أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - حول دكتاتورية البروليتاريا والحرية السياسية* (رد على سؤال طرح في الحوار المتمدن)















المزيد.....

حول دكتاتورية البروليتاريا والحرية السياسية* (رد على سؤال طرح في الحوار المتمدن)


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 6731 - 2020 / 11 / 13 - 13:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عزيزي منير كريم
برأيي، مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا هو من المفاهيم الماركسية التي تم تشويها واساءة فهما بشكل كبير. وقد كان هذا التشويه عمل واعي ومدروس للبرجوازية.
المجتمع الطبقي مجتمع طبقات متضادة، سائدة ومسودة، حاكمة ومحكومة، مضطهِدة ومضطهَدة. في مجتمعنا المعاصر، ثمة طبقتان اساسيتان ومتضادتان يتمحور المجتمع حولهما: الطبقة البرجوازية والطبقة العاملة. وطالما هو مجتمع طبقي، فان الديكتاتورية، فرض ارادة طبقة على طبقة، جزء عضوي وبنيوي فيها. يمكن في البداية، يجب ان نفرق بين نظام قمعي او نظام شمولي وتوتاليتاري "دكتاتوري" لرجل او حزب نشاهده امامنا في عالم اليوم، حيث يحتكر شخص او مجموعة صغيرة كل القرارات المتعلقة بإدارة المجتمع، ولأسميه الاستبداد (السافر والدموي في احيان كثيرة) مثلما هو الحال في العديد من البلدان، اما مانراه في اوربا مثلا، حيث ليس هناك استبداد سافر، ولكن هناك عنف وديكتاتورية طبقة، هي الطبقة البرجوازية.
الدكتاتورية الطبقية هي املاء وتنفيذ البرنامج الاقتصادي والسياسي لطبقة معينة في مجتمع معين، وفي مرحلة ما، وهي صفة كل الدول منذ قيام الدولة مع ظهور المجتمع الطبقي. فالدولة ليست جهازا مستقلا من الناحية الطبقية، كما تصورها البرجوازية بل هي دائما حامية مصلحة الطبقة الحاكمة.
ومثلما ذكرت، لاتعني الدكتاتورية الطبقية حتى البرجوازية بالضرورة استخدام القمع الدموي والاستبداد السافرين من قبل الطبقة الحاكمة. ولكن بغض النظر عن طبيعة الأنظمة البرجوازية في عالمنا اليوم، فيما اذا كانت أنظمة قمعية، او أنظمة برلمانية تمثيلية مثل الدول الغربية، تبقى كلها اشكال لدكتاتورية البرجوازية، رغم ان الأنظمة الغربية ليست بحاجة الى استخدام الاستبداد والقمع السافر بسبب من توازن القوى الاجتماعي والطبقي. حتى في الدول الغربية، يجب على الافراد والقوى السياسية الالتزام بالدستور الذي وضعته الطبقة الحاكمة والذي يضمن املاء وتنفيذ البرنامج الاقتصادي والسياسي لهذه الطبقة، اي يجب ان تعمل ضمن الحدود التي تحافظ على النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي القائم ولايسمح لاحد المساس به. وفي الكثير من الحالات، ستضطر الدولة الطبقية البرجوازية الى استخدام القمع والاستبداد السافر فقط في الحالات التي هناك مساس او خطر ما على وجود النظام الاقتصادي والاجتماعي البرجوازي.
القمع والاخضاع هي صفات بنيوية بالنسبة لدكتاتورية البرجوازية لان النظام الاقتصادي الرأسمالي يستند على استغلال طبقة لطبقة أخرى، ولكن اشكال القمع والاخضاع تختلف باختلاف اشكال الدولة البرجوازية. تقوم السلطة البرجوازية بالقمع السافر في الدول الفقيرة التي تحتاج علاقات الانتاج الرأسمالية فيها الى طبقة عاملة خاضعة ومقموعة ورخيصة بينما يكون الاخضاع في الدول المتقدمة بالتحميق والتضليل الى ان تصبح السلطة تحت الخطر، عندها تتدخل أجهزة القمع بشكل سافر تحت ستار حفظ النظام، ومعاقبة "المخربين" و"الفوضويين" و...ألخ.
