أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - الى اين تمضون ...-رفاق-؟!















المزيد.....

الى اين تمضون ...-رفاق-؟!


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 6803 - 2021 / 2 / 1 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اطلعت على تقرير تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي حول " أبناء البشرة السمراء قاموا بعقد اجتماع قرروا فيه خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة للدفاع عن وجودهم ونيل حقوقهم في المساواة الفعلية والتمثيل السياسي والمناصب العليا" في بلد بنيت فيه السلطة على المحاصصة على أساس أكثر الهويات بدائية ورجعية، ليس في هذا شيء غريب. ولكن ما صدمني بشدة ان هذا الاجتماع عقد في مكتب منظمة حرية المرأة وحضرته نائبة رئيسة هذه المنظمة وبعض قادتها وبتهليل ومباركة من رئيستها. ومن الواضح ان هذه المنظمة كانت فعالة في هذا الحدث.

ان التقرير الذي يتضمن تصريحات لمن يدعي تمثيل " أبناء البشرة السمراء" وبمشاركة منظمة حرية المرأة يشيع الوهم بان الانتخابات القادمة والبرلمان في العراق هي وسائل للدفاع عن حقوق ومساواة فعلية، وهو ادعاء سمج، فابسط مواطن يعرف سخافته ويعرف ان هؤلاء الذين يدعون تمثيل " أبناء البشرة السمراء" انما يسعون في مشاركة اللصوص في سرقة خيرات المجتمع، مثلما سعى من ادعى تمثيل "الكرد" او تمثيل "الشيعة" او "السنة".

ما اود التركيز عليه هو ان هذا العمل هو مشاركة في المحاصصة الطائفية والقومية وهي أقذر اوجه السياسات المستندة على الهوية مثل العرق والدين والطائفة والاثنية والجنس التي تشيعها البرجوازية العالمية.

للأسف ترك هؤلاء الرفاق العمل في صفوف الحزب الشيوعي العمالي العراقي بشعارات براقة وادعاءات كبيرة ولكن وصل بهم المطاف ان يساهموا بهذا الشكل الهزيل في اشاعة الوهم بالعملية السياسية في العراق وتبني سياسة الهوية-النيوليبرالية. وهم من الناحية اللفظية مفرطين في الراديكالية ولكن من الناحية العملية يدافعون وينظرون لرجعية متخلفة، اذ يعمقون التوهم بالبرلمان والانتخابات. ويساهمون في بناء حركات مبنية على أساس العرق وفي تفتيت الطبقة العاملة. هذه هي سياسة أكثر اجنحة البرجوازية تخلفا. حتى الكثير من اجنحة البرجوازية الغربية وعت بان هذه السياسات غدت خطرا على الديمقراطيات البرجوازية. اذ بدى ماكرون أكثر راديكالية من " رفاقنا".

اني اتفهم ان يقوم أناس ما ببناء حركة من اجل تحقيق حق مدني معين لفئة عندما يكون هذا الحق قد تم تأمينه لبقية فئات المجتمع. ولكن ان يقوم شخص "شيوعي" ببناء حركة سياسية من اجل حقوق مجموعة تحددها هوية بدائية -بيولوجية في دولة مثل العراق، فهذا جنون. أي شريحة في العراق غير حفنة من البلطجيين الإسلاميين والقومين يتمتعون بحقوق ومساواة؟! الا ان السؤال هو: ماذا حقق أعضاء البرلمان" للشيعة" او " للسنة" او للأكراد حتى يتطلع احد من "ممثلي" البشرة السمراء ان يحققه لهم؟؟ هل يمكن بناء حركة سياسية من اجل تحقيق حق لمجموعة عرقية في مجتمع لا يتمتع أحد بتلك الحقوق؟ اللعب على ورقة سياسة الهوية في العراق هو عمل رجعي ومدان.

يجب ان نذكر بان ادخال المجتمع العراقي في السيناريو الأسود وكل التراجع والدمار الذي الحق به قد بدا بخطوات من هذا القبيل. ان القضية القومية او الطائفية والأثنية او العرقية لا تبرز بمجرد وجود قوم او دين او عرق او اثنية. بل حتى وجود اضطهاد على أساس هذه الهويات لا يعني تحول هذه الاضطهاد الى قضية. ان ما يحول هذا الاضطهاد الى قضية هو وجود طرف يقوم بالتصعيد والادعاء بالدفاع عن حقوق هذه الجماعة ضد الظالم وتمثيل مصالحهم. تحول ظلم الى قضية يحتاج الى طرفين. هناك ظلم واضطهاد في الكثير من بقع العالم دون ان يتحول الى قضايا. هناك تمييز ضد أصحاب البشرة السوداء في العراق، ولكن هناك ألف تمييز وتمييز في العراق. هناك تمييز ضد الغجر مثلا، هل يجب على الشيوعيين إيصال " ممثلي" الغجر الى البرلمان؟ هناك ألف ظلم، هل يجب بناء ألف قضية للدفاع عن الناس؟ اين ذهب كل الحديث عن الطبقة العاملة والنضال الطبقي؟ يجب ان نلفت الانتباه الى مسالة مهمة وهي منذ صعود النيوليبرالية تم افتعال قضايا حتى في حال عدم وجود اضطهاد. أين سينتهي هذا المسعى؟,

تؤكد تصريحات "ممثلي" أبناء البشرة السمراء بان هذه الأقلية هي اقلية كبيرة في المجتمع. اريد ان أقول ان هذا ادعاء يقوم به كل القوميين والطائفيين وساسة الهويات البدائية الرجعيين. اذ قبل كل شيء يودون تضخيم حجم الجمهور الذين يدعون تمثيلهم حتى يستمدون شرعية اكبر.

في الميدان السياسي، تقوم سياسة الهوية بالتنصل حتى عن حقوق الانسان العالمية التي اقرتها البرجوازية نفسها. يتم تصوير هذه الجماعات باعتبارها جماعات متجانسة، ليس فيها أي انقسامات أخرى مثل الانقسام الطبقي او ان تلك الانقسامات هي ثانوية. ترتكز سياسة الهوية بالتأكيد على ان المجموعة المقصودة هي مجموعة مهمة وتختلف اختلافًا كبيراً عن المجموعات الأخرى؛ وان أعضائها يشاركون في تاريخ من المظالم. وتسعى هذه السياسة الى تعزيز عقلية الضحية. وتقوم مجموعة من افراد او حركات سياسية برجوازية بادعاء تمثيل مصالح هذه الجماعات. لقد اثبت التاريخ العملي، بأن "المناضلين" على أساس الهوية والحركات القومية والطائفية والاثنية تسعى الى تحويل الاضطهاد الى قضية من اجل الحصول على امتيازات لهذه الحركات مقابل اقرانهم من البرجوازيين. وهم لا يسعون الى القضاء على الظلم بل الى المتاجرة به وتخليده لان مصلحتهم تقتضي بقاء الظلم.

يجب ان اذكر ان السياسات والحركات المستندة على الهوية برزت الى الواجهة بشكل قوي مع صعود النيوليبرالية ممثلة بشكل خاص بريغان وتاتشر. فمع اشتداد الهجمة على الطبقة العاملة وتراجع ظروف معيشتها، دفعت بسياسات الهوية كوسيلة لتقسيم الطبقة العاملة وشق صفها وتقوية الصراعات الداخلية فيها. لقد سعت البرجوازية الى تأجيج وحتى افتعال قضايا على أساس الهوية في كل ارجاع العالم. ان النظام الحاكم في العراق والعملية السياسية الحالية لم تكن نتيجة الصدفة. حتى في الغرب نفسه يتم التركيز على العرق والجنس والتوجه الجنسي والهوية الجنسية ومكان الولادة واللغة الخ. هناك مصالح كبيرة وراء اثارة هذه القضايا منها تعزيز الانقسام داخل الطبقة العاملة ولفت الأنظار عن النظام وتركيزها على أعداء وهميين وتقيد قابلية الطبقة العاملة والافراد في تغير حياتهم. يتم تحويل السياسة من النضال حول الأجور والوظائف والخدمات وتغيير النظام الرأسمالي الخ الى جدال حول الهموم المتعلقة بالهويات المصطنعة مثل العرق والدين والجنس والاثنية والميول الجنسية. لقد استخدمت حقوق الجماعات العرقية والدينية والاثنية كحجة لإعطاء الشرعية للحروب والاعمال العسكرية.

ويقوم الكثير من السياسيين الذين يمثلون المؤسسات الحاكمة في الغرب بدعم السياسات المبنية على الهوية تحت اسم تعدد الثقافات بدافع كسب الأصوات مثل أصوات المهاجرين او النساء او مثليي الجنس الخ. ورغم الادعاء حول تشجيع الاندماج في المجتمعات، الا انها كانت سبب في تعزيز الانعزال والانقسام.

يعتبر الاضطهاد والقمع على الهوية حتى في الغرب مفيد جدا للرأسماليين لان هذا الاضطهاد يساعدهم على دفع أجور اقل للمهاجرين والنساء وهذا يفرض ضغط على كل الطبقة العاملة لخفض اجورها وقبول ظروف عمل اسوا وعلى تحريض العمال ضد بعضهم البعض.

وفقا لنظرية سياسات الهوية الاضطهاد تركيب منفصل عن الرأسمالية وان مصدر الاضطهاد لا يكمن في ماهية النظام الرأسمالي، بل في أفكار وطريقة تفكير شرائح معينة مسيطرة في المجتمع. يقولون ان سبب اضطهاد المرأة هو النظام الابوي وسببه الرجال واضطهاد الانسان الأسود هو الانسان الابيض، والمغايرين جنسيا هم سبب رهاب المثلية الخ. لذلك النضال ضد الاضطهاد هو بالنسبة لهم صراع النساء ضد الرجال والسود ضد البيض والمثليين ضد المغايرين الخ. وهكذا يحرض الرأسماليون وممثلوهم قطاعات مختلفة من الجماهير ضد بعضها البعض بدلا من توجيه نضالهم ضد الرأسماليين والنظام الرأسمالي نفسه. في المجال السياسي، وفي دولة مثل العراق هكذا نضال يعني ارتكاب حتى مجازر على الهوية وتفجيرات وكل ممارسات داعش والقاعدة والميليشيات الشيعية القذرة.

بالنسبة لسياسة الهوية ليس هناك ربط بين النضال من اجل حقوق العمال وحقوق المرأة والسود الخ. لهذا نحتاج الى عدد لا يحصى من المنظمات لمختلف المجموعات المضطهدة لكي تقوم بنضالات منفصلة، بدلا من حركة جماهيرية موحدة لجميع المضطهدين تحت قيادة حركة عمالية ثورية.

في عالم اليوم، النظام الرأسمالي هو المسؤول عن كل اشكال الاضطهاد بما فيه الاضطهاد على أساس الهوية وعن انعدام الحقوق الفردية والمدنية وعن البطالة والأجور القليلة وليس الاغلبية، والمهاجرين والرجال الخ. بالنسبة للشيوعي، النضال ضد الاضطهاد ليس نضال من اجل " تمثيل" المضطهدين من قبل حفنة من الافراد في برلمان كل وظيفته هو تقسيم الأموال المنهوبة بين اللصوص، او حصول حركة على تنازلات لها، او ان يكون لأقلية من مجموعة مضطهدة مستقبل وظيفي داخل الدولة الرأسمالية. ان محاربة الظلم والاضطهاد والتميز هو من خلال الوحدة الطبقية ويجب على الشيوعيين التركيز على ما يوحد الطبقة العاملة عكس سياسات الهوية التي تركز على ما يشتت صفوفها. كلما توسع نضال الطبقة العاملة ضد الاضطهاد بحق الشرائح المختلفة في صفوفها وكلما لعبت دورا نشطا في قيادة النضال، وكلما كانت الحركة موجهة ضد النظام نفسه كلما اصبح نيل المزيد من المكاسب الحقيقية للإنسان اكثر ممكنة. معظم المنجزات في مجال حقوق العمال و حقوق المرأة والمهاجرين والأقليات كانت نتاج نضال العمال والتحررين.



#توما_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف من صعود الصين والصراع الأمريكي -الصيني!
- بصدد اقتحام الكابيتول!
- دروس من قضية جوليان اسانج.
- ماذا حل بإسلامية المجتمع السعودي؟
- أهذا كل ما فهمته عن ماركس!؟ ( بصدد هرطقات حسين علوان عن مارك ...
- حول دكتاتورية البروليتاريا والحرية السياسية* (رد على سؤال طر ...
- للأسف .. ليس بوسع ماركس ان يسعفك!! (رد على تحريفات حسين علوا ...
- بائع جديد لبضاعة مستهلكة! رد على انتقادات حسين علوان حسين عد ...
- رد على رد السيد حسين علوان!
- هل يفقد الدولار الامريكي مكانته كالعملة الاحتياطية العالمية؟
- المقامرة بحياة المرضى، الدكتور حامد اللامي مثالا!
- العنصرية في ظل الرأسمالية!
- اي قيم اتى بها الحزب الشيوعي العمالي؟
- مع احمد راضي انتهكت حقوق المريض تماما، فكيف بانسان (عادي)؟
- دلالة عود ماركس ولينين! حول اقامة تمثال للينين في غرب ألماني ...
- قضية معقدة... تناول سطحي! (انتحار المناضلة سارة حجازي، بضع ك ...
- بصدد حركة بيرني ساندرز ومثيلاتها؟!
- حول الاعدامات الصورية ضد السود في امريكا!
- هستيريا الاسلام السياسي تجاه المثليين!
- ما سر -الفوضى المعلوماتية- فيما يخص كورونا؟!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - الى اين تمضون ...-رفاق-؟!