2 / 9 - 18:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يرتبط تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي ارتباطا مباشرا بمتوسط درجة الحرارة العالمية؛ وقد ظل تركيز هذه الغازات ومعها درجات الحرارة العالمية ترتفع باطراد منذ الثورة الصناعية. ان ثاني أوكسيد الكربون الذي يمثل نحو ثلثي غازات الدفيئة، هو في معظمه نتاج حرق الوقود الأحفوري. لقد تسبب النشاط البشري من خلال انبعاثات غازات الدفيئة بالفعل ب 1.09 درجة مئوية من الاحترار وبتغير واضح في المناخ بحيث بات اليوم أكبر تحدي يواجه البشرية ونحن الان في مفترق الطرق. وقد جاء هذا التقرير ليؤكد هذا الواقع. لقد أخفق النظام الرأسمالي بشكل كامل في القيام باي عمل مؤثر لحد الان للتصدي لهذا التحدي. ان منطق الإنتاج من اجل الربح قد تغلب على كل ما هو ضروري لمواجهة التغير المناخي والآمال ضعيفة بان يقوم النظام من خلال ألياته بالكثير دون ان يجبر من خلال نضال جدي من قبل البشرية التي يهمها مصيرها ومصير الأجيال القادمة أكثر من أرباح حفنة صغيرة من الرأسماليين وممثليتهم السياسيين.



في البداية يجب التأكيد بان الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هي محافظة وتميل الى التخفيف من التقديرات. اذ فاق معدل التغيرات المناخية توقعات هذه الهيئة في كل تقرير من التقارير الخمسة السابقة التي نشرت منذ 1990. حيث أصبح من الواضح بان الاحترار العالمي نتيجة فعالية البشر هو أسوأ ويحدث بسرعة أكبر مما توقعته هذه الهيئة، وهناك ادلة بان الأمور سوف تكون أسوأ بكثير من التوقعات التي وردت في هذا التقرير. ان توقعات الكثير من العلماء هي اكثر قتامة من توقعات هذه الهيئة. ان عمل هذه الهيئة يتأثر بالأجماع الذي تسعى الى تحقيقيه وبالضغوطات السياسية التي تمارس عليها.



يؤكد التقرير التقييم السادس بان الجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة لحد الان هي اقل بكثير مما يتطلبه العلم للحد من الزيادة في درجات الحرارة في هذا القرن دون درجتين مئوية ناهيك عن الهدف المنشود المتمثل في اقل من 1.5 درجة مئوية. ويقول ان الحد من الاحترار الى 1.5 درجة مئوية يتطلب تخفيضات فورية وكبيرة ومتزايدة باستمرار في انبعاثات غازات الدفيئة.



يبين التقرير بأن الإجراءات البشرية لا تزال لديها القدرة للحد من تغير المناخ وتحديد مسار المناخ في المستقبل ودرء أكثر نتائج التغير المناخي تدميرا. اذ لاتزال هناك كوة تصغر بشكل سريع لتجنب أسوأ الاحتمالات نتيجة لاحترار كارثي التي قد يقضي على الحياة بالشكل المألوف، ولكن هذا يتطلب إجراءات راديكالية على مستوى العالم. ان مستقبل البشرية وربما كل اشكال الحياة على هذا الكوكب تعتمد على الخيارات التي يتم الإقرار عليها الان. ويعتبر العقد الحالي وربما السنوات القليلة القادمة حيوية حيث يتعين على البشرية خفض الانبعاثات بشكل جذري ليكون لها امل في المحافظة على مستقبل يتم فيه المحافظة على المجتمعات البشرية المدنية المعاصرة التي تعمل بشكل طبيعي. بعض ما سيحدث في المستقبل لا رجعة فيه، ولكن الكثير مما سيحدث يعتمد على ما سنقوم به الان وفي المستقبل. ويلمح ان كل يوم من التأخير في العمل يجعل المشكلة أسوأ وأكبر. وسوف تأتي بعض فوائد خفض انبعاث غازات الدفيئة مثل جودة الهواء بسرعة، في حين ان درجات الحرارة العالمية سوف تستغرق 20-30 سنة لكي تستقر.