ان هذا يعني بان الدولة البرجوازية، وبغض النظر عن شكلها، هي دكتاتورية البرجوازية وهي حكم أقلية لأغلبية مصحوب أحيانا بالقمع السافر، وهي اداة حماية الملكية الفردية والعمل الماجور، اي استغلال البرجوازية للطبقة العاملة ولهذا فالقمع والاخضاع هي صفة متجذرة فيها.
ان ديكتاتورية البروليتاريا، التي تسمى ايضا بالحكومة العمالية او الجمهورية الاشتراكية او الديمقرطية البروليتارية هي اداة لفرض وتنفيذ برنامج الطبقة العاملة من خلال انهاء علاقات الإنتاج الرأسمالية، اي الغاء العمل الماجور والملكية الخاصة وبناء نمط مختلف من علاقات الإنتاج الاجتماعي المستند الى العمل التعاوني والملكية الجماعية وتشريك وسائل الإنتاج. من اجل تحقيق هذا الهدف، يجب الإمساك بالسلطة وتحطيم مجمل بنية السلطة البرجوازية، بما فيها الدولة، والتصدي لمحاولات البرجوازية لاسترداد سلطة النظام الاقتصادي الرأسمالي. ان دكتاتورية البروليتاريا هي مرحلة انتقالية، ومهمتها هي نقل المجتمع من الرأسمالية الى مجتمع غير طبقي-شيوعي.
هناك اختلافات جوهرية بين دكتاتورية البروليتارية ودكتاتورية البرجوازية وهي:
1- ان دكتاتورية البروليتاريا هي دكتاتورية الأغلبية على الأقلية، في حين ان دكتاتورية البرجوازية هي دكتاتورية اقلية صغيرة جدا في المجتمع بوجه الأغلبية.
2- الحرية التي توفرها دكتاتورية البرجوازية هي لاقلية صغيرة في المجتمع، فالأغلبية هي محرومة من الإمكانات الاقتصادية للمجتمع ومن مستلزمات ممارسة الحرية، في حين ان الحرية التي تضمنها دكتاتورية البروليتاريا هي للمجتمع بأسره، لكل جموع العاملين والذين يرغبون ان يكونوا متساوين مع الاخرين (اذ لا تتحرر الطبقة العاملة الا بتحرير المجتمع ككل)
3- دكتاتورية البروليتارية هي دكتاتورية لمرحلة مؤقتة، تتسع او تتقلص طبقاً لظروف ارساءها، اي الى ان يتم انهاء انقسام المجتمع الى طبقة مضطهِدة وأخرى مضطهَدة، في حين ان دكتاتورية البرجوازية مستمرة مادام بقى النظام الرأسمالي هو النظام السائد.
4- ستلجا دكتاتورية البروليتاريا الى قمع البرجوازية في حالة المساس بالنظام الاشتراكي فقط، في حين ان القمع والاستبداد هي صفة متجذرة في الدولة الرأسمالية من اجل استغلال الطبقة العاملة وإنتاج فائض القيمة وخاصة في الدول الفقيرة التي تحتاج الى طبقة عاملة رخيصة وقمع منظماتهم.
5- دكتاتورية البروليتاريا، أي الدولة العمالية، هي ليست أداة لاستغلال أي طبقة، بل تقوم بالقضاء على الاستغلال والاضطهاد وتقف بوجه الاستغلاليين والمضطهدين، انها اداة تحرير المجتمع. بإمكان البرجوازيين الالتحاق بجموع العاملين في المجتمع ويصبحوا متساويين معهم، في حين ان دكتاتورية البرجوازية هي من اجل صيانة الاستغلال والاضطهاد وليس امام العامل والكادح فرصة المساواة مع الرأسمالي.
6- جراء القضاء على الاستغلال، تنهي دكتاتورية البروليتاريا القمع الذي يحكم موقع العمل في ظل الرأسمالية الذي يقضي الانسان جزء كبير من حياته فيه، حيث تمكن العمال من إدارة موقع العمل بشكل جماعي وحر ( ديمقراطي) بعيدا عن الهرمية الصارمة ومصادرة القرار من الأغلبية العاملة.
