ماذا تعرف عن الصلابة النفسية وابعادها وخوخصائصها؟صاءصها

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 20:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الصلابة النفسية مفهومها وابعادها وخصائصها
    يُعد مفهوم الصلابة النفسية من المفاهيم الحديثة نسبيا وبخاصة في البيئة العربية، وهو من الخصائص النفسية المهمة للفرد كي يواجه ضغوط الحياة المتعددة والمتتالية بنجاح،  ولقد بدأت الدراسات في السنوات القليلة الماضية تتجاوز مجرد دراسة العلاقة بين إدراك الأحداث الضاغطة وأشكال المعاناة النفسية إلى الاهتمام والتركيز على المتغيرات المدعمة لقدرة الفرد على المواجهة الفاعلة أو عوامل المقاومة أي المتغيرات النفسية أو البيئية المرتبطة باستمرار السلامة النفسية حتى في مواجهة الظروف الضاغطة والتي من شأنها دعم قدرة الفرد على مواجهة المشكلات والتغلب عليها.
 وكانت كوبازا  (kopaza) من أوائل من وضعت الأساس لمصطلح الصلابة النفسية، حيث لاحظت أن بعض الناس يستطيعون تحقيق ذواتهم وإمكاناتهم الكامنة برغم تعرضهم للكثير من الإحباطات والضغوط، لذلك فقد كانت ترى أنه يجب التركيز على الأشخاص الأسوياء الذين يشعرون بقيمتهم ويحققون ذواتهم وليس المرضى، ولقد اشتقت هذا المصطلح متأثرة بالفكر الفلسفي الوجودي الذي يرى أن الإنسان في حالة صيرورة مستمرة والذي يركز في تفسيره لسلوك الإنسان على المستقبل لا على الماضي، وأن دافعية الفرد تنبع أساسا من البحث المستمر النامي عن المعنى والهدف من الحياة . 
     وعلى ذلك فقد نشأ مصطلح الصلابة النفسية كمجموعة من المعتقدات عن النفس في تفاعلها مع العالم من حولنا والتي تمدنا بالشجاعة والدافعية للعمل الجاد وتحول التغيرات الضاغطة المثيرة للقلق من مصادر للاضطراب إلى فرص محتملة ، وتحوي الصلابة النفسية ثلاث مكونات تعرف ب (3CS) وهي: (الالتزام، والتحكم، والتحدي) . 

مفهوم الصلابة النفسية: Psychological Hardiness

الصلابة النفسية لغة : 
 تعنى القوة والشدة ، وفى الرأي: أصر عليه. واتفق ابن منظور مع هذا التعريف: صلب الشيء صلابة فهو صلب، وصلب أي شديد.
التعريف الاصطلاحي للصلابة:  
    يعود هذا المفهوم إلى كوبازا (kopaza,1979) حيث توصلت لهذا المفهوم من خلال سلسلة من الدراسات والتي استهدفت معرفة المتغيرات النفسية التي تكمن وراء احتفاظ الأشخاص بصحتهم النفسية والجسمية رغم تعرضهم للضغوط.

خصائص الصلابة النفسية
تعد الصلابة النفسية نمطا دفاعيا تمكن الفرد من مقاومة الضغوط و التكيف معها ، و تعد اهم اساليب المواجهة الفعالة للمواقف و الاحداث الضاغطة ، فهي تؤثر في تقييم و ادراك الفرد للحدث و ما ينطوي عليه من تهديد لاستقراره الانفعالي و توازنه النفسي و تقديره لذاته ، فالاشخاص الذين يتميزون بخصائص الصلابة النفسية المرتفعة يرون الاحداث اليومية عكس ما يرونه ذوي الصلابة النفسية المنخفضة و هذا ما يؤثر على الفرد معرفيا ، انفعاليا و سلوكيا .

حدد بعض الباحثين خصائص الصلابة النفسية فيما يلي :

• الإحساس بالالتزام أو النية لدفع النفس للانخراط في أية مستجدات تراجعه .