ووفقا للتقرير فان درجة الحرارة السطح العالمية سوف ترتفع حتى منتصف القرن على الاقل الى 1.5 درجة مئوية او أكثر فوق مستويات 1850-1900 في ظل جميع سناريوهات الانبعاثات التي تم النظر بها. اذ لم يعد من الممكن تجنب هذه الزيادة. اذ يقول في إطار السيناريوهات التوضيحية الخمسة، في الأجل القريب (2021-2040)، من المرجح جدا أن يتجاوز مستوى الاحترار العالمي البالغ 1.5 درجة مئوية في ظل سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المرتفع جدا، و من المرجح أن يتجاوز في إطار سيناريوهات انبعاثات غازات الدفيئة المتوسطة والعالية. وهو أكثر احتمالا من عدمه تجاوزه في إطار سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة، واكثر احتمالا من عدمه ان يتم الوصول اليه في إطار سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة جدا.

اي انه يمكن في إطار سيناريو واحد من مجموع السيناريوهات الخمسة عدم تجاوز عتبة 1.5 درجة وهذا السيناريو هو خارج متناول يد البشرية بدون شك. ولكن حتى هذا السيناريو يعني ماسي بشرية هائلة، فحتى 1.5 درجة مئوية من الاحترار العالمي، ستكون هناك موجات حرارة متزايدة ومواسم دافئة أطول ومواسم باردة أقصر، وحرائق ، وجفاف وفيضانات واعاصير بشكل غير مألوف.

ان بلوغ او تجاوز الاحترار العالمي درجتين مئويتين هي بمثابة كارثة. ولكن حسب التقرير هناك سيناريوين من مجموع خمسة سيناريوهات التي بالإمكان ان تتفادى ارتفاع درجة الحرارة أكثر من درجتين. وهي السيناريوهات ذات انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة والمنخفضة جدا وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تنخفض إلى اجمالي الصفر حول أو بعد عام 2050، متبوعا بمستويات متفاوتة من اجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السلبية. اذ يقول التقرير في ظل سيناريوهات انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة جدا والمنخفضة، من غير المرجح جدا او من غير المرجح أن يحدث تجاوز الاحترار العالمي درجتين مئويتين.

يقول التقرير بالمقارنة مع 1850-1900، من المرجح جدا أن يكون متوسط درجة حرارة السطح العالمي خلال الفترة 2081-2100 أعلى بمقدار 1.0 درجة مئوية إلى 1.8 درجة مئوية في ظل سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة جدا الذي تم النظر فيه، وبمقدار 2.1 درجة مئوية الى 3.5 درجة مئوية في السيناريو المتوسط وبمقدار 3.3 درجة مئوية إلى 5.7 درجة مئوية في ظل سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المرتفعة جدا.

وهكذا حتى في ظل السناريوهات التي تشهد انبعاثات منخفضة ومنخفضة جدا ستبقى درجة الحرارة مرتفعة حتى القرن المقبل وسيكون لهذا الامر عواقب هائلة.



وهناك فرق كبير مع كل جزء صغير من درجة مئوية من الاحترار العالمي. فكل جزء من درجة يتم تجنبها، يعني تفادي الكثير من المعاناة و حماية مئات الالاف من الأرواح وسبل عيش الملايين وحماية الكثير من الانواع والنظم الايكولوجية. اذ ان التغيرات في النظام المناخي تصبح أكبر في علاقة مباشرة مع زيادة الاحترار العالمي، وهي تشمل زيادات في وتيرة وشدة الحرارة القصوى، موجات الحر البحري وهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات والجفاف الزراعي والإيكولوجي في بعض المناطق والأعاصير المدارية الشديدة.