يعترف الشيوعيون بان كل الحكومات هي دكتاتوريات طبقية و للدولة بما فيها الدولة العمالية-دكتاتورية البروليتارية صفة طبقية، باعتبارها أداة فرض برنامج طبقة معينة على المجتمع، وأداة لسيادة طبقة على طبقة أخرى، في حين ان البرجوازية هي غير صريحة في هذا الشأن وتحاول بشتى الوسائل تصوير دولتها كونها مؤسسة فوق الطبقات، وتمثل كل المجتمع. وتقوم أيضا بتشويه مصطلح دكتاتورية البروليتاريا الذي ورد في الادبيات الشيوعية، ليعني إقامة أنظمة قمعية واستبدادية كالتي نراها في الكثير من البلدان الرأسمالية بما فيها أنظمة رأسمالية الدولة.

من اجل انهاء عمر النظام الرأسمالي وانهاء انقسام المجتمع الى طبقات، أي الغاء الملكية الخاصة وتحرير البشرية من عبودية العمل الماجور، يتوجب على الطبقة العاملة الإمساك بالسلطة السياسية بقيادة حزب شيوعي وعمالي من خلال الثورة ( لايمكن الغاء سلطة الرأسمال من خلال إجراء إصلاحات او تغيرات جزئية على هذه السلطة)، وتطبيق برنامجها الاقتصادي والسياسي، وتحطيم بقايا البنية الفوقية البرجوازية و مقومات السلطة البرجوازية على شكل مؤسسات الدولة مثل الحكومة، البرلمان، الجيش، الشرطة، السجون والأجهزة الأمنية والتجسسية والقوانين، وإلغاء دين الدولة وصفة الايديولوجيا الرسمية او خارج الدولة مثل الاعلام ومكائن التحميق الأخرى و...الخ.
سيتحتم بناء بنية فوقية بما فيه الدولة تتوافق مع القاعدة الاقتصادية الجديدة واستخدام الدولة للتصدي للبرجوازية والحاق الهزيمة النهائية بقواها الرجعية المضادة للثورة الاشتراكية التي تحاول استعادة نظام عمل المأجور والملكية.
سيتوجب إعادة تشكيل جميع المنظمات الاجتماعية والثقافية وإعادة تنظيمها لجعلها متوافقة مع اهداف المجتمع الاشتراكي. ويتطلب انشاء منظمات ثقافية واجتماعية جديدة من اجل التنمية الشاملة للإنسان. وسيتطلب اخراج وسائل الاعلام والمؤسسات الاكاديمية والتعليمية من الملكية الشخصية ووضعها تحت تصرف المجتمع وتغير أهدافها.
سيستلزم بالتالي الدفع بتطور المجتمع وتغيير الأوضاع الاقتصادية و السياسية والقانونية والايديولوجية والدينية بحيث يؤدي الى اضمحلال الدولة.
يكون الشكل الحكومي لدكتاتورية البروليتاريا في البداية على شكل حكومة موقتة يشكلها الحزب والذي يمثل مصالح الطبقة العاملة وله نفوذ في هذه الطبقة والذي يتشكل من القادة والفعالين الشيوعيين داخل الطبقة العاملة لوحده او مع أحزاب أخرى تشارك هدف القضاء على النظام الرأسمالي وإقامة مجتمع اشتراكي.
لا تعني دكتاتورية البروليتاريا بالضرورة ممارسة العنف. لم يرافق ثورة أكتوبر مثلا عنف ملحوظ. لقد كانت ثورة سلمية الى حد كبير. العنف جاء بعد الثورة نتيجة ممارسات البرجوازية المحلية والعالمية. فالعنف سيعتمد على درجة مقاومة البرجوازية وعلى الاشكال التي تتخذها الثورة المضادة للبرجوازية. فبشكل عام، البرجوازية لن تتخلى عن سلطتها وعن موقعها في المجتمع بدون مقاومة. ستبقى البرجوازية ، لمراحل معينة بعد الثورة، تشكل تهديدًا للنظام الاشتراكي. ولذلك فان التصدي لها وحتى قمع عناصر الطبقة الرأسمالية التي تحاول قلب النظام من خلال العنف ستكون مهمة اساسية لدكتاتورية البروليتاريا.