• الإيمان والاعتقاد بالسيطرة ، الإحساس أن الشخص نفسه سبب الحدث الذي حدث في حياته أو الشخص يستطيع أن يؤثر على بيئته.

• الرغبة في أحداث التغيير و مواجهة الأنشطة الجدية التي تمثل أو تكون بمثابة فرص للنماء و التطوير.

  وتنقسم خصائص ذوي الصلابة النفسية إلى قسمين هما :

خصائص ذوي الصلابة النفسية المرتفعة :

توصلت کوبازا Kobasa من خلال دراستها التي كانت ما بين 1979 الى 1985  إلى أن الأفراد المتمتعين بالصلابة النفسية يتمتعون بالقدرة على الصمود و المقاومة  ،و لديهم انجاز أفضل و ذوي وجهة داخلية للضبط و أكثر اقتدارا و يميلون للقيادة و السيطرة و أكثر مبادرة و نشاطا و ذوي دافعية أفضل  

توصلت “کوبازا” و “مادي” إلى أن الأفراد ذوي الصلابة النفسية المرتفعة يتسمون بالعديد من الخصائص التي تميزهم عن الآخرين، وقد قامت الباحثة بتصنيف هذه الخصائص في ثلاثة مجموعات على النحو الآتي:

اولا : الخصائص المعرفية 

– القدرة على الإنجاز والإبداع .

– القدرة على اتخاذ القرارات والاختيار بين بدائل متعددة .
– التحكم المعرفي.
– الاعتقاد بأن النجاح في الحياة يعود للعمل والمجهود، وليس للمصادفة أو الحظ والظروف.
– إتقان العمل والدراسة .
– الواقعية والموضوعية في تقييم الذات والأحداث، ووضع الأهداف المستقبلية .
– الاستفادة من خبرات الفشل في تطوير الذات.
– توقع المشكلات والإستعداد لها.
– القدرة على التجديد والارتقاء

-القدرة على تحقيق الذات .

-اعتبار أن الأحداث الضاغطة أمر طبيعي، وليس تحديد لهم.

ثانيا : الخصائص الإنفعالية  

– نظام قيمي ديني يقي من الوقوع في الانحراف أو الأمراض أو الإدمان .

– أهداف في الحياة ومعان يتمسك بها الفرد ويرتبط بها.

– الالتزام ومساندة الآخرين عند الحاجة.

-التفاؤل والتوجه الإيجابي نحو الحياة .

– الهدوء والقدرة على التنظيم والتحكم في الإنفعالات.
– التحكم الداخلي.
– الشعور بالرضا عن الذات .
ثالثا : الخصائص السلوكية
– المبادرة والنشاط .
– المثابرة وبذل الجهد والقدرة على التحمل والعمل تحت الضغوط.
– الميل للقيادة.
– القدرة على الصمود والمقاومة .
– الاهتمام بالبيئة والمشاركة الفعالة في الحفاظ عليها.
– الممارسات الصحية : مثل اتباع نظام غدائي معين و ممارسة الرياضة و عدم التدخين و الحفاظ  على الصحة الجسمية

– الرغبة في استكشاف المجهول و معرفته  .

و بين بعض الباحثين  من بينهم  دیلاد  و كوزي  و کرسیتوت أن أصحاب الصلابة النفسية المرتفعة لديهم أعراض نفسية و جسمية قليلة وغير منهكين و لديهم تمركز كبير حول الذات و يتمتعون بالانجاز الشخصي و القدرة على التحمل الاجتماعي و ارتفاع الدافعية نحو العمل ، و لديهم نزعة تفاؤلية ، و أكثر توجها للحياة ، و يمكنهم التغلب على الاضطرابات النفسية و الجسمية و تلاشي الإجهاد.

بصفة عامة ، إن الأفراد الذين يتمتعون بالصلابة النفسية يتميزون بعدد من الخصائص وهي كالتالي :

القدرة على الصمود والمقاومة.

