أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - سارق النار














المزيد.....

سارق النار


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7080 - 2021 / 11 / 17 - 10:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جدلية السيد والعبد
٤ - بروميثيوس

بروميثيوس، في الميثولوجيا الأغريقية هو مهندس الجنس البشري وخالقه، وهو ينتمي لقبيلة "التيتان" أو الآلهة العمالقة الذين ينافسون آلهة الأولمب على القوة والسلطة، وله ثلاثة إخوة من بينهم أطلس. وعندما اندلعت ثورة التيتان ضد كرونوس وبقية الآلهة الحاكمة، فإن بروميثيوس الحكيم والإنتهازي، انضم إلى قبيلة الأوليمب وحارب ضد قبيلته على عكس أطلس. ذلك أن بروميثيوس، ثاقب البصيرة، قد تعلم من الإلهة أثينا فن المعمار والهندسة والفلك والري والملاحة وعلوم الطب والشفاء وغيرها من المعارف التي مكنته من إتخاذ القرارات الحكيمة والتي تخدم مصالحه، وبعد إنتصار آلهة الأوليمب على التيتان، أتخذه زيوس مستشارا وذلك جزاء لمساندته له ولحكمته وأيضا لقدرته على التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، بينما عاقب أخيه أطلس بأن يحمل السماء على كتفيه إلى الأبد. كلف زيوس كلا من بروميثيوس وأخيه إبيميثيوس، الذي خان هو الآخر قبيلته وحارب إلى جانب أعدائهم، بصناعة الحيوانات والبشر وتزويدهم بكل ما يكفي من متطلبات الحياة. وشرع إيبوثيميوس في العمل، فخلق كافة الحيوانات وقام بتزويدها بإمكانيات البقاء والتحمل والدفاع عن النفس، كحدة الحواس من السمع والبصر والشم وسرعة الحركة، ووسائل الدفاع عن النفس كالقرون والأنياب الحادة وكذلك الشعر والصوف والفرو ضد تقلبات الجو وضد البرد والعواصف. وفي نفس الوقت قام بروميثيوس بتصنيع الإنسان ببطء وعناية شديدة، واكتشف أن أخاه قد استنفذ كل رصيده من الموارد المساعدة على الحياة، أعطاها كلها لحيواناته ولم يتبقى للإنسان سوى القليل، فاضطر بروميثيوس بأن يجد حلولا أخرى، فأعطى للإنسان القدرة على المشي على قدمين كالآلهة بدلا من أربعة كبقية الحيوانات، كما نقل إليهم العديد من المعارف التي أخذها عن أثينا وبالذات القدرة على إستعمال النار الإلهية واستخلاصها من البرق وشرر البراكين. وهكذا خلق الإنسان "الرجل" حسب هذه الأسطورة، والذي تطور تدريجيا وبدأ في تنمية قدراته المختلفة، الأمر الذي لم يعجب زيوس بل سبب له نوعا من القلق لخوفه من تنامي قوتهم والتمرد على سلطة الآلهة. ثم أزداد حنقه وقرفه من هذه المخلوقات المزعجة عندما وصلت الأخبار إلى الأوليمب بأنهم يقتلون بعضهم البعض لإرضاء الآلهة، فهناك من يذبح أبناءه وإخوته ويقدمها طعاما للآلهة، فقرر زيوس أن يبيد هذا الجنس الفاسد بإغراقهم في طوفان دام سبعة أيام، لم ينج منه سوى ديوكاليون وزوجته، الذين صنعوا قاربا ضخما حط بهم فوق جبل آثوس أو إتنا حسب الروايات. وهكذا عادت الحياة من جديد على ظهر الأرض، بفضل بروميثيوس الذي أعلم ديوكاليون بقرار زيوس وموعد الطوفان. أما الحدث الرئيسي الذي يشكل بداية القطيعة بين بروميثيوس وسيد الآلهة، فهو عندما طلب منه أن يكون حكما في نزاع بين البشر والآلهة حول قسمة ثور ذبح كضحية، فقام بروميثيوس بسلخ الثور وتقطيع أجزائه وقص الجلد إلى قسمين وضع في الأول كل قطع اللحم ثم غطاها بالبطن وأحشاء الثور، وفي القسم الثاني وضع كل العضام المتبقية وغطاها بطبقة من الشحم، وطلب من زيوس أن يختار نصيب الآلهة، فانخدع زيوس بسهولة واختار الجزء