|
ذكريات - 3 مذكرات أندريه غروميكو
هاني عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 7108 - 2021 / 12 / 16 - 18:55
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
كتاب "ذكريات - 3" المؤلف: اندريه غروميكو عرض: هاني عبيد كنيدي الصحفي مع غروميكو السياسي تعّرف غروميكو على جون كنيدي – الرئيس الامريكي لاحقاً – في عام 1945، وذلك أثناء مؤتمر سان فرنسيسكو، والذي خصص لمناقشة موضوع هيئة الأمم المتحدة. كان كنيدي في تلك الفترة مراسلا صحفياً، وتوجه إلى غروميكو بطلب لاجراء مقابلة صحفية معه، ووافق غروميكو على هذا الطلب، واستقبله في جناحه في فندق سان فرنسيس، حيث مقر اقامة الوفد السوفياتي المشارك في المؤتمر. ويذكر غروميكو أن الاسئلة التي طرحها كنيدي كانت في شكل جمل تعبّر عن رأي كنيدي، ثم ينظر إلى غروميكو وكأنه يسأله إن كانت لديه أية تعليقات أو ايضاحات. ونُشرِت المقابلة في الصحف الامريكية وطواها النسيان. وبعد سبعة عشر عاماً، وبالتحديد في 18 تشرين أول 1962 يعقد غروميكو وجون كنيدي رئيس الولايات المتحدة الامريكية اجتماعاً حاسماً حول الأزمة الكوبية، وبعد الاجتماع يذكر غروميكو أن محادثاته مع كنيدي كانت أصعب محادثات يجريها خلال 48 سنة مع الرؤوساء الامريكيين التسع الذين عرفهم. ويوضح غروميكو خفايا الأزمة الكوبية ويقول أن الصحافة العالمية قد ركزت على موضوع الصواريخ الروسية في كوبا، ويؤكد غروميكو على عدم وجود صواريخ هناك، وتأكيداً لهذه الحقيقة فإن كنيدي لم يتطرق اطلاقاً إلى هذا الموضوع مع غروميكو. وكان جوهر الموقف الامريكي أن نظام فيدل كاسترو في كوبا لا يناسب الولايات المتحدة، فما كان من غروميكو إلا أن يعلن باسم الاتحاد السوفياتي للرئيس الامريكي أن هذا شأن داخلي لكوبا، وليست لكوبا نوايا عدوانية ضد امريكا أو غيرها من الدول، وأن الاتحاد السوفياتي لن يقف مكتوف الايدي في حالة وقوع عدوان مسلح على كوبا. وفي هذا اللقاء طرح غروميكو للنقاش موضوع القواعد الامريكية في العالم ودور المستشارين الامريكيين في كل من تركيا واليابان، ولكن دين راسك الذي كان مشتركاً في الاجتماع أوضح أن الاتحاد السوفياتي يبالغ في هذا الموضوع، وانتهى النقاش حول هذا الموضوع. وبعد هذا اللقاء بعدة ايام أي في 22 تشرين أول ألقى الرئيس الامريكي كنيدي خطاباً إلى الشعب الامريكي معلناً بدء الحصار البحري لكوبا، ورد الاتحاد السوفياتي في اليوم التالي بإصدار بيان يعتبر فيه الخطوة بأنها عمل عدواني. ولكن اللقاءات والمشاورات استمرت بين الطرفين ورُفعت القضية إلى مجلس الأمن، وفي 20 تشرين الثاني رفع الرئيس الامريكي الحصار البحري عن كوبا. وفي 7 كانون ثاني قدّم المندوب الامريكي والسوفياتي رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يعلنان فيها طلب سحب مناقشة الموضوع الكوبي في مجلس الأمن. ستالين وشخصيات روسية أخرى يتعرض الكاتب في ذكرياته بالحديث عن شخصية مهمة في التاريخ السوفياتي المعاصر وهو ستالين. ورغم حساسية الموضوع، وخاصة في وقت كتابة المذكرات، حيث سمحت سياسة الانفتاح للكتّاب والمثقفين بالتعرض بصراحة لاحداث التاريخ السوفياتي في فترة ما بعد الحرب، الاّ أن غروميكو لا يستطيع أن يمر على الموضوع دون اعطاء الشخص الذي صعد في عهده إلى أعلى المراتب ما يستحق. وبداية، يتحدث الكاتب بأن ما يكتبه هو ذكريات عن ستالين تجمعت لديه خلال وجوده بالقرب منه أثناء المؤتمرات وزيارة الوفود الاجنبية. ففي بداية تعينه في منصب المستشار في السفارة السوفياتية في واشنطن نصحه ستالين بأن يتعلم اللغة الانجليزية في الكنائس والمعابد لأن لغة رجال الدين واضحة ومفهومة، ولكن غروميكو يذكر لاحقاً أنه عمل بجميع نصائح ستالين إلاّ تلك النصيحة فلم يعمل بها. كان ستالين يحب العمل في الليل، ولم يكن يمسك قلماً اثناء الاجتماعات، وكان يحضر الاجتماعات وهو مستعد لها، وكثيراً ما كان يحب الحديث الواضح والمفهوم، ويكره الاطالة في شرح الموضوع. ويذكر غروميكو أن ستالين كان قارئاً من الدرجة الأولى، كما أنه كان يعشق الموسيقى، وكثيراً ما كان يحضر حفلات الباليه والاوبرا في مسرح البلشوي في موسكو، ولا غرّو أن يعشق ستالين إحدى راقصات الباليه ويتخذها عشيقة له، وهي راقصة الباليه