أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - احمد عبد الستار - ماذا أرادت البرجوازية، وماذا تريد جماهير تونس ومصر؟!















المزيد.....

ماذا أرادت البرجوازية، وماذا تريد جماهير تونس ومصر؟!


احمد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 6803 - 2021 / 2 / 1 - 17:43
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بعد مرور الذكرى السنوية العاشرة لانتفاضة جماهير تونس ومصر خلال الايام القريبة من الشهر الجاري كانون الثاني.... اللتان أديتا الى هرب ابن علي وسقوط حكومة مبارك، كما اشعلتا فتيل انتفاضات جماهيرية عارمة في المنطقة برمتها. وانتقال أثرها إلى مناطق مختلفة من العالم.
إن انتفاضة جماهير تونس وبعدها جماهير مصر كانت بحق حدث عالمي مميز وانعطافة في تاريخ الصراع الطبقي المعاصر. رغم محاولات الاعلام الرأسمالي العالمي والمحلي التخفيف من شدتها، على الانظمة البرجوازية الحاكمة، واطلاق نعوت شاعرية فارغة مثل (الربيع العربي) او ثورة (الياسمين) في تونس او (اللوتس) في مصر.
أيَّ شيئا مستلطف يؤدي بمحمد بوعزيزي لقتل نفسه حرقا، ولحقه حسب ما تشير بعض التقارير والدراسات الاجتماعية والنفسية ما يقارب الخمسين شابا أحرقوا انفسهم كذلك في دول المنطقة، لنفس اسباب، فيما اطلقوا عليه ظاهرة "بوعزيزي"، وذهاب مئات الضحايا والاف الاصابات. في معظم البلدان التي تحركت جماهيرها، ضد ناهبيها.
وبدلاً من الخبز والحريات وتوفير فرص العمل لملايين غفيرة من الشباب، شرعت البرجوازية في المنطقة، وفي هذين البلدين بالتحضير للهجوم على السلطة، واستعادة المبادرة من يدي الجماهير العفوية وغير المنظمة.
بعد أن خسرت الجولة في الشارع، بدأت القوى المضادة للثورة بالعمل على استعادة سلطتها، فهم مازالوا موجودين في جهاز الدولة القديم، في الشرطة والبيروقراطية الادارية وفي مسارب التجارة ومؤسسات المال، والجيش كما في حالة مصر، ووجود الاحزاب الاسلامية المنظمة جيدا، في الشارع، متأهبة للانقضاض على الانتخابات بالتزوير أو عن طريق التحالف مع خونة الثورة. الذين يتحالفون في كل مرة مع اعداء الجماهير، من اجل مصالحهم الخاصة، ومن وراء ظهر الجماهير.
استطاع الجيش في مصر، بعد الاطاحة بمبارك الدخول الى ساحة الانتفاضة، وفرض سيطرته، على الشارع تحت شتى الذرائع والحجج، لقمع الجماهير المنتفضة (بحجة التهدئة) وسحب البساط من تحت اقدامها، وفي الجهة المقابلة استعد الاخوان المسلمون، ضباع الانتفاضات العمالية والجماهيرية، بتنظيمهم المحكم والجاهز، من الدخول في الانتخابات والفوز، بنتائجها. بمساعدة امريكية واضحة للعيان ودفع غربي، خشيةً من ذهاب الحركة الجماهيرية الى أيدي جماعات، ليس لها نصيب في حسابات الفائدة الامريكية. انتفضت مجددا الجماهير المصرية، رافضة حكم الاخوان الذي لا يختلف عن حكم سابقيه، ويزيد عليه تخلفه ولا مدنيته. مما شجع المؤسسة العسكرية بقيادة السيسي، من الهجوم على السلطة وانتزاعها من يدي الاخوان ورئيسهم (مرسي). تحت حجة التلبية لمطالب (الشعب) المصري لرفضه حكم الاخوان.
وفي تونس بعد ابن علي، حرصت الرأسمالية العالمية، وفي اوروبا القريبة أن تتدخل بالتوجيه، الى اللجوء الى الديمقراطية والانتخابات التشريعية، واختيار الرئيس ديمقراطيا، والدفع بهذا الاتجاه لتمكين الاسلاميين المنظمين، في حركة النهضة والقائد السبسي وحركته، للسيطرة على السلطة، من خلال مراحل مرت بها الديمقراطية البرجوازية في تونس. انتهت حاليا في سيادة الاسلاميين على معظم ادارة البلاد ومؤسساتها بالشراكة مع تنظيمات صغيرة، تشاركها السيطرة، في المجلس التشريعي وفي الادارة. باستثناء الرئاسة، لقيس سعّيد، الذي يدعي الاستقلال الفئوي والحزبي، لكنه أمين للرأسمالية العالمية ومؤسساتها المالية وشروط صندوق النقد الدولي، أي إنه لم يكن مستقلا عن الطبقة البرجوازية التونسية الحاكمة، وإن كان بلا حزب سياسي يمثله حسب ما ادعى خلال ترويجه لنفسه في الانتخابات التي جاءت به لهذا الوظيفة.