مع ترسخ دكتاتورية البروليتاريا و أبعاد خطر مساعي البرجوازية في الداخل والخارج لاسترداد النظام الرأسمالي تنتقل السلطة الى المجالس الجماهيرية والهيئات ولجان التحكم والمراقبة العمالية التي تشكلها والتي ستكون قاعدية باوسع نطاق وتعتمد على السلطة المباشرة لسكان البلد. أي تقام السلطة المباشرة للعاملين في المجتمع التي تديراعمال الدولة، اذ يحل المجلس العام للمجالس الجماهيرية محل الحكومة الحزبية. يتم الحكم من خلال المركزية الديمقراطية التي تستند الى تسلسل هرمي. اذ يتم انتخاب الممثلين من خلال الاقتراع العام من قبل المجالس في مواقع العمل والمحلات والدراسة والتي بدورها تنتخب مجالس المناطق و المدن ثم الأقاليم او المحافظة وصولا الى اعلى سلطة في البلد، ويكون لجميع سكان البلد الحق في المشاركة، وفي ان يكون لهم من يمثلهم في السلطة وحق استدعاء مندوبيهم واستبدالهم في أي وقت.
تنقسم عملية صنع القرار والإدارة بوضوح إلى عدة مستويات وترتبط جميع هذه المستويات مع بعضها البعض وكل مستوى من الإدارة مسؤول امام الاخر. وتكون الحكومة المركزية ومختلف مستويات الحكم سلطة تنفيذية وتشريعية في ان واحد بمساعدة هيئات خاصة. وتشغل جميع المناصب الإدارية والقضائية والتعليمية عبر الاقتراع العام لجميع المعنيين. يقوم المسؤولون بكل شيء علانية ويعلنون أهدافهم علنا. ويتلقى جميع المسؤليين رواتب مساوية للرواتب التي يتلقاها العاملين الاخرين.
من خلال الية الحكم الجمعية والمباشرة هذه، يتم القضاء على البيروقراطية والتامر والسرية التي هي سمات الديمقراطية البرجوازية حيث يكون البيروقراطيين منعزلين عن جموع العمال والكادحين. وتحمى الحكومة والسطة المجالسية من خلال مليشيا الجماهير المسلحة التي تحل محل الجيش.
في الميدان الاقتصادي:
تقوم دكتاتورية البروليتاريا بتثوير علاقات الإنتاج، الغاء الملكية الخاصة واحلال الملكية الجماعية الاشتراكية لوسائل الإنتاج محلها. وتستولي الحكومة العمالية بعد الثورة على وسائل الإنتاج والبنى التحتية ومصادر الخدمات الاجتماعية وتضعها في خدمة المجتمع، أي تحولها الى ملكية عامة لكل افراد المجتمع. تقوم السلطة بوضع خطة لتنظيم التوظيف والإنتاج وتوزيع المنتجات والخدمات ويكون عمل الفرد مقياس الحصول على البضائع والخدمات بعد توفير ضروريات الحياة الاساسية لجميع افراد المجتمع بشكل مجاني بوصفها مسؤولية الدولة. ويتم إدارة موقع العمل من قبل العاملين بشكل جماعي وحر"ديمقراطي". وهذا يعني قيام دكتاتورية البروليتارية بتأسيس الاقتصاد التعاوني والملكية العامة.
يجب ان نؤكد باننا، هنا لا نتحدث عن مجرد إحلال ملكية الدولة لوسائل الإنتاج محل الملكية الخاصة وإحلال التخطيط محل الية السوق وإحلال مسؤول في الدولة محل الرأسمالي في إدارة موقع العمل، بل ان وسائل الإنتاج تصبح ملكية كل المجتمع، اي يتم إرساء الملكية الاشتراكية، والعمال هم من يديروا موقع العمل من كل النواحي بشكل حر " ديمقراطي"، وتتحكم جموع العاملين بكل جوانب الإنتاج والتوزيع.
حتى في هذا المجتمع، سينتج فائض قيمة، بمعنى انه سيقوم أناس في انتاج بضائع وخدمات اكثر مما يحتاجونها، ولكن فائض القيمة هنا ليست لمصلحة طبقة في المجتمع، بل لاعالة من لايمكنه العمل مثل الأطفال والشيوخ وذوي العاهات، او لاي سبب اخر، او الشرائح التي يحتاجها المجتمع والذين لايشاركون في الإنتاج مثل الفنانين.
