أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - إشكالية -الجيش السياسي- في السودان وغيره














المزيد.....

إشكالية -الجيش السياسي- في السودان وغيره


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7092 - 2021 / 11 / 30 - 11:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تضيق الخيارات في السودان ويتجه مسار الأحداث أكثر فأكثر نحو تمكن الجيش من احتواء الثورة السودانية التي كانت بالفعل الثورة الأكثر نضوجاً وتوازناً، والتي تجاوزت مآخذ ومطبات تتم الإشارة إليها عادة في تفسير تعثر الثورة السورية. كيف ننقد الثورة السودانية؟ هل كان يمكن لها أن تتخذ مساراً آخر يمكن عبره إعادة الجيش إلى دورة العسكري تحت سلطة مدنية؟ أين يكمن الخلل؟ أو بالأحرى هل كان ثمة خلل في سياسة الثورة السودانية، أم أننا محكومون مؤبدون بحكم العسكر مباشرة، أو من وراء حجاب مدني شفاف؟
يكاد يكون مسار الثورة في السودان معاكساً لنظيره في سوريا. في السودان كان الإسلاميون على ضفة النظام وليس على ضفة الثورة، فقد ارتبطوا بنظام البشير كما ارتبط العلمانيون في سوريا بنظام الأسد. هكذا لم يسيطر الإسلاميون في السودان على الجمهور المنتفض ولم "يسرقوا" الثورة ويهربوا بها نحو بناء "دولة إسلامية".
كما حافظت الثورة السودانية على سلميتها رغم وفرة السلاح ورغم وجود تاريخ طويل من اللجوء إلى العنف المسلح في السودان.
وعلى خلاف الحال الذي ساد في سورية، توفر للثورة في السودان قيادة سياسية موحدة تمثل الحركة الشعبية الواسعة وتواكبها وتمون عليها، وكانت هذه القيادة قادرة على تحسس موازين القوى وحركتها، وعلى استثمار الطاقة الشعبية والضغط الدولي، وتحويلهما إلى مكاسب سياسية في مواجهة الحضور المباشر للجيش في السياسة أو ما يمكن اعتباره ظاهرة "الجيش السياسي"، أي في مواجهة استمرار النظام القديم. كانت قيادة الثورة في السودان تفاوضية تبحث عن السبيل الممكن لثني الجيش وإعادته، ولو تدريجياً، إلى دوره العسكري الصرف. ونجحت في التوصل إلى اعتراف الجيش بالقوى المدنية والتوقيع معها على وثيقة دستورية للمرحلة الانتقالية نحو حكم مدني، والدخول معها "انتقالياً" في سلطة مشتركة.
كان يمكن لحادثة فض اعتصام القيادة العامة، أو ما يعرف باسم مجزرة القيادة العامة (3 يونيو/حزيران 2019) وما رافقه من فظاعات راح ضحيتها أكثر من مئة قتيل تم رمي معظمهم في نهر النيل لإخفاء الجريمة، إضافة لإصابة مئات الجرحى، وعشرات حالات الاغتصاب، نقول كان يمكن لذلك أن يشكل بداية مواجهة عنيفة مع الجيش وميليشيات "قوات الدعم السريع" المتعاونة معه، أو بداية مواجهة جبهية ورفض أي حل تفاوضي مع العسكر، وهذا ما كان يتماشى مع المزاج الشعبي العام، الأمر الذي كان يمكن أن يمضي بالسودان، المليء سلفاً بالجماعات المسلحة، على الطريق السوري الذي عايشناه. وربما لو اتخذت الأحداث في السودان هذا المسار، لتوجهنا باللوم إلى قيادة الثورة، ولقلنا إنه كان عليها التفاوض وحساب موازين القوى واتجاهاتها وخطر مآلات الدخول في مواجهات مسلحة ... الخ.
لكن القوى الثورية في السودان فاوضت، رغم أنه ليس من السهل على أي قيادة أن تواجه المزاج العام لجمهورها. يحتاج الأمر إلى الكثير من الثقة. واستطاعت قيادة الثورة في السودان المجتمعة في "تحالف قوى الحرية والتغير" أن تستثمر الرفض الشعبي فتفرض على الجيش توقيع "الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية" وفيها يتم تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكر وصولاً إلى انتخابات عامة وسلطة مدنية كاملة. غير أن الجيش، ومع اقتراب موعد تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين، انقلب على الوثيقة الدستورية، وقام بحل المجلس السيادي ومجلس الوزراء، شجعه على ذلك ضعف الموقف الأمريكي، ومساندة قوى إقليمية ترى في عبور الإرادة العامة إلى السلطة في أي بلد عربي خطراً عليها.