لديهم إنجاز أفضل.

ذوو وجهة داخلية للضبط.

أكثر اقتدارا ويميلون للقيادة والسيطرة.

أكثر مبادأة ونشاطا وذوو دافعية أفضل.

ويصنف بعض الباحثين  أن الأفراد الذين يمتازون بالصلابة النفسية بأنهم :

هؤلاء الأفراد ملتزمون بالعمل الذي عليهم أداؤه بدلا من شعورهم بالغربة.

يشعرون أن لديهم القدرة على التحكم في الأحداث بدلا من شعورهم بفقدان القوة.

ينظرون إلى التغيير على أنه تحد عادي بدلا من أن يشعروا بالتهديد.

يجد هؤلاء الأفراد في إدراكهم وتقويمهم لأحداث الحياة الضاغطة الفرصة لممارسة اتخاذ القرار

ونستنتج من هذه الخصائص أن الأفراد الذين يمتازون بالصلابة النفسية المرتفعة يتصفون بأنهم أصحاب ضبط داخلي وقادرين على الصمود والمقاومة ولديهم القدرة على الإنجاز في العمل، والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة، وحل المشكلات، والقدرة على مواجهة أحداث الحياة الضاغطة والتكيف معها، ويكون لديهم میل نحو القيادة والسيطرة والمبادأة، وهم الأكثر اقتدارا وذوو نشاط ودافعية أفضل، والحكمة، والصبر، والسيطرة على النفس، وبذلك يكون ذوو الصلابة المرتفعة ملتزمون بالقيم والمبادئ والمعتقدات السليمة والتمسك بها وعدم التخلي عنها، وبذلك يكون لحياتهم معنى وقيمة إيجابية.

خصائص ذوي الصلابة النفسية المنخفضة

أوردت بعض الدراسات ان الذين يتميزون بضعف الصلابة النفسية يتصفون بمجموعة من السمات مثل اتصافهم بعدم الشعور بهدف لأنفسهم و لا بمعنى لحياتهم، و لا يتفاعلون مع بيئتهم بايجابية، و يتوقعون التهديد المستمر و الضعف في مواجهة الأحداث الضاغطة المبعثرة، و يفضلون ثابت الأحداث الحياتية، و ليس لديهم اعتقاد بضرورة التحديد و الارتقاء ، كما أنهم سلبيون في تفاعلهم مع بيئتهم و عاجزون عن تحمل الأثر السلبي للأحداث الضاغطة.
و أكدت دراسة قام بها  ردولت وزون سنة ١٩٩٨ التي استهدفت الكشف عن الفروق بين مرتفعي و منخفضي الصلابة النفسية في إدراك الضغوط و الاكتئاب، و أجريت الدراسة على عينة بلغت ٢٤٩ سيدة تتراوح أعمارهم بين ٢٥٦٥سنة ، و أسفرت الدراسة على أنه توجد فروق بين مرتفعات و منخفضات الصلابة النفسية في الاكتئاب و إدراك الضغوط و المرض الجسمي لصالح منخفضات الصلابة حيث كن اكثر اكتئابا و أكثر إدراكا للضغوط و إحساسا بالمرض الجسمي، و على العكس من ذلك مرتفعات الصلابة النفسية.  

من خلال ما سبق يتضح أن أصحاب الصلابة المنخفضة يتصفون بالتالي

ضعف القدرة على الصبر، وعدم القدرة على تحمل المشقة.
ضعف القدرة على تحمل المسئولية.
قلة المرونة في اتخاذ القرار.
ضعف التوازن.
الهروب من مواجهة الأحداث الضاغطة.
سرعة الغضب و الحزن الشديد والميل إلى الاكتئاب والقلق.
ضعف الإلتزام بالقيم والمبادئ .
التجنب، والبحث عن المساندة الاجتماعية.
ضعف القدرة على التحكم الذاتي .

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات