أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد الستار - -تغيير العالم- بين مفهومين.














المزيد.....

-تغيير العالم- بين مفهومين.


احمد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 7032 - 2021 / 9 / 28 - 17:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرت علينا خلال علينا الأيام الماضية الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من أيلول، الطائرات التي خطفها انتحاريون من تنظيم القاعدة الإرهابي واستخدموها كصواريخ لضرب أهداف مهمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية. برجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون والطائرة الرابعة أسقطت في حقل زراعي بعيد. ونتيجة الهجمات الدموية هذه قد أدت إلى سقوط ما يقارب من الثلاث آلاف ضحية من الأبرياء، من الموظفين والعاملين في هذه الأماكن.
يكاد يجمع الإعلام البرجوازي الغربي بشكل عام والأمريكي خصوصاً، على ترديد عبارة تكررت على مدى العشرين عاماً الماضية، وهذا العام بطبيعة الحال بأن هجمات 11 أيلول غيّرت العالم وغيّرت أمريكا.
لاكها كل الإعلام الغربي من أقصاه إلى أقصاه من أبسط صحيفة إلى أهم موقع إخباري، وعلى مرور الوقت. وقبل هذا الحدث المأساوي بعقود مضت مثابرين على ترديدها، حتى غدتْ عبارة "تغيير العالم"، العبارة الأكثر تداولاً تبرز على الفور مع أول سطر مكتوب أو خبر أو حديث على القنوات التلفزيونية أو على منصات الأنترنت. مستغلين هذه المناسبة بشكل مقصود لإفشائها وإتاحتها بلا حدود.
فما الداعي لذلك؟
مما لا مراء فيه، كثيرة هي الاكتشافات والاختراعات العبقرية التي غيّرتْ معيشة البشر على الأرض، وجعلت العالم أكثر سهولة وأمان ورفاه، وبسطت مقاومة الطبيعة للإنسان ومن ثم السيطرة على كثير من قوانينها الملتبسة حتى بات من الصعب العيش من دونها، كما هو الحال مع معاناتنا في العراق من الكهرباء المحرومين منها منذ مدة طويلة، أو العيش من دون العجلة أو وسائل الاتصالات وغيرها عدد كبير من الاختراعات والاكتشافات العملية التي منحت حياتنا شكلها الحاضر، في الصحة والتعليم والعمل...الخ.
إلا إنَّ تغيير معيشة الإنسان وعلاقته بالطبيعة، وتسهيل أنجاز العمل، والابتكارات التي تتراكم يومياً، شيء، والمفهوم الذي قاله كارل ماركس حول تغيير العالم كأطروحة أساسية من اطروحات نظريته، شيء آخر.
لقد رأى ماركس من خلال دراساته وبحوثه النظرية الإنسان الماثل أمامه في العالم الواقعي بدمه ولحمه وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية. لا كما رأته المدارس الفلسفية السابقة عليه، كمفهوم مجرد وغامض. يقتصر نشاطه على التأمل المعرفي والتحليق في فضاء الروحانيات البعيدة عن واقعه العياني، بل ولابد، لكي يتحرر الإنسان برأيه من كل اغتراب، أن يقوم بإثراء عمله بتأمله، وبعبارة بسيطة "ربط المعرفة بالعمل" وهنا هذه، هي الرابطة النوعية المميزة للإنسان بالعالم التي يرى ماركس، بأن عن طريق نشاطه العياني والعملي يمكن فهم العالم ومن ثم تغييره، ولقد كرس ماركس جل جهده النظري لكشف وتحليل أسباب اغتراب الانسان عن نشاطه العملي، في عالم يقف على رأسه ويكفي إعادته ليقف على قدميه كما يقول لكي يكتسب هيئة معقولة، وملخصها ضياع الإنسان واغترابه في المجتمع الرأسمالي، ولكي يُعاد للإنسان اعتباره الإنساني يجب تحطيم الظروف التي تغربه ويُعيد تشكيلها بما يتناسب مع جوهره الفريد، يغير العالم ليكون في قلبه وضميره الحر.
يسكن الرأسمالية منذ ظهور البيان الشيوعي أواسط القرن التاسع عشر حتى اليوم، رعب لا نظير له، منشأه كون هذا البيان كان بمثابة الباب الرئيس الذي شُرع للنقد المنهجي العلمي؛ لطبيعة النظام الرأسمالي وتحليل سيرورته التاريخية، وما يحمله من آثام وتناقضات تجاه حياة البشر. وإن حالوا إخفاء هذا الرعب تحت شتى الادعاءات والحجج النظرية، ومن ممارسات رعناء ظاهرها عدم المبالاة. إلا أنه يبقى هو السبب الحقيقي والوحيد لقلقهم المتعاظم، لأنه ببساطة مع نقده واقع الرأسمالية فقد شخّص البديل المناسب والملائم للبشرية، غير النظام الرأسمالي القائم على الملكية الخاصة، وتدمير العالم والحياة على الأرض من أجل الحفاظ على هذا النوع من الملكية.
يتعمد الاعلام الغربي، على ما يظهر من سلوك حرفي مدروس في لعبة تكرار عبارة "تغيير العالم" ، لا يمكن القول بدون داعٍ، بل لأتفه سبب يدعو إلى ذلك، مثل تطوير برنامج ما على الإنترنت أو إضافة زر جديد على الهواتف النقالة، بعدها تضج الفضائيات والمواقع بصخب وتهليل بأن أصحاب الشركة الفلانية المنتجة للحواسيب والهواتف أو البرامج الالكترونية، قد غيّرت العالم. يتحفنا الاعلام بمثل هذه الفتوحات التي تغير العالم يومياً، بلا كلل ولا فتور.
والظاهر يعمل الاعلام الغربي، بنصيحة أو وفق مبدأ : الافراط في استخدام فكرة ما بداعٍ يستدعيها حقاً، أو بدون داعٍ يجعل منها مبتذلة وفارغة من المعنى، ومثل أي عبارة تكرر استنساخها بلا طائل وباتت باهتة وسطحية، وبالتالي تفقد رونقها ودلالتها الأصلية.
يفقد كل من تتساقط على مسامعه عبارة تغيير العالم المبتذلة إحساسه بقيمة محتواها، وإدراكه لمكافئها الحقيقي. أجيال تطرق مسامعهم ليل نهار لتتساوى بعدئذ عندهم معادلة تغيير العالم بين ما يرمي إليه ماركس ونظريته الشيوعية بإزالة النظام الرأسمالي من الوجود، وما يرمي إليه الإعلام الغربي وطبوله المزعجة، للقضاء حتى على عبارة لم يعُد يتحملها، ولذلك استهلكها وجعل منها ضحية.
عملهم مثل عمل الساحر، الذي يسعى لإعادة إنتاج الظواهر الفيزيائية بالشعوذة. والطبيعة وظواهرها غير عابئة تعمل وفق قوانينها، كذلك القوانين الاجتماعية والاقتصادية تتحرك إلى الأمام رغم كل التغييب والإخفاء المقصود، بما إن هناك عقل اجتماعي يتجه بإرادة نحو تغيير العالم حقيقةً.



