أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عمران المعموري - بناء الشخصية والمكان في رواية (المُخَيِّس) للروائي غانم عمران المعموري















المزيد.....

بناء الشخصية والمكان في رواية (المُخَيِّس) للروائي غانم عمران المعموري


طالب عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 7094 - 2021 / 12 / 2 - 21:58
المحور: الادب والفن
    


قد تكون المادة الحكائية واحدة (الحكي) لكن ما يتغير هو الخطاب الروائي وهو الاسلوب الذي يحرص الروائي على ان يقدمه ضمن آليات السرد الفنية
الرواية التي بين ايدينا تصنف من ادب السجون وما كتب في هذا النوع الكثير الا ان لكل كاتب طريقته في بناء الاحداث ورسم الشخصيات واسلوب كتابتها ونظمها يختلف بين روائي وآخر باختلاف اتجاهاتهم ومواقفهم وان كانت القصة التي يعالجونها واحدة ، هذا ما يجعلنا نعتبر الخطاب الروائي موضوع التحليل يدفعنا البحث في كيفية اشتغال الروائي(غانم المعموري) في رواية (المخيس) الصادر عن دار وتريات للطباعة والتوزيع والنشر في طبعتها الاولى لعام 2021 ، ومكوناتها التي يقوم عليها خطابه الروائي من خلال طرفيه الراوي/ المروي له
عنونة الرواية جاءت عنونة الرواية كعتبة مهمة اختارها بلفظة معجمية
(المُخَّيس: موضع التخييس ، المُخّيس، السِجن لأنه يخيّس المحبوسين اي يذللهم ،
قام الكاتب بتقسيم الرواية لفصول بتسلسل رقمي من 1-18 يسبق كل فصل استهلال لأقوال حكماء وفلاسفة وشعراء، الشخصية المحورية في الرواية كان ضحية المخبر السري والاشتباه، يعذب بكافة انواع واشكال التعذيب النفسي والجسدي ، يصور لنا مشاهد التعذيب يروي لنا ما جرى من احداث تخصه وتدور حوله كما لو كان يروي لنا (فيلم) يصور المشاهد ببراعة وبأسلوب ابداعي يسلط الضوء على السجين وحالته النفسية وعلاقته بمن حوله : ص5
(هبَّت رّيحٌ صفْراء مُحملة بالأتربةِ في عصرِ ذلك اليوم مِن شتاءٍ قاسٍّ يُصاحبها غبار شديد لم يشهدها البلد منذ سنين سابقة ربما كانت السَّماء قد رمت جُلَّ غضبها على أهلِ الأرْض, لكثرة الظلم وما آلت إليه نفوس البشر من حُب القتل و الاعتداء والحصول على المكاسب والغنائم هذا ما كان عقلي الباطن يفكر به ساعة الاعتقال, سيارات حربية كبيرة رمادية اللون وأخرى صغيرة تمرق بسرعةٍ يستقلها ضابط برتبةٍ رفيعةٍ وانطلاق أصوات لعسكريين يرتدون ملابس زيتونية اللون ويحملون أسلحة طويلة تخط مع أقدامهم يتحركون بخِّفةٍ ورشاقةٍ, أمسك أثنان منهم مُعتَقلاً وأبرحاه ضرباً وركلاًّ بالأقدام وهو يُحاول تجنبهما والإفلات من قبضتيهما اللتين مزقتا ياقة قميصه, وآخر يتوسل بجُنديٍ لكي يرخيّ له قبّضة يديّه اللتين بدتا متورمتين ومحمرتين, وآخرين منشغلين بالتأكد من وضع القيّود جيداً ),
يطرح الكاتب العديد من المشاكل ويتطرق الى اسرار وخبايا السجون والمسكوت عنه وما يدور في داخله من ظلم وافتراءات كما يسلط الضوء على العديد من الجرائم والتهم من قتل وسرقة ورشوة وحوادث سير ، ربما طبيعة عمل الكاتب ومهنته كمحامي واطلاعه على ظروف الاعتقال والسجن والزنازين لها دور في توظف تلك القضايا كمادة حكائيه بتفاصيلها الدقيقة..
احسن الروائي في اختيار شخصياته واطلق لها العنان في التحرك بحرية نراها خارج سلطة المؤلف، فالشخصية لها دور فعال وكمحرك اساسي في العمل الروائي التي تعتبر من العناصر المهمة والقطب الذي يدور حوله الخطاب السردي واداة مهمة يستخدمها الكاتب لتصوير الحوادث هي اختياره للشخصيات والتي تلعب دور مهم في تجسيد فكرة الروائي ومسك زمام عمله وتنامي الحدث التي ينبني عليها نجاح الرواية حيث استطاع الكاتب رسم كل شخصية وتبين ابعادها وسلوكها وتصرفاتها وما يصدر عنها من احاديث
شخصيات رواية (المخيس) فيها من العمق اذ تقوم على عدد من الشخوص
السارد(موسى) وصديقه اثير ومشرف السجن ( زامل حلبوص )وبعض الشخصيات التي تحضر مرة واحدة او مرتين في الرواية وشخصيات ثانوية (عم موسى) وامه وزوجته
(موسى) شخصية يكتنفها الحزن يعيش ذكريات بين الماضي والحاضر من خلال خروجه من المكان المغلق الى المكان المفتوح بين ماض يستذكره كلما نظر الى واقعه في السجن
موسى شخصية مفعمة بالحب الصادق للوطن وحبه للإصلاح ونشر الخير
وانه الشخصية الرئيسية في الرواية ( موسى ) هو نفسه المدير عبد الله كاتب الرواية الذي يكشف نفسه للباحث الاجتماعي (زامل حلبوص) وحقيقة قصته قبل ان يقدم اوراق نقله الى مكان آخر حيث يتفاجأ القارئ في النهاية بأن مدير السجن هو نفسه ( موسى ) ، لأنه قضى فترة سجنه في نفس المكان قبل ان يكون مديرا للسجن ،هذا المكان الذي صار مصدر ضغط نفسي له فهو يشعر بالحزن والاسى كلما مر بموقف او اي بقعة وزاوية من زوايا السجن.
استطاع الكاتب ان يلج في اعماق الشخصيات ويحلل سلوكها ويقدمها لنا من جميع الابعاد الجسمية والنفسية حيث يصور عالمها الداخلي والخارجي وعلاقتها الاجتماعية محاولا بذلك ربط الأحداث حتى يتمكن المتلقي من رسم صورة شبه ناضجة حول تلك الشخصية :
(حبس دموعه إلا إن واحدة منها فلتت على خدِه, حاولت تهدئته , أخرجتُ له ما تجود به العِلّبة الكارتونية من بعض الصمون وجبن المثلثات وقطعة صغيرة من المُربَّى, حشوتها بتلك القطع وقدمتها له, انتهى الصراع, سكنت الأصوات, هدأت زقزقة عصافير البطن, ارتخت أجسادنا, أخذت يداه دون شعور إلى سحب سيكاره لإذكائها, شهق لم أرَ الدخان إلا خارجا من منخريه يقذف نافذة الشبّاك بنظراتٍ جوفاء بدأ حديثه المتقطع بابتسامةٍ مختنقةٍ وضباب سكارته يتعانقان عبر خيوط الصمت والقلق .)ص60