الطبقة البرجوازية تستعيد سلطتها السياسية، بالوان جديدة، ديمقراطية او عسكرية، للحفاظ على مكاسبها الطبقية، مع تقديم بعض التنازلات تحت الضغط الهائل من الجماهير المنتفضة، فالبرجوازية تعرف كيف تعمل فهذه الطبقة صاحبة خبرة في التنظيم، والوعي الطبقي، بالإضافة الى الشيء الاساسي الحاسم في دوائر الصراع السياسي؛ ملكيتها للثروة التي تمنحها ميزة خاصة في عالم كل شيء فيه يتحرك على اساس المال والثروة.
ولما استعادت برجوازية تونس ومصر سلطتها الطبقية، عبر الوان الخداع والتظليل والقمع؛ أخذت بالعمل على استعادة مكاسبها وامتيازاتها الطبقية، وسلب الجماهير العمالية والفلاحية في هذين البلدين وعموم فقرائهما من كل مكسب نالته بنضالها وتضحياتها خلال الانتفاضة. وهو كقاعدة عامة لا تقبل الجدل وجود البرجوازية في السلطة يعني في الجهة المقابلة حرمان الآخرين من الخبز وحق العمل وضمان الحياة الانسانية الكريمة.
حسب تقارير منظمة العمل الدولية ( تقدم بيانات متساهلة بطبيعة الحال عن الاعداد الحقيقة للعاطلين ومستويات الفقر)، تشير قبل عام الى تنامي مستوى البطالة في الشرق الاوسط، وشمال افريقيا، الى ما نسبته 30% من مجموع الشباب؛ غير قادرين على ايجاد فرص عمل، وإن الاوضاع الاقتصادية المتردية التي اشعلت (الربيع العربي) اصبحت أشد سوءً من ذي قبل.
سياسة نظام السيسي المرتبطة بمؤسسات المال العالمية، أدت الى ارتفاع مديونية مصر، الى ثلاث اضعاف ما كانت عليه قبل عهد حكمه، سواء الدين الخارجي الذي ارتفع من 43 مليار دولار إلى أكثر من 123 مليار وكذلك ارتفع الدين المحلي من 1.2 تريليون جنيه إلى أكثر من 4.2 تريليونات جنيه حتى منتصف عام 2020، مما يؤدي الى التقشف في الانفاق الحكومي، وتعطيل التوظيف في قطاعات الدولة العامة ورفع الدعم عن المواد الغذائية الاساسية، واسعار الوقود وهبوط قيمة العملة، وبالتالي سيخلف ايقاف اي انتاجية في الاعمال العامة، وتسبب الكساد وتوقف كل عمل خاص أكان ام حكومي، وبعدها العجز عن سداد الديون، والاضطرار مرة اخرى الى الاقتراض، والدوران في دائرة مفرغة، لا تكون نتيجتها إلا إفقار وتجويع جماهير مصر وتدمير اقتصادها ورهنها عند صندوق النقد الدولي.
وفي تونس، ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية بعد عشر سنوات على التغيير، لا زال اوساط اجتماعية تشكو من تردي أوضاعها المعيشية ومن تفشي البطالة والفقر والفساد والظلم، و تردي الخدمات العامة في الوقت الذي تشير دلائل مؤكدة الى الاقتراب من شبه افلاس في الدولة. وذلك باعتراف الغنوشي رئيس البرلمان خلال ندوة بمناسبة الذكرى العاشرة (للثورة) قائلا" أن الشعب لم يعد يهتم بهذا المنجز (الحرية)، وأصبح لا يريد سوى المنجزات الاقتصادية والاجتماعية، التي لم تعد تستطيع الدولة تحقيقها نظرا لأوضاعها المتأزمة".
هذا الاعتراف سيد الادلة كما يقال في القانون، على تفاقم الاوضاع المعيشية سوءً لجماهير تونس، تحت سلطة مجاميع من الاحزاب والكتل السياسية، عبر الديمقراطية، التي لا تريدها الجماهير، إن لم تعد عليها بتحقيق مطالبها، وهذا الاعتراف يدلنا، مما لاشك فيه إن الديمقراطية بشكلها السائد، لم تعد سوى تقاسم للسلطة بين الاجنحة والاطراف البرجوازية لخدمة مصالحها الطبقية.
وبسبب بقاء نفس الحال المعيشي وسوء إدارة الاقتصاد، سواء تحت ظل دكتاتورية ابن علي او تحت ظل الديمقراطية الجديدة، انفجرت جماهير تونس مجددا، مرددين مضامين نفس الشعارات لقبل عشرة اعوام "حرية وكرامة للأحياء الشعبية"، وضد الحكومة الجديدة وحزب النهضة الاسلامي بزعامة الغنوشي صاحب اكبر كتلة برلمانية، مثله مثل الصدر وكتلته في البرلمان العراقي، و"فليسقط النظام البوليسي" على اثر القمع الدموي الذي تعرض له المحتجون التونسيون، وسقوط احدهم صريع رصاص الشرطة.