فمثلا، ان تواتر وزيادة في شدة احداث الحرارة القصوى على اليابسة التي كانت تحدث كمعدل مرة كل عشر سنوات تحدث الان 2.8 مرة (زيادة 180%) وتحدث 4.1 مرة (زيادة 310%) عند 1.5 درجة مئوية و5.6 مرة (زيادة 460%) عند درجتين و9.4 مرات (زيادة 840%) عند أربعة درجات. في حين ان احداث الامطار الغزيرة التي كانت تحدث مرة كل عشر سنوات تحدث الان 1.3 مرة ( زيادة 30%) ، وسوف تحدث 1.5 مرة (زيادة 50%) عند 1.5 درجة و 1.7 ( زيادة 70%) عند درجتين و 2.7 ( 170%) عند 4 درجات. واحداث الجفاف التي كانت تحدث مرة كل عشر سنوات تحدث الان 1.7 مرة ( زيادة 70%) في حين ستحدث 2 مرة (100%) عند 1.5 درجة و2.4 مرة ( زيادة 140%) عند درجتين و4.1 مرة ( زيادة 310%) عن 4 درجات. وسوف تزداد الأعاصير الاستوائية بمعدل 10% عند 1.5 درجة مئوية و 30% عند اربع درجات مئوية.

وقد تم المقارنة بالذات بين 1.5 و 2 درجة مئوية من الاحترار، فوجد بانه هناك فرق كبير في شدة وتواتر الحوادث المناخية الشديدة والمفرطة مثل موجات الحر وهطول الامطار والجفاف والحرائق وتوفر المياه والمحاصيل الزراعية وارتفاع مستوى سطح البحر. اذ تحذر لجنة الأمم المتحدة ان تحديد الاحترار العالمي ب 1.5 درجة مئوية يعني تقليل عدد البشر الذين يتعرضون الى المخاطر المتعلقة بالمناخ والى الفقر بما يصل الى عدة مئات من الملايين بحلول2050.

يسلط التقرير الضوء أيضا على عدد من اثار تغير المناخ التي يمكن تجنبها بالحد من الاحترار العالمي الى 1.5 درجة مئوية مقارنة بدرجتين مئويتين، فعلى سبيل المثال، بحلول عام 2100، سيكون ارتفاع مستوى سطح البحر اقل بمقدار 10 سم عند ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بدرجتين مئويتين. واحتمال خلو المحيط المتجمد الشمالي من الجليد البحري في الصيف سيكون مرة واحدة في القرن مع ارتفاع درجة الحرارة الأرض الى 1.5 درجة مئوية ، مقارنة بمرة واحدة على الأقل في العقد مع درجتين مئويتين وستنخفض الشعاب المرجانية بين 70 و 90 في المائة مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، في حين ان جميع الشعاب المرجانية تقريبا (اكثر من 99 في المائة) ستفقد بدرجة حرارة 2 درجة مئوية.





ومن المؤكد تقريبا أن المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر سيستمر في الارتفاع خلال القرن الحادي والعشرين. بالمقارنة بالفترة 1995-2014، متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي المحتمل بحلول عام 2100 هو 0.28-0.55 في ظل سناريو انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة جدا و 0.32-0.62 متر في ظل سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المنخفضة و 0.44-0.76 متر في ظل سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المتوسط و 0.63-1.01 م في اطار سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المرتفعة جدا. وبحلول عام 2150 يكون 0.37-0.86 متر في ظل السيناريو المنخفض جدا و 0.46-0.99 متر في ظل السيناريو المنخفض و 0.66-1.33 متر في ظل السيناريو المتوسط و 0.98-1.88 متر في ظل السناريو العالي جدا. لا يمكن استبعاد ارتفاع متسوط سطح البحر العالمي فوق النطاق المحتمل- الذي يقترب من مترين بحلول عام 2100 و 5 م بحلول عام 2150 في اطار سيناريو انبعاثات غازات الدفيئة المرتفعة جدا -بسبب عدم اليقين العميق في عمليات الغطاء الجليدي.