الطموح الديموقراطي في السودان تلقى ضربة بانقلاب الجيش على الوثيقة الدستورية، وتلقى ضربة لا تقل أهمية، في "الاتفاق السياسي" الذي وقعه عبد الله حمدوك مع الجيش، الاتفاق الذي نسف الوثيقة الدستورية وكرس سيطرة فعلية للجيش على حساب الجبهة المدنية. قبول حمدوك بهذا الاتفاق غطى "مدنياً" على سيطرة الجيش من جهة، أي غطى على الانقلاب، وزاد، من جهة أخرى، في انقسام القوى المدنية، وهو ما يسهل مهمة الجيش السياسي الذي بات يتعامل مع رئيس وزراء مدني ضعيف لم يعد في نظر القوى المدنية التي رفعت صوره يوماً وأوصلته إلى رئاسة الحكومة، أكثر من شريك دم وباتت صوره ترفع إلى جانب صور عبد الفتاح البرهان، زعيم الانقلاب.
كان يمكن لحمدوك أن لا يقبل شراكة العسكر مرة أخرى، أو أن لا يقبل ما هو أقل من العودة إلى شروط ما قبل الانقلاب في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. يبدو لنا أن هذا هو الموقف المناسب الذي كان يمكن أن يزيد من الضغط الشعبي والخارجي على الانقلابيين. يقول حمدوك إنه قبل الاتفاق كي يحقن الدماء، وهذا ينم عن إدراكه أن الجيش لن يسلم السلطة للمدنيين حتى لو اضطر إلى سفك المزيد من الدماء. ولكن ماذا لو رفض السودانيون هذا الاتفاق وقاوموه، كما يحصل اليوم، ألن تسيل الدماء أيضاً؟ إلى متى يمكن أن يقف الجيش متفرجاً على المتظاهرين الرافضين لما يسمونه "اتفاق خيانة"؟ تبدو كل الحجج باهتة أمام ثبات العسكر على واقع التدخل المباشر في المجال السياسي. لا يلغي ذلك إمكانية التفاوض والمهادنة والتدرج، لكن مع الثبات على الضغط الشعبي الدائم وعلى عدم الثقة بهذا المكون العسكري الذي يميل أبداً، بحكم قوته، إلى أن يبتلع السياسة ويكون سيداً على الجميع.
الواقع يقول إن الجيش السياسي أو النزوع السياسي للعسكر هو العدو الأول لعملية الانتقال الديموقراطي، وأن أعقد مهمة في هذه العملية هو إعادة الجيش إلى دوره المهني. الجيش، ما أن يتاح له دخول المجال السياسي، فإنه سوف ينقض أي اتفاق سبق أن اضطر للقبول به (ميانمار، السودان)، ولن ينسحب ويكتفي بمجاله المهني إلا بالقوة. ولكن أين هي القوة التي يمكن أن تواجه الجيش ما لم تكن قوة خارجية؟ وفي هذه الحال ينفتح الباب أمام تفكك المجتمع بالأحرى، وليس أمام تحرره (العراق، ليبيا).



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الحديث عن مجلس عسكري سوري
- العالقون على حدود بولونيا، أي درس؟
- أسرار الحديقة
- الدولة العميقة والمسارات المستورة للسلطة
- الانقلاب في السودان، عن المعجبين بحكم القوة
- السودان: يا سلطة مدنية، يا ثورة أبدية
- السلطة وركائزها النفسية
- بين إريك زيمور وقيس سعيد
- نقد المعارضة الجذرية
- على ضوء الحاضر السوري الكئيب
- بين سجنين، أبطال في أمة مفككة
- ضرورة التمييز ومعرفة الفروق
- درعا، قليل مما يمكن قوله
- الحديقة في المنفى
- أصوات سورية تعلو بالخيبة
- أفغانستان وظاهرة التنكر الوطني
- موت البرامج السياسية
- انقسام جديد بين السوريين
- لكي تكون الديموقراطية ممكنة
- في الحاجة إلى مركزية مضادة


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - إشكالية -الجيش السياسي- في السودان وغيره