في لقاءات إعلامية لا حصر لها، مع المحتجين المصريين، والتونسيين، يؤكد جميعهم، بأن (الثورة) متواصلة ولم تمت، ويحرصون على متابعة النضال حتى تحقيق المطالب. يظهر بكل وضوح من مشاهد المد والجزر العنيف هذا في تونس او في مصر العسكر بين السلطة والجماهير، إن الاخيرة تطمح الى تحقيق مطالبها، لكنها لا تملك القوة اليها، بسبب غياب القيادة الواعية لأهداف مطالب العمال والجماهير المحرومة، وسيادة العفوية وتغلغل المندسين الانتهازيين من برجوازية صغيرة واسلاميين، كانت هذه من أهم اسباب توقف الانتفاضة حتى الآن عند هذا الحد من مواجهتها للسلطة.
تقول القاعدة التي ارشدنا اليها كارل ماركس؛ قائلا" لن تكون ثورة جديدة ممكنة إلا عقب أزمة جديدة . والأولى مؤكدة تأكد الأخيرة". ويمكن شرحها بشكل مبسط، إن النظام الرأسمالي هو عبارة عن نظام أزمة متواصلة تتجدد تلقائيا من وسط آلية عمل هذا النظام وواحدة من نتائجه الحتمية. في افقار المجتمع وتجويعه والمثابرة التي لا تهدأ في تهميش كل طبقات وفئات المجتمع الكادحة، والاخيرة لا يمكن أن تهدأ ولا يلين لها جانب في المطالبة، والسعي لتحقيق العدالة.
إن تجدد الاحتجاجات في تونس وانتقال صداها الاخير، الى كثير من الاماكن في المنطقة وفي العالم، مع تجدد الازمة الاقتصادية وبقاء نفس اسباب البؤس، قد ألهم المحتجين دروسا وعبر، تنقلهم الى حلقة نضالية جديدة ومتقدمة في ميدان الصراع الطبقي، مثال ذلك بدأ الكلام عن قطع الصلة مع الاحزاب البرجوازية، وتوجيه اللوم الى حزب النهضة (الرجعي) حسب تعبير المتظاهرين امام البرلمان، وباقي الاحزاب داخل هذه القبة. ويبدو إنها قد ترسخت لدى الثوريين قناعة بخيانة البرجوازية للمطالب الجماهيرية، وهناك افكار أخذت تتبلور داخل صفوف العمال والشباب العاطلين اصحاب الجرأة في المواجهة، لضرورة الاعتماد على النفس وتنظيم صفوفهم الطبقية بوجه عدوهم الطبقي الواحد. فالمسلمة تقول ليس من مصلحة العمال وجود الرأسمالية الطبقة التي تستغلها وكل اوجه الاستغلال، مصلحتها تكمن في قيادة من لدنها ترسم بوعي وسائل تحقيق غاية التاريخ، الى محو كل اوجه الاستغلال والغاء كل طبقة. وهذا يستوجب خوض نضالٍ ضارٍ من مد وجز وارتقاء حلقة ارفع من اخرى في سلّم الصراع الطبقي وتجاربه الاجتماعية.



#احمد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آذان الكاظمي الغدار !!
- ما وراء التراشق الكلامي بين الكاظمي ومعارضيه؟
- هل انتهت حقا انتفاضة اكتوبر؟؟
- بمناسبة يوم تأسيس حزبنا حزب الطبقة العاملة.
- رواية (صوت الطبول من بعيد) ووجعنا العراقي
- من الصراع الطبقي في فرنسا، من السترات الصفر، يستلهم العالم ا ...
- الدرس السادس عشر، للسترات الصفر، -إن النضال عالمي-!!
- وزراء الموقع الألكتروني لعبدالمهدي
- البصرة... إلى أمام
- المجرب لا يجرب، من هو الذي يجب أن لا يجرب
- تقييم فني أم نقد إيديولوجي لفيلم (ماركس الشاب)
- انطباعي عن رواية -حبات الرمل حبات المطر-
- حكام السعودية ودورهم في نشر التطرف والكراهية في المنطقة والع ...
- الجمهورية الاسلامية الايرانية وتحقيق حلم الانبياء
- لاغارد ناصحة للحكومات العربية
- ترامب العلني في الكراهية
- ملاحظة حول تجدد الاحتجاجات المطالبة بالعمل في تونس
- لأجل من دموعك يا اوباما؟
- فنزويلا : -خرج الحزب الحاكم-!!
- الاقتصاد في العراق : القادم أسوء!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - احمد عبد الستار - ماذا أرادت البرجوازية، وماذا تريد جماهير تونس ومصر؟!