دافيدوفنا، حيث أصدرت هذه الراقصة كتاباً في الغرب عن ذكرياتها مع ستالين، وهو الكتاب الموسوم بعنوان "خلف جدران الكرملين" [ لم يتعرض غروميكو إلى هذه المعلومات في حياة ستالين]. ستبقى شخصية ستالين مثار جدل على مر العصور، لأنه جمع في شخصيته المتناقضات. ويذكر غروميكو بأنه تعامل مع ستالين في قضايا السياسة الخارجية، ومن هذا المنطلق كتب عنه، وهو بذلك يقدم اعتذاراً للقارئ عن عدم تعرضه لسياسات ستالين الداخلية، والتي ما زالت تثير إلى اليوم جدلاً واسعاً، وخاصة بعد انكشاف حقائق جديدة حول تلك السياسة الداخلية. كذلك يتحدث غروميكو عن المارشال شابشنيكوف رئيس هيئة اركان الجيش الاحمر السوفياتي اثناء الحرب، وعن البطل الاسطوري المارشال جوكوف الذي اقتحم عرين النازية واحتل برلين وتسلم وثيقة استسلام النظام والجيش النازي من كبار مارشالات هتلر، والذي أصبح فيما بعد وزيراً للدفاع. ويكتب غروميكو عن الشاعر والكاتب السوفياتي بوريس باسترناك مؤلف رواية " دكتور زيفاكو"، والتي منعت روايته من النشر داخل الاتحاد السوفياتي (بدأت مجلة نوفي مير – العالم الجديد – الأدبية مع مطلع عام 1988 بنشر رواية دكتور زيفاكو لأول مرة نتيجة سياسة الانفتاح). بريطانيا وفرنسا يتعرض الكاتب بالحديث عن العلاقات السوفياتية-البريطانية، والسوفياتية-الفرنسية، ويذكر احاديثه وذكرياته مع أقطاب السياسة في هذين البلدين، سيما وانه خدم سفيراً في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. يتحدث الكاتب عن ذكرياته في قصر بكنغهام، ويعرج ليحلل شخصيات مهمة في السياسة البريطانية وخاصة نجم السياسة البريطانية أثناء الحرب وهو المستر ونستون تشرشل، بالاضافة إلى بيفين واتلي وغيتسكل واللورد دوغلاس هيوم. وهو في خضم مشاغله السياسية لا ينسى الحديث عن ويليام شكسبير الشاعر الانجليزي الفذ. ويخصص جزءاً لا بأس به للحديث عن القائد الفرنسي شارل ديغول، وعن القادة الاشتراكيين الفرنسيين. ولا ينسى اثناء حديثه عن فرنسا أن يسبر أغوار الماضي والتاريخ في العلاقات الروسية-الفرنسية، وهو في هذا يتحدث عن أميرة كييف التي أصبحت ملكة في فرنسا، وينقب في بطون الكتب محاولاً الوصول إلى دقائق حياتها، وهي الأميرة الاوكرانية آنا ياروسلافا، ويثبت غروميكو اثناء حديثه عن تلك الأميرة أنه باحث تاريخي من طراز رفيع، ويدعو المؤرخين للكتابة عن هذا الموضوع واعطاؤه حقه من البحث والدراسة. لقد مرت العلاقات السوفياتية الالمانية بعد الحرب في منعطفات خطرة قبل أن تستقر على حالها اثناء كتابة المذكرات، لذلك نجد غروميكو يتحدث عن كونراد اديناور وفيلي برانت وشميت ويصف بشيء من التفصيل اللحظات الحاسمة في تلك العلاقات. الكتاب مليء بالذكريات والتحليلات والأراء وهو كتاب مهم لانه يتعرض إلى فترات مهمة في التاريخ الانساني المعاصر ويلقي الضوء على كثير من مشاكل العصر وكيف تمت مواجهتها.
#هاني_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات -2 مذكرات أندريه غروميكو
-
عرض كتاب -ذكريات- مذكرات أندريه غروميكو
-
ما اختزنته الذاكرة عن فلسطينيي الداخل -2
-
ما خزنته الذاكرة عن فلسطيني الداخل-1
-
قراءة جديدة لوعد بلفور
-
البحث العلمي
-
التفكير العقلاني في حل المشاكل
المزيد.....
-
شرطة لندن: عشرات البلاغات المتعلقة باتهامات في حق الفايد منذ
...
-
لبنان.. شاهد اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي استهدف وسط بيرو
...
-
حياة الحيوانات في لبنان بخطر: فرق الإنقاذ تكافح لإنقاذ المتض
...
-
مقتل 4 أشخاص بانفجار في محطة للوقود في عاصمة الشيشان غروزني
...
-
اللواء الصمادي: عملية القسام أكدت أن الأنفاق سر من أسرار حرب
...
-
مصدر بالجيش اللبناني: لن نسمح باقتحام الجيش الإسرائيلي مراكز
...
-
لفقدان الوزن أم للأداء الرياضي؟ دليلك لاختار الكربوهيدرات ال
...
-
جنود إسرائيليون يتحدثون عن الفروق في قتالهم بين غزة وجنوب لب
...
-
دبلوماسية أميركية: دعم إسرائيل وصمة عار ستطارد واشنطن لأجيال
...
-
بعد عام على اندلاعها.. تبعات الحرب على لبنان
المزيد.....
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
-
فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو
...
/ طلال الربيعي
المزيد.....
|