استخدم الكاتب أدوات وآليات السرد الفنية باستخدام المنولوج والحلم والتداعي التي بواسطتها رصد وضع مجتمع السجن من خلال شخصياته الروائية :
(عندما تخيلت نفسي في الفيلم الكارتوني الأمريكي (الفأر الطباخ) وهو يُعلمني أفضل الأكلات حتى أصبحتُ أفضل طاهٍ في العالم, تبسمتُ عندما شاهدت مجموعة من الفئران تسحب قطعة من الدجاج المقلي وتلوّذ بالفرار ..
وتحت الأَسِرَّة سِرب من النَّمْلِ يسحب صرصوراً بخفةٍ و رشاقة يتسلق جدار الزِّنْزانة إلا نَّمْلة واحدة صغيرة ظلت واقفة بكلِ شموخ وقوة تنظرُ ليّ
وكأنها تتحداني وتكلمني, هَززت رأسي: نعم هي أقوى مني ومن هذا الجمع النائم) ص74
المكان:
يلعب المكان دورا هاما في البناء الفني للرواية حيث يقوم (المعموري) بوصف محيط الحوادث وصفاً دقيقاً يساهم بشكل أو بأخر في اعطاء نظرة شاملة عن الرواية ، بما عايشه على مستوى التخييل ، فالمكان بمثابة البطل على طول الخط ، لان القصة تعتمد على التركيز على وصف مسرح الاحداث فهو يصف المكان(السجن) فهو الموضوع والحيز الحاوي للإنسان (السجين) وموضع قيامه واضطجاعه وانشطته التي يمارساها فيه، فالمكان هو بمثابة العمود الفقري الذي يربط اجزاء النص الروائي ببعضها البعض حيث يسم الاشخاص والاحداث ويدل عليه وهو العمود الفقري الذي يربط الاحداث ببعضها البعض تصدى الى ظاهرة (السجن) بالمعنى العام في الرواية كون الرواية هي النوع الادبي الاصلح والاقدر على استيعاب موضوعة (السجن)وانها قادرة على انطاق المسكوت عنه في الخطاب الروائي يتحقق ذلك من خلال الوسائل والادوات الفنية (شخصيات ، فضاءات ، ازمنة السرد، وصف ، حوار ..
.
(تبسمتُ ملء فمي عندما لاحت ليّ صورة مُعلم الصف الثاني الابتدائي الأستاذ إبراهيم الخطاط عندما كان يرسمُ على السبورةِ بطبشورٍ أبيض وحشّ بأنيابٍ طويلة بَشّع شَعْره أشعث ويقول هذه إسرائيل ويطلب من كل تلميذ أن يبصق عليه في السبورةِ وحتى وأنا في الجامعة أتخيل إسرائيل بتلك الصورة التي رسمها معلمي والتي التصقت مع مشاهد التلفاز لأطفال وشباب يرمون الحجارة عليهم بينما هُمَّ بالمقابل يَرشّون الماء فوق رؤوسهم كنت أظن في أي لحظة تنتصر تلك الفتية عليهم لكن الحقيقة المُرّة تجلت بصورتها المُبْكية والحزينة فقد مَرّت السنين الطويلة منذ نعومة أظافرنا وحتى في زمن أجداد أجدادنا الأوائل تلك الشعارات المُزيفة لتخدير الشعوب فنسمع في كل محفل القضية الفلسطينية حتى أصبحت من الأمثال الّتي تُضرب على مسألة لا تُحل أو طويلة أو أصابها اليأس بالقضية الفلسطينية, نرى مجموعة صغيرة ترمي الحجارة بينما الرؤوس الكبيرة تحتسي كؤوس الويسْكي في تل أبيب على أن تكون الخُرفان المحشية والدَّجاج المُحمص من الخليج العربي ومُكَسّراتهم من أمريكا واللَّبن الرائب من بلادِ العُرب وتعانق نِّسائهم وتصافح كُبرائهم والجامعة العربية تَغْمُزُ بعينٍ واحدةٍ والأخرى تبكي أمام الشعب كالّذي يقتل شخصاً ويسيرُ في جنازتِه حزيناً, ضحكٌ على الذقون..)ص76
كما أنه رصد لنا كل السلبيات المسكوت عنها في دوائر الاصلاح والممارسات والأنشطة الخاطئة فيه وسوء الإدارة وعدم التعامل الصحيح مع النزلاء وبين لنا أبشع الجرائم التي تحدث داخل السجن ووضع الأسئلة وعلامات الاستفهام على الكثير من الافعال السلبية التي يقترفها بعض النزلاء والضغوطات النفسية التي يخضع لها النزيل في أيام المواجهة ..
ربط ( المعموري ) بأسلوب فني ابداعي بين العنوان الذي يدل على الذل والإهانة وبين نهاية الرواية التي تبين مدى الذل الذي تلقى البطل حتى عند صدور قرار بالإفراج عنه يتحسس مؤخرته التي اعتادت الركل والسيّاط كما في (وعندما كنت أسير في المستطيل الهندسي بلباسي المُثقل بالحزنِ والإهانة نادى عليَّ مأمور السِّجن: يا موسى حضر ملابسك محكمة التمييز أفرجت عنك أنت بريء, جالت عيني بين الباب الخارجي وساحة السِّجن والنُزلاء وأصدقائي ينظرون بحزنٍ وأسى, يبتسمون لي لكن قلوبهم تنزفُ دماً إلا أنَّ الحارس صرخ بوجهي: أخرج بسرعة ولا تلتفت, قلت له : أعتذر شكراً, لأنكم لا تعتذرون للبريء, حملتُ همومي وأحزاني دون أي كتاب أو شيء يعيد ليّ كرامتي, تَلَفَتُّ يميناً ويساراً, بينما يّداي تتحسس مؤخرتي الّتي اعتادت الركلَ والسيّاط ..) ص109
وبهذا استطاع الروائي ان يحول المكان إلى أداة للتعبير عن موقف الشخصية.