وستقرر سلطة المجالس كم من الإنتاج يذهب لاعادة انتاج قوة العمل ووسائل الإنتاج، وكم سيذهب الى تغطية التكاليف الإدارية وتشغيل الخدمات العامة وكم من الأموال تذهب الى هؤلاء الذين هم غير قادرين على العمل لاي سبب، والتحصين ضد الطوارئ. مايتبقى من الإنتاج سيتم تقاسمه بين العاملين بقيمة مساوية لمقدار العمل الذي يقومون به. ان ميزة هذا النظام هو الغاء منطق الربح وعدم وجود طبقة ترنو الى تحقيق الربح.
مع ابعاد أي احتمال للإطاحة بالحكومة العمالية، ومع رسوخ الاقتصاد الجديد والقيم السياسية والاجتماعية الجديدة وسيادة الحرية والمساواة، تنتفي الحاجة الى الدولة العمالية كمؤسسة وتفقد ضرورتها وتضمحل بوصفها دولة ويتم إدارة المجتمع من خلال لجان المراقبة والإدارة دون الحاجة الى مؤسسة الدولة.
فيما يتعلق بالحريات:
تقوم الدولة العمالية-دكتاتورية البروليتاريا بتوسيع الحريات، بما فيها الحرية السياسية غير المقيدة او المشروطة، مثل حرية تاسيس الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية والثقافية وحرية الاضراب والتظاهر وحرية التعبير والاستفادة المتساوية من إمكانات المجتمع في الدعاية والتبليغ وحرية العقيدة. أي ستكون هناك حرية تأسيس الأحزاب والمشاركة السياسية والدعاية بكل الاشكال والدفع باجندتها وجعلها اجندة سلطة المجالس، بشرط ان لايتم المساس بسلطة الحكومة العمالية. تقوم الأحزاب باقناع المجالس المختلفة بسياساتها وبرامجها لمواجة المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع وجعلها سياسات وبرامج سلطة المجالس و البلد. سيعتمد مدى تحول برنامج حزب معين الى سياسة سلطة المجالس على قوة منطقه وبحثه واقناعه للجموع. بإمكان المجتمع الذي تحكمه حكومة مجالسية تحمل ان يكون للأحزاب العنصرية وجود بشكل رسمي وعلني، وان يكون لها مكاتب ومقرات والقدرة على الاستفادة من وسائل الدعاية، بشرط ان لا تقوم هذه التنظيمات بالحاق الأذى بالاخرين. في ظل الحكومة العمالية، تكون حرية التعبير بالذات مبدأ لايساوم عليه. وحرية التعبير تشمل التعبير عن وجهات النظر مهما اعتبرت متخلفة ورجعية وسخيفة وحتى عنصرية وفاشية.
ان ضمان وجود الحريات الفردية والسياسية والاجتماعية في المجتمع الاشتراكي وزوال الحاجة الى القمع الموجود في المجتمع الرأسمالي هو ليس تعهد كلامي من الشيوعيين او نابع من سمو اخلاقهم، بل مرتبط بعلاقات الإنتاج والغاء الملكية الخاصة والعمل الماجور التي هي سبب وجود طبقة مضطهِدة ومضطهَدة، وهو ما يقف وراء الاستبداد والخضوع ووجود الأجهزة الضرورية لها مثل الدولة والشرطة والجيش والامن. في المجتمع التي تلغى فيه الملكية الفردية والعمل الماجور والطبقات ويكون نظام الحكم مجالسي يستند على مبدأ ان يكون كل الافراد متساويين بشكل كامل، لاتبقى هناك حاجة او مكان للضغط والاكراه والقمع ومصادرة حرية التعبير. سيكون الجميع أحرارا.