وعلى المدى الطويل، يلتزم مستوى سطح البحر بالارتفاع لقرون إلى آلاف السنين بسبب استمرار ارتفاع درجة حرارة المحيطات العميقة وذوبان الغطاء الجليدي، وسيظل مرتفعا لآلاف السنين. وعلى مدى السنوات ال 2000 القادمة، سيرتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بنحو مترين إلى ثلاثة م إذا اقتصر الاحترار على 1.5 درجة مئوية، ومن مترين إلى 6 م إذا اقتصر على درجتين مئويتين و19 إلى 22 م مع ارتفاع درجة حرارة 5 درجات مئوية، وسيستمر في الارتفاع على مدى آلاف السنين اللاحقة. هذا يعني بان في المستقبل البعيد حتى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة يعني ارتفاع مستوى سطح البحر حد ثلاثة امتار وهذا يعني بان مناطق واسعة من اليابسة سوف تغرق.

حتى افضل السناريوهات وهو بلوغ مستوى الانبعاثات اجمالي الصفر في منتصف القرن، تواجه البشرية وضعا سيئا للغاية اذ سيستمر مثلا ارتفاع مستويات سطح البحر لقرون جزئيا نتيجة ذوبان الغطاء الجليدي حول جزيرة غرينلاند حيث من المحتمل اننا تجاوزنا بالفعل العتبة التي يمكن بعدها إيقاف ذوبان جليد غرينلاند رغم ان التخفيضات السريعة والعميقة في الانبعاثات ستبطئ بشكل كبير من ارتفاع مستويات سطح البحر خاصة في هذا القرن.



من المتوقع بان الظواهر المناخية المتطرفة النادرة لن تبقى نادرة تحت جميع السناريوهات وستحدث بشكل متزايد ومتزامن ومركب في مكان واحد مما يؤدي الى اجهاد اليات الاستجابة. اذ سنشهد ازمة مناخية بعد ازمة مناخية، أي التغير المناخي لن يكون موجه حر هنا، وعاصفة هناك وفيضان في مكان وجفاف في مكان اخر بل سلسلة لامتناهية ومتسارعة من الكوارث الطبيعية التي ستنهك المجتمع الإنساني وتمزق نسيجه. سوف تشهد اليابسة وخاصة المناطق الحارة موجات حر غير مسبوقة، تصبح في أماكن معينة قاتلة عندما تفوق الحرارة قدرة جسم الانسان للتأقلم، وستشهد المناطق الساحلية ارتفاعا مستمرا في مستوى سطح البحر طوال القرن الحادي والعشرين، مما يساهم في حدوث فيضانات ساحلية أكثر تكرارا وشدة في المناطق المنخفضة وتآكل السواحل وتدمير الكثير من المناطق الساحلية او انغمارها تحت الماء. فمثلا بحلول 2100 سوف يرتفع مستوى سطح البحر حوالي 50سنتم في احسن الأحوال، وهذا كافي لغرق مدن مثل شنغاي، ولاغوس وجكارتا والمالديف والكثير من جزر المحيط الهادي وتهديد مناطق منخفضة مثل بنغلادش ودلتا النيل. سوف تؤدي موجات الحر، وموجات جفاف ونقص المياه الى جانب أنماط المناخ الجديدة الأخرى الى فشل المحاصيل الزراعية وستؤثر على انتاج الغذاء. وعندما يصبح موسم الحر أطول فان الكثير من الامراض وخاصة تلك التي تنقل من خلال الحشرات سوف تصبح اكثر شيوعا. وتؤثر التغييرات في المحيط، بما في ذلك، الاحترار وموجات الحرارة البحرية الأكثر تكرارا وتحمض المحيطات وانخفاض مستويات الأوكسجين، على كل من النظم الإيكولوجية للمحيطات والأشخاص الذين يعتمدون عليها ، اذ سوف تقضي على اعداد الأسماك التي هي مصدر مهم للغذاء لمليارات من البشر.