المحتوي على العضام والشحم والذي أصبح هو الجزء المخصص للآلهة منذ ذلك الوقت. وثار غضب زيوس وقرر أن يحرم البشر من النار ويجعلهم يأكلون لحمهم نيئا. وهنا ذهب بروميثيوس إلى اثينا وطلب منها أن تدخله إلى البانتيون حيث تتواجد كل الآلهة، فساعدته في الدخول، ووجد طريقه إلى ورشة هيفايستوس، الحداد الأعرج والمسؤول عن النار، وأخذ عدة جمرات من عربة النار خبأها في عصاة مجوفة وتسلل هاربا دون أن يلحظه أحد، وأعطى النار للبشر هدية وتعويضا عن الضرر الذي لحق بهم نتيجة خداعه للآلهة. ولم ينتظر طويلا عقاب زيوس، الذي أمر هيفايستوس بصنع سلاسل ضخمة وتقييد بروميثيوس بأصفاد حديدية إلى صخرة في أحد جبال القفقاز، وحيث يأتي نسر لينهش كبدته من الصباح إلى المساء، وأثناء الليل تنمو كبده وتعود كاملة كما كانت لتغذي النسر الجائع طوال اليوم التالي حتى مغيب الشمس، وهكذا إلى الأبد. العقاب يبدو صارما ومتوحشا ويشبه الإنتقام، غير أن الأسطورة لا يمكن أن تتوقف هنا، فلا بد من نهاية سعيدة كما في افلام هوليوود، فيتدخل البطل هيراكليس ويطلب من زيوس أن يصفح عن خطأ بروميثيوس، فيقبل هذا الأخير على شرط أن يحمل في أصبعه خاتما مصنوعا من حديد أصفاده ومزينا بقطعة من حجر الصخرة التي كان مقيدا إليها، أي أن يحمل في جسده علامة عبوديته وعقابه إلى الأبد. القصة تبدو مخيبة للآمال لدرجة الإحباط، حيث لا نرى أين هي ثورة بروميثيوس وتمرده ونضاله ضد سلطة الآلهة. الأمر كله يبدو أسطورة داخل أسطورة، أسطورة جديدة نسجها لاحقا خيال الشعراء داخل الأسطورة الأصلية. بروميثيوس يعتبر حقا حليفا للبشر ووقف معهم ضد الآلهة، ولكن الوسائل التي استعملها للوصول إلى أغراضه، الغش والخداع والخيانة لا تدخل ضمن الفعاليات الثورية ولا تتناسب مع المنظومة الفكرية الثورية، إنها بالأحرى وسائل رجال السياسة والباحثين عن سلم السلطة، حيث الغاية تبرر الوسيلة، وفي نفس الوقت فإن هذه الأسطورة تلقي الضوء على رغبة الإنسان وتوقه على الدوام إلى الثورة وكسر قيود العبودية، بحيث يرى علاماتها حتى حيث لا توجد، وحتى إن كانت وهمية.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمرد والأسطورة
- تمرد البروليتاريا الإلهية
- لا تنظري للوراء
- تجاوز جدلية السيد والعبد
- ليليث والصياد
- بطن الحوت
- سيزيفوس
- الصمت
- صاحب السلم
- اللعنة على العالم
- الفيض الإلهي
- شرعية القبيلة وشرعية الإقتراع
- غربة الله
- القمر الأسود
- فكرة الله في التصوف الكابالي
- لغة الأحجار
- الأسد المقدس
- تماثيل الملح
- النوارس وحدها لا تركب القوارب
- كابالا - إسحق لوريا


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل رئيس حرسه الشخصي بعد إحباط مؤامرة اغتيال مزعوم ...
- شوّهت عنزة وأحدثت فجوة.. سقوط قطعة جليدية غامضة في حظيرة تثي ...
- ساعة -الكأس المقدسة- لسيلفستر ستالون تُعرض في مزاد.. بكم يُق ...
- ماذا بحث شكري ونظيره الأمريكي بأول اتصال منذ سيطرة إسرائيل ع ...
- -حماس- توضح للفصائل الفلسطينية موقفها من المفاوضات مع إسرائي ...
- آبل تطور معالجات للذكاء الاصطناعي
- نتنياهو يتحدى تهديدات بايدن ويقول إنها لن تمنع إسرائيل من اج ...
- طريق ميرتس إلى منصب مستشار ألمانيا ليست معبدة بالورود !
- حتى لا يفقد جودته.. يجب تجنب هذه الأخطاء عند تجميد الخبز
- -أكسيوس-: تقرير بلينكن سينتقد إسرائيل دون أن يتهمها بانتهاك ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - سارق النار