#طالب_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المضامين التهكمية الساخرة في(لايعني) للشاعر حميد الحريزي مقا ...
- التشكيل اللغوي ودوره في بناء جمالية الصورة في (طلاسم العطش ) ...
- الاسلوب السريالي في الخطاب القصصي عبر الرؤى الحلمية المشفرة ...
- استراتيجية العنونة في (للريح .. تركنا قمصاننا) للشاعر عبد ال ...
- مناحي التميّز وطرائق اشتغال السرد في رواية (اوراق لخريف أحمر ...
- الاتجاه الاسلوبي والتكثيف الدلالي في (ليتها لا تنطفئ) للشاعر ...
- مشهدية الصورة المكثفة في قصة (عطف) للكاتب عبد الله الميالي
- تقانات الميتا سرد في - عناقيد الجمر- للقاص غانم عمران المعمو ...
- جماليات توظيف الميثولوجيا في (أبولو وشظايا الرقص) للشاعر أحم ...
- - البنیة الزّ مكانیة في روایة (خرابة ميشو) ...
- تجليات الرمز الصوفي في (مكابدات الحافي)
- النزعة الغرائبية بين الواقع والمتخيل في رواية تابو للروائي ح ...
- النزعة الصوفية السوريالية في (فينمولوجيا) للشاعر العراقي احم ...
- الوعي الكائن والوعي الممكن في (هذا العام نريده مختلفاً...) ل ...
- الزمكانية .. آليات المفارقة السردية في رواية ( ريم وعيون الآ ...
- سيمياء النص وكيمياء المادة في (قصائد خافرة ) للشاعر شكر حاجم ...
- الثنائية الضدية في غزالة الصبا للشاعر كاظم الحجاج (مقال منقح ...
- الثنائية الضدية في غزالة الصبا للشاعر كاظم الحجاج
- الليل في -امرأة من جنوب القلب-
- اتجاهات الرمز .. في ما قاله الغيم للعراق


المزيد.....




- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
- ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا ...
- تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عمران المعموري - بناء الشخصية والمكان في رواية (المُخَيِّس) للروائي غانم عمران المعموري