وبعكس الديمقراطية البرجوازية، ان اهم ميزة للحكومة العمالية-دكتاتورية البروليتاريا هي انها تحرر الانسان من العبودية الاقتصادية والاستغلال وتخلق المساواة بين البشر، كما تؤسس من خلال السلطة المجالسية إمكانية لتدخل كل السكان في كل جوانب ادارة المجتمع بشكل مباشر، وتصبح الحقوق السياسية مثل حق التصويت، حق الترشيح، وحرية التعبير الخ حقوق حقيقية غير شكلية. تزيل المساواة الاقتصادية والسلطة المجالسية كل اشكال عدم المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والفردية. وهكذا فان دكتاتورية البروليتارية تؤسس لمساواة حقيقية وحرية تامة.
في حين، في ظل الديمقراطية البرجوازية التي تركز على الحقوق السياسية، تسيطر اقلية صغيرة على الاقتصاد، وتستخدم قوتها الاقتصادية للتحكم بالحياة السياسية وتسخيرها لمصالحها الخاصة. ومع الية الحكومة التمثيلية، تصبح حتى الحقوق السياسية التي تتشدق بها البرجوازية مثل حق التصويت والترشح وعمل مؤسسات التمثيلية مثل البرلمان شلكية وتصبح حقوق مثل حق التظاهر والاضراب محدودة الوقع.
في ظل النظام الرأسمالي، الغالبية بحاجة الى بيع قوة عملها للاقلية التي تتحكم بوسائل الإنتاج من اجل العيش، مما يعني استخلاص فائض قيمة واستغلال.
ان الإنتاج الذي يقوم به العمال يصبح باستمرار مصدر اقتدار البرجوازية ودونية الطبقة العاملة. لا وجود للحرية والمساواة والرفاهية والقضاء على التمييز مع وجود من هو بحاجة الى بيع قوة عمله بشكل يومي ووجود العمل الماجور والاستغلال واستخلاص فائض القيمة. ان ادامة هذا المجتمع وحمايته يتطلب حكومات،جيوش، سجون، شرطة، ميليشيات، فساد وايديولوجيات ووسائل للدعاية والتحميق، وهذه هي مكونات الدولة البرجوازية.
*سؤال منير كريم:
تحية للسيد توما
مقال ممتع ومفيد
كل ما ذكرته عن الاسلام السياسي صحيح تماما. سؤالي لانك تتكلم عن ديكتاتورية البروليتارية وهذه قضية لم تعد قابلة للهضم، هل ترومون الحكم ضمن نظام ديمقراطي تعددي ؟ ماموقفكم وانتم في السلطة من الاحزاب المعارضة لكم؟
شكرا جزيلا لك



#توما_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للأسف .. ليس بوسع ماركس ان يسعفك!! (رد على تحريفات حسين علوا ...
- بائع جديد لبضاعة مستهلكة! رد على انتقادات حسين علوان حسين عد ...
- رد على رد السيد حسين علوان!
- هل يفقد الدولار الامريكي مكانته كالعملة الاحتياطية العالمية؟
- المقامرة بحياة المرضى، الدكتور حامد اللامي مثالا!
- العنصرية في ظل الرأسمالية!
- اي قيم اتى بها الحزب الشيوعي العمالي؟
- مع احمد راضي انتهكت حقوق المريض تماما، فكيف بانسان (عادي)؟
- دلالة عود ماركس ولينين! حول اقامة تمثال للينين في غرب ألماني ...
- قضية معقدة... تناول سطحي! (انتحار المناضلة سارة حجازي، بضع ك ...
- بصدد حركة بيرني ساندرز ومثيلاتها؟!
- حول الاعدامات الصورية ضد السود في امريكا!
- هستيريا الاسلام السياسي تجاه المثليين!
- ما سر -الفوضى المعلوماتية- فيما يخص كورونا؟!
- توما حميد - طبيب و كاتب وناشط سياسي وعضو الحزب الشيوعي العما ...
- لماذل فشل النظام الصحي الراسمالي في مواجهة جائحة كورونا؟!
- الرأسمالية: على المسنين الموت بدلا من الاضرار بالبورصات
- مهام الشيوعيين في مواجهة فيروس كورونا
- فيروس كورونا، فضيحة رأسمالية اخرى!
- الانتفاضة العراقية الى اين؟؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توما حميد - حول دكتاتورية البروليتاريا والحرية السياسية* (رد على سؤال طرح في الحوار المتمدن)