أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد الستار - عن سنوات الصراع الطبقي في السودان.















المزيد.....

عن سنوات الصراع الطبقي في السودان.


احمد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 7091 - 2021 / 11 / 29 - 19:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحمد عبد الستار

من القوانين العامة في طبيعة الطبقات البرجوازية الحاكمة، سعيها المحموم لتدمير كل من يعترض سبيل سيادتها بالمجتمع، مهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات وإن ضُحي بالعالم والبشر من بعدها. ضاربة عرض الحائط كل حق لغيرها من الطبقات الاجتماعية الأخرى، بالعيش الكريم والحياة المستقرة وعالم لا يهدده الزوال. مسخرة كل ما تملكه من أدوات القوة المادية والنفسية لهذا الهدف الوحيد، وتأبى أن تقتنع ولو للحظة واحدة بأن عهدها التاريخي قد ولى.
تحتج الطبقات المحرومة على الظلم، وعلى التفاوت الطبقي والاستغلال، مطالبة لوضع حدٍ لهذه الانتهاكات التي لا لزوم لها إلا في حسابات البرجوازية. لا يتعدى يوم واحد لا يمكن أن نشاهد أو نطالع أو نسمع عن الاحتجاجات والتظاهرات والانتفاضات في كل بلدان العالم ومدنه ومناطقه الكثيرة على الطبقات البرجوازية الحاكمة، التي تدير المجتمعات البشرية وفق قوانينها التي صاغتها ترسيخا لمصالحها الحصرية.
منذ ما يزيد من عقد من الزمن اشتعلت منطقتنا بسلسلة من الانتفاضات والاحتجاجات الواسعة، والتي جاد الإعلام الرأسمالي العالمي عليها بألقاب ملونة وشملها بعنوان عريض باهت (الربيع العربي) والتي أدت، في واحدة من نتائجها لإسقاط حكوماتها وتغييرها وتلطيف بعض قوانين الحكم. ولكن وكما يقال " لا زالتْ الشوكة باقية في الجسد"، لم تُحل المشكلة الأصلية التي انطلقت من أجلها الجماهير منتفضة وقدمت التضحيات الجسيمة؛ لإرساء عالم جديد يضمن تغيير حياتها تغييرا حقيقيا وجذريا، بلا استغلال ولا حرمان من حقوق.
انتفضت الجماهير بدءً من تونس ومصر وليبيا والعراق والسودان ولبنان واليمن...وارتد زلزالها الى كامل المحيط العربي والاقليمي وحتى انعكست تأثيراتها على بعض المناطق بالعالم، ولا زالت حمم منها ساخنة لا يفتر أوارها كما هو الحال في السودان الآن، والتي لما تزل بعد في طور التحقيق.
مر عقدٌ من الزمن على انتفاضة السودان، والانعطافة الأخيرة قبل عامين بإسقاط حكم الاخوان المسلمين برئاسة عمر البشير؛ كانت بمثابة ضربة قاصمة للنظام وبإرادة الجماهير وليس بناءً على مطالب خارجية، وتُعد أيضا رسالة موجهة للعالم بأن تغيير الأنظمة ممكن فيما إذا قررت الجماهير ذلك، أي حسب القاعدة الماركسية التي توجب على الطبقة المسحوقة الاعتماد على الذات، وعلى ذاتها وقدراتها الجبارة حصراً.
إلا إن قيادة الانتفاضة السودانية وطيفها الواسع المؤلف من عشرات الاحزاب، بما فيها الحزب الشيوعي واتحاد المهنيين الذي تنضوي تحت مظلته العشرات من النقابات المختلفة، وجماعات سياسية أخرى، جميعها تدور في الفلك البرجوازي ولا تدفع بحكم طبيعتها الطبقية، بالصراع الطبقي إلى أفقه المفتوح، بل تظل عند حدود تغيير شكل الحكم للاحتفاظ بمحتواه الطبقي، وتنشد الشراكة بالسلطة وإدارة الحكم، ليس غير.
وفي مقابل الطبقة البرجوازية السودانية، سواءً أكانت حاكمة أم معارضة، هناك جبهة الجماهير المحرومة من عمال وموظفين وأرباب حرف، وملايين من مسحوقي المدن والأرياف... ناضلوا بطريقته المباشرة جور الطبقة الحاكمة، وبوعيهم الطبقي المحدود نظم قسم من العمال انفسهم في مجالس عمالية في المصانع، كما شكّل الأهالي في المقاطعات السكنية في الريف أو المدينة، بما يشبه مجالس الإدارة البلدية للوحدات السكنية.
تحالف الإسلاميين والعسكر لا يريد أن يخلي الساحة، وكطبقة حاكمة خبيرة وتمتلك أدوات السلطة، تعرف كيف تعود للسلطة من مختلف الأبواب المشرعة أمامها، مثلما عاد العسكر بقيادة (البرهان) تحت شتى الحجج والافتراضات الكاذبة، للاحتفاظ بالسلطة الطبقية، وليس لدوافع الحفاظ على أمن السودان وضياع مكاسب الانتفاضة، فكان هو ومجموعته، أشد قسوة وتنكيل من (البشير) على الجماهير، وما انقلابه الأخير إلا نتيجة لإحساس هذه الجماعة من ضياع مصالحهم ومكاسب الوشيك، على يدي حكومة (حمدوك). وبعد تفاهم بين الجماعتين وضغط إقليمي ودولي تصالحا ويصرح (حمدوك) العائد للسلطة بأن عودته جاءت: "للمحافظة على المكاسب الاقتصادية..." وأي مكاسب اقتصادية هذه سوى مكاسبهم الطبقية وعدم إغفال نصيب العسكر، من أمول البلد ومن نهب قروض صندوق النقد الدولي، الواضح من خلال تلفيقه في إشارة له بهذا الخصوص قائلاً:" أننا ملتزمون بالمسار الديمقراطي والحفاظ على حرية التعبير والتجمع السلمى وانفتاح أكبر على العالم".
المسار الديمقراطي معناه إدارة السلطة مشاركة بين حكومته والعسكر، واطراف برجوازية أخرى، وحرية التعبير والتجمع السلمي واضح الحفاظ عليها، فيما شاهدناه علانيةً لعدد الضحايا إطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين وقطع الانترنت والزج بالسجون ... والانفتاح على العالم يقصد الالتزام بشروط صندوق النقد الدولي، وتوجيهات الرجعية العربية وإملاءات الغرب.
جماهير السودان نساءً ورجالً، أظهروا شجاعة وبأس في مواجهة الإخوان والعسكر، تتجلى يوميا أمامنا صورها الرائعة، المثيرة لإعجاب العالم التواق للحرية والكرامة الإنسانية. لكن الشجاعة وحدها لا تكفي في بعض الظروف، ولابد لهذه الشجاعة والبأس من تحقيق أهدافها من تملّك أدوات أكثر بأسا إن لم تكن نظيرةً لما يملكه العدو. هنا يتوجب على السودانيين تصعيد نضالهم الطبقي لأن كل ذلك الانجاز والتضحيات سوف تسحقها الثورة المضادة بسهولة ويسر، لأنه كما يقول كارل ماركس فيما معناه ..الابتعاد في الثورة عن الطبقة العاملة فأن فشلها مسألة وقت، ويشرح تروتسكي من بعده ذلك:" تعني الثورة تغييراً للنظام الاجتماعي. إنها تنقل السلطة من أيدي طبقة أنهكت إلى أيدي طبقة أخرى صاعدة. وتشكل الانتفاضة اللحظة الأكثر حرجاً وحدة في صراع الطبقتين من أجل السلطة. ولا يمكن للانتفاضة أن تؤدي إلى انتصار الثورة الحقيقي والى قيام نظام جديد إلا في حالة استنادها إلى طبقة تقدمية قادرة على أن تجمع حولها أغلبية الشعب الساحقة". وفعلا استطاعت الانتفاضة السودانية لحد الآن أن تجمع الجماهير المحرومة والمسحوقة، وما ينقصها صوب هدفها النهائي، أو آن الأوان إلى ظهور حزب عمالي بدلاً من نقل السلطة من يد برجوازية إلى يدٍ أخرى برجوازية، ينقلها إلى يدي الطبقة الوحيدة في المجتمع والتي مهمتها التاريخية القضاء على كل استغلال وتفاوت طبقي، الطبقة العاملة السودانية وغالبية الجماهير الساحقة بحاجة إلى هذا الحزب.



#احمد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية. لنتطرق إلى شيء من معان ...
- لعبة نكز الخواصر بين إيران وإسرائيل، إلى أين؟
- -تغيير العالم- بين مفهومين.
- خدمة أي علم وصندوق أي أجيال؟!!
- عندما يكون الفساد إبادة جماعية!!
- أبداً...لم يكنْ لحمنا لحمكم، ولا مثلنا مثلكم !!!
- إبراهيم رئيسي رهان خاسر!!
- دائنا عراقي، ولم يكن هولندي!!
- هل ما حصل في الناصرية مؤخرا، نهاية مطاف الانتفاضة؟!
- زيارة البابا للعراق، -لإعلاء قيمة الانسان- !!؟
- ماذا أرادت البرجوازية، وماذا تريد جماهير تونس ومصر؟!
- آذان الكاظمي الغدار !!
- ما وراء التراشق الكلامي بين الكاظمي ومعارضيه؟
- هل انتهت حقا انتفاضة اكتوبر؟؟
- بمناسبة يوم تأسيس حزبنا حزب الطبقة العاملة.
- رواية (صوت الطبول من بعيد) ووجعنا العراقي
- من الصراع الطبقي في فرنسا، من السترات الصفر، يستلهم العالم ا ...
- الدرس السادس عشر، للسترات الصفر، -إن النضال عالمي-!!
- وزراء الموقع الألكتروني لعبدالمهدي
- البصرة... إلى أمام


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد الستار - عن سنوات الصراع الطبقي في السودان.