بالتالي قد يؤدي تغير المناخ الى الاضطرابات وزعزعة استقرار البلدان الأقل نموا من خلال الضغط على القدرة الاجتماعية على توفير الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء ووسائل العيش مع الظروف المناخية القاسية. قد تجبر هذه الأمور وخاصة ارتفاع مستوى سطح الماء الملاين على ترك محل اقامتها مما سيؤدي الى موجات هجرة خيالية والتي قد تؤدي الى صعود اليمين وبروز اشكال من الحيطان على الحدود الدولية والى الفصل المناخي حيث سيطوق الأثرياء مناطقهم من المتضررين من الانهيار البيئي. وسوف تؤدي الاحداث المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والفيضانات والحرائق وتساقط الامطار الغزيرة والاعاصير الى وفاة اعداد هائلة من البشر بشكل مباشر او غير مباشر نتيجة التأثير على الصحة العامة وانتشار الامراض وقلة المواد الغذائية. وقد نشهد حروب على المياه والأراضي الزراعية. وفي ظل أفضل السيناريوهات سوف تواجه المجتمعات البشرية في ظل الرأسمالية تفاقم في عدم المساواة والبطالة.



ورغم ان الاحداث المناخية المتطرفة سوف تؤثر على كل مناطق العالم بدون استثناء، ولكن هناك مناطق سوف تتضرر بالتغير المناخي أكثر من غيرها ولقد نشرت الهيئة خريطة مفصلة عن العالم، كما لبعض المناطق قدرة اقل للاستجابة للتغير المناخي.

يخلص التقرير إلى أن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، سيتطلب انتقالات سريعة وكبيرة وبعيدة الأمد وغير مسبوقة في كافة مناحي الحياة مثل قطاع الأراضي والطاقة والصناعة، والمباني، والنقل والمدن. وسيتعين أن ينخفض صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الإنسان على الصعيد العالمي بنحو 45 في المائة عن مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، ليصل إلى اجمالي الصفر حوالي عام 2050.وهذا يعني ان اي انبعاثات يجب ان يقابلها إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء. ولكن رغم ان هذا السناريو، أي الإبقاء على درجة الحرارة دون 1.5 هو الخيار الوحيد لمستقبل يمكن تحمله اي مستقبل غير كارثي الا ان فرص تحقيقه هي ضئيلة جدا.



يعتقد الكثير من العلماء باننا سنصل عتبة 1.5 درجة مئوية في بداية الثلاثينيات من هذا القرن ان لم يكن قبل هذا الوقت وسنصل عتبة 2 درجة مئوية بحلول 2045. اذ يقول موقع متعقب العمل المناخي

بان السياسات الحالية ستؤدي الى زيادة بين 2.1 و 3.9 درجة مئوية وكمعدل 2.4 درجة بنهاية هذا القرن. سوف يصبح المستقبل اسوا بشكل اسرع من حيث الظواهر المناخية المتطرفة.



وهناك الكثير ممن يعتقد بان الاحترار فوق درجتين قد يؤدي الى تجاوز نقاط التحول الهامة، التي تؤدي إلى تغييرات لا رجعة فيها في النظم الإيكولوجية الرئيسية والنظام المناخي الكوكبي، والى حلقة دائميه من الاحترار الكوكبي التي ستؤدي الى ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى ماء البحر، حيث سيتم تفعيل حلقات التغذية الراجعة أي الكوارث التي تتغذى على بعضها البعض وتؤدي الى تفاقمها وتعزز الاحترار الذاتي، والتي ستؤدي الى تغير مناخي جامح الذي قد يهدد ظروف وجود البشرية. اذ تصل الأرض الى حالة تكون معها جهود الانسان لتقليل الانبعاثات عديم الجدوى. فمثلا يؤدي المزيد من الاحترار الى حرائق الغابات التي تعمل كأحواض الكربون مما يجعلها مصدر للمزيد من الكربون والذي يؤدي الى المزيد من الاحترار، او تذوب كميات كبيرة من الجليد القطبي وهذا يؤدي الى فقدان القدرة على عكس الحرارة خارج الغلاف الجوي بل الى امتصاصها وهذا يؤدي الى المزيد من الاحترار وبالتالي الى المزيد من ذوبان الجليد وهكذا. او سيؤدي الاحترار الى ذوبان التربة الصقيعية التي تغطي مساحات واسعة من الأرض وهذا سيودي الى انبعاث كميات هائلة من غاز الميثان الذي يؤدي الى المزيد من الاحترار. رغم ان التقرير يقول بان مثل هذا الاحتمال هو ضعيف ولكن لا يمكن استبعاده، يعتقد الكثير من العلماء بان احتمال حدوث تغيرات من هذا القبيل قوي.