#احمد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدمة أي علم وصندوق أي أجيال؟!!
- عندما يكون الفساد إبادة جماعية!!
- أبداً...لم يكنْ لحمنا لحمكم، ولا مثلنا مثلكم !!!
- إبراهيم رئيسي رهان خاسر!!
- دائنا عراقي، ولم يكن هولندي!!
- هل ما حصل في الناصرية مؤخرا، نهاية مطاف الانتفاضة؟!
- زيارة البابا للعراق، -لإعلاء قيمة الانسان- !!؟
- ماذا أرادت البرجوازية، وماذا تريد جماهير تونس ومصر؟!
- آذان الكاظمي الغدار !!
- ما وراء التراشق الكلامي بين الكاظمي ومعارضيه؟
- هل انتهت حقا انتفاضة اكتوبر؟؟
- بمناسبة يوم تأسيس حزبنا حزب الطبقة العاملة.
- رواية (صوت الطبول من بعيد) ووجعنا العراقي
- من الصراع الطبقي في فرنسا، من السترات الصفر، يستلهم العالم ا ...
- الدرس السادس عشر، للسترات الصفر، -إن النضال عالمي-!!
- وزراء الموقع الألكتروني لعبدالمهدي
- البصرة... إلى أمام
- المجرب لا يجرب، من هو الذي يجب أن لا يجرب
- تقييم فني أم نقد إيديولوجي لفيلم (ماركس الشاب)
- انطباعي عن رواية -حبات الرمل حبات المطر-


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبد الستار - -تغيير العالم- بين مفهومين.