اذا لم تجبر البشرية البرجوازية وقادتها على القيام بإجراءات راديكالية وعميقة لمواجهة التغير المناخي، تخاطر باحتمال زيادة درجة حرارة الكوكب بين 2-4 درجات مئوية وعندها ستواجه كارثة مناخية التي تهدد الحياة على كوكبنا.



اذ ان ماضي النظام الرأسمالي في التعامل مع هذه التحدي لا يدعو الى الامل، فمثلا أكثر من نصف انبعاثات الكربون بسبب الوقود الاحفوري في تاريخ البشرية انتجت في اخر 30 سنة، أي منذ تأسيس اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992. ولايزال استهلاك الوقود الاحفوري من نفط وفحم والغاز الطبيعي في الذروة رغم التعهدات التي قطعت في اتفاقية باريس ولاتزال الحكومات تقدم ما يقارب 6 ترليون دولار سنويا على شكل اعانات لصناعة الوقود الاحفوري حول العالم.



ويجب ان نتذكر ان الضرر الذي يلحق بالبيئة لا يقتصر على الاحترار، بل يشمل تلوث المحيطات وتدهور في اعداد الأسماك وقطع الغابات وتلوث الماء وتلوث الهواء والتلوث البلاستيكي، واستنزاف الأراضي الزراعية وكلها تتجه الى الأسوأ.

من الواضح ان النظام الرأسمالي لا يتوافق مع المحافظة على البيئة. يجب ان لا نسمح بان تكون الأرباح الانية للشركات الاحتكارية وكبار الرأسماليين محرك القرارات والإجراءات التي تؤخذ اليوم او لا تؤخذ بخصوص خفض الغازات الدفيئة التي سيكون لها عواقب على مدى قرون او حتى الاف السنين القادمة والتي ستحدد مصير الأجيال الحالية و التي لم تولد بعد.



#توما_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يقول تقرير هيئة الامم المتحدة المعنية بتغير المناخ حول ...
- حول تقرير هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ! بحث في تف ...
- التغيّر المناخي قضية طبقية! بحث في تفاصيل التغير المناخي، ال ...
- كيف تعاملت الرأسمالية مع التغير المناخي ؟ بحث في تفاصيل التغ ...
- لماذا فشلت الرأسمالية في مواجهة التغير المناخي؟ بحث في تفاصي ...
- حول الهزيمة الأمريكية في أفغانستان ووصول طالبان إلى الحكم!
- خطورة أقصى اليمين البرجوازي على البشرية!
- ليس بالإمكان إخضاع البشرية!
- الرأسمالية والفقر!
- -السر وراء الاعتذار الأوربي لأفريقيا!-
- حول اعمال القتل الجماعية ضد الفلسطينيين وسبيل حل الواقعي!
- خذوا اللقاح ضد كوفيد-19!
- ابقوا النقاش سياسياً! (رد على مقال عبد الحسين سلمان وبعض الت ...
- الصيام الإسلامي والعلم!
- رزكار عقراوي والدوران في مرحلة -المكارثية-!
- المنظمات غير الحكومية أداة اليمين البرجوازي! الجزء الثاني وا ...
- المنظمات غير الحكومية أداة اليمين البرجوازي! الجزء الاول
- ترامب والصدر: قضيتان وجذر واحد!
- الى اين تمضون ...-رفاق-؟!
- الموقف من صعود الصين والصراع الأمريكي -الصيني!


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - مناقشة التقرير الأخير لهيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، بحث في تفاصيل التغير المناخي!